من منطلق علاج روحه أولاً، أكمل روبين بقية أيامه داخل خيمة السجناء..

يقضي جزء كبير من يومه في محاولة إستنتاج تقنية للإستفادة من الغيمة الكهربية الهائلة الموجودة داخل نطاقه الروحي من اجل شفاء روحه بأقصى سرعة ممكنة، لكن إصاباته كانت تمنعه من التركيز بالكامل..

بعد كل ساعة يقضيها في البحث كان عليه إراحة نفسه من التفكير لساعتنين أخريين، و حتى في هاتين الساعتين لم ينم، أو يجلس متأملاً، بل قضاهم في تشريح البراعم…

بعد مرور شهرين، و نصف منذ الوصول لكوكب جرينلاند تمكن روبين أخيراً من تعديل تقنية تجديد الروح إلى تقنية تجمع بين التدريب، و العلاج… و أسماها تقنية ملئ الروح.

مبادئ عمل تلك التقنية لا تختلف كثيراً عن تقنية تجديد الروح، فتقنية تجديد الروح صُنعت لتعويض النقص الناتج عن إرهاق الروح، و إرجاعها لأصلها… الفارق بينهما أنه تقنية ملئ الروح تحتاج هدف لإمتصاص الطاقة الروحية منه، و تحويلها لطاقة روح لمُستخدم التقنية بشكل مباشر، تلك الطاقة الروحية الجديدة ستحاول ملئ أي فراغات، او إصابات أولاً بعدها ستبدأ بتقوية روح مستخدم التقنية، و لهذا هى مثالية سواء في الإستشفاء، أو التقوية، أفضل حتى من تقنية تقوية الروح!

العيب الوحيد أنه لا *هدف* في الطبيعه يمكن للمرء منه امتصاص الطاقة الروحية بشكل مباشر، ليس كدرر الطاقة مثلاً التي يمكن منها امتصاص الطاقة الطبيعية، تقنية ملئ الروح مصنوعة بالمقاس على حالة روبين فقط!

لكن حتى و إن كانت صنعت لفترة محدودة، تلك التقنية ستوفر على روبين عشرات، أو حتى مئات السنين.

فبعد اول تجربة، أدرك روبين أنه سيحتاج ما لا يزيد عن 3 أعوام حتى تُعالج روحه بشكل كامل!

ظهرت نتائج التقنية بشكل جلي خلال الأسبوعية الذان تلى صنعها، نوبات الصداع خفت بشكل كبير، و تركيز روبين إزداد بشكل ملحوظ.. خلال أسبوعين فقط!

لذا حتى أثناء نقاش روبين الطويل، و المثمر مع فوغون لم يصبه نوبة الصداع سوى مرة واحد، و لم يفقد تركيزه ولا مرة..

لقد كان نجاح ساحق!

بعد أسبوع واحد من الآن ستبدأ أول حرب حقيقية ضد أب شجرة منذ مئات آلاف السنين.
————————————-

في نفس الوقت في كوكب نيهاري

المنطقة الشمالية- داخل عاصمة قبيلة عزيل

*خطوة خطوة خطوة*

“ااه~ طبيب اللهب الأخضر، أخيراً تمكنت من لقائك، أتعلم كم انتظرت حتى أحصل على فرصة للجلوس أمامك؟” دخل شخص من جنس عمالقة نيهاري من الباب، و تكلم و هو فاتح ذراعيه فرحاً.

“ما عِلتك.” رد ريتشارد بإقتطاب، ما يزال ينظر في اللهب الأخضر الموقد أمامه بعينان منكسرتين.

اليوم لم يكن مختلف عن أي يوم آخر في تلك الحجرة الصغيرة، عليه العمل لأربع أيام متتالية بدون أخذ راحة، ثم يأخذ مهلة 4 ساعات للنوم، و الراحة، بعدها يعيد الكَرة من البداية.

سحب السم، علاج الإصابات الخطيرة، و إطالة العمر لبضع أيام في المرة… هذه هى كل مواصفات عمل ريتشارد، او بمعنى أصح مواصفات حياته حالياً.

كل ما يحدث هو أن المريض يدخل، و يذكر عِلته بعدها يرسل ريتشارد اللهب الأخضر لمنطقة معينة في جسده، ثم يخرج المريض فرحاً، و يبق ريتشارد مكانه ينتظر التالي.

“في الحقيقة أنا أشعر بأن لدي إصابة هنا.” أشار العملاق نحو صدره ثم تابع. ” هلا جئت و تحسست المنطقة؟”

“لا داعي، حسي الروحي كافٍ لكشف أي مشكلة.” رد ريتشارد بإقتطاب، ثم بدأ بتفعيل حسه الروحي و ارسله نحو جسد العملاق.

بعد بضع ثوان عقد ريتشارد حاجبيه قليلاً وتكلم بإستغراب. ” لا يوجد شيئ غريب في صدرك.”

