أمام معسكر الكتيبة الذهبية–
“نحيي معاليك!”
” نحيي معاليك!!”
وسط انحناءات جنود الكتيبة الذهبية الواقفين على الحدود تقدم روبين، و وراءه ثلاث ظلال، لم يكلف أحد الأربعة نفسه بالرد على اياً من التحيات المرسلة لهم، كلاٍ منهم كان يشغله شيئ معين لدرجة غياب ذهنه…
أخيراً سأل أليكساندر ما يدور في باله. “معاليك، ماذا إن قرر البشر المحليين المجئ للتلة بعد اسبوع، ألن يصطدموا بهذه الحدود عندها؟ هل أترك تعليمات أن يتركوهم يمروا؟”
” همم؟ إن كانوا سيسمحوا لهم بالمرور بجيشهم فما الفائدة من الوجود هنا إذاً؟ الأفضل أن نسحب الرجال من هنا بالكامل، و نرجع للتلة، وجودنا هنا بلا فائدة.” رد روبين بصوت منخفض، كان واضح أنه أيضاً شارد الذهن.
“نتراجع؟ لكن ماذا لو أخذ ذلك الفوغون الفرصة، و احتل المزيد من الاراضي، أو تقدم نحو التلة المنحدرة بالفعل، لكن بنية قتالنا هناك؟”
” لا بأس، لا بأس، لقد رسمت الحدود، و انتهى الأمر، لو يريدوا التصرف بحماقة فليفعلوا، متى ستكبر يا ولد، أتظن إني أهتم لهذه الحدود؟ الكوكب كله أصبح ساحة لعب بالنسبة لنا، أتعتقد إني سأغضب لأن بعض المحليين سيتخطوا حدود خيالية قمت برسمها؟.” رفع روبين كتفيه قليلاً، و هو ما يزال يتحرك.
“لكن إن إنتهكوا الحدود ألن نبدأ حرب معهم؟ أليس علينا تجنب هذا الصدام مع المحليين، و ان نتخذهم أتباع لك؟ أليس هذا الغرض من كل ما حدث اليوم؟” سأل قيصر مستغرباً.
هز روبين رأسه. ” كلا، الغرض منه هو أعطائهم وهم و لو مؤقت أننا من سكان هذا العالم، هذا كله من أجل وضع القواعد كما فعلت في نهاية النقاش معهم، بدلاً من أن كنا غزاة، و هم في وضع الدفاع المستميت، الآن نحن جيرانهم ،و هم من سيهجموا علينا، هذا سيتأكد لدى كل البشر المحليين عندما يعلن فوغون عن اعتذاره و يرسل لنا كل تلك الهدايا. لقد سمعتم بأنفسكم، هم يمكنهم التواصل مع بقية القبائل على الكوكب، بالتأكيد سيصل لهم أخبار ما يحصل هنا حتى لو أراد فوغون اخفائها، يستحيل إخفاء حقيقة أن هوفنهايم استخدم هجوم إسقاط الصواعق، أو أن قبيلة غضب الشمال استحوذت على ألاف الكيلومترات المربعة من أرض سيطرة هوفنهايم.”
ثم تابع. ” لو قبيلة غضب الشمال هاجمونا فلا بأس، ستكون قبيلة بشر ضد قبيلة بشر، كما أنهم سيكونوا المعتدين لذا ستكون معنويات جنودهم اقل بكثير، و بقية قبائل البشر لن تأخذ جانب واضح ضدنا، بل سيحاولوا التواصل معنا بعدها، هنالك فارق كبيرة جداً بين وجود فضائيين جاؤوا للتدمير، و قبيلة بشرية حلت محل واحدة أخرى~. إن جُن فوغون وفعلوها فسنسحقهم، و نجعل منهم عبرة لبقية قبائل البشر، و الآباء الأشجار الباقيين في هذا العالم، هذا سيثبت هيبتنا، و يجعل بقية القبائل البشرية تشخانا، و تحاول التواصل معنا للتعلق في أرجلنا، خاصة بعدما نقضي على هوفنهايم… و لو كان لديهم بعض الذكاء فسينضموا لنا، و يعملوا تحت إمرتي، و سيكونوا أول قبيلة تم إخضاعها بشكل غير مباشر في هذا العالم، كما أنهم سيكونوا مفتاح للتواصل مع بقية القبائل، و ضمهم تحت لوائنا أيضاً… أنه مكسب لنا في جميع الحالات.”
