المنطقة حول جسد الاب الشجرة– بعد اربعة ايام من مغادرة روبين نحو المقر–
احد الجنود امسك بشفته السفلية و اطلق صفير عالٍ، “هاي، انا انتظر منذ ساعات، تعال و احسب لي نقاطي!!”
“اخرس و انتظر دورك، انا انتظر من قبلك بعشر دقائق كاملة!”
“تباً لك، انت بدأت الجمع قبلي بكثير بينما انا انا استخدمت وقت اقل لأنتهي من الجمع، أليس من الطبيعي ان يتم فحص نقاطي قبل وغد بخيل مثلك لا يريد ان يترك قطع لحم خضراء الا و جمعها؟ لولا انه سيُخصم مني نقاط لكنت اسقط صف اسنانك العلوي بلكمة واحدة!”
“تعال و حاول!!”
مشدات فردية كهذه كانت تحدث في كل مكان على امتداد كيلومترات في كل اتجاه، كيف لا و هذا هو اليوم الذي ينتظروه من سنين!!
الان كل واحد من الجنود الذي شاركوا في الحصار قام بجمع تلة صغيرة من جثث البراعم و عدد من الأسرى البراعم خلفه، كلهم ينتظرون احتساب النقاط الكلية التي جمعوها في المعركة اخر بضع ايام
بالطبع هذا ليس كل شئ، فهنالك قسم كامل في الجيش غرضه الوحيد هو احتساب النقاط، النقاط التي جمعها الجيش كانت ببساطة هائلة، و اليوم حيث سيُضيفوا الكرز فوق الكعكة، فأسرى البراعم عليهم نقاط اعلى بكثير من جثثهم!
بالطبع، فقط اولائك الجنود الشبان الممتلئين بالطاقة كان ما يزال لديهم القدرة على الصراخ على بعضهم و محاولة اخذ الدور التالي، اما معظم الجيش المكون من اكثر من ثلاثة ملايين جندي، فكل واحد منهم جمع ما يقدر عليه من اسرى و جلس بجوارهم مغمض العينين حتى يحين دوره، و بعضهم لم يعبئ بجمع المزيد من النقاط و ذهب مباشرةً ليجد جذع شجرة و ينام عليه
لكن بشكل عام كان هنالك شئ مشترك بين كل الجنود، الإبتسامة المُسالمة و الأحلام الوردية.
جزء من جنود الجيش الامبراطور كانوا افراد عشوائيين في العائلات الحاكمة للقارات الاربعة، فبدون وجود حالة حرب حتى لو كانوا اقوياء لن يعطيهم هذا شئ سوى مكانه افضل في المجتمع او ربما طاولة افضل لو دخلوا لمطعم، اما معظم الجنود فوضعهم كان اسوا فهم كانوا مجرد عامة و ابناء عائلات الخدم في القارات الاربعة قبل بضع سنين فقط…
معاليه اعطاهم القوة، و هذه الحرب اعطتهم الخبرة، كل واحد فيهم يدرك جيداً في قرارة نفسه انه اصبح اداة حرب مدمرة، لكن الاهم.
انهم اصبحوا اثرياء!!
اجل اثرياء، نظام النقاط مع انه قاسي إلا انه جنة لمن يقرر المخاطرة بحياته، حرب الـ 6 سنوات حصدت حياة اكثر من 500 الف جندي، لكن من نجى منهم من فترة الحصار قد جنى عدد هائل من النقاط!
بالطبع معظم الجنود ما يزالوا لم يجمعوا ما يكفي لشراء اراضي واسعة في كوكب يورا لكنهم بلا شك لديهم ما يكفي لتملك منزل و باحة جيدة، كما ان الاشياء الاخرى كالحصول على اولوية استلام الدرع الذهبي او شراء عشرات الفدادين في كوكب جرينلاند و بدأ حياة جديدة هنا لن تكون مشكلة اطلاقاً!
قلق الجنود كثيراً عندما شعروا بأن كمية النقاط قد تسبب تضخم في الاسعار و انه ربما الدرع الذي كان يمكنهم الحصول عليه بـ 30 نقطة سيصبح ثمنه 300، لكنه الجينرال الاعلى أليكساندر اعلن ان هذا يمس شرف امبراطورية البداية الحقيقية و انهم سيتم تعويض الجنود مقابل نقاطهم بلا ريب، و ان الكنوز التي سيتم ايجادها في جسد الاب الشجرة او اراضيه ستنضم لقائمة ما يمكن شراءه بالنقاط مما اسعد الجنود كثيراً، مع انهم لا يعرفوا بعد ما هى مقتنيات الاب الشجرة، إلا ان ما يعتبر كنزاً في اعين وحش عاش نصف مليون سنة هو بالتاكيد شئ يستحق الاقتناء!
بالنسبة لجنود امبراطورية البداية الحقيقية، فهذه الحرب من اولها لأخرها هدفها ربحي بحت، لذا عندما اُعلان ان نظام النقاط ما يزال سارى كان كفيلا بإسعاد الجميع
لكن السعادة انواع… كسعادة السكان الأصليين مثلاً.
