“بحق الجحيم؟!” وقف فوغون، و وقف كل حاشيته معه، معالم وجووهم تعكس صدمة قوية.

بعضهم حتى لم يتمالك نفسه، و ركض نحو الجانب الآخر من القوس ليتأكدوا أنهم اختفوا حقاً!

“ما كان هذا؟ ما كان هذا؟!”

” لقد اختفوا بحق!!”

بدى الحكماء من قبيلة غضب الشمال جميعاً، و كأنهم عادوا أطفالاً شاهدوا خدعة سيرك لأول مرة، حتى الهدهد، و الغراب طاروا حول بوابة الفضاء يحاولون إيجاد سر تلك الخدعة، و الجرذ قفز من فوق رأس الحكيم، و حفر تحت البوابة ليرى إن كان هنالك ممرات تحت الأرض يخبئ أولائك الثلاثة.

“هاهاها…” فقط ضحكة حفنة من قديسي عائلة بورتون أعادت حكماء قبيلة غضب الشمال لوعيهم قليلاً.

“..عودوا لأماكنكم فوراً!” تكلم فوغون بإحراج، شكل قديسي عائلة بورتون، و هم يشيرون نحوهم و يتكلمون بصوت منخفض جعله يتمنى لو أن الأرض تنشق و تبلعه، لكن هذا لم يمنعه من النظر مجدداً بحواجب معقودة نحو القوس المعدني الكبير…

لكن أوامره لم تسري على الهدهد، و الغراب، و الجرذ الذين ظلوا يحوموا حول القوس لأكثر من نصف ساعة بدون الإهتمام بضحكات أحد، بعدها أخيراً تعبوا و عادوا لأماكنهم.

“هل وجدتم شيئاً؟” سأل فوغون.

” كلا، عاد الفضاء داخل القوس لطبيعته، لا يوجد دليل على ان أي شيئ قد حدث.” رد الهدهد، و هو يهبط فوق كتف أحد الحكماء.

“لا يوجد شيئ تحت الأرض أيضاً. ” هز الجرذ رأسه، و قفز فوق رأس ذلك الحكيم مجدداً، هذه المرة التراب يملأه.

“الفضاء عاد لطبيعته.. الفضاء..” ملامح فوغون إعتصرت، “هذا لا يبشر بخير.”

“يبدو أن ذلك القوس المعدني بوابة فضائية من نوعٍ ما، بوابة يمكنها إرسال اشخاص لمسافات طويلة.. هذا هو التفسير الوحيد.”

“أيريدون أخبارنا أنه يمكنهم إرسال عدة أشخاص لمكان آخر بشكل فوري؟ لا عجب ان تلك المرأة أرادت أن ترينا *العرض* هذا خطير فعلاً.. ” عقدت إليس حاجبيها قليلاً.

أومئ الجرذ، “ابنة الاخ إليس معها حق، هذا ما يريدون توصيله لنا، يريدون أخبارنا أن قواعدنا ليست في مأمن، و انه يمكنهم الهجوم علينا من الخلف ما إن أرادوا!”

“لكن ايمكنهم حقاً فعل شيئ كهذا؟ نحن لم نسمع من قبل عن أحد تمكن من المساس بأي شيئ يخص قانون الفضاء، حتى لو أولائك الأشخاص لديهم علم بذلك القانون، و عملوا تطبيق عليه، و هى تلك البوابة، لابد ان ارسال أي أحد عبر البوابة مكلف جداً و مرهق جداً جداً.. أنا متأكد أنهم يمكنهم إرسال ثلاثة أشخاص فقط كل مرة، هذا إن كان يمكنهم إرسال دفعة أخرى اساساً في أي وقت قريب!”

“همف، يريدون تهديدنا بثلاثة أشخاص فقط؟ أنهم واهمون!”

قبض فوغون يديه بقوة. ” …هذا سيئ! لأني أعرف مكان جيش القبيلة الجديدة، و أعرف أن الاب الشجرة لن يهاجمنا في أي وقت قريب بسبب ما تعرض له من خسائر، قررت جلب معظم جيش القبيلة معي! أولائك الثلاثة اقوياء لقد امكنني الشعور بذلك بوضوح، هم أقوياء بما يكفي ليتمكنوا من أحداث الكثير من الضرر في اراضينا، و ربما قتل عائلاتنا خلال بضع ساعات!”

