في ذلك اليوم وافق ريتشارد مجدداً على العودة لمعالجة المرضى، و العودة لنظام شراء الأطراف، لكن بشرط.. أن تعطيه قبيلة عزيل فرصة حتى يُشفى بالكامل اولاً، و كان له ما أراد.

في الربع الأخير من السنة السادسة له في نيهاري دخل أول مشتري بعد التوقف الذي دام لشهور…

هذه المرة لم يحاول ريتشارد إبراز مهاراته القتالية أو محاولة النجاة كما في السابق، بل تقدم ببطئ نحو العملاق، و كأنه رضى بقضاه، و جاهز لقطعه ذراعه، ثم فجأة قفز على رقبة ذلك العملاق و قضمها، ثم أشعل اللهب الأخضر في كلاهما!!

الصرخات اليائسة ملأت القصر، و صدت خارجه، الجميع ظن أنه صرخات ريتشارد الذي تُتنزع أطرافه مجدداً، فلم يتحرك الحراس خطوة، و لم يهتم أحد المرضى في الصف..

فقط عندما تأخر العملاق في الخروج دخل أحد الحراس ليستعجله، و يخبره أن يأخذ وجبته للخارج، فوجد ما لم يتوقعه ابداً..

وجد جثة عملاق عجوز مات من تقدم العمر، و فوق الجثة يجلس ريتشارد بفم ملطخ بالدماء ينظر نحو أعين العملاق المفتقرة للحياة بجنون، و يقهقه بصوت منخفض…

تقنية القتل هذه لم تكن مدونة بوضوح في التقنية التي تسلمها ريتشارد من أمه، لكنه تسائل.. طالما يمكنني تحول الطاقة الطبيعية إلى طاقة حياة، ثم ضخها في شريان حياة الهدف لإطالة العمر، لماذا لا يمكنني فعل العكس؟!

…من أجل صنع قانون الحياة الرئيسي يجب وضع معرفة ولو سطحية عن قانون الموت الرئيسي، نفس القانون الذي تم به تطعيم قانون النار الرئيسي من أجل إنتاج تقنية لهب الحياة!

و الآن تم استعراض هذه المعرفة بشكل كامل.

كانت هذه هى أول مرة يقتل فيها ريتشارد، و مع ذلك لم يشعر بأي ندم أو حزن، بل كانت واحدة من أسعد لحظات حياته…

لكن *يجب أن لا يموت أحد الطرفين* كانت هذه هى قوانين القتال التي وضعتها قبيلة عزيل، لذا عندما تم الإبلاغ عن واقعة مقتل أحد أقارب زعيم قبيلة كارات الشمالية، تم أمر الحراس بجلد ريتشارد ألف جلدة في العلن، و قطع أطرافه الأربعة و بيعهم في مزاد لتعويض الخسائر و أيضاً لجعل ريتشارد يعرف خطأه ولا يكرره مجدداً.

لكن على عكس ظنهم، ريتشارد لم يفهم الدرس جيداً… فبعد ثلاثة أشهر أخرى، و قبل أن يتعافى ريتشارد بالكامل حتى، تكررت الواقعة.

لكن هذه المرة أخذ ريتشارد خطوة أخرى بعد قتل العملاق فأخرج قلبه، ثم خرج في العلن أمام *المرضى* و اخذ قضمة منه و هو يضحك بجنون.

ثم الواقعة الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة..!!

كل مرة يفعل ريتشارد شيئ بالجثة أسوأ من سابقتها، و كل مرة تتضاعف عقوبته أكثر من السابق… سائت العواقب لدرجة ان حتى قانون الحياة الرئيسي كاذ ان يخذله أكثر من مرة، لكن الحراس توقفوا بسرعة ليعطوه فرصة ليلتقط انفاسه، قبل ان يكملوا تعذيبهم.

و مع ذلك لم يتوقف ريتشارد عن قتل اي عملاق يحاول أخذ قطعة منه.

ريتشارد بدأ بقتل العمالقة أول مرة لأنه ظن أن هذا سيردع البقية عنه، لكن للأسف هذا لم يحدث، بل إستمروا بنفس الوتيرة و ربما زادوا.

لكنه مع ذلك إستمر في القتل على اي حال، مع انه يخسر اربعة أطراف بدلاً من واحد.

قتل أحد أولائك السفلة بين كل حين، و اخر ببساطة كان ممتع جدا.

و مع ان قبيلة عزيل واجهت الكثير من الضغط، و المشاكل من القبائل الشمالية الأخرى بسبب مقتل شبابهم على يد ريتشارد، إلى أن مع ذلك عدد المتقدمين للمحاولة لم يقل إطلاقا، فالاثرياء لم يعودوا يريدون قطعة من ريتشارد لأنه لذيذ فقط، بل الآن أخذ تلك القطعة أصبح يمثل تحديا بالنسبة لهم!

