*كراك*
” ما الذي يحدث هنا؟ ما كل هذه الثرثرة؟”
صدى دوي سوط قوي ضرب الارض، من قوة الصوت ظن من سمعته ان الأرض شُفت نصفين. لكن من بعده مباشرةً و بعدما صمت الجميع، سُمع صوت انثوي عذب
فتاة قصيرة الشعر ظهرت امام الجميع تحمل سوط طويل في يدها اليمنى، ملامحها صغيرة و طولها متوسط، جسدها ليس ممتلئ او نحيف و ترتدي ثوب طويل يتراوح لونه ابيض كالحليب و متناثر عليه قطع دروع خضراء زادته أناقه، هذه الفتاة قد لا تكون الاجمل في العالم و ربما ليست حتى الاجمل في الجيش، إلا انها خاطفة للأنفاس بما يكفي، كما ان ملامحها اللطيفة تجعل اي شخص ينظر إلى وجهها يريد حمايتها… كانت هذه زارا.
بعدما خرج روبين من عُزلته و توجه مع جابا ليواجه هوفنهايم، زارا لم يعد لديها ما تفعله في منطقة ساحة المعركة التي هزم فيها روبين اسياد الحرب، لذا جمعت الفيلق السادس و قادتهم إلى هنا، مع انهم بالكاد وصلوا و لم يكن لديهم الحق في جمع الاسرى و جثث البراعم السليمة، إلا انهم كانوا فرحين بجمع الاشلاء، فحتى هذه الاشلاء تعطي نقاط إن كانت كثيرة بما يكفي!
اما زارا و من معها من قوات الحياة بدأوا بالتحول بين جيش الامبراطورية ليعالجوا المصابين، حتى اخيراً رأت منظر لا يسر.
” من انتى؟ ما الذي تظني انك ستفعلي بهذا السوط؟ لا اعلم من اين أتيتي يا هذه لكن لا سُلطان لك على جنود القبائل!” احد الضباط عالي المستوى من قبيلة السهول تقدم و صاح
“اخبرني انت بما يحدث هنا، لماذا يوجد اكثر من عشرة الاف شخص مجتمعين هنا؟ يوجد عدة بؤر تجمع اخرى لجنود القبائل المحلية ايضاً، هل تنوون بدأ تمرد او شئ كهذا؟” رفعت زارا يدها التي تحمل بها السوط و اشارت نحو جموع الجنود امامها، مع انها كانت بمفردها و تبدو كفتاة تائهة، إلا ان ملامح وجهها لم يوحي انها تنوي التراجع خطوة
“هذا ليس من شأنك يا فتاة، ألا يمكننا التجمع و الدردشة قليلاً؟ هل امبراطوريتكم تريد التحكم في اين نجلس و متى نتكلم ايضاً؟ هذه سخافة!” لوح ذلك الضابط، و اعوانه خلفه بدأوا يضحكون ايضاً
“هذه ساحة عسكرية و ليست مقهى، اذهبوا لسكناتكم كما اُمرتم حتى ينتهي الجرد بعدها سنجتمع مع زعمائكم لنحدد ما سيحدث لاحقاً، وجود اياً منكم هنا بلا معنى، و تجمعكم بالذات مخالف للأوامر التي تلقيتموها.”
“هاها حتى ينتهي الجرد؟ تقصدين حتى تنتهوا من اخذ كل الاشياء الجيدة؟ لا شكراً نحن باقين هنا.”
“اجل، تسرقونا بوقاحة و لا يمكننا حتى المشاهدة؟ ياللبخل!”
“سنقف هنا، ان كانت هنالك فتاة معينة لا يعجبها الامر فلتغادر هى!”
“هيهي هل سمعتي يا امرأة؟ لا احد يراقبنا الان، ارجعي من حيث اتيتي فوراً و إلا سأعطيك للشباب و يــ–” كاد ذلك الضباط ان يكمل تهديده، لكنه الفتاة امامه ترفع يدها اليمنى و تنزلها، حاول بسرعة التفادي لكن بلا فائدة
*كرااك*
“ااااااااااااااااااه، عيني! عيني!!!” صرخ الضابط لثانية و يرى الدماء تنزل على الارض بغزارة من وجهه قبل ان يسقط مغشياً عليه، فالسوط نزل على وجهه قاطعاً اياه نصفين من عند العين اليسرى
“تباً الامبراطورية تمادت كثيراً!”
