كوكب جرينلاند – موقع مجهول
لا يوجد شيء هنا في مرمى البصر سوى السواد…
لا صوت رياح، لا أصوات طيور صغيرة، لا شيء البتة.
فروووم
“ذلك الوغد، لا أصدق أنّ هوفنهايم جمعنا مجدداً! لم أستطع النوم لمدة عام واحد حتى منذ آخر مرة.”
في تلك اللحظة ظهرت كرة مضيئة.
فروووم فروووم فروووم
“ما الذي يريده الآن؟”
فروم فروم
“أقترح أن نقصيه عن المجلس مؤقتاً.”
بضع كرات أخرى بدأت تظهر تباعاً مكوّنة حلقة، و انخرطوا مباشرة في الحوار بدون مقدمات. في غمضة عين، المكان الذي كان يحكمه السواد أصبح الآن مُضاءً بنور ستّ كرات ضخمة متقاربة في الحجم.
فروووم
“هل أزعجت سيادتكم؟ جيد. لأني هذه المرة لن أقبل الرفض.” أخيراً ظهرت كرة سابعة جذبت أنظار الجميع، “أرسلوا لي دعماً سريعاً فوراً، هذا ليس طلباً!”
تلك الكرة كانت أصغر بشكل ملحوظ مقارنة بالبقية، بلا وجه للمقارنة أساساً، بما أنّها تمثل تقريباً 10% من حجم أي واحدة من الستة الآخرين!
“.. هيهي، ما زلت لم أعتد على شكلك الجديد يا هوفنهايم.” صوت ضحك صدر من إحدى الكرات الست.
كانت تلك تجسيدات أرواح الآباء الأشجار السبعة.
“اضحك، اضحك كما تشاء… لو هبط أولئك الأشخاص في دائرة هيمنتك لكنت أنا من يضحك الآن.” لم تظهر تعابير معينة على الكرة الصغيرة، لكن ذبذباتها كانت تشير بوضوح إلى الغضب.
“هبط؟ همف، ما يزال ذلك العجوز يريد الإيحاء بأنهم قادمون من عالم آخر حتى نساعده.”
“لكنّهم كذلك!!” صاح هوفنهايم، “من أين برأيكم جاؤوا فجأة؟ هل كانوا مختبئين تحت أرض إحدى قبائل البشر طوال تلك المدة؟ ألا تعقلون يا قوم؟”
“هوفنهايم، فقط قل ما تريد قوله. و راقب ما تقوله، لأنه لو جمعتنا لطلب المساعدة مجدداً بدون سبب وجيه يجعلنا نخرق الاتفاقية، فأخشى أنّه سيتوجب علينا عقابك. أنت تعرف عن حاجتنا للنوم، ألانك لا تستطيع النوم منذ سنوات تريد إقلاقنا أيضاً حتى لا نسبقك في عملية الصقل؟” أكبر كرة روح تكلمت.
“لماذا جلبت عملية الصقل في الموضوع؟ أتقول إن بضع سنوات ستؤثر على العملية الدائرة منذ أكثر من مئتي سنة؟ يا لها من مزحة! إن كنتم تريدون سبباً لمعاقبتي فابحثوا عن واحدٍ آخر!” صاح هوفنهايم ثم عاد لينظر للجميع، “لقد خسرت 30% من الجزء الغربي من دائرة هيمنتي، و يتم الآن وضع حصار كامل حولي، و يقتربون مني يوماً بعد يوم من كل الاتجاهات، لو استمر الوضع على ما هو عليه فلن أنجو بضع أعوامٍ أخرى، و الضرر الذي سيقع عليّ سيكون كارثياً!”
“إذاً؟ هوفنهايم، نحن لسنا أفضل أصحاب يا عزيزي، كل ما في الأمر أنّ بيننا اتفاقية بأن ننجو حتى نقضي على بقية المخلوقات، قبل أن نعود لنحر بعضنا البعض! لكن تلك الاتفاقية تقول أن ننقذ الأب الشجرة الواقع في محنة فقط عندما تُدمّر 90% من كل قواته. لماذا علينا أن نساعدك قبل أن يكتمل الشرط؟ إن لم تكن تستطيع الدفاع عن أرضك فاتركها لمن يستطيع! أعطني ربع أراضيك و أنا سأرسل جيشي للمساعدة بالتأكيد هاها.”
“أنا، فلوريس، أتفق مع البقية… عندما حصل الاعتداء ضدي قبل فترة و طلبت المساعدة، وصلني الدعم بعدما تدمرت 93% من قواتي و تم اجتياح كل أرضي، و حتى باستخدام ساحر! كما أنّ كل من شارك في المساعدة أخذوا قطعاً من أرضي حتى تركوني أمتلك ما يشبه مزرعة، و الآن بعد حوالي 190 ألف سنة من الحرب، ما زلت أقلّكم مساحة و قوة جيش بسبب تلك الحرب… لماذا علي أن أساعدك لتحافظ على قواتك و أراضيك؟ أنا أؤيد وضع عقوبات على هوفنهايم!”
