“أتحدث عن حظر الإقتراب المفروض حول المنطقة التي تعيشون فيها في القارة الوسطى، لماذا لا تسمحوا لي، أو لأي أحد بدخولها؟ ماذا يحدث هناك؟ لماذا شرهين سفلة مثلكم توقفوا عن الإصطياد في أنحاء يورا، و إنغلقتم على أنفسكم، ماذا تأكلون بالضبط؟ أتتبعون حمية؟” ضغط بيلي أكثر.

هذا الموضوع يؤرقه منذ غادر روبين، في ذلك اليوم عندما سأله عن العفاريت، و أخبره أنهم لن يشاركوا في الحملة على كوكب جرينلاند، و هو مليء بالشكوك… كيف لجنس بهذه الشراهة ان يُترك بعيداً عن حرب كوكبية؟ أليسوا كلاب روبين الاوفياء؟ أليست هذه فرصة مثالية لتقويتهم؟

لذا منذ وقتها ترك مسؤولية تدريب الجنود و تضخيم الجيش لمساعديه من شيوخ عائلة بورتون، و ذهب هو ليتقصى أكثر بشأن العفاريت، لكن بلا جديد يذكر…

كلما حاول بيلي الدخول بشكل رسمي يُمنع، و كلما حاول إختلاق أي عذر سياسي لفحص المنطقة يتلاقى بهمجية العفاريت المعتادة، و كلما حاول التسلسل يمسك به أحد ملوك العفاريت، و يرغمه على التراجع!

العفاريت مع أن تعدادهم في وقت مغادرة روبين لم يتجاوز النصف مليون، و يمكن حشرهم جميعاً في مدينة واحدة، إلا أن روبين أمر أن يتخذوا القارة المركزية الفسيحة موطناً لهم على أي حال.

في البداية إنتقل العفاريت إلى هناك فحسب و بدأوا بالصيد، و الانتشار كالعادة كالجراد في أنحاء القارة الوسطى، لكن فجأة تجمعوا مجدداً، و أعلن أمون، و بقية ملوك العفاريت الحدود الجديدة لأرض العفاريت على مساحة تساوي ربع القارة المركزية تقريباً.
و بالنسبة لمجرد همج محبين لسفك الدماء و كارهين للحدود.. هم أخذوا تلك الحدود بجدية شديدة.

العفاريت من صغيرهم لكبيرهم لم يسمحوا لأحد بالإقتراب من تلك الحدود فضلاً عن دخولها، و الأغرب أن هم أنفسهم لم يخرجوا منها!!

هذا ازعج بيلي اكثر، و حاول بكل الطرق إقتحام أراضي العفاريت الجديدة، و البحث فيما يجري، إلا أنه كل مرة كان يتم القبض عليه بواسطة أحد ملوك العفاريت و يتم ركله خارجاً مرة بعد مرة..

“أجل، أجل نحن نتبع حمية.” رد مورين بإقتطاب.

” إيها العاهر الأحمر، أتحسبني أمزح معك؟!” وقف بيلي و صرخ.

“السيد بيلي، رجاءً دعنا نركز في مهمتنا هنا، اقضي وقتك حتى يأتي معاليه في التفكير في خطط، واقتراحات من أجله.” تكلم أليكساندر بسُلطة واضحة في كلامه لا تقبل الرفض.

نظر بيلي بجانبه بغضب. “حتى انت يا أليسكاندر؟ أتخبرني أنك لست فضولي، و لو قليلاً بما يفعلونه هناك؟ جيشنا كله هنا بينهما هم في قلب يورا!”

أعطى أليسكاندر نصف إبتسامة، و هز رأسه بدون قول كلمة.

لكن العجوز غو هو من تكلم. “إن كان معاليه هو من رتب لأياً كان ما يفعلونه فلا داعي للكلام عنه، عندما يكون مستعد هو من سيخبرنا بنفسه.”

اومئت فيكتوريا. ” يمكنك تقديم نصيحة له إن أردت، لكن بصراحة لا اتخيل أنه سيوافق و يغير خططه.” ثم نظرت بطرف عيناها نحو مورين.

في الحقيقة لم يكن بيلي وحده المتخوف من العفاريت، لكن كل الموجودين يعرفون طبع روبين عندما يقرر شيئ.

“لكن.. لكن..!!!” بيلي حاول قول شيء، لكن الكلمات حُشرت في حلقه، و جلس مجدداً..

