رفع روبين حاجبيه قليلاً، “أتفهم ان كائنات عديمة الرحمة مثلكم يريدون ابادة مخلوقات الترينت من اجل وعد الحياة الابدية، لكن لماذا تريدون ابادة البشر و بقية المخلوقات الذكية و حتى الوحوش؟”

“لا ترمقني بتلك النظرة، نحن لم نتفق على شئ وقتها بل كل ترينت عتيق فعل ما يمليه عليه تفكيره، بعضهم خاف من فكرة ان يقوم البشر و بقية الكائنات الذكية بإيجاد طريقة للتواصل مع روح العالم ايضاً و بدلاً من ان يكون لديها 50 منافس في الصقل تصبح الاعداد بالألاف، اولائك الترينت العتيقين الذين فكروا بهذه الطريقة بدأوا بقتل كل شئ تقع اعينهم عليه حتى يقوموا بمنع اي منافسة مستقبلية، هذا لا يعني ان كلنا كنا نفكر بنفس الطريقة.”

رفع روبين كتفيه، ” لكن كلكم تفكرون بتلك الطريقة الان، لا يوجد مخلوق ترينت عتيق واحد حالياً لم تنغمز يديه بدماء مليارات الكائنات الحية، و انت منهم.”

“…غير صحيح، اعني اننا فعلنا نحاول قتل كل ما نطوله لكن حالياً الحرب على مخلوقات الكوكب بالنسبة لنا ليست بسبب الخوف من بزوغ منافسة جديدة، فلو كان يمكن للبشر الوصول لروح الكوكب فلوصلوا بحلول الان. حربنا عليهما الان ببساطة لأن الحرب بيننا نحن الترينت العتيق تستوجب كمية طاقة هائلة لتكبير و تحريك جيوشنا، و عندما بدأ بضع افراد ترينت عتيق بقتل اعداد كبيرة من متدربي الطاقة وجدنا ان الطاقة في الجو اصبحت اكثر وفرة، لذا قرر بقيتنا اتتباع نفس الاسلوب و عمل نطاق حول اجسادنا -دائرة السيطرة- حيث تكون كل الطاقة داخل دائرة السيطرة من نصيبنا نحن فقط، و لهذا توجب علينا قتل اي كائن يقوم بإستنزاف الطاقة لنفسه او لديه القابلية لفعل ذلك في المستقبل، هذا كل شئ.” تكلم التجسيد بلا مشاعر، بعد مئات الاف السنين من القتل و المليارات من القتلى لم يعد لديه اي نوع من الشفقة اتجاه الحياة، بدى كأنه فلاح يتحدث عن حصد الثمار او كيف انه قام بإبادة الحشرات الضارة في حقله.

“اوه؟ لكنك قلت ان كمية الطاقة في الجو زادت عندما بدأ اختراق البشر للمستويات الاعلى، أهذا يعني ام مستويات الطاقة تزيد بزيادة مستويات التدريب المتاحة، لكن تقل بزيادة اعداد المتدريبن؟ …لكن أهذا سبب كافٍ لإرتكاب تلك المجازر بحق اشخاص لا علاقة بهم بحربكم؟ هل اصبتم بالجنون بعدما سمعتم مصطلح الحياة الابدية؟ انتم حقاً–” كاد روبين ان ينهال على الاب الشجرة ديكارت بالشتائم انهم عديمو القلب و اشياء كهذه عن القتل، لكنه تذكر انه ليس افضل حالاً منهم فأغلق فمه، “…ماذا حدث بعدها؟”

“روح الكوكب غضبت بشدة من افعالنا، بكَت الروح و قالت انها تريد رفيق يساعدها على التطور اكثر لا مجموعة مجرمين يُلقوا بالكوكب مئات الاف السنين إلى الوراء، قامت مباشرةً بقصف اعمارنا للنصف كعقاب كما انها ارسلت العديد من الكوارث على اجسادنا الحقيقية، مثل غيمة الرعدية التي تضرب هوفنهايم منذ مئتا الف عام لتحد من ان يكبر حجمه اكثر، لعلك رأيتها؟” نظر الاب الشجرة ديكارت للأسفل، “توسلات و هجمات روح الكوكب كانت كفيلة بإيقاف بعضاً منها، لكن البعض الاخر لم ير ان العقوبات ذات وزن ما إن قورنت بالحياة بالأبدية، فتابعوا الحرب على اي حال، و بما ان بعضنا إستأنف الحرب فطبيعي ان يرجع البقية للقتال ايضاً، لن نبق اماكننا و ننتظر ان نُقتل مثلاً.”