“ماذا؟ علينا ان نرجع فوراً! لا يمكننا ان نسمع لقبيلة غضب الشمال ان تُدنس على يد اولائك الاوغاد” وقف احد الحكماء الاصغر سناً و صاح متوتراً

“أهاهاهاهااااي”

ضحكات جنود عائلة بورتون من الجانب اثارت غضب حكماء قبيلة غضب الشمال اكثر

“أولائك الاوغاد المستفزين!!”

“… اهدأ و اجلس، نحن لم نتصرف بعدائية حتى الآن، فكيف يبدأوا هم بمهاجمة عائلات لا يمكنها الدفاع عن نفسها؟ ماذا سيستفيدوا، و جيشنا يمكنه امطارهم بالهجمات، و دك هذا التل فوراً؟ لابد أن هذا كان تهديد من رئيس القبيلة روبين حتى نوافق على شروطه، يخبرنا أنه إن لم نستمع له فأولئك الثلاثة سيذهبوا لتدمير مقرنا.. يا له من شخص خبيث!!” أراح فوغون قبضته، و هز رأسه بقلة حيلة، لقد وقع في الفخ بإنصاته لكلمات روبين، و جلبه لجيشه بالكامل اليوم!

“سحقاً!!”

“ماذا تنوي أن تفعل إذاً، اخ فوغون؟” سأل الهدهد بجدية، الموقف إنقلب بشكل خطير فجأة.

” لا شيئ، ماذا يمكنني أن افعل؟ لو هاجمنا الآن سيقتلوا عائلاتنا، و لو حاولنا العودة بسرعة فلن نعود في الوقت المناسب… دعونا نجلس حتى يأتي رئيس القبيلة روبين، و نتفاوض معه. هذا العبث يجب أن ينتهي اليوم…” وضع فوغون يده على رأسه بإنهزامية، و تكلم، لكن الغضب الذي كان يملئ قلبه كان بادٍ بشكل واضح في صوته، كل المحيطين به أحسوا بأنه بركان على وشك الانفجار لذا لم يضغطوا عليه أكثر، و جلسوا أماكنهم بصعوبة، بعضهم يصر على أسنانه، وبعضهم كاد يحطم ركبته من الضغط عليها.

لكنهم كلهم فعلوا شيئ واحد، كلهم كانوا ينظرون حولهم نحو جنود الكتيبة الذهبية بغضب و حقد صافيين، بدى وكأنهم يريدون أن يقوموا الآن ليفترسوهم، لكنهم يمسكون أنفسهم بسبب أولائك الثلاثة الذين غادروا.

*فرووووم*

في تلك اللحظة حدث شيئ جذب الأنظار الغاضبة لحكماء قبيلة غضب الشمال مجدداً، الفضاء داخل البوابة بدأ يتميع و يصبح غير مستقر مجدداً!

“خخ و كأني سأسمح بهذا! من يريد أن يدخل هذه البوابة يجب أن يمر من على جثتي أولاً!!” صاح أحد حكماء قبيلة غضب الشمال، و تحرك سريعاً ليقف بظهره مواجهاً للبوابة، و فتح ذراعيه على آخرهما ليخبر الجميع أن الاقتراب ممنوع، ثم نظر نحو فوغون، و صاح. ” تعالوا جميعاً و ادخلوا، قد تتمكنوا من اللحاق بأولائك الثلاثة و– بلوءلوء!!”

*باام باام باام*

فوغون و بقية الحكماء وقفوا ببطئ، نظرات الغضب، و الحقد اختفت، و حلت محلها نظرات الدهشة، ثم صدمة..

هذه المرة لم يدخل أحد للقوس المعدني، بل خرج منه..

صفوف خلف صفوف بدأت تندفع من البوابة، كل صف يحتوي على 10 حكماء يرتدون الدرع الذهبي المميز رافعين دروعهم، وممسكين بأسلحتهم.

من صدمة المنظر آمامهم، نسى حكماء قبيلة غضب الشمال زميلهم الذي كان يتم دهسه تحت الأقدام أمام أعينهم..

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
40
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x