نظر روبين تحت اقدامه بإبتسامة عريض و صدر منتفخ للأمام… لقد كان يشعر بالفخر.
قد يرى اي اخر غيره مجزرة شاملة حتى تطاير الاشلاء في الارجاء اصبحت منظر طبيعي، و اندماج الدماء الحمراء و الخضراء على الارض كون تُربة جديدة كلياً، لكن ما يراه هو المجد!
اول مرة اصدر فيها قراراً بمهاجمة جهة معادية كان خلال حرب ضيقة المدى بين عائلة الأيرل بورتون و عائلة الدوق تينلي، و الناتج منها كان قطعة ارض كبيرة نسبياً بالنسبة لعائلة بورتون، لكن صغيرة جداً بالنسبة لوزن الامور في العالم
اما اليوم فقد إنتزعت امبراطورية البداية الحقيقية تقريباً 15% من كوكب اخر حجمه اضخم بضعفين على الاقل من كوكب يورا، و قُتل خلال ذلك كيان عاش لأكثر من نصف مليون عام، و الاغرب ان هذا التحول حدث خلال بضع عقود قليلة…
*نفس عميق*
وضع روبين يده وراء ظهره ثم صاح، ” يكفي!”
*ششششــ* *ششششــــ*
الكلمة الوحيدة من روبين كانت مدعومة بكل قوته بالإضافة لقانون الصوت لذا دخلت كل الذآان، و فوق كل هذا اضاف روبين لها تأثير من روحه الفضية جعلت ارواح الجميع تنتفض للحظة و اجبرتهم على الانصات لما يُقال، حتى الذين نسوا انفسهم من كثرة القتل و دخلوا طور الجنون اضطروا للإفاقة و النظر بإتجاه روبين!
بسرعة و بدون اتفاق وُجد حائل بين جحافل البراعم و جيش الامبراطورية… الجيش عاد بضع خطوات ليزعن للأمر الجديد، والبراعم فقدوا هدفهم و لم يعودوا يعرفوا ما عليهم فعله فوقفوا اماكنهم، اخذوا جميعاً ينظرون بجانبهم و كأنهم يبحثوا عن شئ لكن بلا فائدة
“هل تبحثون عن البراعم التي يتحكم فيها آباكم هوفنهايم بشكل مباشر، عن فارغي العيون؟ اخشى انهم لن يتمكنوا من اعطائكم اي اوامر بعد اليوم.” اكمل روبين كلامه بثقة
عندما رأى بيون ان والده بالتبني سيبدأ كلام مطول، قام بسرعة بإعطاء الاوامر لمستخدمي الرياح بإستخدام قانون الصوت الثانوي لدعم كلمات روبين و توصيلها لكل مكان بوضوح.
“ما الذي تقصده يا هذا؟ ما الذي فعلته بالإخوة المختارين؟” تقدم برعم لديه قوة حكيم و صاح، كانت هذه من المرات القلائل التي يأخذ فيها برعم عادي المبادرة و يتكلم، لكن لم يكن هنالك خيار اخر بما ان فعلاً كل فارغي العيون رجعوا لطبيعتهم و لم يعد بينهم قائد
“هاها أتظنوا اني فعلت شئ خبيث لقطع التواصل بين أباكم و فارغي الاعين؟ تسك تسك~ الرابط بينكم و بينه كان على مستوى دقيق جداً و لا يمكن التدخل فيه بهذه البساطة، لو كان بإمكاني فعل شئ كقطع التواصل بينهم لفعلته منذ زمن و ما كنت انتظرت حتى احشركم هنا.” هز روبين رأسه ثم عادت الإبتسامة لشفتيه، ” كل ما في الامر انه مات.”
“…….”
“يـ يحيا الامبراطور!!”
“إمبراطورنا لا يُقهر!”
“إمبراطورنا لا يُقهر!”
الملايين من جنود امبراطورية البداية الحقيقية رفعوا اسلحتهم و صاحوا، بعضهم اعتلى وجوههم السعادة و بعضهم الصدمة اعتلى وجوههم، لكن لم يوجد بينهم احد شكك في هذا الإعلان!
اما على الجانب الاخر فالبراعم وقعوا في صمت قاتل، و قوات القبائل البشري الذي يقدر تعدادهم بأكثر من 6 ملايين ايضاً وقفوا مصدومين لا يعرفوا كيف يتصرفوا حيال هذه المعلومة
“أبانا مات؟”
“الاب الشجرة الذي عذبنا لمئتا الف سنة قد مات بهذه السهولة؟!”
كلهم اتفقوا على ردة فعل واحدة في النهاية: “مستحيل!!”
“انت تكذب!”
“الآب منيع! الأب أبدي!! الأب لا يقهر!!!”
“يجب ان نقتله و نقدم رأسه للأب عقاباً على كذبه!”
البراعم قليل الكلام شعروا ببعض الفزع بحلول الان، هم ليسوا وحوش اغبياء في النهاية بل لديهم روح مبدئية مستنخسة من انسان و لديهم خبرات طويلة في التعامل بين بعضهم و مع البشر، بعض تلك البراعم حتى وُلد منذ اكثر من مئة الف سنة!