“كان واضح ان روح الكوكب غاضبة جداً… ظلت تقصف اعمارنا لكن صقلنا المستمر لروح الكوكب عوضنا عن الناقص و بزيادة، كما انها ظلت ترسل علينا الكوارث الطبيعية، لكن بسبب عملية الصقل فهمنا للقوانين السماوية إزداد بشكل هائل و تلك الكوارث اصبحت مصدر إلهام كبير لنا،” ثم اكمل هوفي بجدية، ” في المثال السابق: الغيمة الرعدية التي تضرب هوفنهايم علمت هوفنهايم ايضاً قانون البرق الرئيسي و صقل روح الكوكب جعله يندمج اكثر من قانون البرق الرئيسي لدرجة انه قام بالتعديل على القانون داخل الكوكب وضع فيه خاصية ان يقوم البرق بضرب كل شئ طائر داخل دائرة سيطرته عندما يقوم بتفعيل الخاصية، لذا فهجوم البرق الذي اسقط معظم رجالك في اليوم الذي وصلت فيه لعالمنا كان هجوم من قانون البرق الرئيسي نفسه مدعوم بقوة الكوكب. بقية الترينت العتيق حصلوا ايضاً على قدرات مماثلة للكوارث التي كانت تضربهم، فأحدهم قام بالتعديل على قانون الرياح الرئيسي و اخر على قانون الارض الرئيسي، و هكذا. و عند نقطة ما تمكننا من الاتفاق على التعديل على القوانين السماوية حتى نمنع تحول المزيد من النباتات إلى مخلوقات ترينت.”

“التعديل على القوانين السماوية داخل الكوكب؟ شئ كهذا ممكن؟!” لثاني مرة تحولت ملامح روبين للتفاجئ و اخذ خطوتين نحو ديكارت

“ألم تختبر هذا بنفسك؟ الصواعق التي نزلت على اتباعك تجاهلت كل الدفاعات و اصابتهم مباشرةً لأنها خالية من التقنيات و الطاقة المصقولة و غيرها، بل عبارة عن قانون سماوي صافي مدعوم بطاقة طبيعية صافية، لا يوجد دفاع امام هذه.” رفع تجسيد ديكارت كتفيه قليلاً، “التعديل الواقع على القوانين يستنزف من صقل روح الكوكب بشكل كبير لذا غالباً ما يكون التعديل بسيط جداً لدرجة انه لا يذكر، كما انه كل مرة يتم تفعيل الخاصية المزروعة في القوانين نستنزف من نسبة صقل الكوكب ايضاً، لكنه ما يزال سلاح رادع يمكننا به حماية دائرة السيطرة من الجيوش الخارجية طالما نجد طريقة لتوسيعها. بالطبع طوال السنوات اكتسبنا المزيد من القدرات من خلال تعمقنا اكثر في صقل روح الكوكب و اكتشفنا اشياء مثل صنع اسياد الحرب و الكثير من الاسرار الاخرى كأنها اصبح بإمكاننا رصد كل ما يحدث داخل دائرة سيطرتنا طوال الوقت او طرق لتقوية ارواحنا، إلخ… روح الكوكب ردت ببساطة *الحياة الابدية* على السؤال آن ذاك لأنها ببساطة لا يمكنها حصر الفوائد التي ستعطيها لصاحبها، فقالت اول شئ خطر في بالها!”

بعد تلك الكلمات عاد تجسيد ديكارت للصمت مجدداً ليمنح روبين فرصة لهضم المعلومات، روبين نفسه ظل معقود الحاجبين لبضع دقائق قبل ان يعود للجلوس مكانه بهدوء، “…لا عجب انك لم ترد التكلم… اسرار الحرب التي استمرت مئتا الف عام كلها انكشفت بمجرد فتح فمك، و الحياة الأبدية… الحياة الابدية…”

“هيه~” تنهد تجسيد الاب الشجرة و هز رأسه، كان يكفيه منافسته مع الاباء الاشجار الستة و القبائل البشرية التي ترفض الموت، لكن الان و قد عرف امبراطور الغزاة بالسر ففرصته في السيطرة على روح الكوكب الان اصبحت صفر رسمياً

يمكنه مواساة نفسه انه الان اصبح في الجانب الفائز و انه على الاقل سيتمكن من التحرك، لكن هذا ما يزال وعد سمك في ماء، اما روح الكوكب فهى شئ اختبره بنفسه، التخلي عنها بهذا الشكل لـ هو حقاُ…

رفع تجسيد الاب الشجرة رأسه قليلاً و نظر نحو روبين بنظرة معقدة و هو يفكر * فلنأمل ان جيشك الحقيقي اكبر من الذي اظهرته حتى الان، و إلا فكلانا سنصبح في خبرٍ كان.”

من Zeus

-+=