“علينا أن نتكلم.”
فتح روبين عينه ببطئ، و أخذ نظرة مطولة نحو مصدر الصوت، لقد كان تجسيد عشوائي نفس شكل البراعم التي أعتاد رؤيتها كثيراً، الفارق الوحيد أن هذا لونه ليس أبيض بالكامل لأنه مصنوع من الجذور، ثم أبدى نصف إبتسامة. ” أوه، الآب الشجرة هوفنهايم هنا شخصياً، لقد فاجئتني..”
“همف، أنا أعرف قوة روحك جيداً، لابد أنك إستشعرت حضوري قبل بدأ تشكيل جسد الجذور، لكن لا بأس، مفاجئتك لم تكن هي المراد.” وضع الأب الشجرة هوفنهايم يده وراء ظهره، و تكلم بصوت ثابت.
“هاها بل في الحقيقة شعرت بشظية روحك تقترب من على بعد كيلومترات، لكني أعلم أن جسد مصنوع بهذه السرعة لن يتمكن من إيذاء فارس حتى، و أعلم أن روحك ضعيفة جداً لتؤذيني، فلماذا قد امنعك من زيارتي؟” رفع روبين كتفيه.
تغيرت ملامح تجسيد الاب الشجرة هوفنهايم. “روحي ضعيفة جداً؟! بالنسبة لمن؟ استيقظ من أحلامك يا ولد، أعلم أنك تشعر بالسعادة بعد تلك الحركة الانتحارية، و لك الحق بأن تشعر بأنك فعلت شيئ في حياتك التافهة لأنك تمكنت من إلحاق تلك الأضرار بي.”
ثم تابع بعد بضع ثوان. “هذا خطئي لأني لم أتمكن من توقع ما ستفعله، لكن كيف أتوقع، و انا لا أعلم كيف تعلمت تقنية تحويل القوة الروحية إلى قوة تدميرية بهذا الشكل، فحتى أنا لا أستطيع فعلها! لكن لا بأس، أنت لم تنجو بدون خدوش أيضاً. لابد أنك أضعف مني روحياً الآن بما أن الإنفجار حصل داخل نطاقك أنت، بل علي أن اقول أن حقيقة أنك ما تزال حياً أدهشتني!”
“اووه؟ دعنا نختبر هذا.” رد روبين بإقتطاب شديد من ثم–.
*فريييييم*
موجات من الطاقة الغير مرئية أخذت تندفع من جسد روبين كأمواج البحر، كل شئ داخل الخيمة بدأ يهتز، و أي شيئ مصنوع من الزجاج بدأ يتصدع.
*كرااااك*
بعد ثانية واحدة إزدادت الموجات قوةً حتى بدأت تضغط على أي شيئ مصنوع من مواد صلبة داخل الخيمة، فبدأت الأخشاب الحجرية التي تشكل دعامات الخيمة بالتصدع، و بدأت الأواني المعدنية تنطبق على نفسها.
“مـ مستحيل!!” أخذ تجسيد الأب الشجرة هوفنهايم خطوة للخلف.
“ارغغ أنه يحدث مجدداً، إدعموا الخيمة! إنها على وشك السقوط!!” الستة حكماء المسؤولون عن الحراسة في الخارج أخذوا بضع خطوات للخلف، لكنهم بدأوا بضخ طاقتهم كلها نحو جدران الخيمة من الخارج، ومع ذلك التصدعات التي كانت منتشرة أصلا اخذت تنفتح ببطئ.
*فرررريييييييم!!* فتح روبين عينه على آخرهما في تلك اللحظة، و إنفجرت موجة طاقة واحدة هائلة من جسده.
“لااا—-”
*بووم!*
اُرسل الحكماء الستة في الخارج طائرين لأكثر من عشر مترات قبل أن يستقروا مجدداً على أرجلهم، مع أنه لم يسقط أحد أرضاً، و لم يبدو عليهم الإصابة، إلا أن وجوههم الشاحبة، و العرق المتصبب دليل كافٍ على ما واجهوه الآن.
“هييه~ لقد إزدادت قوة معاليه الروحية مجدداً..” قال أحد الحكماء بإبتسامة، و هو يضع يده على قلبه ليحاول تنظيم نبضاته، ثم صاح بإتجاه الغرب. ” فليأتي بعض الحدادين لإصلاح الخيمة الإمبراطورية!”
ثم عاد لينظر نحو الخيمة الإمبراطورية ببعض الخوف، فسقف الخيمة، و إثنان ذمن الجدران لقد انفجروا بعيداً في تلك اللحظة…
“لا داعي.” صوت هادئ جاء من داخل الخيمة. ” لدي صُحبة هنا حالياً، عندما أنتهي سأطلب منكم المجئ لإصلاحها، يمكنكم جميعاً التراجع.”
