“من أنتم بالضبط، و ما الذي تفعلونه في عالمنا؟ لماذا تهاجم دائرة سيطرتي؟ و إن كانت الأراضي هي مقصدكم، ألم تحوزوا ما يكفي؟!” تحت طلب روبين بالدخول في الموضوع، الأب الشجرة هوفنهايم لم يضيع وقتاً.

“أنت تدرك إجابات أسئلتك، أليس كذلك؟ أعلم أنه يمكنك التجسس على أي منطقة في دائرة سيطرتك، لعلك سمعت ما يكفي من جنودي. حقيقة أنك عرفت أني الإمبراطور، و عرفت مكاني، و جئت لي مباشرة كافية كدليل على هذا، لذا لا داعي لإجابة المُجاب. لكن دعنا نتحدث في الجزئية المهمة، موضوع الأراضي. أخبرني أنت يا أستاذ شجرة، من قد يشبع من المزيد؟” هز روبين رأسه و تكلم مبتسماً:

“حتى الجشع يجب أن يكون له حدود! أوقف هجومك على دائرة سيطرتي و سأنسَ الماضي، لا داعي ليتطور الوضع أكثر، هذا لن يكون في صالح أيٍّ منا.” دخل الأب الشجرة هوفنهايم في الموضوع مباشرةً.

“هاه~ بصراحة توقعت أن يدور هذا النقاش قبل حوالي عام أو اثنين، صبرك يستحق المديح حقاً…” أراح روبين ظهره على الكرسي و صفق ببطء، ”لكن أخبرني لماذا عليّ أن أفعل شيئاً كهذا؟ مع أني لا أتابع ما يجري في الخارج، إلا أني مدرك جيداً لقوة جيشي. لابد أنك محشور في الزاوية الآن، لماذا أتوقف و أستمع لكلامك و أنا المنتصر؟”

لم يتردد الأب الشجرة هوفنهايم، “يمكنك أخذ 20% من الأراضي التي سيطرت عليها لتأسيس معقلك في عالمنا، و معها وعدٌ مني أن لا تُهاجم قبيلتك لمدة خمسين عاماً.”

”مثير للإهتمام..” أومأ روبين عدة مرات، “و..؟”

“ماذا تقصد بـ و؟ 20% من الأرض التي سيطرت عليها يمكنها أن تسع بضع عشائر بشرية، إنها قطعة أرض هائلة! و خمسون عاماً من السلام يمكنك بها وضع أسس قوية لقبيلتك في عالمنا، ماذا تريد أكثر؟”

تجاهل روبين تماماً إشارات الأب الشجرة هوفنهايم أنه من عالم آخر، ”لماذا أرضى بـ 20% و أنا يمكنني أخذ كل شيء؟ و لماذا آخذ وعدك بعدم الهجوم لمدة خمسين عاماً بجدية و أنت بوضوح تحتاج لـ 500 عام حتى تُشفى من إصاباتك؟ كنت أعتقد أنك جئت لتتحدث بجدية يا هوفي، لكن اتضح أنك ما زلت تعاملني كرضيع… كوني أصغر سناً لا يعني أنه من السهل الضحك علي، هيهي.”

“و ماذا إن كنت أحتاج 500 عام لأشفى؟ أتحسب أن قوة روحي هي كل ما أملك؟ من كان يحارب جيشك برأيك طوال تلك الفترة؟ أنت لست الوحيد الذي يملك جيشاً!” انفعل الأب الشجرة هوفنهايم شاعراً بالإهانة، “ثانياً، هذا الوعد يمتد لبقية الآباء الأشجار أيضاً، سأجبرهم على عدم الهجوم عليك لخمسين عاماً. سيكون لديك سلام مُطلق!”