“…” كلاً من أليكساندر، و قيصر نظروا لبعضهم لا ارادياً بحاجبين مرفوعين، و اعين واسعة و كأنهم ادركا شيئاً للتو.
ثم تابع روبين مغيراً الموضوع. “لقد طلبت من فوغون هدية لكل جندي في الكتيبة الذهبية بحيث ان لا تتكرر الهدية أكثر من عشر مرات، هذا يعني انه خلال الأيام القليلة القادمة سيرسل على الاقل 4000 نوع مختلف من الموارد المختلفة من الكوكب، هذا سيعطينا فكرة عن موارد هذا الكوكب و سيوفر علينا الكثير من الوقت كنا سنضيعه في جمع تلك الموارد… أريدكم ان تسلموا كل تلك الموارد لفيلقا رسام النقوش و الحدادين الإلهيين فور وصولهم.”
“حاضر.”
“مُعلمي، ألا تعتقد أنك قد نسيت شيئ؟” سأل جابا فجاة.
” همم؟ ما هو؟” سأل روبين بغير إهتمام.
“السحرة.. ألم يتكلم رئيس قبيلة غضب الشمال فوغون عن سلاح السحرة لدى الأب الشجرة هوفنهايم؟ نحن لم نحصل عن أي تفاصيل حوله، ماذا سيحصل لو صادفناهم عند بدأ الحرب الحقيقية بعد أسبوع؟”
*بام*
توقف روبين وضرب على جبهته فجأة. ” اخخخخخ أخذنا الكلام، و نسيت ان ارجع لأسئله عن حقيقتهم!”
ثم تنهد، و تابع التقدم نحو إتجاه معين. ” لا يهم، سنعرفهم عندما نراهم… أنا سأسبقكم للتلة المنحدرة، و أتابع عملية الاستشفاء، لا أريد أي إزعاج حتى يوم مجيئ بقية الجيش، مفهوم؟”
“حاضر!” ردد الثلاثة معاً، و انحنوا قليلاً، وهم يشاهدوا روبين يتقدم بسرعة نحو التلة المنحدرة، بعدها ذهب ثلاثتهم نحو خيمة القيادة ليخبروا العجوز غو، و فيكتوريا بما جرى…
————————–
بعد قليل– داخل خيمة روبين فوق التل المنحدرة.
بعد وصول روبين للتلة خرجت إليزابيث، و زارا، و بضع أشخاص في قمة مستوى حكيم لإستقباله، و سؤاله عن ما جرى، لكنه أخبرهم أن يطلبوا من جابا تقرير مفصل، ثم تركهم، و دخل خيمته فوراً بدون تأجيل.
“هاااا…. هوووو….”
بعد دخوله للخيمة جلس فوراً في وضع القرفصاء، أغلق عينيه، و بدأ يضبط سرعة تنفسه، و معدلات نبضه، و بقية المؤشرات الحيوية في جسده.
“هاااا…. هوووو….”
و من ثم..
* سكون…*
كل شيئ حول روبين بدى و كأنه تجمد، صوت أنفاسه أصبح خافت جداً، و كأنه توقف عن التنفس بالكامل، حتى نبضات قلبه، و صوت الدماء تجري في عروقه، كل شئ بدى و كأنه توقف… في لحظة واحدة تحول جسد روبين لما يشبه الجثة.
فتح روبين عينيه مجدداً، لكن هذه المرة لم يرى الخيمة أمامه، كل شيئ حوله تغير…
لم يعد هنالك ضوء النهار الذي يداعب الخيمة من الخارج، ولا أصوات العصافير و الحشرات، المكان حوله الآن كان شديد البياض بدون أي صوت أو ضوء، لم يكن يوجد سوى شيئ واحد…
غيمة فضية شديدة الكثافة، و هائلة الحجم، مليئة بالصواعق التي تظهر، و تختفي، لو ظهرت هذه الغيمة في الخارج لربما غلفت الكوكب كله.
الموضوع التاليالموضوع السابق