“كيف؟ أتنعتني بالكذب أيها الانسان؟ تعال و ضع يدك على صدري، و ستشعر بما أشعر به!” ضرب العملاق على صدره، و صاح غاضباً.

“…هيه~ أأنت منهم؟ عليك ان تعلم ان فرصة نجاحك ضعيفة جداً، لم ينجح أحد خلال آخر خمس سنوات، المحاولة سوف تكلفك حياتك.” تنهد ريتشارد، و نظر في وجه العملاق لأول مرة منذ دخوله… لقد كان عملاق يافع لم يتخط الـ 50 من عمره، في قمة مستوى شامان *قديس* و كان واضح من ملابسه، و الحلق المًدلدل من أذنه أنه ليس شخص عادي.

” هيهي ذكي، لكن ضعف فرصة النجاح لا يعني بالضرورة إني سأفشل، ألم ينجح أكثر من ثلاثون شخص قبلي؟” قهقه العملاق، ” ثانياً انا لم أتي لأحاول أخذ غصباً بل لأشتريها منك، أعطني ثمن.”

“…ذراعي ليست للبيع.” رد ريتشارد ببطئ و هدوء شديدين. ” إن اردتها سيكون عليك قطعها بنفسك.”

“و لم لا؟ كل شيئ له سعر! أنت يمكنك إنماء ذراعك مجدداً، لقد قُطعت، و اُكلت عشرات المرات في السابق، لكنك تعيد انمائها من جديد خلال بضع أشهر، اعطني واحدة لأكسب الرهان مع أصدقائي و سأعطيك خمس درر طاقة! أحذرك، انا قوي! أقطع ذراعك بنفسك، و خذ الدرر أفضل فالنتيجة واحدة.” تكلم العملاق الشاب بسرعة متحمساً.

لم يرد ريتشارد مباشرة، فقط اكتفى بالنظر في أعين ذلك العملاق لبضع ثوان بدون قول كلمة…

هذا النوع من المحادثات لم يكن غير شائع، بل يتكرر كل بضع شهور، أو حتى كل بضع أسابيع أحياناً!

*طبيب اللهب الاخضر* مهما كان مشهور و يعتمد عليه فهو في النهاية إنسان، و عِرق خاص من البشر لحمهُ أرق، و عظامه أدق، فكيف لا يسيل لعاب العمالقة أكله لحوم البشر عليه؟

لم يعرف الجميع قيمة ما يقوم به ريتشارد، ما الفارق بينه و بين الأطباء الآخرين؟ أنه أسرع قليلاً؟ هذا يمكن التغضي عنه.. أنه يمكنه إطالة العمر؟ هو فقط يمكنه تزويد شريان الحياة ببضع قطرات إضافية من طاقة الحياة تكفي لبضع أيام زيادة في الجلسة الواحدة، كيف لبضع أيام أن تعطيه هذه القيمة؟

بالطبع، العجائز الذين يقتربون من ساعتهم يعرفون جيداً ان كل دقيقة لها ثمن، لكن الشباب المعتدين بصحتهم ببساطة لا يروا فائدة من هذا… فلماذا قد يحترموه؟

لكن *للأسف* بالنسبة لهم، قبيلة عزيل تُقدر ذلك البشري أكثر من اللازم، و اعلنت أنهم قاموا بتعيين أباطرة لحمايته، فمن يجرؤ على قتله و أكله؟

لكن أحد أبناء أحد رؤساء القبائل الـ 11 الآخرين لم يكن مقتنع بأنه لا يمكنه الحصول على ما يريد، فدخل لريتشارد كمريض بعد عامين فقط من وصوله لكوكب نيهاري، ثم قام بحركة سريعة بقطع ساق ريتشارد اليسرى و بدأ يأكلها أمامه، يستمع لصرخات ريتشارد الدامية و كأنها الموسقى المصاحبة لوجبته الدسمة!

الحادثة مرت على ذلك السيد الشاب بسلام لأن ريتشارد كان ما يزال حي، و ما يزال يمكنه علاج الناس، ذلك العملاق كان عليه فقط دفع عشرة آلاف درة طاقة بسبب عدم إحترام قوانين قبيلة عزيل.

و يا ليت ذلك الشاب سكت…

بعد الحادثة حاول أعداء الشاب إشاعة أنه غبي لأنه خسر تلك الكمية من الدرر، كمية تكفي لتكون خزينة قبيلة إحدى قبائل العمالقة في المنطقة الشرقية أو الغربية من الكوكب!

حتى يبرر الشاب دفعه لعشرة آلاف درة طاقة من أجل فخذ بشري، أشاع للجميع ان لحم طبيب اللهب الاخضر هو أفضل لحم أكله في حياته، و انه يستحق كل درة، و انه من لم يتذوقه قد فاته الكثير!

فأسال بذلك الكثير من اللعاب…

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
11
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x