“بالطبع قوة روحك عليها عامل.. أولاً، لو كانت قوة روحك ما تزال كما هي، لكنت تحكمت بشبكة الأرواح المُستنسخة و جعلت الحرب أصعب مما هي عليه بعشرات المرات. ثانياً، بقوة روحك الحالية ستكون عملية الاستنساخ بطيئة جداً أو معدومة، و هذا يعني أن إنتاج البراعم الجدد قد توقف تقريباً، ما يُقتل منهم لن يُجدد!.. أجل، أجل، أنا أعرف بشأن عملية الاستنساخ، ما خطب هذه النظرة؟ هاها، الأمر لم يكن صعب اكتشافه.” ضحك روبين بصوت عالٍ و ضرب على مكتبه، ”ثانياً، وعد بالسلام من الآباء الأشجار؟ تفو! لقد أرسلت فيلقاً واحداً للأب الشجرة ديكارتس، أتجرؤ و تقول إنه لا يعاني الآن؟ وعد بعدم الهجوم قال… لا أعلم من أين تأتي بهذه الغطرسة بصراحة، أو أن طول العمر عبث بسلامة عقلك؟ و لماذا لم يأتِ بقية السفلة من الرقم اثنان إلى سبعة لطلب الصفح مني بعد؟!”

“أنت!!!” تجسيد الأب الشجرة هوفنهايم كاد يشتعل من شدة الغضب، السفلة يقصد بهم بالتأكيد الآباء الشجرة الآخرين، ألا يعني هذا أنه السافل رقم واحد؟ متى كانت آخر مرة واجه فيها إساءة كهذه؟ ربما عندما كان شُجيرة تهزها الريح قبل 500 ألف عام؟!

“…..تنهد~”

على غرار ما كان ينتظره روبين، الأب الشجرة لم يرد غاضباً مجدداً أو يرفع صوته. هو فقط أخذ بضع ثوانٍ ليهدئ نفسه، ثم عاد ليقف بقوة كالوتد بعد إعطاء تنهيدة طويلة.

لكن الأمور لم تنتهِ عند هذا الحد، عندما اعتدل روبين ليثني على تمالكه لنفسه، وجد الأب الشجرة ينظر له من الأعلى و يتكلم بصوت شديد الهدوء، ”لقد حاولت ما استطعت و لن يلومني أحد على استخدام السحرة الآن، الوداع.”

“هاه؟ ألن تطلب مني أن أقول عرضي للسلام؟” وقف روبين و سأل باستغراب.

أليس التسلسل المنطقي للحديث أن يسأل الأب الشجرة الآن ماذا تريد إذاً لوقف الحرب؟ عندها روبين كان سيعطيه قائمة طويلة عريضة من المطالب، و التي تشمل أشياء مثل إعطائه كل الأسرار التي يعرفونها أو تعليمه تقنية نسخ الروح البدائية أو التبرعم!

فرررريـ

“كلا، أنا من يعطي العروض هنا و أنا من يسحبها. هذه أرضي و هذه سمائي أيها الدخيل، كان عليك تبجيل هذه الفرصة و قبولها، لكن لأنك كائن منحط ضيق الأفق لم تُقدرها حق قدرها.” تكلم تجسيد الأب الشجرة هوفنهايم بينما كان يتلاشى في الأرض شيئاً فشيئاً، ”سبعة أيام.. أمامك سبعة أيام لتُعلن أنك قبلت عرضي، في اليوم السابع، إن لم أسمع بموافقتك على عرضي السخي، فسأدمر أحد فيالقك، ثم بقية قواتك، و ربما بقية قبائل البشر بالمرة.”

بقول آخر كلمة عاد جسد الأب الشجرة هوفنهايم إلى مجرد جذور قديمة تحت التربة، تاركاً روبين في الخيمة وحيداً، بنظرة مُغيبة يحاول فهم ما حدث للتو… هو يفهم أنه كائن عتيق و كل شيء، لكن كيف لشخص مهزوم أن يكون لديه هذا النوع من الكبرياء مهما بلغت قوته أو طال عمره؟ أطول العمر يزيد المرء حكمة، أم يلحس عقله؟!

و كيف لشخص يريد شن هجوم أن يخبر الخصم بموعد و مكان شنه قبلها بأسبوع؟ روبين اختبر بنفسه هجمات الأب الشجرة و يعلم أنه مُحنك في قيادة الجيش حتى بعدد قليل من فارغي الأعين، هو ليس من النوع الأحمق الذي يضع نفسه في موقع كهذا… أهو متأكد لهذه الدرجة أنه سينتصر؟ لو كان لديه هذه القدرة من البداية، لماذا ترك أراضيه تُستباح لأربعة سنوات؟!

نصف ساعة كاملة قضاها روبين يحدق في بقعة الأرض التي اختفى فيها الأب الشجرة هوفنهايم، قبل أن يقف أخيراً و يخرج من خيمته…

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
11
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x