بعد سبعة أيام – كوكب جرينلاند.

على بُعد خمسة كيلومترات من التلة المنحدرة.

باام باام باام

سكويك!!

أصوات الطيور والحيوانات الصغيرة، وحتى الوحوش الضخمة، كانت تتصدى مرتجفة من كل مكان…

منظر يدخل الرعب إلى النفوس كان يقترب بسرعة من التلة.

عشرات الآلاف من الوحوش بحجم الحصان، تشبه خليطاً من الأسود والنمور، يمتطي كل واحد منها شخص بمستوى فارس على الأقل، خلفهم عدة وحوش تشبه وحيد القرن، طول الواحد منها لا يقل عن 60 متراً، تحمل على ظهورها بيوت أسراب من الحشرات خطيرة المظهر.

ثم بعد ذلك يمكن رؤية جيش جرار من البشر مكوّن من 3 ملايين فرد على الأقل، صحيح أن معظمهم فانون أو في مستوى أساس الطاقة لم يستخدموا القوانين بعد، إلا أن كل واحد من أولئك الجنود كانت تشتعل عينه بشراسة وحماسة أكثر من تلك في عيون الوحوش..

فقط هالة ذلك الجيش كانت تكفي لجعل الوحوش التي تنام في سُبات عميق، أن تستفيق وترتعش داخل كهوفها.

لكن كل أولئك لا يُقارنون بالجيش الصغير الذي يتقدمهم… تعداد بين الـ 40 و الـ 50 ألف بشري، يمتطون وحوشاً تبدو كخليط بين السحالي والغزلان، كل واحد منهم رافعاً رأسه، مُنتجاً هالة شديدة الدموية والقوة. إنهم فرقة القديسين في الجيش.

ثم أمام كل هذا يوجد حوالي ألفي شخص، كلهم يبدون طاعنين في العمر، لكن عيون كل واحد منهم كالبئر، لا يمكن أن ترى له آخر، وهالاتهم التي لا يحاولون إخفاءها تقول إنهم ركيزة كل القوى في العوالم اليافعة، مستعملو المستوى الثالث من القوانين، أو بمعنى أدق… الحكماء.

لم يتحرك جيش أكبر من هذا في تاريخ كوكب جرينلاند، فهو نتاج مراكمة قبيلة غضب الشمال لقوتهم ببطء على امتداد أكثر من مئة وثمانين ألف عام. إنه رهانهم الأول والأخير.

في مقدمة فرقة الحكماء—

نفس عميق

“ما الذي تفعلونه بحق الجحيم؟ أطلقوا هالاتكم بشكل أوضح! اجعلوا وجوهكم تبدو غاضبة أكثر!! اجعلوا تلك الوحوش تزأر بشكل أقوى!!!! أتحسبون أننا ذاهبون في رحلة؟ من أُمسك به يمشي بشكل عادي سأقتلع رأسه!” فوغون صرخ بيأس من مقدمة الجيش.

“هوه!!”

“راااور!!!”

“..همف، يا لها من استراتيجية عديمة الفائدة. أتعتقد أن ذلك الجيش الذهبي سيخاف عندما يشعر بهالاتهم المصطنعة أو يرى وجوههم الغاضبة؟ ليتك قمت بتوجيه تلك التعليمات نحو ما يفيد حقاً.” نفخت إليس هواءً ساخناً وتكلمت بسخرية.

عاد فوغون للنظر بجانبه نحو إليس بعينين حمراوين، “وما الذي يفيد؟ أمر الجيش بمهاجمة التلة المنحدرة، صحيح؟ إن كنتِ لا تدركين ما تقولين، فلا تتكلمي!”

في هذه اللحظة تكلم الغراب الذي يقف على كتف أحد الحكماء، “اهدأ أخي فوغون، أنت تعرف كيف يفكر الشباب، التهور يسري في دمائهم..”

“…لكني لا ألوم الصغيرة إليس هذه المرة، أولئك الغرباء مثيرون للريبة بشكل كبير، وحقيقة تهديدهم لقبيلة غضب الشمال بهذا الشكل لا يمكن التغاضي عنه.” من تكلم هذه المرة كان هدهد يقف على كتف حكيم آخر بجوار فوغون.

