“الاخ جابا… هو….” عقدت زارا حواجبها و نظرت للأسفل
قلب روبين دق بقوة عندما رأى رد الفعل تلك ثم سأل بوجه خالٍ من المشاعر، “زارا… هل مات جابا؟”
في الحقيقة فورما تذكر مظهر جابا ذلك اليوم و سأل عليه كان مستعد ليسمع انه مات متأثراً بجراحه
في ذلك الوقت كل اوعية دماءه كانت مدمرة، عظامه تضائلت و لحمهُ اختفى تقريباً فصار جلد على عظم… مظهر جابا آن ذاك يشبه شخص تعرض لتعذيب شديد لألاف السنين و ليس شخص كان يقاتل لنصف ساعة!
” لا لا لماذا قد تقول شئ مشؤوم كهذا؟ الاخ جابا حي، لكن… لا اعرف ماذا اقول…” لوحت زارا يدها بسرعة ثم عادت للنظر للأرض مجدداً ثم بدأت تأكل احد اظافرها و كأنها تفكر بجدية
اما روبين فأغلق عينه للحظة و اطلق تنهيدة كبيرة عندما سمع ان جابا ما يزال حي، مع ان علاقته بجابا لم تكن قوية مثل علاقته بقيصر مثلاً إلا انه ما يزال يحتل مكانة كبيرة عنده
“طالما هو حي فلا شئ اخر يهم، فقط قولي ما تعرفيه و انا سأرتب الاحداث بطريقتي.” طمأن روبين إبنته بالتبني
“اممم حسناً سأحاول، مع اني لم اكن موجودة ذلك اليوم لكن سأخبرك ما سمعته من البقية… بعد المعركة ذلك اليوم انشغل الجميع في محاولة علاج المصابين خاصةً حضرتك و جابا، انت وضعك كان اسهل هم فقط حملوك و جلبوك لهذه الخيمة ثم بدأتوا بضخ الطاقة فقط جسدك و معالجة جراحك الخارجية حتى وصلت، اما الاخ جابا كان وضعه اغرب قليلاً…”
“… ظل الاخ جابا ساقطاً على ركبته و فاتحاً عينيه و فمه و هو ينظر نحو السماء بذهن شارد، إعتقد الجميع ان هذه احد اعراض التقنية التي إستخدمها و حاولوا حمله و جلبه إلى هذه الخيمة معك، إلا انه كلما اقترب احد كان يرفع الاخ جابا يده قليلاً مشيراً بالرفض، او يرسل بعض الطاقة للسع اليد التي تقترب منه، مع انه لم يتحرك خطوة او يغير ملامح إلا انه كان يرفض التحرك من مكانه بشكل واضح، لذا تراجع الشباب وقتها بناءً على رغبته و بدأوا بإرسال طاقة الحياة لجسده من بعيد لدعمه، كانوا يظنون انه يقوم بشئ لعلاج نفسه و سينتهي سريعاً و يسمح لهم بحمله، لكن هذا لم يحدث..”
ثم اكملت، “بعد عدة ايام، وصل الاخ الاول قيصر و رأى ما يحدث، مع ان الاخ جابا كان ما يزال مغطىً بالدماء و التراب و جسده بدى و كأنه على وشك الانهيار إلا انه كان واعٍ بلا شك، لذا أمر الاخ قيصر ان يتم بناء خيمة حول جابا و عدم ازعاجه مجدداً حتى يقرر هو التحرك، و تم تعيين ثلاثة حكماء من فيلق الحياة لمرافقة جابا في الخدمة و الاشراف على احتياجاته الجسدية من بعيد.”
اومئ روبين بضع مرات، ” لو كنت مكان قيصر كنت سأفعل المثل، جابا ليس صغير حتى لا يعرف ما هو النافع له، طالما لا يريد التحرك فيجب احترام ارادته، ما الذي حدث بعدها؟”
“الاخ جابا ظل في حالته الغريبة تلك لمدة شهرين اضافيين، بعدها في احد الايام قام فجأة و خرج ليستحم ثم أكل وليمة كبيرة مع ضباط الفيلق السادس و جاء ليطمئن عليك.”
رفع روبين حاجبيه و تكلم مبتسماً، ” هذا ممتاز! لماذا كنتي تترددي في اخباري اذاً؟” روبين كان سعيد جداً حالياً، بعد مقدمة زارا في البداية كان مستعد لسماع ان تلميذه قد مات او فقد عقله كلياً
“امم كنت مترددة لسببين، الاول انه بعد خروجه ذلك اليوم رجع لخيمته و لم يخرج بعدها.”
