بعد حوالي دقيقة كاملة رخى فوغون قبضته قليلاً، وتكلم بجدية. “…لقد أمرت بما رأيته مناسباً، رأيت جيش غريب، و تعاملت معه على هذا الأساس، لذا أعذرني، لا أرى داعياً للإعتذار من أحد.”
“ربما يكون معك حق…” أومئ روبين برأسه بضع مرات، ثم بدأ يقهقه فجأة. ” لكني ما زلت أريد اعتذار لائق.”
” و إلا..؟” عقد فوغون حاجبيه بشدة.
حنى روبين ظهره للأمام قليلاً، و غمز بعينه اليسرى لفوغون، ” فلنترك هذه كمفاجأة…”
*كراااااش*
*أبي، ما الذي تفعله؟ قبل قليل كنت تحاول تقنعهم أننا عائلة، ماذا حدث فجأة؟ ألسنا بحاجة لمساعدتهم في السيطرة على الكوكب؟ أكنت تريد المعلومات فحسب؟!* قيصر تجاهل أصوات تهشم العظام الصادرة من قبضة فوغون، و أرسل لروبين بسرعة عبر تقنية نقل الخواطر
*هيهي و هل نحتاج لمساعدة؟ كما قلت انت، الكتيبة الذهبية وحدها يمكنها تدمير جيش البشر المحليين هذا، كما أني رأيت بوابة الفضاء قبل مجيئي إلى هنا، العمل عليها سينتهي خلال 7 أيام بحد اقصى، بعدما يصل بقية الجيش لن يكون علينا القلق بشأن أحد! كما أني لا أحتاج معلوماتهم، كان يمكنني القبض على بعضهم، و اجراء عملية بحث الروح فحسب* رد روبين بتقنية نقل الخواطر ايضاً، لكن هذه المرة أرسل لأليكساندر، و جابا أيضاً لأنه يعلم أنه مضطربون أيضاً، * هل يمكن لأحدكم تخمين ما يحدث الآن؟*
*..تريد ان تخبرهم من هو الزعيم، حتى يتبعوك، و يكونوا حلفائك فيما بعد؟* رد جابا بطريقة غير واثقة.
*كلا، لماذا قد احتاجهم ان يتبعوني مكرهين؟ كل ما سيحدث انهم سيحقدوا علي فحسب، كما أننا ببساطة لسنا بحاجة لهم حالياً، لماذا قد احاول التقرب منهم، و أقويهم، و اعتبرهم حلفاء؟ لقد سئمت من إعطاء إعتبار لمن لا اعتبار لهم، سئمت من تقوية أشخاص، و إثرائهم فقط ليضربوني بالخناجر من الخلف، لقد تحامقت كثيراً برفع شأن أشخاص، و جعلهم مساويين لي، لكن هذا يكفي… من يريد أن يكون حليفي عليه أن يكون مساوٍ لي أولاً!*
رسالة روبين وصلت لأذهان جابا، و قيصر، و أليكساندر في نفس الوقت، فبدأوا بالنظر لبعضهم بأطراف أعينهم بنظرات غريبة، و حواجب غارقة.
كلمات روبين كانت مليئة بالعزة، و القوة، و في نفس الوقت مليئة الحزن، و الوجع.
*إحم..ماذا عنك يا أليكساندر، لديك تفسير؟* اكمل روبين عندما وجد أن المحاضرة الصغيرة توقفت فجأة.
أليكساندر رفع حاجبيه قليلاً عند سماع سؤال روبين الموجه له خصيصاً، ثم نظر نحو فوغون و إبنته الذان كانا ما يزال صامتان، لكن واضح انهما يشتاطان غضباً، مجرد كلمة خاطئة من فوغون الآن قد تتسبب في إندلاع معركة كبيرة في لحظة… معاليه يستغل وقت كهذا لتعليتهم فنون القيادة؟
ركز أليكساندر لبضع ثوان، ثم أرسل عبر تقنية نقل الخواطر. *…انت تريدهم أن يعترفوا بنا قبيلة بشرية جديدة فحسب*
*هاها صحيح! سنواتك التي قضيتها في حكم إمبراطورية الرياح لم تضع هباءً يا أليكساندر.* إبتسامة روبين كانت واضحة و هو يقول هذا.
هز أليكساندر رأسه بنصف إبتسامة، أن يتم الثناء عليه بهذه الطريقة من شخص لم يبلغ حتى ربع عمره يعطي انطباع غريباً جداً..
* إن كنت لا تحتاج قوتهم، و لا معلوماتهم، في ماذا قد يفيدك اعترافهم يا ابي؟!* سأل قيصر بسرعة.
*ستعرف بعد قليل…* تكلم روبين بثقة.
لم يضف قيصر، أو البقية كلمة أخرى، فقط رفعوا أعينهم ليراقبوا تحركات فوغون مجدداً، مستعدين للتحرك في أي لحظة إن حاول الهجوم، لكن هذه المرة نظرتهم تحولت من الاضطراب إلى ثقة مطلقة.
بعد 3 دقائق كاملة–.