“أنتم… أنتم تنتظرون حتى يتم إضعافي حتى تنهبوا أرضي؟ كيف سأستعيد قوة روحي؟ و كيف سأكمل عملية الصقل بدون الأرض؟ و إن بقيت على هذا الحال فأنتم ستقضون عليّ عاجلاً أم آجلاً! أي عقوبات؟ قولوا إنكم تريدون قتلي ببساطة!” الأب الشجرة هوفنهايم عاد يصرخ، “براعمي تنهار، و صواعق الغضب بلا فائدة لأنّهم لا يطيرون، أنا لا يمكنني إيقاف ذلك الجيش بدون استخدام السحرة! أتعتقدون أني سأنتظر حتى يأخذوا كل أراضيّ و يقتلوا كل براعمي قبل أن أفعل شيئاً؟ في أحلامكم!”
هذه ثالث مرة يطلب فيها الدعم من المجلس لكن بلا رد…
أول مرة كانت قبل أربع سنوات بعد ظهور جيش إمبراطورية البداية الحقيقية مباشرة، عندها طلب الاجتماع ليشرح أنه جيش جاء من عالم آخر و أنّه يريد الدعم الفوري بما أنّه يقاتل نيابة عن العالم كله، لكنهم رفضوه بحجة أنهم سيلتزمون بالاتفاقية القديمة فقط.
ثاني مرة كانت بعد ثلاث سنوات من بدء الحرب، و بعدما قُتل حوالي مئتي مليون برعم و أُخذ منه ملايين الكيلومترات المربعة، لكنهم رفضوا للسبب نفسه، لم يتركوا فرصة و لو صغيرة لأخذ الواقع بعين الاعتبار.
“تريد استخدام السحرة؟ أهذا تهديد يا هوفنهايم؟” نبرة صاحب أكبر كرة مضيئة تغيّرت بالكامل.
“ليس تهديداً، بل أخبركم بما يحدث! إن لم تعطوني حلاً فسأستعمل السحرة، و لن أستعمل واحداً فقط أيضاً!” تراجع هوفنهايم قليلاً و وجّه نظره نحو الكرة المضيئة الوحيدة التي لم يتكلم صاحبها بعد، “لماذا لا تتكلم يا ديكارت؟ ربما أولئك الحمقى لا يمكنهم تخيّل ما يحدث معي، لكن هنالك فيلق منهم يهاجم حدودك الآن، لماذا لا تتكلم عن أولئك الوحوش؟ لا بد أنك تعرف أنك بالتأكيد ستكون التالي ما إن قضوا علي!”
“… إنهم أقوياء.” تكلم صاحب تلك الكرة المضيئة، “مع أنّهم لم يتوغّلوا داخل دائرة هيمنتي، إلا أنّهم يتقدّمون بثبات و يقومون ببناء خنادق و قطع جذوري بشكل أسبوعي، لقد استولوا على 5% تقريباً من دائرة هيمنتي.”
“5% خلال أربع سنوات؟ هذا لا يبدو سيئاً جداً…” علّق صاحب إحدى الكرات المضيئة الأخرى.
“هو يقاتل فيلقاً واحداً بينما أنا أقاتل تسعة، بالإضافة إلى قوات قبائل غضب الشمال و السهول و طيور الليل!!” صرخ هوفنهايم بأعلى صوته، لم يعد يدري ما إن كان آباء الأشجار الآخرين قد أصبحوا أغبياء، أم يتظاهرون بالغباء فقط!
لكنه لم يجد رد فعل، و لا حتى صوت اعتراض… حتى الأب الشجرة ديكارت صمت.
بدا هوفنهايم و كأنّه فهم شيئاً و تكلم ببطء، “هكذا إذاً… هكذا إذاً… لقد اتفقتم على إقصائي، ها؟ حان الوقت ليكون هناك ستة آباء أشجار بدلاً من سبعة، هااا؟”
عندما لم يسمع جواباً مجدداً، بدأ يضحك بهستيرية، “هاهاها، أيها الحمقى، أتعتقدون أنّي سأُقتل قبل أن تُكسر كل أنيابي و مخالبي؟ لا تريدون المساعدة؟ لا بأس، لدي طريق واحد إضافي سأجربه، إن لم ينجح… سأُطلق سراح السحرة!”
“هوفنهايم، مهلاً!!” صاح الستة كرات الأخرى بنفسٍ واحد…
لكن الكرة الأصغر بينهم كانت قد اختفت…
—
داخل الخيمة الإمبراطورية – فوق التلة المنحدرة
كراك كراك
أرضية الخيمة بدأت تتصدع، و المهملات بدأت تُلقى يميناً و يساراً أثناء خروج جذور من تحت الأرض و بدأ تشكيلها لتتخذ شكلاً يشبه البراعم.
بعد بضع ثوانٍ، نظر ذلك البرعم المُشكّل بالجذور حوله حتى وجد بشرياً جالساً على السرير في وضعية التأمل، فـ لف جسده بالكامل نحوه و أخذ خطوتين، “علينا أن نتكلم، أيها الإنسان.”
====
تعليق زيوسي: أحد لسه ما دخل سيرفر الديسكورد؟ فيه صور لكل الشخصيات هناك منهم ريتشارد
https://discord.gg/Fs6cmVXUpv
الموضوع التاليالموضوع السابق
