مبنى المقر الرئيسي: مبنى مكون من 4 طوابق تم بناؤه على يد الحدادين الإلهيين فوق التلة المنحدرة، الهدف منه هو جمع كل الإداريين و اللوجستيين في مكان واحد ليسهل التنسيق بينهم و إيجاد أفضل الحلول من أجل الجيش، و في نفس الوقت يكونوا داخل مبنى آمن من الهجمات الخارجية، فحتى لو دُمر التل تماماً سيبقى المقر و من فيه بخير!

مع أن روبين رأى مبنى المقر عدة مرات خلال السنوات الماضية، إلا أن هذه أول مرة يدخله فعلياً، المبنى من الخارج يبدو مبهرجاً و هادئاً، لكنه من الداخل عبارة عن خلية نحل!

لم يكن هنالك واحد وقعت عينه عليه لا يصرخ على زملائه ليفعلوا شيئاً أسرع، أو يُدوّن شيئاً بيده، أو حتى يشد شعره!

“أممم.. نأسف أنه تحتم على معاليك رؤية هذا المنظر…” إيميلي كانت تأمل في هذه اللحظة أن تنشق الأرض و تبتلعها، إنها المسؤولة عن كل شيء موجود داخل المقر، لكنه مع ذلك يبدو كسيرك.

“هاها، المكان يبدو حيوياً جداً، و كل واحد يقوم بشغله على أكمل وجه، على ماذا تعتذرين؟ فقط تأكدي من إعطائهم المكافآت المناسبة لعملهم.” ضحك روبين بصوت عالٍ و هو ينظر حوله، مرت فترة طويلة منذ دخل مكان مليء بالناس هكذا و لم يعبأ أحد به، انشغال موظفي المقر جعلهم لا يملكون الوقت حتى للنظر حولهم، ”لكن.. هل يوجد مكان لي حتى؟”

“بالطبع معاليك، رجاءً تفضل معي للطابق الثالث.” بفرح و ترقب، أشارت إيميلي لروبين نحو السلم، بكل دقيقة تمر تشعر أن الشائعات عن برودة و دموية إمبراطور يورا ليست في محلها تماماً.

الشخص الذي أخذ قراراً أن يصبح بلا مثيل، فظل منعكفاً على أبحاثه في كهف لأكثر من قرن… الشخص الذي هاجم ممالك أخرى عندما كان يافعاً لأنهم أغضبوا إبنه بالتبني… الشخص الذي أعطى الأوامر بقتل أخيه من أباه و أمه و تعليق جثته لأسابيع لأنه يشك بخيانته… الشخص الذي جلب عفاريت من عالم آخر و قتل عشرات ملايين البشر لينتقم لعائلته!

كل واحدة من هؤلاء، و أكثر من الشائعات و الأساطير المنتشرة عنه في يورا كلها، يمكنها إيصال طبيعة روبين الحازمة، الانتقامية و سريعة الغضب.

حسناً، أعتقد أنه لا يمكن الحكم على شخص إن لم أعش ما عاشه.. فكرت إيميلي و هى تقود روبين للأعلى، ما تزال تتصبب عرقاً خفيفاً…

بعد اقتياده للطابق الثالث، تم تعريفه على ثلاث أشخاص مختصين في أرشفة الملفات القديمة و ترتيب المعلومات و الأخبار المشتتة، يمكن اعتبارهم نوعاً ما من المؤرخين قصيري المدى، و مهمتهم هى توفير الصورة العامة للجينرالات عن وضع الإمبراطورية ليأخذوا قراراتهم بشكل أفضل… بعد الفزع و التخوف المبدئي، تمكن روبين من تهدئتهم و إقناعهم أن يعودوا لما كانوا يفعلوه، و أن يجلبوا له كتاباتهم بالترتيب فحسب، و أول شيء تفحصه كانت الأخبار عن كوكب نيهاري.

