من بعد المقاعد الأربعة، تحركت بقية السجاجيد، و الملايات، و السكاكين، و الملاعق، كل شيئ داخل الغرفة بدأ يركض نحو العملاق بجنون، ثم يلتفوا حوله لتقييد حركته أو ينغرزوا داخل مفاصل جسده!

“اااه!! كيف لمستخدم لهب أن يتحكم في الأغراض المادية بحق الجحيم؟!” صرخ العملاق الشاب عالياً عندما استشعر أنه لم يعد يمكنه التحرك بحرية… ففي النهاية حتى ملابسه ضاقت عليه.

هذه كانت قدرة نقل الحياة التي إبتكرها ريتشارد بنفسه…

قدرة سحب طاقة الحياة مباشرة من جسد خصمه كانت قوية جداً و تركته بشيئ غير متوقع، أين يذهب بكل طاقة الحياة التي يسحبها تلك؟

طاقة الحياة مختلفة بشكل كبير عن الطاقة الطبيعية، حتى هو كقديس، و لديه تقنية نار الحياة التي ابتكرها شخص يتدرب على الحقيقة السيادي، يستهلك نفسه لساعات من أجل زيادة طاقة الحياة في جسد الهدف ليعيش بعض أيام اضافية فقط!

طاقة الحياة التي بدأ يستخلصها من جسد ضحاياه كانت غريبة على محيطها، بعدما تخرج من جسد العملاق لا تدري ماذا تفعل، فهى ليست بالشيء الذي يتواجد في الطبيعة بدون وعاء يحتويها.

وجد ريتشارد بعد مقتل أول عملاق بطريقة استخلاص طاقة الحياة أن طاقته هبطت مكانها، و صنعت حديقة عشبية صغيرة داخل غرفته!

لذا في المرة الثانية عندما جلس فوق جثة العملاق حاول إمتصاص طاقة الحياة تلك لنفسه، و بالفعل نجح.. لكن بعد قليل وجد أن شريان حياته امتلأ على آخره و لم يسعه امتصاص المزيد، و مجدداً ضاعت معظم طاقة حياة العملاق.

أما في المرة الثالثة جائت ريتشارد فكرة… جمع تلك الطاقة بسرعة بإستخدام لهب الحياة، ثم إستخدم تقنية حقن الحياة التي يستخدمها فيلق الحياة في صنع وحوش اللهب بمساعدة فيلق النار، و قام بضخ طاقة حياة العملاق بالكامل داخل كرسيه الذي يجلس عليه في العادة…

كل كائن يحتاج لشيئين ليحيا، الأول هو الروح، و الثاني هو الجسد الحي… تقنية حقن الحياة تقوم بعمل إتصال ذهني مع أي كيان جامد فيشارك مستخدم التقنية روحه مع الهدف، و لذا يتحول الهدف تلقائياً لعبد يسعى لإرضاء من أعطاه حياته، و ينفذ كل أوامره بدون فرصة للتمرد، أما النصف الثاني من التقنية هو، و يقوم بضخ سيل بسيط من طاقة الحياة في جسده، و بالتالي يكون له روح و حياة.

لكن تلك التقنية الخاصة بفيلق الحياة تتيح لهم تحويل الأشياء الجامدة، و الطبيعية إلى كائنات حية بشكل مؤقت، فتلك التقنية تعتمد على ضخ مستخدم قانون الحياة الرئيسي للطاقة بشكل دائم في الهدف، و عندما ينقطع سيل الطاقة بين مستخدم التقنية و الهدف، يعود الهدف لكونه مجرد جماد..

أما فعلة ريتشارد ذلك اليوم قد تخطت مجرد تقنية ضخ الطاقة، فهو لم يمد الكرسي بسيل خفيف من طاقة الحياة، بل أعطاه طاقة حياة عملاق شاب الكاملة و الغنية!!

