في نفس الوقت في كوكب نيهاري– المنطقة الشمالية– داخل عاصمة قبيلة عزيل

“صاحب الفخامة، طبيب اللهب الأخضر قد جاء لرؤيتك.” دخل عجوز من عمالقة نيهاري ذو ملامح حادة و انحنى انحناءة كاملة

اي شخص لديه معرفة بالتاريخ سيعرف ان هذا العجوز الذي يتصرف كخادم هو في الحقيقة سفاح الألف وادي، شخص لديه الدرجة الثالثة من وشم تقوية الجسد الإلهي و يمكن اعتباره في قمة نطاق تنين -حكيم-، اكتسب شهرته على مدار الألفي عام الماضيين عبر قتل و نهب اي منطقة تقع عينه عليها، تقول الشائعات انه قتل على الأقل مليون شخص بيديه العاريتين. لا احد يعرف ما إن كانت هذه حقيقة ام لا، إلا ان إسم سفاح الألف وادي كان كفيل بدب الرعب في قلوب كل الأجناس المتدنية و حتى العمالقة انفسهم، حتى اختفى هذا الإسم تدريجياً من الساحة قبل مئتي عام.

و المكان الذي دخله ذلك العجوز لم يبدو كشيء عادي أيضاً… كانت قاعة في قصر ضخم، لكن أي أحد سيرى هذا المكان سيشعر ان إطلاق مسمى قاعة استقبال عليها تقليل بحقها… إرتفاع باب القاعة وحده كان يفوق العشرون متراً، اما مساحتها فتشغل عدة أفدنة، كانت معظمها فارغة و لا تحتوي على أثاث أكثر من المتواجد في أي قاعة استقبال عادية، لكن كل قطعة من ذلك الأثاث تصرخ بالفخامة و البزخ الشديد

“ادخله.” و في وسط هذه القاعة كان يجلس شخص يبدو في متوسط العمر من جنس عمالقة نيهاري على كرسي فخم بدى و كأنه عرش مصنوع خصيصاً من أجل حاكم هذا العالم، و الشخص نفسه كان مستريح على عرشه ينظر للسقف بملل.

كان يرتدى ثوب طويل احمر، اصابعه ممتلئة بالخواتم الضخمة اللامعة، و هنالك وشم إلهي خاطف للنظر يصعد من رقبته و يغطي على نصف وجهه الأيسر

و هالته… من يدخل هذه الغرفة، إن لم يشعر بالضغط من مدى عظمة محتواها، فالتأكيد سيخر راكعاً عندما تقع عينه على ذلك الشخص!

تراجع العجوز عدة خطوات بينما ما يزال في وضعية الانحناء حتى وصل للباب، و بعد دقائق دخل و معه شاب يبدو في العشرينات من عمره.

الشاب كان ينقصه كف و ساعد في ذراعه الأيسر بينما ذراعه الآخر ينقصه بضع أصابع، و من مشيته واضح أن كفوف أقدامه أيضاً ناقصة، لكن مع ذلك دخل بإبتسامة رقيقة على وجهه، من يكون غير ريتشارد؟

“دعنا وحدنا.” الشخص الجالس على العرش رفع إصبع فقط و أشار نحو الباب، ” لو تعرضت لأي إزعاج حسابك معي سيكون عسير.”

“بالطبع يا صاحب الفخامة، بالطبع!” عاد العجوز للإنحاء و التراجع ببطء مجدداً.

“صباح الخير يا صاحب الفخامة، قيل لي أن فخامتك تأمر بحضوري بشكل عاجل في اللحظة التي وصلت فيها لإقامتك الغير دائمة.” ظل ريتشارد واقفاً مكانه حتى وصل العجوز للباب و أغلقه خلفه، ثم تكلم مبتسماً

“اقترب، لا داعي للخوف.”

