العودة للأرض… مصطلع يُطلق على العملية التي يقوم بها بعض مخلوقات الترينت للتحول إلى ما يُعرف بالترينت العتيق، لكن ما هو العودة للأرض بالضبط؟

مخلوقات الترينت هم مجرد نباتات، ليس كأن اسلافهم كانوا نباتات، بل كل واحد فيهم كان ذات يوم شجرة او نبتة عادية، و هذا يمكن ملاحظته بسهولة بما ان في العصر الذهبي للترينت كانت حتى عيدان الذرة في الحقول التي يزرها البشر تنزع جزورها من الارض فجأة و تهرب!

حياة مخلوق الترينت ليست كحياة أي مخلوق ذكي اخر، فهم اصبحوا كخليط من المخلوقات الذكية و النباتات و حتى تصرفاتهم تتسم دائماً بالغرابة، فليس لهم اي رغبات او طموحات، لديهم قوة جسدية فطرية لكنهم لا يعرفون ماذا يفعلوا بها، و لديهم حياة طويلة لا يعرفون في ماذا يقضونها!

لكن حتى نبتة بعد العيش لمئات او الاف السنين بدون فائدة ستبدأ بالتفكير في سبب التحول لترينت و تحاول استكشاف ذاتها الحقيقي و تبحث عن اصولها و اهدافها في الحياة!

أما الاهداف فلا توجد… ماذا سيكون هدف شجرة؟ حتى بعد تحولهم لترينت كانوا يقضون معظم ايامهم نائمين او منعزلين في مكانٍ ما يستمتعون بالشمس، الفارق بين حياتهم الحالية و السابقة انه الان يمكنهم ان يقولوا بوت مسموع: الجو جميل اليوم.

هم الترينت بطبيعتهم محبي للطبيعة لذا هم لا يبحثون عن حياة اكثر ترفاً و لا يريدون إيذاء احد او الاستفادة من احد او البحث عن الرفقة و لا يعترفوا حتى بالحدود و الاراضي الخاصة، ببساطة اهدافهم معدومة تقريباً، ربما هذا هو السبب الحقيقي وراء تكاسل مخلوقات الترينت عن ابتكار اي تقنية جديدة حتى بدأت المذبحة.

لم يبق لهم إذاً سوى البحث عن اصولهم… لكن هذا ايضاً طريق مغلق، اولاً هم ليس لديهم اسلاف، اما اصولهم الشخصية فهم كانوا مجرد اشجار عادية، لكن على الاقل في هذا الطريق لديهم بارقة امل فيما عليهم فعله، ربما عليهم العودة لأصولهم و لكونهم اشجار مجدداً

*لما لا اُدمر خاصية التحرك او التكلم و اعود لكوني شجرة؟ هذا سيرجع لي قابلية النمو مجدداً بدلاً من كوني عالق في هذا الجسد الصغير منذ 6 الاف سنة.* على الاقل كانت هذه هى الفكرة التي ظهرت في رأس اول ترينت تحول لترينت عتيق، و بالفعل نجح و ظل طوله يزداد يومياً بسرعة، و جذوره ضربت في الارض عميقاً حتى بدأ يشعر بأدق تفاصيل كل شئ يحدث حوله، حتى انه بدأ يشعر بأن الكوكب يتنفس و له روح بفضل هذه الجذور!

ما فعله ذلك الترينت انتشر كالنار في الهشيم، بعض مخلوقات الترينت تحسده و تريد تجربه العودة للأرض، و البعض بدأوا بتبجيله لأن *وصل للمرحلة التالية*… طبعاً موضوع تدمير خاصية الحركة و الكلام و تحويل الاطراف لتلائم طبيعة الترينت العتيق ليست مسئلة سهلاً ابداً و تحتاج لطريقة معينة فقط اولائك الترينت الذين عاشوا لألاف السنين يمكنهم استنباطها

على التلة المنحدرة– داخل حجرة منعزلة تحت القصر الإمبراطوري

*شهيق*

“هووووووو~”

*شهيق*

“هووووووو~”

مر شهر منذ طلب روبين طريقة التواصل مع روح الكوكب من الاب الشجرة ديكارت، ما حصل عليه في المقابل كان طريقة العودة للأرض و معها المكان المحدد باطن الارض الذي تقنط فيه الروح

التفكير في الحفر و الذهاب لباطن الكوكب هى احلام الجهلاء، و لا يمكن التيقن انه سيجد الروح اذا ذهب هناك جسدياً ايضاً بما انها *روح*

اما طريقة العودة الأرض فلا يجد حتى وضعها في الاعتبار، روبين ليس مخلوق ترينت حتى يرجع للأرض!