“..لم يخرج من خيمته منذ حوالي 20 شهر؟” ضيق روبين حاجباه قليلاً، هذا فعلاً مدعاة للقلق
“إنن، هو طلب من حكماء فيلق الحياة الانصراف ليكون وحيداً بالكامل، و حالياً نعرف فقط انه ما يزال موجود في الخيمة عن طريق اوعية الطعام التي تخرج فارغة من خيمته بعدما تدخل ممتلئة.” اومئت زارا، حالة الجينرال جابا كانت مدعاة للحيرة و القلق بين الجميع، البضع يشبه ما يفعله بـ ما يفعله امبراطورهم روبين احياناً!
“ما هو السبب الثاني؟” اخذ روبين ينقر على ذقنه و سأل
“السبب الثاني.. مظهره عندما خرج ذلك اليوم كان…” بدت زارا و كأنه تحاول اختيار كلماتها بعناية شديدة
” كان ماذا؟”
“..ربما عليك ان تراه بنفسك، الشرح لن يفيد.” هزت زارا رأسها، ” هل استدعيه لك؟”
“لا داعي لعله يقوم بشئ مهم، انا سأزوره.” تكلم روبين ثم وقف بصعوبة و إستند على زارا
توقف روبين للحظة قبل خروجه من الخيمة، “اعلم ان الشكر بين العائلة غير ضروري، لكن شكراً لك… اعلم ان العامين الماضيين لم يكونا بالحمل الخفيف عليك.”
“ما الذي تقوله يا ابي؟ انت دائماً في عزلة او ترتحل ولا اراك الا نادرا، البقاء بجانبك لعامين كاملين كان حلم يتحقق و ليس عبئ ابداً هيهي.” احم وجه زارا قليلاً و احتضنت ذراع روبين التي كانت تمسكه اكثر
عندما سمع روبين كلمات زارا اطلق تنهيدة طويلة و قبل جبهة زارا برفق، “…لم يكن القدر لطيفاً معي منذ قررت سلوك هذا الطريق، لكنه عوضني كل ما حصتي من الحظ دفعة واحدة عندما اختارك لتكونين إبنتي.”
لم تقل زارا شئ اخر بعد كلمات روبين، فقط رفعت رأسها و نظرت نحو بعينان مليئتان بطبقة من الدموع و إبتسامة راضية… ماذا يكون تعب العامين مقابل سماع تلك الجملة؟
بعدما خرج روبين من الخيمة مباشرةً وجد بضع حكماء في الدرع الذهبي الكامل ينحنون امامه مبتسمين، ثم رأى بحر من رجال و نساء الفيلق السادس يهللون نحوه، شائعة قيام الامبراطور قد انتشرت بالفعل في انحاء المخيم لكن رؤيته يمشي وسطهم كانت لها وزن اخر، هذا هو الشخص الذي انقذ حياتهم ببضع تلويحات من رمحه الاسود الاسطوري!
روبين اكمل طريقه و هو يستند على زارا بيد و يلوح لأفراد الفيلق السادس باليد الاخرى حتى وصل لخيمة اخرى لم تكن بالبعيدة، خيمة اُقيمت في نفس البقعة التي كاد يسحق فيها الجينرال جابا سيد الحرب
روبين وقف بضع ثوان اضافية امام الخيمة، يستعد نفسياً لما هو على وشك ان يراه، ثم اخيراً رفع يده من على زارا و ربت عليها لتنتظره في الخارج، ثم تقدم…
فورما دخل روبين وقعت عينه على شاب يبدو في العشرينات من عمره، الشاب كان لديه شعر طويل مُضفر في وسط رأسه و كان حليق الشعر من الجانبين، بشرته ليست سمراء او بيضاء بل حنطية و يوجد وشم يمتد على رقبته، كان طويلاً بالنسبة لذكر بشري لكنه لو وقف بين الفيلق السادس لن يكون مميز وسطهم
جسده لم يكن نحيف او مفتول العضلات بزيادة بل بدى متناسقاً ممتع للنظر، الشاب كان يجلس على الارض في وضعية تأمل و ينظر بعينان تتوهجان باللون الاخضر نحو راحة يده التي كانت تقطر دماء على ارضية الخيمة
“…جابا، أهذا انت؟”
الموضوع التاليالموضوع السابق