*قعقعة*

السماء أخذت تنتفض و الشقوق فيها تتزايد، الزلازل ضربت الأرض كما لم تضربها من قبل، حتى البحيرات شكلت دوامات و الهواء شكَل أعاصير، المنطقة كلها بدت في حالة فوضى عارمة، كلا، بل الكوكب كله كان يعاني بطريقة أو بأخرى!

لكن أعين الجميع كانت ما تزال مُركزة على الكائنات الشبحية العملاقة في الأعلى… حضورهم و أشكالهم أدخلت الرعب في قلوب أعتى الحكماء بالفعل، جميعهم أيقنوا أنهم سيُبادوا جميعاً بتلويحة واحدة من يد اياً من تلك المخلوقات.

*بزززت*

اللحظة التي كان ينتظرها الجميع حانت، الكائنات الشبحية العملاقة بدأت برفع أحد أطرافها و توجيهها للأسفل، ضفائر طاقة غريبة بدأت تتسرب من أيديهم نحو ساحة المعركة!

“ااه.. اه…”

“تـ.. تراجعوا.. تراجعوا!!”

جنود الفيلق السادس صمدوا لحوالي الساعة أمام البرعم العملاق و جحافل البراعم في معركة جحيمية لم يفكر واحد منهم بكسر التشكيلة، لكن الآن كلاٍ منهم بدأ بالركض في إتجاه عشوائي!

“هاهاها هل أدركتم مدى صغركم الآن و أنتم تقفون في حضرة سحرة عالم جرينلاند؟ هااااهاها لن يهرب أحد اليوم!!” البرعم العملاق ضحك بشكل هستيري و ضرب الأرض بقدميه.

جدار من الجذور العتيقة خرج في لمح البصر و أحاط بساحة المعركة، ثم أخذ يرتفع بسرعة حتى أصبح من الصعب حتى على الحكماء الطيران من فوقه!

“هاهاهاها أجل! أجل!! هذا العالم سيكون ملكي هاهاها.” البرعم العملاق الآن لا يبدو اسوأ بكثير من ظهوره أول مرة، كل جراحه الثقيلة التي عانى جابا ليصيبه بها قد إلتئمت تقريباً.

“لااااااااااا!!!!”

“اتركني! اتركني!! لا أريد أن أصير مثلهم!!! اااععععااااا!!!!”

في تلك اللحظة و أثناء انشغال أفراد الفيلق السادس في محاولة ثقب الجذور للهرب سمعوا صرخات يائسة، صرخات بلغة سكان جرينلاند…

عندما نظروا ورائهم جميعاً رأوا منظر غريب… كل الطاقة التي ارسلتها الكائنات الشبحية العملاقة – أو السحرة- للأسفل تمركزت في خمس بؤر متجاورة في وسط الساحة، قامت بتشكيل ما يشبه مجسات الاخطبوط و بدأت تسحب البراعم عالية المستوى نحوها.

كلما أقترب برعم لمسافة كافية يختفي الوعي من عينه كلياً و يتوقف عن الصراخ، قبل ان يتم إلقاءه كقطعة قمامة نحو البؤرة…

البراعم الباقية كلها سقطت في حالة من الهلع و انضموا لجنود الفيلق السادس في محاولة إيجاد حل للهرب من سجن الجذور!

الوضع الفوضوي الغريب ترك عقول جنود الفيلق السادس عاجزة عن استيعاب ما يحدث، تلك المعركة القصيرة التي بدأت من حوالي الساعة مرت بالكثير من التلقبات لدرجة أنه يمكنهم الحكي عنها لعدة أجيال من الأحفاد!!

لكن الصدمات لم تتوقف عند هذا الحد، في تلك اللحظة صدر صوت هز المنطقة بالكامل، “هوفنهايم، هل تجرؤ؟ انت تضر بالشيء الذي سعيت طول حياتك للحصول عليه!!”

نظر البرعم العملاق للأعلى و صاح مبتسماً، ” و لما لا اجرؤ؟ ألم ترو أنهم كانوا على وشك قتل سيد الحرب الأول الخاص بي؟ أليس من الطبيعي ان أصنع غيره؟”

صوت آخر صدى في السماء، ” أوقف هذه الحماقة الآن! أسياد الحرب غير قابلين للتدمير، لو كنت وقفت مكانك بهدوء فحسب كان ذاك المخلوق الحقير سيفقد قوته و عندها ستستطيع الوطئ عليه بسهولة! هل حقاً ستتخذ هذا الهراء ذريعة لصنع خمسة أسياد حرب اخرين؟ انت بالفعل تسببت في إيقاف عملية الصقل لآلاف السنين بصنعك لسيد الحرب الأول، لكنك تريد مضاعفة هذه المدة لخمس مرات؟ لا، بل انت ستسبب في ضرر دائم لعالمنا بهذا الشكل! انت جننت رسمياً!!”

