*ما الذي…؟!* روبين أخذ ينظر حوله كالمجنون يراقب التغيرات التي ما تزال تحصل لنطاق روحه.

ثم أخيراً رفع يديه الصغيرتين و أخذ يقلبها و كأنه يراها أول مرة، *هذه هى روحي المبدئية، كل قوة الروح التي جمعتها منذ وُلدت تحولت لتشكيل هذا العالم داخل نطاق الروح و تركت الروح المبدئية عارية بالكامل، لكن… لماذا أشعر أن روحي المبدئية المجردة الآن أقوى بكثير من قوة روحي الكلية قبل الحادث؟ ما الذي حدث بالضبط؟!*

بعد فترة غير معلومة أرغم روبين نفسه على التحرك و هبط أخيراً على أرضية نطاقه الروحي الجديدة، قبل انفجار جسده الروحي قبل قليل كان النطاق عبارة عن ضوء أبيض بدون ملامح لا سقف له ولا أرض، لكن الآن الوضع اختلف.

ثم مد يده نحو الارضية و أخذ حفنة من التراب وبدأ يتفحصها، بعد دقائق عقد حاجبيه قليلاً، *إنها طاقة روحية خالصة..*

ثم بعد ذلك تمشى نحو البحيرة ففحص المياه، و نحو الغابة فبحث في ثمارها، و كل مرة يجد نفس النتيجة المتوقعة… كل شيء في عالمه الروحي الحالي مصنوع من الطاقة الروحية الخالصة!

*نظرياً يمكنني امتصاص كل شيء هنا و اغطي به روحي المبدئية مجدداً، ألا يعني هذا أني سأكتسب نفس قوتي الروحية السابقة و سيرجع النطاق إلى حالته الأولى؟ ما كان الفائدة من كل هذا إذاً؟* أخذ روبين ينظر حوله مندهشاً.

*… لا داعي لإمتصاص تلك الطاقة مجدداً للأن، أشعر أن روحي المبدئية أقوى بكثير الان سأتركها على هذا الحال حتى احتاجها يوماً ما، طالما هي في نطاقي الروحي فلن تذهب في أي مكان.*

أظهر روبين إبتسامة كبيرة و هو ينظر حوله، هذا العالم الفريد في نظره الآن أصبح احتياطي طاقة روحية جاهز للإستهلاك في حالة أنه أحتاج للعلاج.

على الاقل هذا كل ما يمثله هذا العالم الآن حتى يجد له إستعمال حقيقي لاحقاً…

فمن غير المنطقي أن عالم روحي مذهل كهذا سيظهر فجأة فقط حتى يكون مستودع طاقة لعلاج إصابات الروح، لابد أن هنالك استخدامات أخرى له لم يكتشفها بعد!

ثم اخيراً وجه نظره للشيء الوحيد المختلف داخل نطاقه الروحي، الغيمة الرعدية الداكنة التي تحتوي قوة هوفنهايم، و بدأ يتقدم نحوها مجدداً…

الغيمة الآن أصبح حجمها 20% تقريباً من حجمها الرئيسي، لكنها مع ذلك غطت جزء ليس بالقليل من عالم النطاق، بدى و كأنه جاهزة للفتك به في أي لحظة

لماذا يمتص قوته الروحية الخاصة مجدداً طالما هذه الغيمة الداكنة الدخيلة ما تزال موجودة؟ هو تمكن امتصاص80% خلال سنوات من العزلة و التركيز، هو غالباً سيحتاج أكثر من عام من العزلة التامة ليمتص الباقي، و عندما ينتهي سيعود جسده الروحي ليكون عملاق مجدداً، حتى إن لم يصل لإرتفاعه السابق فلن يكون بعيد جداً!

رفع روبين يديه قليلاً و أعطى الأمر، دوامات عديدة بدأت تخرج من الغيمة مجدداً و تتصل بجسده الروحي الصغير مستعدة لتحويل قوة تلك الغيمة الداكنة لتكون خاصته، لكن شيء غريب حدث هذه المرة.، *…ايه؟*

*ووووووش*

الغيمة الداكنة أخذت تتضاءل بسرعة هائلة.

