فوق التل المنحدرة- قاعة الإستقبال في مبنى المقر
“ثيو هذه اخر فرصة، هنالك اخبار تقول ان روبين في طريقه إلى هنا، تكلم و ارح بالك و بالي!”
“عم بيلي، رجاءً انتظر حتى يأتي معاليه و اسأله بنفسك.”
“اللعنة، لماذا نفس الإجابة مجدداً؟ على انت ببغاء؟ مرت ايام و لا ترد إلا بنفس الكلمتين، أتحسبني متهم لدى سيوف الظل او شئ كهذا؟ انا عمك ايها الطفل!!” تقدم بيلي بإرتباك و امسك بأذن ثيو
لكن ملامح ثيو لم تتغير و لو قليلاً، فقد أعاد نفس الجملة مجدداً، “عم بيلي، رجاءً انتظر حتى يأتي معاليه و اسأله بنفسك.”
عندما رأى ان محاولته لم تنفع، مجدداً، ترك بيلي اذن ثيو و عاد ليجلس امامه، ” انت تعرف ان ذلك الوغد العنيد لن يبوح بشئ خشية ان اعاتبه، فقط اخبرني بما يحدث في نيهاري و انا لن اتكلم مجدداً حتى يأتي!”
“عم بيلي، رجاءً انتظر حتى يأتي معاليه و اسأله بنفسك.”
“…اسمع، انا سمعت من تجار العائلة عن الحوادث الجارية هناك، انهم يقولوا ان رؤية شارع بدون وجود دماء على الارض او معركة جارية اصبح منظر نادر، بل ان الوضع اسوأ بمئة مرة خارج مدن العشيرة و هذا ما يجبر العمالقة على البقاء داخل المدن مع انهم غير مرغوب فيهم، هذا له علاقة بإختفاء سيوف الظل المفاجئ من كوكب يورا، صحيح؟ ما الذي فعلتموه و ما هو هدفكم؟”
“عم بيلي، رجاءً انتظر حتى يأتي معاليه و اسأله بنفسك.” ردد ثيو مجدداً، عيناه النصف مغلقتين و شعره الذي يغطي نصف وجه و نبرة صوته الغليظة الباردة جعلته يبدو و كأنه روبوت
“…لما لا تخبرني عن ريتشارد على الاقل؟ روبين بارد القلب لكن لن اصدق انه سيجاهل ريتشارد طوال هذه السنين، انتم كنت تراقبوه صحيح؟ هل حاولتم التواصل معه؟ كيف هو الان؟” صوت بيلي اصبح ارق قليلاً و نظر نحو الارض، ” انت تعلم انه انا من ربيت ريتشارد و كأنه إبني، فقط اخبرني اي شئ عنه..”
“…انه بخير.”
“اها! إذاً انتم فعلاً متواجدين في نيهاري!!” قفز بيلي مكانه و اشار نحو ثيو بحماسة، كانت هذه اول معلومة حقيقية يخرج بها خلال الايام الماضية
” و ماذا إن كان لدى سيوف الظل مهام في كوكب نيهاري؟ توقف عن ازعاج الولد يا بيلي هذا ليس من مقامك.”
في تلك اللحظة فُتح باب القاعة و دخل شخص يرتدي ثوب ابيض و يضع احدى يديه وراء ظهره
“معاليك.” وقف ثيو بسرعة و انحنى انحناءة خفيفة، واضعاً يد على قلبه و يد خلف ظهره.
“روبين؟ كيف وصلت بدون ان يشعر بك احد؟” اما بيلي فنظر خلفه بتفاجؤ
“لم ارد الدخول في استقبال و رسميات انا في مزاج سئ حالياً.” تقدم روبين بوجه خالٍ من المشاعر حتى وصل لكرسي بيلي و جلس عليه مباشرةً ثم اشار نحو الخارج، ” بيلي انتظر في الخارج حتى اناديك.”
“لـ لكن!!”
“انتظر في الخارج يا بيلي، لا تجعلني امضي قرار رجوعك ليورا بشكل فوري.” تكلم روبين بشكل قاسي مجدداً، ” عندما انتهي مع ثيو تعال و قل ما تشاء.”
“تسك~” لم يضف بيلي كلمة و خرج من الغرفة وهو يتمتم شتائم
بعدها اشار روبين لثيو حتى يجلس، “…إذاً؟”
“خطة اللقاء نجحت. لكن كما توقعت انت، ريتشارد رفض تلقي المساعدة، قال انه سيهرب بنفسه.”
تنهد روبين و اومئ بضع مرات، لم يكن هنالك شئ مفاجئ هنا، “.. دمي و دماء ميلا تجري في شرايين هذا الولد، سيكون غريباً لو قِبل.”