“همف، كان عليكم قبول إرسال المساعدة منذ البداية، انتم لم تريدوا المساعدة و الآن تمنعوني من مساعدة نفسي؟ تعتقدون إني سأنهك نفسي في هذه الحرب ثم يأتي ستتكم لتقضوا علي بعدها؟ تباً لكم! لم أعد بحاجة لكم، يمكنني حماية نفسي بنفسي!”

صوت ثالث ظهر، هذا حاول التظاهر بأنه أكثر هدوءً، ” تعقل يا هوفنهايم، إستخدام السحرة يعد انتهاك لقوانين الطبيعة بما فيه الكفاية، انه يسبب أضرار لقوانين العالم و بالتالي يُحْدِث أضراراً لروح العالم… ألم يكفيك صنع سيد حرب واحد؟ الإستمرار في الأضرار بروح العالم يعد خرق واضح لكل ما يمثلنا، إن لم توقف صنع أسياد االحرب الخمسة الجدد فوراً فستتخذنا جميعاً أعداء لك.”

*بزززززززتتتتــــــــ*

“ااااااااااااه”

” تتخذوني أعداء؟ هاهاها بل أنا من سيأتي خلفكم! أريد أن أرى كيف ستتصدوا لأسياد الحرب الست!” فتح البرعم العملاق الذي يطير عليه هوفنهايم يديه على اخرهما و ضحك بصوت عالٍ، “بعدما اقضي عليكم و على بقية البشر الحثالة سيخلوا لي العالم حينها، و ماذا إن كان علي الإنتظار لمئة أو مئتي الف سنة أخرى لأتابع عملية الصقل؟ عندها كل شيء سيصير ملكي! هاهاهاها”

“هوفنهايم أيها الحثالة الغبي! يستحيل أن تكون هذه الفكرة وليدة اللحظة، أهذا ما كنت تفكر فيه منذ البداية؟ أتحسب أن روح العالم ستغفر لك قتل كل المخلوقات الذكية؟ ألم ترى كيف عوقبنا على ما فعلناه بجنس الترينت؟ روح العالم ستقضي عليك بلا شك!! و ماذا ستفعل في عملية الصقل لو كنت لوحدك؟ نحن نساعد بعضنا على صقل روح العالم منذ مئتا الف سنة و لم نصل لربع المشوار بعد، و أنت الآن قمت بالتضحية بكل ما صقلته من أجل إستدعاء تأثير السحرة، تعتقد أنه يمكنك البدء من جديد وحدك؟ لا يوجد خلود في هذا العالم، ستموت قبل ان تصل لأي شيء!!” صوت جديد صرخ بقوة، مع أنه كان يحاول إخفاء الأمر إلا أن القلق و الغضب كان بادٍ في صوته، ” ثانياً، أتحسبنا سمكة على لوح التقطيع؟ حتى لو معك ستة أسياد حرب، لن تتخطى جيوشنا مجتمعة!”

“همف، تهددني بروح العالم؟ يستحيل أن تقتل الروح آخر كائن حي ذكي في العالم، قد تعاقبني فقط و تبدأ بمحاولة إنتاج جنس ذكي اخر، لكن سنرى ما إن كانت ستنجح و أنا موجود! أما ما سأفعله بعد القضاء عليكم لا دخل له بكم، و أيضاً… هاهاها تقول ان اتخطاكم؟ ستوقفني بإستعمال ماذا؟ انا أعرف كل شيء عنكم، هؤلاء الغرباء لديهم جيوش يمكنها سحقهم كلكم، لكن انظروا لحالهم الآن،”” ثم أشار البرعم الضخم نحو المكان الذي يقف فيه روبين، ” انظروا! انظروا لليأس الذي يوضع فيه أعدائي!! أنظروا للـ..ايه؟”

عندما لاحظ العملاق ملامح روبين أخيراً وجده يبتسم.

لا، ليست مجرد … لم تبدو كأنه يبتسم إبتسامة تحدي او ثقة مثلاً.

روبين عملياً كان يبتسم من الأذن للاذن وهو يحدق نحو البؤر الخمسة بعيناه الامعتان… في تلك اللحظة بدى إمبراطور البداية الحقيقية و كأنه طفل صغير حصل على لعبة جديدة.

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
2 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
MR.M
2 شهور

شكرا على الفصل

Meshari
22 أيام

شكرا

-+=