اعلى احد التلال القريبة من الاب الشجرة هوفنهايم–
*هوووش*
“الاخ الثاني، طلبتني بشكل عاجل، كيف يمكنني مساعدتك؟” هبط شاب يرتدي الدرع الذهبي بشكل مثالي بشكل سلس في مكان فارغ لا احد فيه غيره، و وقف وقفة عسكرية مثالية، لقد كان بيون.
“استرح ايها الاخ الثالث، هل تعودت على البقاء داخل الجيش لتلك الدرجة؟” كلمات بدت و كأنها صدرت من العدم، حتى بدأ شخص ذا شعر طويل يرتدي ثوب اسود خفيف بالصعود من ظل صخرة، طبعاً كان ثيو
“يبدو انك تعودت على مهمات التلصص و الاختباء ايضاً.” خلع بيون خوذته و اظهر إبتسامة بسيطة مرسومة على وجهه
ملامح بيون لم تتغير بشكل كبير منذ انضم لروبين ذلك اليوم بفضل سرعة اختراقه لحكيم مستوى متوسط، حتى الندوب على وجهه قد عادت بشكل اسوأ!
زارا عرضت اكثر من مرة علاج هذه الندوب الجديدة لكنه يطلب منها تركها كل مرة حتى تراكمت على وجهه، يقول انها تذكره بشئ لا يريد ان ينساه، حتى تلك النظرة التي كانت على وجهه عندما كان ما يزال يقف على منصات العبيد لم تفارقه للأن.
“هاها استعد اذا فأنت ستنضم لي في مهمات التلصص و الاختباء، إلتقط، هذا امر من الوالد بالتبني ان تأتي معي انت و جزء من رجالك، يمكنك ان تختارهم بنفسك.” اظهر ثيو إبتسامة نادرة و ألقى لفافة نحو بيون، الذي امسكها بدوره و فتحها لوهلة، ثم اغلقها سريعاً كما كانت بالضبط و أعادها لثيو
“سأذهب لجمع الرجال.” إلتف بيون و كاد يغادر بدون بدون اي تغيير في تعابير وجهه
“اوه؟ خلت انك ستقلق بشأن ترك اختك زارا هنا وحدها او شئ كهذا، سمعت انكما تقودان فيلق كامل معاً؟” رفع ثيو حاجبيه قليلاً و تكلم، اي شخص يعرفه سيعرف انه *يثرثر* بكثرة على غير عادته
“زارا؟” إبتسم بيون و نظر في إتجاه معين، في ذلك الإتجاه كانت اخته الصغيرة تقف واضعة يدها على خصرها و يدها الاخرى تمسك سوط، و يقف امامها زعماء القبائل المحلية الثلاث: فوغون، ريس و ديباس. كل واحد منهم يبدو كأنه يبدو ان تنشق الأرض و تبتلعه!
قهقهة قصيرة نادرة ظهرت على وجه بيون و هز رأسه، ” زارا ستكون بخير، هى من كانت تدير كل شئ في الفيلق على اي حال.”
“اها سمعت هذا..” اومئ ثيو عدة مرات و هو يراقب زارا ايضاً، ثم عاد للنظر نحو بيون، “سمعت انها تدير الفيلق و تعطي الاوامر و الاستراتيجيات، بينما انت تقود القوة الهجومية و كثيراً ما تخالف الخطط التي وضعتها زارا و تعطي اوامر بعمل مهمات يمكن وصفها بالإنتحارية…”
“انت تسمع الكثير.” نظر بيون بجانبه بدون مشاعر
رفع ثيو كتفيه، “هذه وظيفتي.”
مع ان ثيو مكث في عاصمة قبيلة عزيل طول السنوات الماضية بشكل اساسي يحاول اختراق صفوفهم و تأمين حياة افضل لريتشارد من بعيد، إلا انه لم ينس ابداً مكانته كزعيم سيوف الظل، المؤسسة التي أمر الامبراطور روبين نفسه بخلقها لتكون الذراع المخابراتي الذي يسيطر على العالم السفلي لكل الاراضي التي تصل لها امبراطورية البداية الحقيقي.
مع انه حالياً اعداد سيوف الظل ليست كافية و تم نقل معظمهم إلى كوكب نيهاري بينما بقي جزء بسيط منهم في كوكب يورا ليسيطر على الاوضاع، و بالطبع لم يبق لديهم اي قوة للتدخل في كوكبا جرينلاند و المزرعة، إلا ان هذا لا يعني انهم يجب ان يهملوا المعلومات القادمة كوكبين مهمين كهذين فكل معلومة و لو صغيرة قد تؤثر على خططهم
لذا دائماً ما كان يطلب ثيو تقارير من بقية سيوف الظل عن كل شئ يحدث حوله، و بالنسبة للأماكن التي تصلها اذرعهم فهو يرسل احد سيوف الظل ببساطة ليطلب المعلومات من المقر مباشرةً او يتواصل مع احد الملوك العفاريت، و الذي بدورهم يتعاونوا معهم بشكل كامل لأنهم يعرفوا من هم و ما هى وظيفتهم
اما المعلومات التي وصلته عن بيون… فلن تكون مبالغة إن قيل انها جعلته يقلق على بيون كما يقلق على ريتشارد!