“أتحسبون اننا لا يمكننا الدفاع عن انفسنا؟ نحن لسنا تحت رحمة احد! فلنرهم من نحن يا رجال!!”
عندما رأى بقية ضباط و جنود القبائل المحلية ما حدث اخرجوا اسلحتهم و انقضوا على زارا
” قفوا اماكنكم ايها الحثالة!” صاحت زارا مجدداً، هذه المرة لم تكبح نفسها و لو قليلاً، مئات الجزور خرجت من الارض و هاجمت الصفوف الامامة للجنود امامها، السوط نفسه بدى و كأنه اكتسب الحياة و بدأ يتحرك بمفرده لضرب كل من يطوله، في غمضة عين سقط العشرات على الارض
المزيد من جنود القوات المحلية قفزوا ليهاجموا زارا من الاعلى فهذه انسب طريقة يمكنهم بها ان يبتعدوا عن الجذور، عندما كانت زارا على وشك القيام بشئ، جائت كرة لهب ضالة أسقطت عشرة منهم
*سشووووالااااا*
ثم انصال ريح ثم صواعق، إلخ.. في غمضة عين كل الاشخاص الذين قفزوا ليهاجموا من الاعلى سقطوا على الارض كالذباب
*سووش *سووش*
“ما الذي يحدث هنا؟ ما هذه الجلبة؟” عدة اشخاص يرتدون دروع ذهبية هبطوا على مهل، مع انهم لم يعرفوا ما حصل إلا انهم رأوا اولائك المحليين يهاجموا فتاة ترتدي درع قوات الحياة المميز، كيف يمكنهم السماح بذلك؟ لذا اطلقوا بضع هجمات خفيفة اسقطت الجنود المحليين لكن لم يقتلوهم
“..الاميرة زارا؟!” عندما رأى افراد القوات الخاصة من هى الفتاة اخيراً انحنوا بسرعة، ” اميرتي، ما الذي يحدث؟ هل نستدعي القوات؟”
“ما الذي فعله اولائك الاوباش يا صاحبة السمو؟ اعطينا الاوامر و سنساويهم بالأرض!!” جندي نخبة اخر كان مباشر اكثر و اخرج مطرقة حرب ضخمة و اطلق هالته، كان واضح ان ذلك الشخص في نطاق حكيم جاهز لتحطيم بعض العظام!
“أ– أميرة؟ هل قال اميرة؟ إبنة ذلك الشخص؟!” الجنود المحليين بدأوا يتراجعوا و هم يتلعثمون
العشرة آلاف جندي المتجمعين هنا لم يفكروا ابداً في القتال ضد جنود الامبراطورية وجهاً لوجه، هم ليس اغبياء قصيروا الذاكرة حتى ينسوا ما رأوه خلال العامين السابقين
جيش القبائل المحلية في بداية الحصار كان اكثر من 6 ملايين، اولائك الملايين الستة كان من ضمنهم تقريباً كل الحكماء و القديسين و الفرق الخاصة في القبائل الثلاث، اما الان فقد اصبح تقريباً 4.5 مليون بمعنى انهم فقدوا مليون و نصف جندي تقريباً خلال العامين، لكنهم يعلمون علم اليقين انه لولا الفرق الخاصة الذهبية التي تأتي لنجدتهم بين كل حين و اخر لكان تم ابادة الـ 6 ملايين كلهم خلال شهر او شهرين على الاكثر!
لكن هذا لا يعني انهم عديمي الفائدة… هم ما يزالوا جنود القبائل الذين قاتلوا الاب الشجرة هوفنهايم لمئتا الف سنة و يعرفون كيفية التعامل مع البراعم جيداً، لولا وجودهم لما نجح أليكساندر في تطبيق حصار شامل، هم كانوا عنصر اساسي في الحرب!