كيف لا يعرف ماذا يقصدون؟ عندما يقرر روبين شيئ يكون تعديل قراره شبه مستحيل.. اياً كان ما يفعله العفاريت في القارة المركزية هو بالتأكيد شيئ لن يعجبه بما أن روبين ابقاه سراً، لكن كيف يوقفه؟

المرة الوحيدة التي نجح في جعل روبين يعدل عن قراره قليلاً كان عندما هدد بالإنتحار، و حتى عندها روبين أخبره أن يفعلها! سبب نجاحه وقتها كان أن روبين أساساً يفكر في الموضوع، و إحتاج مُذكِر فقط، لكن أهذا سينجح كل مرة؟ صعب…

الجو الثقيل أساساً حول الطاولة أزداد ثقلاً، الجميع الآن لم يعودوا يفكروا في الحرب القادمة فقط بل في ما يحدث في وطنهم أيضاً و حقيقة أن عائلاتهم لم يعد لديهم جيش ليحميهم في حالة تضور العفاريت جوعاً يوماً ما..

الوحيد الذي كان في مزاج مختلف هو جابا، الذي نظر للأرض ليركل الحصى الصغيرة، و كان يلقى نظرة خاطفة على الحضور بين كل حين، و آخر بدون قول كلمة…

“معاليه!”

“ أنه معاليه فعلاً؟ دعني ألقي نظرة!”

“افسحوا الطريق!!”

فجأة بدأت الصيحات تتعالى في التلة جاذبة أنظار الجميع.

وقفت إليزابيث، و نظرت بإتجاه معين حيث وجدت بحر الجنود ينقسم ليصنع طريقاً في المنتصف يمتد حتى الخيمة. فابتسمت وقالت. ” يبدو أن معاليه قرر الخروج اخيراً.”

بعد كلمتها وقف البقية في الخيمة المفتوحة أيضاً كلهم يقفون بإعتدال ينظرون نحو الإتجاه الذي يأتي منه روبين، حتى أخيراً ظهر أمامهم شاب أشقر الشعر يبدو في اوائل العشرينات من عمره يرتدي ملابس بيضاء واسعة بدون أي دروع أو اسلحة، عندها انحنوا جميعاً انحناءة صغيرة، حتى قيصر، و بيلي معهم.

” إستريحوا.” وجد روبين لنفسه الكرسي على رأس الطاولة، ثم جلس مباشرةً، و بدأ يفرك جبهته، واضح ان لم يعتد على الضوء بعد. ” حسناً، هيا دعونا ننتهي من الأمر، ماذا لدينا هنا؟”

بعدما جلس الجميع وقف بيلي، و بدأ يتكلم ببطئ، لكن بنظرة تملأها اللوم. ” لقد جلبت الجيش الكامل الذي رأيته أمام المدينة الإمبراطورية، بالإضافة للمتطوعين الذين اخترقوا حديثاً، من بينهم 200 حكيم، و الخمسة آلاف دراكو الذين نملكهم.”

“همم؟ لماذا ما زلنا نملك خمسة آلاف دراكوا فقط؟” توقف روبين عن فرك جبهته للحظة، وسأل بتعجب. ” ألم أمر بتوسعة فيلق الدراكو؟”

هز بيلي رأسه. ” أنت تعرف مدى إستهلاك تلك الكائنات للطعام عالي الطاقة، نحن لا نملك في يورا الكثير من الأعشاب ذات مستويات طاقة عالية، عندما حاولنا إرغام بعضاً من هذه النباتات على النمو بواسطة فيلق الحياة ماتت”

“هذا طبيعي، إرغام النباتات عالية الجودة على الكِبر بسرعة يعني أنها ستحتاج أن تجمع الطاقة التي تجمعها عادة في ألف سنة في بضع أشهر، هذا شيئ لا يمكن للطاقة الشحيحة في كوكب يورا دعمه. ” هز روبين رأسه. ” عندما أمرت بزيادة فيلق الدراكو كان من خلال شراء وحوش دراكو بالغة من عشيرة إتحاد نيهاري، أو ببساطة شراء البيض و شراء كميات من النباتات واللحوم عالية الطاقة، ألم نفتح التجارة معهم بالفعل؟”

“اوه، ظننت أنك تريد جعلهم وحوش محلية مكتفية ذاتياً في يورا. لا بأس إذاً، سأبدأ فوراً بتجهيز شراء دفعة كبيرة من الدراكو، سأتي بهم قبل بدأ المعركة بأي ثمن.” اومئ بيلي.

” لا داعي.” لوح روبين، ” لن نحتاجهم ضد الاب الشجرة هوفنهايم، لا يمكننا المخاطرة بمقتلهم جميعاً بضربة واحدة، لكن سنحتاجهم بكثرة ضد بقية الآباء الأشجار الآخرين، فقط أبدأ الإستعدادات لرفع أعدادهم ببطئ حتى وقتها.”

“كما تشاء.” رد بيلي بإقتطاب، ما يزال ينظر لروبين بنظرة تملأها اللوم.

عندما رأى روبين هذا أبعد يده عن جبهته بالكامل، و حنى نفسه للأمام، ثم صاح عليه غاضباً. ” ألديك مشكلة معي؟!”

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
12
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x