لذلك قاموا برفض الاقتراحات الموجهة لهم أن يضعوا تنين داخل القصر لمراقبة النزال و يوقف ريتشارد إن حاول القتل، قائلين إن من لا يملك الثقة في نفسه لا يُقبل على تحدي طبيب اللهب الأخضر مشعلين بذلك روح التحدي في الشباب أكثر…

عندما يقتل ريتشارد شخص هم يأخذون منه أطرافه الأربعة، و يربحون بشكل خيالي في المزادات، لماذا قد يوقفوا مصدر ربح كهذا؟ لو القرار لهم هم سيوقفوا التحدي و يبيعوا أطرافه بشكل مستمر فحسب، لكنه رفض وهدد بالإنتحار وقتها، إن كان ذلك البشري الصغير سيعطيهم نفس تلك الأطراف عبر قتل الشباب الواعدين من القبائل الأخرى، فلماذا قد يغضبوا؟ ليفعل ما يريد فعله، و هم يقوموا بعرض تافه كجِلده أمام الجميع كنوع من العقاب لتهدئة أهل القتيل، ثم يدعوا السماء أن يكررها مجدداً!
إن كانت كرامته أهم عنده من مصلحته، و يريد فقدان أطرافه الأربعة بدل واحد، لماذا قد يضعوا قيود عليه ليمنعوه؟!

…خلال الأعوام الأربعة التالية تمكن 6 فقط من المحاربين قدامى، و العباقرة من النجاح في تفادي لهب الحياة، و أخذ أحد أطراف ريتشارد… آخرهم كان ريتشارد بعمر العشرون عام تقريباً.

الآن ريتشارد عمره 26 عام، آخر مرة انتصر عليه عملاق في مثل مستواه كان منذ أكثر من خمس سنوات.

لم يعرف أحد ماذا يحدث داخل القصر، و كيف ينتصر ريتشارد، لكن الإنتصار عليه الآن أصبح بلا شك أحد شهادات القوة التي يمكن لأي عملاق نيلها.

~~~~~~~~~

نظر ريتشارد إبن الـ 26 عام في وجه العملاق الشاب أمامه بدون مشاعر بادية، و سأل بصوت منخفض. ” لأخر مرة سأسألك، ألا وسيلة غير القتال؟ سأعطيك فرصة للخروج الآن محتفظاً بكرامتك، قل أنك هزمتني، لكنك كنت كريم و لم ترد قطع أحد أطرافي وأنا سأصدق على كلامك، ما رأيك؟”

نظر العملاق نحو ريتشارد بسخرية، “همف، اتعتقد إني دفعت عشرة آلاف درة لقبيلة عزيل، وألف درة إضافية كرشوة لتسريع دوري، من أجل ان تعطيني شهادة بأني قوي؟ هاها يا للحماقة، اليوم سأنتزع تلك الشهادة، و التي هي ذراعك! يقال إن كل من ماتوا كان بسبب تقدمهم في العمر بسرعة، كل ما علي فعله هو تجنب لهبك، صحيح؟ لدي وسيلة لذلك! هيا بنا!!”

“…هيه~ حسناً إذاً.” تنهد ريتشارد، و نظر للأسف نحو ذراعيه و قدميه…

“هاي، لا أحب أن ينظر أحد لطعامي! هااااهاها” ضحك العملاق بصوت عالٍ، وتقدم بسرعة.

*سووش سوووش سووووش سوووووش*

أربع كرات لهب خضراء قفزت من كومة النار الموقدة أمام ريتشارد، و توجهت نحو العملاق بسرعة.

عندما رأى العملاق كرات اللهب قادمة نحوه تحولت ملامحه للتركيز التام، فتوقف عن الضحك، ثم اندفع للخلف بسرعة، و قام بتفعيل وشم الرياح الإلهي من الدرجة الثانية على فخذه الأيمن.

كلما إقتربت منه إحدى الكرات الأربعة تفاداها بشق الأنفس، و عندما اقتربت إحدى الكرات بسرعة من خلفه لدرجة أن التفادي لم يعد خياراً، قام بتفعيل وشم المياه الإلهي من الدرجة الثانية على ذراعه الأيمن، و قام بتعمل حائط مائي صغير أمامها، فتبخرت كرة اللهب عندما إصطدمت به.

*تششششـ*

*تششـ تششـ تششـ*

“هاهاهاها أرأيت؟ أنا المضاد التام لكل مستخدمي اللهب، أنا سأكون المنتصر اليوم، إسمي سيصدى في كل أنحاء المنطقة الشمالية!!” صاح العملاق بصوت عالٍ عندما رأى كرة اللهب تتبخر، و بدأ يتصور مشهد اصدقاءه، و هم ينظرون له بإحترام بعدما يخرج، و معه ذراع ريتشارد، كأول منتصر عليه منذ أكثر من خمس سنوات.

لكن فورما بدأ يتقدم متحمساً نحو ريتشارد مجدداً، شعر بشأن يمسك بقدمه من الأسفل و قام بعرقلته *طاخ*

نظر العملاق نحو قدمه ليرى ما يحدث، فوجد سجادة على الأرض مُلتفة حول قدميه، لو كانت سجادة عادية لإنقطعت منذ فترة! فصاح مستغرباً “أي نوع من السحر هو هذا؟”

*تاك تاك تاك*

لم يكد حتى يستوعب ما حدث للتو حتى سمع صوت خطوات قادمة نحوه، من قد يكون موجود في مكان كهذا؟ كاد أن يصرخ للحراس القادمين أن يبتعدوا و أنه ما يزال يمكنه القتال بعد إحراق تلك السجادة.

لكنه فقد النطق عندما نظر نحو مصدر الخطوات فوجد أربع كراسي تركض نحوه بسرعة كأنها وحوش جائعة رأت قطعة لحم…

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
27
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x