كراهية ريتشارد كانت واضحة عندنا إلتقاه اول مرة، وضعه النفسي كان سئ جداً ايضاً، سيكون من الغريب ان وافق على تلقي المساعدة بهذه البساطة
لو طفل تخلى عنه والده -و ذهب ليشتري الحليب- و هو صغير ثم عاد له بعدما يكبر فلن يعترف الإبن به و قد يهاجمه كرهاً له، بغض النظر عن سبب رحيل ذلك الأب… و ما حدث لريتشارد كان اكثر بكثير من مجرد فراق
في الحقيقة لو قبل ريتشارد بهذه المساعدة من اول مرة كان هذا سيظهر ان روحه قد كُسرت و ان شخصيته انتهت للأبد، روبين حينها كان سيفكر في طريقه لإخراجه و جلبه ليعيش حياة هانئة في الريف في مكانٍ ما
اما رفضه الان فيعني انه ما يزال لديه بعض الكرامة، ما يزال لديه بعض الامل و روحه لم تنهار بعد… رفض ريتشارد التعاون صعب الامور كثيراً و أكد على مشاعره إتجاهه، لكنه اسعد روبين بعض الشئ ايضاً.
بعد اعطاء روبين بضع ثوانٍ ليهضم المعلومة السابقة، تكلم ثيو، “الجيد في الامر انه ما تمكن من الوصول للدرجة الثالثة من قانون نار الحياة، سرعة تدريبه ليست اقل مني او بيون، كما ان سفاح الألف وادي قال ان تصرفات ريتشارد كانت غريبة و انه لاحظ ذبذبات طاقة حوله اثناء اصطحابه لسكنه، اعتقد انه يخطط لشئ فعلاً و لم يكن يتكلم عبثاً.”
إبتسم روبين إبتسامة راضية عندما سماع هذا، هو كان يعلم مدى صعوبة صنع تقنية لقانون غير موجود في الطبيعة، حتى لو كان لدى ريتشارد اول درجتين ليكمل فوقهم فالأمر ما يزال صعب جداً، معرفة ان ابنه لديه موهبة كهذه لهو مدعاة للسرور و الفخر.. لكنه لم يقل شيئاً، و إبتسامته كانت مصحوبة بعينان منكسرتان قليلاً.
ثم عاود ثيو الكلام عندما لما يجد رد من اباه بالتبني، “…هنالك شئ اخر، انه يعرف انك والده، قال انه عرف من تكون منذ رآك.” تكلم ثيو بهدوء
“ما-…؟!” عقد روبين حاجباه بقوة لوهلة، ثم سند رأسه على كلتا يديه، ” كان علي توقع هذا… كان علي توقع هذا… كنت خائف جداً من قول كلمة و صغرت نفسي امامه… بدلاً من ان اطمئنه و اقسم على اخراجه فوراً، غبت لسنين لأخطط و أمكر… لابد انه يعتقد اني جبان الان… لابد انه يكرهني اكثر من السابق الان… ”
“و ماذا كنت لتفعل؟ بمجرد جذبك للنظر هناك كنت ستُقتل و ريتشارد كان ليتورط اكثر. انه ولد ذكي، سيتفهم عاجلاً ام آجلاً.”
“………” حافظ روبين على صمته لبضع دقائق واضعاً رأسه على كلتا يديه لم يصدر فيها صوتاً، و لم يجرؤ ثيو على قول كلمة ايضاً
“…ما الذي جاء بك اليوم؟” في النهاية اخرج روبين بضع كلمات من فاهه، شعر انه كان ليكون افضل حالاً إن لم يسمع تلك الكلمات اليوم
“الجزء الاول من الاخبار انتشر في كامل انحاء نيهاري و الفوضى تحدث كل يوم، لم يعد بإمكاننا الوصول لنتيجة افضل، لذا اطلب الأذن لبدأ الخطوة الثانية من الخطة بصورة أبكر.” تكلم ثيو بلا مشاعر
” الجزء الثاني؟ كم متبقى على موعد الغزو؟” رد روبين، ما يزال لم يرفع وجهه بعد
” متبقي 18 عام حسب الوقت الذي اعطاه معاليك لنا، لكننا نريد البدأ الان لانه يجب ان نكون مستعدين في حالة حصول الغزو قبل الموعد المحدد.”
“18 عام… حسناً، يمكنك البدأ في نشر تقنيات التدريب الان.” لوح روبين بغير إهتمام
اومئ ثيو و وقف، واضح ان والده بالتبني لم يكن لديه مزاج للتكلم اكثر
“اها انتظر.” اخرج روبين ورقة و قلم و حبر من خاتمه الفراغي، القلم غمز نفسه في بدأ يكتب خطاب طويل بنفسه، ثم خرج ختم امبراطوري و ختم على الورقة، قبل ان تلف الورقة نفسها و تسقط في يد ثيو، ” هذا خطاب رسمي يمكنك بها استخدامه لسحب كل القوات التي تريدها لدعمك في نيهاري، خذ معك حفنة من قوات الرياح على الاقل، سيساعدوك في الجزء الثاني و الثالث من الخطة.”
انحنى ثيو بنفس الطريقة التي استقبل بها والده بالتبني، ثم اختفى في الظلام من تحت قدمه
عالماً تمام العلم ان كوكب نيهاري سيغرق في الظلام ايضاً قريباً جداً ببدأ الجزء الثاني من الخطة.
الموضوع التاليالموضوع السابق