“ماذا تركت للشباب يا ديباس إن كنتَ أنت تفكر بهذه الطريقة؟” جرذ سمين يقف على رأس أحد الحكماء نظر إلى الهدهد وتكلم، “وصف الأخ فوغون لذلك الجيش الذهبي وطريقة كلام زعيمهم صاحب الاسم الغريب روبين ما يزال عالقاً في ذهني، إنهم ليسوا أشخاصاً عاديين، ولا يمكننا معاملتهم على هذا الأساس…”

“هيه~ شكراً لحضوركم جميعاً في هذا الوقت الصعب، ورجاءً لا تهتموا لأسلوب ابنتي، إنها أكثر أبنائي موهبةً لكنها ما تزال لا تدرك كيف يسير العالم. مجرد فتاة لم تذق طعم تقبّل الإهانة وخفض الرأس في حياتها.” فوغون تكلم بنبرة اعتذارية ثم وضع يده اليسرى على صدره ونظر نحو الغراب والهدهد والجرذ.

“لا داعي، أخ فوغون. قد لا يمكننا المساعدة بجلب جيوشنا إليك مباشرة، ولا يمكننا حتى المجيء بأجسادنا الحقيقية، لكن على الأقل سنقف بجانبك أمام ذلك الروبين غير المنطقي. عندما نواجهه معاً ونخبره أننا صف واحد، سيحسن التصرف. ومن يعلم، قد نكتشف صديقاً جديداً بعد نهاية اليوم!” تكلم الغراب وهو ينظر نحو التلة المنحدرة الظاهرة في الأفق.

“هل أنت أحمق يا حديار؟ ألم تسمع فوغون يصف طريقة كلام ذلك المدعو روبين؟ يصف عالمنا بالكوكب، ويتكلم عن أشياء غريبة كالذي يدعى نطاق إمبراطور، كما أنه رفض التحدث عن المكان الذي جاء منه، وعن الأب الشجرة في منطقته. أي أب شجرة هذا الذي يستخدم السم ليشوّه الأجيال القادمة؟ نحن نعيش معهم في نفس العالم منذ أكثر من مئتي ألف سنة! هذا كذب واضح!” فتح الجرذ فمه وتكلم غاضباً، ثم هدأ قليلاً وقال بنبرة ثقيلة، “وكل هذا في كفة، ودعوته لنا بالبشر المحليين في كفة أخرى. إن كنا نحن محليين على حد قوله، فماذا يكون هو…”

“لا داعي للهلع يا شارفير. أليس جميعنا هنا لهذا السبب أيضاً؟ إنهم فعلاً مثيرون جداً للشبهة، لكننا لسنا ضعفاء! كل ما علينا فعله هو الاحتياط بشأنهم ونتقصى عنهم بشكل مطول. لكن حالياً علينا أن نكون في الصورة معهم، وإلا، عندما يصطدم بحرب حقيقية ضد الأب الشجرة هوفنهايم ويعلم كم هو صغير حقاً، قد يلتفت لمهاجمة أخينا فوغون ويأخذ أراضي قبيلة غضب الشمال. حتى لو تمكن الأخ فوغون من الفوز والاحتفاظ بأرضه، فقد يفقد الكثير من القوات في الحرب، وسيكونون في وضع سيئ جداً إن هاجمهم أحد الآباء الشجرة. وهذا شيء لا يمكننا السماح به، علينا وقف أي عداء من أوله.” تكلم الهدهد مجدداً.

“همف، أنتم أيها العجائز تفكرون أكثر من اللازم!” صاحت إليس فجأة، ثم نظرت لوالدها بنظرة حادة مليئة باللوم، “لا أصدق أنك قمت بالاستزاع لأوامر ذلك الشخص، وتحرك الجيش لحد التلة المنحدرة، وحتى أنك طلبت حضور تجسيد أقرب ثلاثة رؤساء قبائل فقط لأن كلمات ذلك الروبين كانت غريبة بعض الشيء! من يهتم إن قال بشر محليين أو كوكب أو أياً يكن؟ لعلها مصطلحات طوّروها بسبب العيش لوحدهم، ماذا سيكونون مثلاً؟ فضائيين جاؤوا لاحتلال كوكبنا؟!”

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
64
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x