لقد تجمعوا اليوم ليظهروا عدم رضاهم عن نظام النقاط و يجبروا زعمائهم على فعل شئ و جلب بعض الفوائد لهم ايضاً، هم ما يزال جيش ضخم مكون من ملايين الجنود المخضرمين و يمكنهم ان يستعملوا هذا للضغط على الجينرال أليكساندر ليغير خطته في التوزيع، الجميع هنا يريد بعض الفوائد فحسب، و لا واحد فيهم يجرؤ على بدأ حرب.. فضلاً عن اغضاب اميرة من الامبراطورية!!
ماذا سيفعلون لو امرت القوات الذهبية الخاصة بالإمبراطورية بالإنتقام لها؟ على الاغلب زعمائهم سيتخلون عنهم بدون تفكير!
نظرت زارا بشكل مطول على وجوه الجنود، بدو جميعاً و كأنهم يترجونها ان لا تقول شئ، بعضهم حتى ركع مباشرةً و رطم رأسه بالأرض بشكل مستمر
اخيراً بعد بضعة ثوانٍ زارا لوحت بخفة فإختفى بالسوط من يدها،”.. لم يحدث شئ، كنت اريد التدرب قليلاً على تقنية جديدة و هم كانوا يساعدوني.”
*هووو~*
جنود النخبة بدو مشككين بشكل واضح لكنهم لم يجرأوا على التكلم مجدداً، فأرجعوا اسلحتهم إلى مكانها و ذهبوا للوقوف خلف اميرتهم
ثم نظرت زارا نحو الجنود المحليين الذين ما يزالوا يتنفسون الصعداء، ” ما الذي تفعلوه هنا؟ لقد انتهى التدريب، هى عودوا إلى ثكناتكم فوراً.”
“حـ حاضر!!” حوالي عشرة الاف جندي ركضوا للخلف كالأطفال، حتى اولائك الذين تعرضوا للضرب قبل قليل وقفوا و ركضوا بصعوبة او قال اصحابهم بسحبهم بالقوة
“…صاحبة السمو، أكان هذا لأنك تريدين فض تجمعهم؟ هيه~ انتي تكوني رقيقة جداً احياناً، بعض القتلى ضروري حتى يفهموا حدودهم.” احد الجنود النخبة من عائلة بورتون لم يقدر على امساك نفسه، “لا يوجد احد من الجينرالات هنا حالياً غير سموك، اعطنا الامر و سندمر بقية التجمعات خلال ساعة واحدة.”
” لقد فهموا الوضع بدون قتلى، لا داعي لعمل فجوة بيننا و بين السكان المحليين الان يا عم برايت.” هزت زارا رأسها و ردت بإبتسامة، “فقط اخبروا فوغون و اقرانه اني سأنتظرهم هنا و انهم يجب ان يمثلوا امامي خلال عشر دقائق بحد اقصى، يبدو انه يجب ان اذكرهم بواجباتهم قليلاً.”
جندي النخبة المدعو بالعم برايت اكتفى بالنظر لزارا من الجانب لبضع لحظات ناسياً ان يرد… لقد رأوا كل شئ، فمنذ اللحظة التي هجمت فيها زارا و حتى وصلوا كان بالكاد ثانتين او ثلاث، زارا واجهت وحدها عشرة الاف جندي و اطاحت بالعشرات منهم و دفعت البقية للخلف، كما انها شوهت وجه قائدهم، شخص في قمة مستوى قديس، بضرب واحدة و افقدته الوعي!! …لكن في نفس الوقت لم تُردي قتيلاً واحد.
شعرت بالرفق على الجنود العاديين و سرحت لهم بالمغادرة حتى لا يتأذوا، لكنها الان تستدعي زعماء ثلاث قبائل محلية ليمثلوا امامهما و تحاسبهم على تقصيرهم!
بعض الجنود النخبة الجدد لم يعرفوا ماذا يقولوا فإكتفوا بالنظر لبعضهم بأطراف اعينهم و اعطاء إبتسامة نابعة من القلب، يفكرون: *لا عجب ان كل من يتعامل معها يصرح انه مستعد للموت من اجلها، انا اليوم احدهم!*
تدخل زيوسي/ صورة زارا بالزي العسكري موجودة الان في سيرفر الرواية على ديسكورد!
https://discord.gg/KuJMUwrACa
الموضوع التاليالموضوع السابق