“امرك، معاليك!” انحنى الحكماء، و قفزوا بعيداً في نفس الوقت.
داخل الخيمة–.
روبين نظر حوله بإبتسامة راضية، معجباً بتأثير بما حدث للتو، ثم عاد لينظر نحو تجسيد الأب الشجرة هوفنهايم الماثل أمامه..
التجسيد كان تبدو عليه معالم الرعب، و هو يأخذ خطوة للأمام، و يمد ذراعه اليمنى على آخرها، ربما كان ليحاول إيقاف آخر موجة من روبين.
منذ تلك اللحظة هو لم يتحرك، أو بمعنى أدق لم يعد قادر على الحراك، تجسيد الأب الشجرة هوفنهايم الآن أصبح مجرد قشرة بدون روح تحركه.
*ششششـ~*
بدأت طاقة بسيطة تندفع من تحت الأرض مجدداً إلى تجسيد الأب الشجرة، قبل أن يبدأ بالتحرك مجدداً أخيراً، و صرخ. ” لماذا فعلت ذلك أيها السافل المجنون!! أنت.. أنت عالجتك روحك بالكامل؟ لا، بل أصبحت أقوى!”
“هاها إعتبر هذا عقابك لأنك جئت بدون إذن.” ضحك روبين بصوت عالٍ راضياً عن ما سمعه، ثم نظر نحو هوفنهايم بنظرة واثقة. ” بالطبع أصبحت أقوى، لقد مرت أربعة أعوام بالفعل، ماذا، أما زلت الإصابة تؤثر عليك؟”
“هذا…” لم يدري الأب الشجرة ماذا يقول.
أربعة سنوات؟ ما هذا بالنسبة لإصابة روح؟ مع أنه لم تسنح له فرصة خلال السنوات الماضية لينكب على علاج نفسه، إلا أن هذا ما كان ليصنع أي فارق، فقد قُدر أنه سيحتاج لبضع مئات من السنين ليستعيد مستواه قبل الحادثة، ما الفارق الذي ستحدثه أربع سنوات؟
بعد أكثر من دقيقة كاملة بالكاد هدئ الأب الشجرة هوفنهايم نفسه، و نظر نحو روبين بنظرة معقدة. “… لقد عشت أكثر من 500 ألف سنة. 300 ألف سنة منهم كانوا كمخلوق ترينت عتيق فهمت فيهم كل شيئ يتعلق بالحياة، و النبات، و الأرض، و 200 ألف سنة آخرين كرستهم للبحث في شؤون الروح، و مع ذلك أنت يا إبن الـ 200 عام وصلت لنفس قوة روحي قبل إصابتي… أهناك عدل في هذا العالم؟”
رفع روبين حاجبيه عند سماع هذا، الاب الشجرة هوفنهايم عاش لـ 300 الف عام قبل بدأ حقبة تدريب الطاقة؟ إذاً الآن بعدما وصلت لهذه القوة بتدريب الطاقة، كم أصبح متوسط عمره؟ ملايين السنين؟ هذا هو الظلم بعينه! كيف لبشر الذين أعمارهم الأساسية لا تتجاوز المئة عام أن ينتصروا ضد كائن كهذا؟
لا عجب أن الأباء الأشجار فاقوا البشر قوة فوراً بعدما اكتشفوا تدريب الطاقة بل و إكتشفوا خبايا هم فقط يعلموها جعلتهم يتسابقوا على تدمير المخلوقات الحية في الكوكب!
روبين تسائل كثيراً ما الذي يجعل تلك المخلوقات مميزة حتى يسلكوا طريقاً مختلفاً فور معرفتهم بتدريب الطاقة، لكنه فهم بعض الشيء الآن… هم أصلاً كانوا وحوشاً قبلها.
و الأهم من كل هذا.. أهو قال إبن الـ 200 عام للتو؟ لكن عمره الجسدي بالكاد 50 عام، كيف عرف عمره الحقيقي؟ التغيير الجسدي الذي أعده المستبصر مثالي و لا غبار عليه، إذاً ما الذي فضحه؟ …هناك طريقة تُعرف السن الحقيقي من خلال الروح؟!
إستغرق روبين في تفكيره ليحاول أن يستخرج أكبر كم ممكن من المعلومات من كلمات الأب الشجرة، بل قام من على سريره المتصدع، ثم ذهب و إرتدى عباءة نظيفة، و جلس على كرسي مكتبه. ” حسناً يكفي مُقدمات، ماذا تريد؟”
تعليق زيوسي/ لا تنسوا التعليقات ياشباب فهى دافعي الوحيد للنشر العربي ^^
الموضوع التاليالموضوع السابق