قلقهم بشأن اختفاء *المختارين* تحول الأن إلى خوف بعد كلمات روبين، كلهم بدأوا يسألون انفسهم ماذا سيحدث لنا لو هنالك فرصة 1% ان هذا حقيقي
هم ارادو فعلاً معاقبة روبين و الاندفاع نحو ليقتلوه، لكن من سيقودهم؟ هل سيغضب الاب الشجرة عليهم إن فعلوا شئ بدون اوامره؟ لم يكن لدى واحد منهم الجرأة لأخذ اول خطوة
“لماذا تُكذبوني؟ لقد دمرت روحه بنفسي. دعونا نفترض لوهلة اني فعلاً اكذب و اني فقط قطعت الاتصال بينكم بطريقة ما، ماذا إذاً؟ الاب الشجرة مجرد شجرة ضخمة، قشرته الخارجية قوية بعض الشئ، لكن ما يزال شجرة صماء، كيف سيساعدكم؟ انتظروا لفروعه ايضاً، هل ترون براعم جديدة تٌنشئ هناك؟ إن لم تكن لديه القدرة على التواصل معكم ولا يملك القدرة على صنع المزيد منكم، ما فائدته؟ حتى لو كان حي فوجوده مثل عدمه.” اعطى روبين ضحكة ساخرة و اشار نحو الشجرة العملاقة خلفهم، الموقف بالكامل كان يبدو مضحكاً بالنسبة له، ” اما لو كان وجوده يعطيكم الامل او شئ كهذا، فتفضلوا تأكدوا على راحتكم، أباكم عندكم أباكم اسألوه إن كان حي او لا.”
عيون الجميع توجهت نحو جزع الشجرة بشكل تلقائي…
نفس الشجرة المهيبة كانت تقف مكانها، اوراقها الخضراء العملاقة تتمايل مع الريح و جذعها القوي بدى و كأنه يمكنه تحمل نصف مليون سنة اخرى، لم يكن هنالك اي شئ مختلف، كانت مجرد شجرة و ظلت كذلك..
رئيس الغزاة يخبرهم ان يسألوا الاب الشجرة إن كان مات ام لا؟ كيف؟! طريقتهم الوحيدة للتواصل مع الاباء الاشجاء بعد عودتهم للأرض هو من خلال المختارين من بين ابناءه، و الان كل المختارين اختفوا؟
هم لا يصدقوا ان اباهم الأبدي قد مات، لكن ماذا يفعلوا الان؟ يقفوا امكانهم؟ يهاجموا؟ يناموا؟ يركضوا؟ التفكير و اتخاذ القرارات لم يكن ابداً مخولاً لهم!!
“انظروا! الغيمة الرعدية فوق الشجرة تتلاشى!!”
لم يكن معروف من صاح بهذه الجملة، لكن الجميع كادوا يطقوا اعناقهم و هم ينظرون للأعلى، حتى اخيراً لاحظوا ان العاصفة التي كانت تمطر الاب الشجرة بالصواعق قد تلاشت فعلاً، لم يبقى منها سوى بضع غيوم بدأت تهيم يمينا و يساراً
“…هل يعقل ان الاب الشجرة هوفنهايم قد مات فعلاً؟” تمتمت إليس بصوت منخفض و نظرت نحو والدها تنتظر منه اجابة
لكن من يجيبه هو؟ فوغون ايضاً كان ينظر للأعلى بفم مفتوح و ذهن مغيب، لقد وُلد ليقاتل هذه الشجرة اللعينة، انها جزء كبير من شخصيته، و الان روبين يقول انها ماتت؟ هكذا فحسب؟ اكيد هنالك شئ اضافي.. لعل هوفنهايم خبئ روحه في مكانه ما و ينتظر الوقت المناسب ليضرب او شئ كهذا، صحيح؟!
حتى هذه اللحظة جنود القبائل البشر الثلاث بدأوا و كأنوا مضروبين على ادمغتهم، ربما لن يصدقوا حتى لو رأوا الشجرة مقسومة نصفين!
“إسمعوا جميعاً ايتها الفواكه المتكلمة، موت الاب الشجرة يعني ان انتاج المزيد منكم قد توقف، و يعني انه لن يتمكن من قيادتكم و لا يجمع اخوتكم التائهين لمهاجمة الحصار من الخلف، كما ان خطر العاصفة الرعدية التي تضرب الكائنات الطائرة قد تلاشى ايضاً، الان و قد اصبح معنا افضلية الطيران فسواء إستسلمتم ام لا انا لدي الثقة الكافية في مسحكم جميعاً من على وجه الارض خلال اسبوع واحد.” رفع روبين إصبعه السبابة، ثم انزله و اكمل مبتسماً، ” لكن كشخص محب للحياة و لا اريد تدمير الأرواح إن لم تطلب الدمار لنفسها… إستسلموا لأباكم الجديد.”
الموضوع التاليالموضوع السابق