بعد تلك الحادثة تم اقتياد ريتشارد ليتم قطع أطرافه و تعذبيه بألف جلدة، لكنه كان يفكر في مصير الكرسي.. و عندما رجع تفاجئ مفاجأة سارة، الكرسي كان ما يزال حي بدون حاجة إلى وصل طاقة مستمر، لقد نجحت التجربة!

أسمى ريتشارد هذه القدرة الجديدة بـ نقل الحياة و بدأ يستخدمها في كل معاركه التالية، و في كل مرة يفوز يستخدم طاقة حياة العملاق ليحيي أحد الجوامد في غرفته، في سرية تامة أصبح لديه جيشه الخاص داخل غرفته..

حتى أنها تقدم خطوة أخرى في العبث بطاقة الحياة، و اصبح بإمكانه فصل جزء كبير من طاقته حياته هو و إرسالها لأي جماد ليتحكم فيه و يقويه، كما فعل الآن بملابس العملاق، ثم يقوم بتعويض هذا النقص عبر امتصاص جزء من طاقة حياة عملاق آخر حتى يملئ شريان حياته مجدداً…

*شوالاااا*

في تلك اللحظة تحولت كومة النار أمام ريتشارد إلى جندي لهب طوله أربع أمتار و بدأ يتقدم نحو العملاق بخطوات بطيئة…

“ما- ما هذا؟! لا.. هذا لا يجب أن يحدث!!” بؤبؤ عين العملاق توسعا على آخرهما من المشاهد أمامه، حاول تدمير الكراسي، و السجاجيد، و غيرها من الجوامد ليهرب، لكن تلك الأشياء كانت أقوى بكثير مما إعتقد، كلها كانت تحتوي على طاقة كبيرة داخلها تجعلها صلبة جداً، كما أنه كلما حاول تحريك أصابعه ليقوم بحيلة تُحرره، تفهم المقاعد ما يحدث و يوقفوه!

“تـ توقف! لقد قبلت بعرضك، لقد قبلت!!!” صاح العملاق أخيراً… لكنه لم يجد رد.

*شااا*

في اللحظة التالية طعن جندي اللهب نحو قلب العملاق.

“ااااااااااههـ~~!!!!” أعطى العملاق صرخة مدوية، و التي أخذت تنخفض شيئاً فشيئاً، حتى توقفت في النهاية مع توقف نبض قلبه.

لم يكن هنالك حرق واحد على جسد العملاق الشاب، ولا على ملابسه، لكن جسده القوي و عضلاته المفتولة لم يعد كما كان، ملابسه فجأة أصبحت واسعة عليه، و ملامحه تغيرت لعجوز يصارع المرض منذ مئات السنين.

*تاك تاك تاك*

تحركت المقاعد، و السجاجيد، و السكاكين، و عادت لمكانها، و كأن شيئاً لم يكن، تاركةً الجثة مرعبة المظهر وحيدة على الأرض.

“كان متبقي أسبوعين و اُنبت ذراع كامل هذه المرة.. ياللأسف~.” ريتشارد أخيراً تكلم و هو ينظر لأصابعه الناقصة.

 

منذ بداية القتال لم يرفع عينه لينظر نحو العملاق مرة واحدة، فقط اكتفي بتوديع أطرافه التي لم يعد يذكر متى كانت آخر مرة رآها كاملةً…

الكرسي الذي يجلس عليه ريتشارد حرك مسنده للأمام، و ربت على ظهره برفق، و كأنه يواسيه.

في المقابل ريتشارد مسح على مسند الكرسي بلطف، و تكلم بصوت مسموع. ” لا بأس يا تشيري، لا جديد يذكر، سنعاود الكرة فحسب… سيكون عليك أن تساعدني على الجلوس مجدداً للبعض أشهر القادمة، أعلم أن الأمر مزعج لك أيضاً هيهي، لكن هذا لن يستمر للأبد، أعدك بذلك…”

إهتز الكرسي عند سماع تلك الكلمات بخليط من الحماسة و الغضب…

 

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
64
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x