“…جابا؟” ضيق روبين عينيه، وأمال رأسه قليلاً عندما دقق في ملامح الشاب.

في الحقيقة لم تكن هنالك أي مظاهر شبه بين الشاب البشري الوسيم الجالس على الأرض أمامه و بين الجينرال العملاق جابا، لولا أن روبين دخل الخيمة مهيئ نفسياً أنه قادم لزيارة جابا لما دقق في ملامحه و عرفه!

“مُعلمي، أنت استيقظت!!” وقف جابا بسرعة بإبتسامة كبيرة على وجهه عندما سمع صوت روبين و كاد أن يقفز ليحضن معلمه، لكنه بدى و كأنه تذكر شيء فوقف مكانه مجدداً و أعطى انحناءة كبيرة، ” شكراً لك، لن أنسى افضالك علي ما حييت.”

“…هيا قم بسرعة، ما الذي تفعله؟!” تكلم روبين بغير وعي، لكنه لم يتحرك ليرفع جابا، بل نسي حتى ان يسأله ما الذي حدث له، فقط عينه بدأت تلمع بالذهبي قليلاً يحاول استنتاج أي شيء مما يراه.

“لو الأمر بيدي سأظل منحياً أمامك لمئة عام أخرى، فبفضلك انا اخيراً قد — ااه!!” عندما اخيراً رفع جابا ظهره لينظر نحو وجه مُعلمه صرخ بقوة، ثم وضع كلتا يديه على عينيه و لف رأسه للخلف بسرعة.

“جابا! هل انت بخير؟! ما خطب عيناك؟” أخيراً إستعاد روبين شيئاً من تركيزه فأخذ بضع خطوات بسرعة و ذهب ليطمئن على تلميذه.

عندما دخل روبين للخيمة رأى عين جابا و هى تتوهج بالاخضر، ذلك التوهج ذكره بشيء للحظة، لكنه قرر تجاهل تلك الاحتمالية بما أنها شبه معدومة.

“انا.. بخير، أنا بخير..” أخذ جابا يفرك عينيه بقوة، الألم الثاقب للروح الذي هاجمه فجأة جعل شخص مثله داس على عدد لا يحصى من الجثث يصرخ مثل الفتيات، في تلك اللحظة شعر و كأن أحدهم سكب حمم بركانية في عينيه!

“ما كان هذا؟ ما الذي حدث لك؟” سأل روبين مجدداً، ما يزال يجول بعينيه الذهبيتين على جسد تلميذه كالمجنون.

“لا، لا، ابداً، الألم قد خف الآن، ربما لم يعتد جسدي على قدرات عيني بعد…” أزال جابا يده من على عيناه ببطء و حاول النظر في وجه مُعلمه مجدداً هذه المرة لم تكن عيناه متوهجة باللون الأخضر كما كانت، عندما نجح في رؤية وجه معلمه و عيناه الذهبيتان هذه المرة هز رأسه بإبتسامة ساخرة، “يبدو أن هنالك أشياء غير مسموح لي بالتلصص عليها…”

ذلك الالم المخيف الذي أصاب جابا كان عندما تلاقت عيناه المفعلتان بالكامل بعينا مُعلمه، و مع ذلك هو الذي سقط متألماً بينما مُعلمه لم يشعر حتى بما جرى.

“جابا، لا تتركني اُخمن، ما الذي يحدث معك؟ ما خطب عيناك و لماذا جسدك أصبح بهذا الشكل؟ هل فعل الأب الشجرة شيء بك أثناء القتال؟”

إبتسم جابا إبتسامة كبيرة عندما سمع أسئلة روبين، بدى و كأنه طفل صغير رسم رسمة جميلة و يريد أن يريها لوالده أول مرة، ” أرجوك أنظر لعيني.” بهذا اخفض جابا رأسه قليلاً لينظر نحو صدر روبين و قام مجدداً بتفعيل الوهج الأخضر في عينه مجدداً.