“حاضر! فخامتك، هل يمكنني أن اعرف سبب إستدعائي؟ لا يُعقل ان فخامتك جئت لزيارة قبيلة عزيل من أجل رؤية هذا الكائن الضعيف فقط، صحيح؟ فحسب علمي فقوة حياة فخامتك ما تزال في أوجها، كما ان لا احد في هذا العالم يمكنه إيذائك أو تسميمك، أتسائل كيف يمكن لهذا الكائن الوضيع مساعدتك؟ ” بدأ ريتشارد يتقدم نحو العملاق الجالس على العرش و هو يعرج و تكلم بنفس الإبتسامة الطيبة على وجهه، “اوه، هل فخامتك يريد تجربة اللحم الشهير؟ كان عليك فقط إرسال أوامرك يا صاحب الفخامة و كنت سأقطع لك بنفسي أكثر قطعة يمدحها الجميع، الفخذ! أعتقد ان فخامتك تريد مشاهدتها و هي تُقطع بشكل مباشر حتى تتأكد إنها طازجة؟ هيهي لا بأس هذه ليست أول مرة تأتيني أوامر كهذه.”

أخيراً وصل ريتشارد لطاولة أمام العرش ثم وضع قدمه فوقها، ثم رفع كف يده و هب لينزل بها ليكسر عظام فخذه و يزيل اللحم بضربة واحدة، فعلها و هو ما يزال مبتسماً و كأن ما سيفعله الآن شيء عادي جداً لا يستحق التفكير مرتين.

باا

في تلك اللحظة تحرك الشخص الجالس على العرش بسرعة و أمسك يد ريتشارد قبل أن يلمس فخذه

“ما الذي تفعله يا صاحب الفخامة؟ هل تريد قطعة غير الفخذ؟ رجاءً فقط أشر عليها و انا سأجلبها لك، لكن ارجوك دعني أتم القطع بنفسي حتى لا تحدث مضاعفات خطيرة تفقد هذا الكائن الوضيع حياته.” فوجئ ريتشارد بما حدث للحظة لكنه بسرعة ترجى الشخص الجالس على العرش و حاول إبعاد يده بهدوء لكنه لم يستطع، يد عملاق نيهاري ذاك كانت كافية لتغطيه ذراع ريتشارد بالكامل…

هو جرب هذا الموقف مرات لا تحصى، عندما يبدأ أكلي لحوم البشر من بين عمالقة نيهاري بالقطع و يشمون الدماء و هي تسيل و يرون اللحم و هو يُشرح تثار غرائزهم ولا يكتفون بمجرد أخذ قطعة. آخر مرة طُلب منه الحضور أمام شخص من هذا المستوى كاد أن يلقى حتفه بسبب فقدان الدم و الألم المفرط.

لم يرد العملاق على ريتشارد، هو فقط قام من مكانه و ابعد يد ريتشارد برفق، ثم ساعد ريتشارد ليجلس على العرش بدلاً منه.

ثم تابع ريتشارد بنظرة تملأها الصدمة و الفضول و هو يراقب العملاق يجلب كرسي آخر بالكاد أقل شأناً من العرش نفسه و يضعه أمام العرش، ثم وقف العملاق بجانب ذلك الكرسي بدون حراك و كأنه ينتظر مجيء شخص…

“..فخامتك؟!” ريتشارد لم يكن يدري ماذا يقول، هو يعرف هوية ذلك العملاق جيداً و يعرف أنه لا يوجد أحد في كوكب نيهاري كله لديه المؤهلات لتجعله ينتظره واقفاً، بل لماذا أجلسه على العرش مكانه؟!

بززززت

“لماذا الدهشة يا صاحب السمو؟ لا داعي لأن تستنقص من قيمتك فقط لأن أولئك الحوش لا يعرفون من تكون، ما المشكلة أن وقف عاهل الشموس التسعة للحراسة؟ طالما أمير إمبراطورية البداية الحقيقية جالس سيبقى هو واقف، هكذا يجب أن تسير الأمور من البداية.”

صدمة ريتشارد إزدادت مجدداً عندما رأى شخص يخرج من ظل العملاق و بدأ بالتحرك حتى ذهب و قَبل رأس ريتشارد شارد الذهن، ثم جلس على الكرسي الفارغ امامه، بينما ظل العملاق واقف كأنه حارس.

ذلك الشخص كان في مثل طوله تقريباً، شعره أسود طويل و عيناه شديدتا السواد و كأنهما قاع بئر

“…الـ (الاخ) الثاني ثيو؟!”

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
2 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
MR.M
2 شهور

شكرا على الفصل

Meshari
26 أيام

شكرا

-+=