20%… 15% ..10% .. 5%..!!

هذا لم يعد امتصاص دقيق طويل الأمد بعد الآن بل بدى كحوت يفتح فمه ليبتلع دلو مياه!

في غمضة عين الغيمة الداكنة هائلة الحجم اختفت من النطاق.

حتى بعد اختفاء الغيمة الداكنة روبين ظل ينظر مكانها بفم مفتوح، كل شيء حدث بسرعة جداً لدرجة أنه لم يكن لديه الوقت الكافي لإيقاف العملية حتى لو أراد

مجدداً عاد ليقلب يديه و ساقيه و ينظر نحوهما ليجد التغيرات التي حصلت لجسده الروحي، لكن لم يكن هنالك أي تغيير يذكر، نفس النسخة المصغرة الفضية ما تزال موجودة، أو ربما إزدادت طولاً ببضع مليمترات هذه المرة…

الجدير بالذكر أن الاشجار في النطاق إزدادت طولاً و البحيرة إزدادت إتساعاً، حتى الجبال شهقت إرتفاعاً!

إستمر روبين في النظر حوله كأنه غريب في بلاد اجنبيه، كل ما يحدث كان غريباً عليه، لم يسبق لأحد في أي كوكب ذهب إليه أن أختبر شيء كهذا، على الأقل لم يذكر شيء كهذا في أي مخطوطة

بالطبع وجود نطاق الروح نفسه كان مجهول بالنسبة له حتى التصادم مع هوفنهايم، لكنه دخل نطاق روح هوفنهايم و لم يجد اي شئ قريب من هذا القبيل!

*… شيء آخر لأحقق في أمره.* تنهد روبين في النهاية و هز رأسه، الحِمل صار ثقيل جداً.

مع أنه منذ دخل النطاق لم يشعر بالوقت و إستسلم بالكامل لتقنية ملئ الروح، إلا أنه بالتأكيد مرت عدة اشهر على إغماءة، كل يوم يمر يقربه أكثر فأكثر لحرب نيهاري، الحرب المصيرية التي سينهي بها وعده، الحرب التي عليه أن ينقذ فيها ابنه، الحرب التي لم يعد لها شيء يذكر بعد…

لو عمل قائمة بالأشياء التي عليه قضاء وقت ليبحث فيها ليزيد قوة الإمبراطورية في أسرع وقت ممكن فهذه القائمة لن تنتهي، لذا سيتحتم عليه إختيار بضع أشياء منها و يترك الباقي جانباً حتى يصبح لديه بعض وقت الفراغ، هذا إن نجى من الحرب و حصل على وقت فراغ أساساً…

بعد نظرة أخيرة حوله، روبين تنهد، ثم أغمض عيناه و قرر الخروج من نطاق الروح، الغموض هنا يجب أن يستمر إلى وقت لاحق.

فوراً بعدما خرج وعي روبين من نطاقه الروحي عاد للسيطرة على جسده و حاول التحرك، الفارق أن هذه المرة أخيراً نجح..

“إنننـ…”

“أبي!!”

————-

ساعدت زارا والدها بالتبني على الجلوس و جلبت له أخيراً بعض الطعام و الشراب الحقيقيين و بدأت تطعمه مما أثار فضول الحراس في الخارج.

عندما تأكدوا من زارا أن معاليه أخيراً إستفاق، بدأت الأخبار تنتشر سريعاً أن معاليه قد استيقظ مما نشر موجة من الإحتفال و الترقب في نفس الوقت في أنحاء كوكب جرينلاند.

أما روبين فقضى أول بضع ساعات بدى فيها و كأنه يحاول التعود على جسده من جديد، حتى هو نفسه إستغرب و سأل زارا، “ارغغ… لماذا أشعر أني كنت نائم لأعوام؟”

“لأن هذا ما حدث تماماً، أنت في هذه الحالة منذ عامين.” هزت زارا رأسها برفق و اجابت، لكن ملامحها لم تستطع اخفاء بعض القلق.

“عـ عامين؟! ماذا حصل في الحرب؟!”

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
2 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
MR.M
2 شهور

شكرا على الفصل

Meshari
26 أيام

شكرا

-+=