“هل سمعت ايضاً اني لم اتكبد ابداً خسائر كبيرة في اي هجوم بدأته؟ عندما تقودني غريزتي نحو ثغرة ساستغلها ببساطة، يمكنكم وصف اسلوبي بالإنتحاري كما تريدون إن تسبب في خسائر كبيرة، لكن طالما احقق انجازات فلا دخل لأحد في اسلوب قيادتي.”
ثيو لم يعرف كيف يرد عليه… هو حرفياً يُلقي بنفسه في قلب مكائد الاعداء ليدمرها من الداخل، هو فعلاً لم يُكبد اتباعه اي خسائر كبير و دائماً ما ينجح في تدمير هدفه و الدفع بفيلقه للأمام، إلا ان الجراح التي يتلقاها لم تكن تقتصر على الندوب في وجهه!
الجميع يعلم ان زارا أعادت اطرافه بضع مرات بالفعل، و انقذته من الموت بضع مرات بعدما طُعن في نقطة حيوية، و ذات مُرة حرفياً تعرض للذبح!!
“كونك لم تقابل عواقب اسلوبك بعد فهذا لا يعني انك لن تقابلها بشكل حتمي يوماً..” هز ثيو رأسه، التقارير التي قرأها عن بيون كانت ببساطة مرعبة
من بين ابناء روبين بالتبني، إن كانت زارا مشهورة بالحكمة، و قيصر بالقوة و الهيبة، فبيون بلا شك مشهور بأنه قاتل مسعور لا يفكر مرتين عندما يجد فرصة لقطع الرقاب
مكانه بيون كإبن الامبراطور بالتبني، و قوته و موهبته العاليتين أكسبوه الاحترام و القبول، كما انه جمع لنفسه أتباع شرسين مثله سيقفزوا في النار لو رأوه يقفز فيها، لكن ملامحه التي تبدو و كأنه تشتعل بالغضب الصامت ليل نهار و اسلوب قتاله المجنون الذي يجعله طريح الفراش كل يوم بالتأكيد لم يكسبوه أي اصدقاء جدد…
مع ان الخوذة الذهبية اخفت ندوبه وتعابير وجهه التي تبدو و كأنها بركان على وشك ان ينفجر، إلا ان ببساطة اسلوب قتاله و قيادته لم يساعد كثيراً في تحسين سمعته!
اخيراً بيون اطال النظر في وجه ثيو، “…ألهذا علاقة بإختيارك لي؟ رسالة معاليه تقول انه يمكنك اخذ الاشخاص و الاعداد الذين تريدهم بدون قيود، لكنك جئتني انا، أتريد لعب دور البطل او شئ كهذا؟”
“انقذ شخص كان يلعب مع الموت يومياً؟ بالتأكيد لا، الامر ان كوكب نيهاري فعلاً خطير و احتاج بعض الاشخاص الاشداء المتمرسين في الحروب النظامية، لا يوجد افضل منك يا اخي لمهمة كهذا، ألا تعتقد؟”
“ان كنت تريد شخص شديد البأس خبير في الحروب النظامية فقيصر افضل مني في هذا، انا مجرد قاتل.”
“دع قيصر ليقود جيش والده، هو مشروع جينرال حقيقي أما انت فمواهبك ليست هنا، اعتقد ان قيادتك للفيلق الثامن وضحت هذا بشكل جلي.” لوح ثيو، لم يكن عليه اختيار كلماته كثيراً و هو مع بيون
“…اياً يكن، اعطني نصف ساعة و سأجمع الفريق.” عاد بيون للنظر نحو الجيش مجدداً
” لا بأس لا داعي للسرعة، اتركهم حتى يتم احتساب نقاطهم اولاً بعدها اجمعهم، لا يجب ان نسلب منهم فرحة النصر بهذه السرعة…” هز ثيو رأسه
حتى لو جمع بيون الرجال في ظرف نصف ساعة ليس و كأنه يمكنهم بدأ المهمة فوراً… في حين ان روبين إستغرق يوم تقريباً ليسافر من هذا الموقع إلى المقر، ثيو استغرق اكثر من يومين. و الان بوجود عدة مئات جندي بالتأكيد سيستغرقوا وقت اطول للعودة مجدداً للبوابة، لذا ساعة او اثتنين تأخير الان لن يضروا.
“اوه، حسناً إذاً، سأذهب لأسرع عملية حساب النقاط لتلك المجموعة، لن نتأخر عليك.” وضع بيون خوذته مجدداً و كاد يقفز بعيداً عن التلة
“..ألن تسأل ما هى مهمتك الجديدة؟”
“لا داعي، طالما هى امر من معاليه فسيتم تنفيذها.” رد بيون بإقتطاب، ثم قفز
الموضوع التاليالموضوع السابق