لكنها لم تكن بلا فائدة كلياً… فما تعطيه الجذور للأباء الاشجار، يمكن لروبين التعويض عنه بإستخدام القوانين السماوية العديدة التي يتقنها، مثل قانون النباتات الرئيسي و قانون الأرض الرئيسي… أو هذا ما كان يعتقده.

مر اسبوعين بينما روبين يحاول الوصول بإستشعاره الارضي لنفس درجة الاباء الاشجار، او على الاقل يركز استشعاره بالكامل في النقطة التي اشار لها الاب الشجرة ديكارت، فقام بصنع جذور اصطناعية دقيقة مستخدماً اشلاء البراعم و بدأ يتحكم فيها ليخترق الارض ببطئ و بنفس طريقة الاباء الاشجار

الامر كان صعباً و تطلب منه استخدام عدد هائل من القوانين بنسب متفاوتة، مستنزفاً منه قوة ذهنية و طاقة بشكل مرعب لدرجة انه يحتاج للتوقف و الاستراحة كل بضع دقائق، لكنه اقترب كثيراً…

طبقاً لحساباته، فالوقت حيث يلتقي فيه روح الكوكب، يجب ان يكون اليوم!

*شهيق*

“هووووووو~ قليلاً بعد.. قليلاً بعد..”

*كرااااك*

اخيراً احد الجذور الاصطناعية اخترق جدار صخري صلب، لكن ما وراءه لم يكن المزيد من الصخور او المياه الجوفية او حتى الصهارة البركانية كما اعتاد روبين ان يرى، بل ضوء مظلم!

“هممم؟ ااه!!” روبين لم يكن لديه وقت يحاول فيه التفكير فيما حدث، في اللحظة التي تواصل فيها الجذر مع ذلك الضوء، شعر روبين بإضطراب قوي في نطاقه الروحي…
—————

“هممم؟” في اللحظة التالية شعر روبين انه محيطه تغير، كل شئ حوله مبهم و حالك السواد، لكنه في نفس الوقت ملئ بالبؤر التي تصدر اضواء ساطعة، رفع يده لير ما إن كان هنالك اي تغيير فوجدها صغيرة و فضية اللون، لقد كان في تجسيده الروح الفضي!

“انت هناك، من تكون بحق الجحيم؟”

“احدهم قام بتسريب الموقع؟”

” من قد يكون غير ديكارت؟ ذلك الوغد حتى تخلى عن روح الكوكب من اجل لحس اقدام الغرباء؟ انه عار علينا جميعاً!”

“سحقاً، ما الذي يفكر فيه ذلك الوغد بالضبط؟ اعلانه الانضمام للإمبراطورية كان سئ بما يكفي!”

مجدداً لم يجد روبين وقت للتفكير فيما حصل، اصوات صياح حوله ارغمته على النظر بإتجاهه، او بمعنى ادق هو بالفعل نظر اتجاهها من قبل لكنه تجاهلها… المتكلمين للتو كانوا 3 كُرات ضخمة مضيئة، بقفون على مسافات متساوية حول كرة اكثر ضخامة حتى.

بالتفكير في الامر، اولائك الثلاثة يذكروه بهيئة هوفنهايم الروحية عندما رأه اول مرة

شَفتا تجسيد روبين الروحي تحولت لإبتسامة و وضعه يده وراء ظهره بإرتياح، ” دعوني اخمن، انتم الثلاثة تكونون اباء اشجار؟ هل انتم هنا من اجل التآمر ضدي او من اجل عملية الصقل؟ اين بقيتكم؟ على اي حال، يبدو اني وصلت لوجهتي اخيراً…”

“…دعني اخمن انا، شخص من الغزاة؟ امبراطورهم حتى؟” واحدة من الارواح الثلاث هدأت قليلاً من الصدمة الاولى و تكلمت

“اصبت, كسبت حجر متوسط النقاء، يمكنك المجئ للمقر و استلام جائزتك في اي وقت” رفع روبين اصبعه و اشار نحو الشخص الذي تكلم و ضحك

كرات الروح الثلاث نظروا لبعضهم لوهلة قبل ان يبدأ احدهم بالضحك و تهتاج طاقته الروحية كان واضح انه ينوي الهجوم، “هاهاها كنا نتسائل قبل قليل ماذا يجب ان نفعل بك، إلا انك جئت بنفسك إلى موتك، أليس هذا مثيرة للسخرية؟”

رفع روبين حاجبيه قليلاً و الإبتسامة على وجهه إزدادت حتى كادت توصل بين الاذن و الاذن، ” اتعلم ماذا؟ كنت على وشك قول نفس تلك الكلمات لكم.” ثم رفع يده فبدأت طاقة روح فضية تتدفق منها

*ااووووومنننـ*

من Zeus

-+=