” ما نوع الاعتذار الذي تقصده…” أغلق فوغون عيناه أخيراً، و سأل بصوت منخفض.
“أبي!!” صاحت إليس مندهشة، و أخذت خطوتين للأمام، لكنها سرعان ما قبضت على رمحها بقوة و عادت مكانها.
ليس الأمر و كأنها لا تفهم والدها، لقد رأوا مقدار قوة الكتيبة الذهبية بأم أعينهم، و زعيمهم الآن يتكلم عن تدمير روح الاب الشجرة هوفنهايم نفسه؟ و هذا مجرد ما رأوه، و سمعوه، قوة هذه القبيلة الجديدة ما تزال مجهولة، كما أنه من الواضح أنهم لا يعبؤون بالقرابة، و هذه السخافات التي قالها زعيمهم روبين في البداية، أنهم يريدون فرض سيطرتهم أينما ذهبوا فحسب.
لكن حتى بمعرفة هذا.. كيف يمكن المخاطرة بكسب عدو قوي جديد بينما الأب الشجرة هوفنهايم نفسه ما يزال على حدودهم يريد تدميرهم ليل نهار؟
روبين و جيشه لم يأتوا للبحث عن أقارب ولم للشمل كما كان يقول! هم فقط وجدوا في أنفسهم القوة لحكم كل ما تطأه أقدامهم، و هم يريدون ممارسة هذه القوة الآن!
افضل نتيجة يمكن الخروج بها من هذه المحادثة هو أن لا تكون طلبات زعيم القبيلة الجديدة مبالغ فيها، و أنه لم يأتي للإستيلاء على أراضيهم، و إخضاعهم لحكمه بالكامل.
حتى صباح اليوم كانوا يدفعون جيش القبيلة الجديدة للخلف بحماسة عالية، و يتصرفون كما يحلو لهم، لكن الآن يتم تهديدهم في عقر دارهم.
إليس شعرت بالإختناق فجأة… أكان هذا ليحدث لو عاملوا جيش روبين بالحُسنى منذ البداية، و لم يفضلوا أخذ المزيد الأراضي على معاداتهم؟ ألم يكن هذا الروبين كان ليحاول إخضاعهم على أي حال؟
” جيد، يبدو أن انعزالكم عن بقية قبائل البشر لم يفقدكم الحس السليم بالكامل.” أومئ روبين مبتسماً. ” لا داعي للقلق، أنا لا اطلب شيئ كبير، أنا أريد مجرد اعتذار علني منك أمام قبيلتك أنك اخطأتك في حقنا، و أننا قبيلة حليفة لم تسمع عنها من قبل، و اممم.. أعطي جنودي بضع هدايا كتعويض عن الضرر النفسي، ربما بضع أسلحة، و أحجار كريمة، و أعشاب مختلفة، يعني.. أشياء بسيطة كهذه~ لا يشترط أن تكون كل الأشياء ثمينة جداً، فقط لا أريد أكثر من عشرة نسخ من نفس الغرض، هذا يعني أني سأنتظر أربعة آلاف نوع مختلف من الهدايا على الاقل. الموضوع بسيط ها؟”
*شهيق عميق*
“…لا بأس، يمكننا ترتيب ذلك.” تكلم فوغون بثقل كبير، لكن شيئ ما أرتاح بداخله تلقائياً.
“جيد!” ضرب روبين على فخذه. “ الآن و قد انتهينا من هذا فلدي رجاء بسيط.”
“.. ما هو؟” سأل فوغون بنبرة ثقيلة .
“لا داعي لأخذ الموضوع بجدية، هو شيئ بسيط و لعلك استنتجته بالفعل،” لوَح روبين بيده اليمنى، ثم اكمل. ” كل ما في الأمر انكم ستتوقفوا عند هذه النقطة، يمكنكم حفر الخنادق كما تريدون هنا، و أخذ كل تلك الاراضي التي استوليتم عليها بسبب جهودي، و جهود جيشي، لكن بدأً من هذه النقطة ستكون أراضي قبيلتي انا.”
“ما-!؟ انت.. تريد إبتلاع دائرة سيطرة الاب الشجرة هوفنهايم بمفردك؟!” صاحت إليس.
روبين نظر نحو إليس، و تكلم مبتسماً، و فاتحاً عينيه بالكامل. ” و ما المشكلة يا آنسة؟ هل صدقتم أنفسكم أنكم ساعدتم بشيئ أم ماذا؟ نحن من قمنا بالنخر في أراضي الأب الشجرة هوفنهايم، قتلنا الملايين من البراعم، تحملنا قدرة هجوم الصواعق و قمنا بتدمير جزء كبير من روح الأب الشجرة نفسه، و فوق كل هذا قمنا ببناء مقر لنا بالقرب من هنا، حتى المعارك التي اشترتكم فيها، جيشي هو من ساعدكم على الفوز بها… كل الأرضي التي استوليتم عليها هى ملكي، لكني سأعطيها لكم كهدية جار جديد لجاره، لن أخذ منكم شيئ مقابلها، لكن أي شبر جديد سيكون له ثمن.”
الموضوع التاليالموضوع السابق