مرت أربع سنوات منذ اتفاقية التجارة، أو بمعنى أدق منذ وجد روبين موطئ قدم لنفسه مجدداً في كوكب نيهاري. لكن لدهشته، لم يكن هنالك الكثير ليقرأه حول الوضع هناك…

التبادل التجاري في البداية كان قائماً على شراء أعشاب عالية المستوى مقابل طلاسم و عتاد ذات تصميمات جديدة، لكن منذ اكتشاف أن البراعم هم الطعام الأفضل للدراكو، تم تعديل الاتفاقية لشراء أنواع من المعادن النادرة بدلاً من ذلك. كما أن الملايين من العفاريت نزحوا من نيهاري باتجاه يورا بصمت على مدار الأربع سنوات، أعدادهم الكبيرة أجبرت شيوخ عائلة بورتون على وقف الهجرة مؤقتاً خوفاً على احتياطي درر الطاقة من النفاد.

غير ذلك، فالشئ الوحيد المذكور أن تجار عائلة بورتون لاحظوا أن العنف انتشر في شوارع مدينة الأمل مؤخراً بشكل كبير، في كل حارة و كل شارع و داخل كل مطعم يوجد قتال دائر، و غالباً ما يكون أحد أطراف القتال فرد من عمالقة نيهاري و الذي ينتهي القتال بموته.

روبين وجد بوضوح تلك المعلومة مثيرة للإهتمام بعض الشئ، لكنه بسرعة ما تجاهلها و كأنه لم يقرأها، و فقط سأل المؤرخين الثلاث ما إن كان جاءه زيارة من أحد قوات سيوف الظل، أو حتى شخص غريب ود أن يراه خلال السنوات الماضية، لكن كلهم نفوا ذلك بشكل قاطع، قائلين أنه يتم التعامل مع الأمور المتعلقة بالإمبراطور بحساسية شديدة، و أنه إن حدث شئ كهذا فسيتم إعلامه بالتأكيد، لكن تأكيدهم هذا لم يزد حاجبيه إلا انضماماً…

فقط بعد فترة طويلة وجد نفسه قادراً على تخطي الموضوع و الانتقال للأحداث على جرينلاند.

جرينلاند ما يزال كوكب حديث في أعين القادمين من يورا، و كل المعلومات المتعلقة عنه إما أساطير من المحليين أو معلومات عن الحرب الدائرة.

من ضمن أهم المعلومات التي رصدها روبين كانت من مجموعة الحدادين الإلهيين و أسِياد النقوش الذين تم تعيينهم لمراجعة الهدايا التي جمعها لهم فوغون في ذلك اليوم كإعتذار، كما أنهم تم تعيينهم لاحقاً لمعاينة أي عنصر جديد يتم إيجاده على الكوكب لوضع سعر عليه، و ما وجده روبين ضمن تلك المعلومات كان صادماً… كل المعادن و العناصر التي وُجدت في هذا الكوكب حتى الآن مماثلة لتلك الموجودة في نيهاري، بل و المتواجدة في يورا أيضاً.

حتى الكائنات الحية متشابهة نوعاً ما في تركيبها الجسماني و العقلي، يوجد اختلافات بالطبع، خاصةً بين النباتات و استعمالاتها التي لم يتم حصرها بعد، لكن حقيقة أن الحياة على ثلاث كواكب مختلفة يمكن أن تكون متقاربة لهذه الدرجة أذهل روبين إلى حد كبير…

هل تلك الكواكب منفصلة حقاً؟ لماذا الحياة في الكواكب اليافعة كلها متشابهة لهذه الدرجة؟ فكر روبين لوهلة.

في الحقيقة، الفارق الوحيد الواضح بين الكواكب الثلاث هو أن عنصر معين قد يكون شحيح جداً في كوكبٍ ما و منتشر بكثرة في الآخر، مثلاً المعادن المرتبطة بقانون الفضاء منعدمة تقريباً في يورا و جرينلاند، لكنها متواجدة بشكل لائق في نيهاري.

ما يزال يُكتشف عناصر و معادن جديدة بين كل حين و آخر في جرينلاند، لكن الآن فريق المعاينة يدرك أن ما يعتبرونه جديد الآن هو فقط شديد الندرة في الكوكبين الآخرين لدرجة أنه لم يتم اكتشافه من قبل، لذا فإن مهمة فريق المعاينة الحالي كانت أقرب لاكتشاف مدى توفر عنصر معين في كوكب جرينلاند و مدى إمكانية الاستفادة منه.

المفاجأة الأجمل في تقريرهم حتى الآن كان حول معدن الأوراسيليوم.

 

 

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
8
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x