عقد روبين حاجباه قليلاً على تصرفات جابا، لكنه مع ذلك إستمع لما يقوله و بدأ يتفحص عينا تلميذه، لكن سرعان ما فتح عيناه على آخرهما و أخذ خطوة للوراء، ” أهذه عين الحقيقة المبدئية؟!”

قالها و لم يصدقها، بل سمع الكلمات التي قالها و لم يصدق أنه قالها… الوهج الأخضر الذي يصدر من عين جابا الآن كان مليئ بأنماط مبهمة بلا ملامح، مع أنه لا يستطيع استخراج نمط واحد معين منها إلا أنها ليست أول مرة يرى هذه الانماط، فهى تشبه تلك في مركز تجمع طاقته!

“مستحيل… لقد مررت لك كل معرفتي عن قانون الحقيقة و علمتك مئات القوانين الثانوية و الرئيسية على مدى عشرون عام و مع ذلك لم تخترك الحقيقة، لماذا الآن؟!” تقدم روبين خطوة أخرى و أمسك رأس تلميذه بكلتا يديه، نبرته يملأها الهلع و عيناه تملأهما الصدمة و حتى بعض الندم.

أطفئ جابا عين الحقيقة خاصته حتى يتمكن من رؤية وجه معلمه مجدداً، إبتسامة راضية طفت على محياه… هو كان يعرف لماذا يتصرف معلمه بهذه الطريقة.

ليس لأنه خائف أن يتحدى أحد مركزه و بالتأكيد لا يخشى من أن يزعزع أحد التاريخ الذي بناه، جابا علم علم اليقين أن معلمه كان مصاب بالهلع لأنه يعلم أن إختيار الحقيقية جاء متأخراً جداً، فجابا بنى اعمدته بقانون الجاذبية بالفعل.

حتى لو استطاع إستعمال قانون الحقيقة السيادي الآن فسيكون بشكل جانبي و لن يتمكن من إتتباع هذا المسار أبدا، سيبقى للأبد يستعمل المستوى المبدئي من عين الحقيقة ليرى بها الدرجة الأولى من بقية القوانين، و ربما الدرجة الثانية لو وضع بعض الجهد… لكن هذا كل شيء.

الأمر كان يمكن تقبله بشكل أفضل لو لم تعترف به الحقيقة اساساً، يمكن القول إنه مشيئة القدر أو أن إختيار جابا من البداية لهذا الدور كان إختيار خاطئ و أنه يصلح أفضل لمكانة جينرال أو قائد، لكن الآن و قد اختارته الحقيقة، شعر روبين أن هنالك شيء كبير قد فات تلميذه.

أطلق جابا تنهيدة طويلة راضية، “لا داعي للوم أحد على اكتسابي للحقيقة بشكل متأخر يا معلمي، خاصة ليس نفسك، لقد أعطيتني كل خبراتك و معلوماتك و لم تبخل علي بإجابة أي سؤال. أنا من مللت من الإنتظار لأني اعتقدت أنه ما لم احققه في عشرون عام لن يأتي أبداً و اخترت إستعمال قانون الجاذبية لأقوي نفسي بسرعة. ثانياً، أليس إستعمال عين الحقيقية المبدئية جيد أيضاً؟ أنا الآن لدي نفس قدرة مختار السماء الأول الذي غير هيكل كوكب نيهاري للأبد، هو أيضاً إستخدم قانون الحقيقة بشكل متأخر و إمتلك فقط أعين الحقيقة المبدئية طوال حياته القصيرة، طوال عمري كنت أسمع عن ذلك الكيان و انظر له بتبجيل، لكني الآن مثله! طوال تاريخ كوكب نيهاري الطويل كان هنالك إثنان فقط لديهم هذه العين، و أنا الثالث، أليس هذا شيء يدعو للفخر؟ …و كل هذا بفضلك، معلمي.”

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
2 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
MR.M
2 شهور

شكرا على الفصل

Meshari
26 أيام

شكرا

-+=