بعدما تم أسر اخر برعم صاح جنود الامبراطورية بحماس و بعضهم تنهد ان اخيراً وقت الراحة كان حان، لكن على غرارهم، جيش السكان الأصليين انتابهم نوبة من البكاء
لقد كان يوماً ليس له مثيل، يوم حتى لو تنبأ به اسلافهم لما صدقوهم..
عندما اعلن روبين ان الاب الشجرة هوفنهايم قد مات معظمهم شكك في الامر كما شكك البراعم بالضبط، فمن يمكنهم قتل هوفنهايم؟ خاصةً بهذا الطريقة الصامتة؟! لكنهم اكملوا قتال على اي حال، فماذا لديهم ايضاً ليفعلوه؟ لكن برؤية الحرب تنتهي خلال 4 ايام فقط اخيراً استوعبوا ما حدث… لقد سقط الطاغية حقاً!
الوحش الذي روعهم و روع أسلافهم لمئتا الف عام قد قُتل، الان الاباء الاشجار اصبحوا ستة فقط!
فرحة الجنود المحليين لا يمكن وصفها بالكلمات، حتى هم انفسهم لم يتمكنوا من التعبير فأنهمروا على البكاء و الاحضان بصمت
لكن السعادة مؤقتة دائماً اما الطمع فهو غريزة بشرية.
بعدما امتص المتبقي من جيش السكان الأصليين المكون من 4~5 ملايين جندي تقريباً الصدمة و هدأت قلوبهم و تيقنوا ان هوفنهايم فعلاً قد مات و انهم على مشارف عصر جديد، لم يحضنوا بعضهم و يغادروا ليزفوا الاخبار السارة لأهاليهم، او حتى يذهبوا للمخيمات في المنطقة المخصصة لهم، بل ظلوا اماكنهم يراقبوا جنود الامبراطورية و هم يجمعوا الجثث و الاسرى و يحسبوا النقاط…
لقد قاتلوا جنباً إلى جنب لسنوات، كيف يعقل انهم لا يعرفوا نظام النقاط؟ انهم يعرفون جيداً ان جنود الامبراطورية يتسابقون على نقاط يمكنهم بها شراء اراضي الاب الشجرة الشاسعة، اراضي بحجر قارة لدرجة ان اراضي القبائل البشرية الثلاثة لو تضاعفت عشرات المرات لن تصل لحجمها، و مع ذلك اولائك الجنود على وشك توزيعها بينهم
الامر يحتاج لحسبة بسيطة، الـ 15 قبيلة يعيشون في مساحة لا تتخطى 5% من الكوكب، أي ان الثلاث قبائل المشاركة في الحرب تسيطر على 1% من مساحة الكوكب تقريباً. في الجهة الاخرى هوفنهايم يسيطر على 13~15% من مساحة الكوكب، و هذه المنطقة الان سقطت تحت سيطرة الامبراطورية!
و هى ليست مجرد 13 ضعف اراضيهم فقط، بل هذه اراضي لم يلوثها بشر ولا وحوش على مئتا الف عام، انها ارض بكر مليئة بالمعادن النادرة و الاعشاب العتيقة، انها افضل بعشرات المرات من اراضيهم!
و المشكلة الاكبر.. انهم غير مشاركين في نظام النقاط.
شرط المشاركة في نظام النقاط بسيط، يجب ان تكون فرد من امبراطورية البداية الحقيقية و تقسم على الولاء للإمبراطور، اما القبائل الثلاث فيمكن القول انهم مجتمعين من اجل عدو مشترك في افضل الاحوال، حتى الان لم يعلن اياً منهم الولاء للإمبراطورية، و بالتالي لم يشاركوا في نظام النقاط.
الجميع هنا يفهم هذا، لكن… أليس هذا ببساطة يعني ان كل ممتلكات هوفنهايم الان تحت رحمة الإمبراطورية؟ زعيمهم روبين قال انه سيتم توزيع حصص لهم حسب مساهمتهم، لكنه لم يحدد اي نسبة، ماذا لو اخذ كل الاشياء الجيدة و اعطاهم العِظام؟ ماذا لو لم يعطيهم اي شئ اساساً؟!
لكن لم يجرؤ احد على قول شئ بصوت عالٍ، ليس خوفاً من جيش الامبراطورية، بل من امبراطوريهم.
حقيقة ان زعيم امبراطورية البداية الحقيقية دمر 6 اسياد حرب في غمضة عين و قتل الاب الشجرة منفرداً اصبحت حقيقة لا مفر منها، ان كان التوزيع بناء على المساهمات فالإمبراطور روبين وحده سيأخذ 90% منها، لكن… لكن ماذا عنهم؟!
كل هذا في كفة و عندما رأوا جينرالات الإمبراطورية المرعبين: أليسكاندر و جابا و إليزابيث و البقية من مستواهم يتسلقوا جسد الاب الشجرة و بدأوا يتفقدوا كل شبر فيه، بينما زعمائهم هم ظلوا ينظروا من بعيد بدون امتلاك الجرأة على الاقتراب خطوة.
الفرحة الأولى ذهبت ادراج الرياح و حل محلها النميمة و الكلمات الملتفة ذات المعنيين… بينما جنود الامبراطورية ذهبوا للنوم او لجمع النقاط، بدأ جنود القبائل المحلية بالحشد مجدداً.
الموضوع التاليالموضوع السابق