بعد سؤال روبين تغيرت معالم جابا، و البقية أيضاً، كلهم رفع حاجب، أو إثنين مستغربين، بالإستماع لروبين الآن، فعلاً كل ملاحظاته دقيقة..
قبل مجيئهم إلى الكوكب كانوا مستعدين نفساً، و عتاداً أنهم سيواجهوا ظروف مناخية صعبة، و قد يضطروا للصراع ضد القوى الطبيعية، فبعد كل شيئ، تجربة روبين في أول يوم له في نيهاري لم تمر مرور الكرام.
الدرع الذهبي الكامل مكون من 16 قطعة، حوالي ثلث تلك القطع يحتوي على نقوش لحماية صاحبها من التغيير المفاجئ في القوانين الهامة حوله مثل نسبة الهواء و قوة الجاذبية، و شدة الحرارة، و ذلك حتى يعطي الدرع الشعور للجندي بأنه ما يزال في كوكب يورا، و ذلك حتى ينتهي من قتاله و يعتاد على أجواء الكوكب الجديد على الأقل…
لكن كل تلك الاحتياطات أتضح أنها بلا فائدة…
منذ وصلوا للكوكب لم يشعروا بأي اختلاف عن يورا، نفس الهواء، و نفس الماء، و نفس نسبة القوانين حتى، فقط قوات الحياة هم الذي شعروا بدفعة بسيطة في قوتهم منذ وصلوا لهذا الكوكب، غير ذلك فكل شيئ تقريباً مطابق لكوكب يورا.. حتى كمية الطاقة هنا مقاربة جداً لتلك الموجودة في كوكب يورا!
مع أن معظم أفراد الكتيبة الذهبية أصيبوا بخيبة أمل بعض الشيئ بعد أن اكتشفوا الوضع، شاعرين أنهم اكتشفوا قارة جديدة في كوكب يورا ليس أنهم ذهبوا إلى كوكب جديد! لكن في النهاية الغرض من المجيئ لكوكب جرينلاند لم يكن الحصول على كمية طاقة أكبر للتدريب، او إختبار قوانين جديدة، فتجاهلوا الأمر بعد خيبة أملهم الأولى..
لكن الآن زعيم البشر المحليين يتحدث عن قوانين مثالية لمخلوقات تدعى الترينت، و عن كمية طاقة طبيعية هائلة؟ هل يتحدث عن نفس العالم الذي يرونه؟ ..ربما هم لم يقدروا كوكب يورا حق قدره~.
قهقه فوغون بقلة حيلة، و هز رأسه بعد سماع سؤال روبين. ” كل أسئلتك منطقية، سواءً الطاقة الشحيحة حالياً، أو تغيير حالة القوانين أو عدم خلق المزيد من مخلوقات الترينت بشكل طبيعي، لكل هذا إجابة واحدة… الآباء الاشجار السبعة هم الجناة وراء كل هذا.”
“ما الذي..؟” عقد روبين حاجبيه قليلاً.
“عند بداية ظهور مخلوقات الترينت مستخدمة الطاقة كنا في مأمن نوعاً ما، فكما قلت تلك المخلوقات كسالى، و يفضلون الاسترخاء معظم الوقت، لقاء أحدهم و أفتعال مشكلة معه لم يكن بالشيئ وارد الحدوث، لكن بعد مرور بضع مئات من السنين و بعد ظهور عدد كبير من مخلوقات الترينت مستخدمي الطاقة، الاحتكاك بتلك المحلوقات تزايد بشكل كبير شئنا أم أبينا، كان طبيعي أن تجد جزء جديد من سور المملكة محطم كل يوم، و زادت الاحتكاكات بمرور الوقت حتى في ذات يوم غضب أحد مخلوقات الترينت لأنه رأى فتاة تجمع الخوخ خارج السور من مخلوق ترينت يافع، فجمع اصدقاءه و هاجم المملكة فقام بتدمير ثلثها تقريباً!! .. أصبحت المملكة البشرية عاجزة عن توفير الحماية التي وعدت بها، و بعد تلك الحادثة تفرق البشر لقبائل صغيرة مجدداً.”
“تم تدمير.. ثُلث مملكتهم… و هم مجتمعين.. فقرروا التفرق؟.. ما هذا.. المنطق؟” تكلم قيصر بشيئ من الغضب. ” ألم يكن.. من الافضل أن… يرفعوا دفاعاتهم… و يبدأوا هجوم… مضاد؟”
” هجوم مضاد ضد من؟” قبل أن يرد فوغون، هز روبين رأسه، وتكلم. “حسب الوصف فمخلوقات الترينت كانت أكثر بكثير من البشر، و أقوى في ذلك الوقت، مخلوق واحد جمع بضع افراد و دمر ثُلث المملكة، هل يُعلنوا الحرب على جنس الترينت كله؟ لو كان فعلاً تلك المخلوقات كسولة ولا سريعة الغضب حسب الوصف، ففعلاً أفضل خيار هو تقليل التجمعات الكبيرة قدر الإمكان حتى يتجنب الإحتكاك بهم قدر الأمكان، و هذا يجب أن يستمر حتى يزداد البشر قوة على الأقل… لا يسعني التفكير في حل آخر..”
اومئ العجوز فوغون راضياً عن تحليل روبين ثم اكمل. ” هذا ما كان يدور في رؤوسهم آن ذاك، نوطئ رؤوسنا، و نعيش في العراء بدون بيوت، أو مبان كبيرة حتى نتجنب المشاكل، و هذه الخطة بالفعل نجحت خلال الألفية الثانية بعد إكتشاف طرق تدريب الطاقة… سكَننا الكهوف، و اعتمدنا على أكل لحوم الوحوش فقط، و لبس فرائهم، كل القبائل الصغيرة حافظت على التواصل مع البقية، لكنه كان تواصل رمزي بحيث ننقل أخبار بعضنا، و اكتشافات ابحاث الطاقة فقط، أما لو وقعت إحدى القبائل في مشكلة مع مخلوق ترينت كنا نتركها لمصيرها، هدفنا كبشر في ذلك الوقت كان النجاة، وهذا ما حدث.. أعدادنا ازدادت بشكل كبير في تلك الفترة، و أعداد القتلى هبطت، آخر احصاء لعدد قبائل البشر في ذلك الوقت كان أكثر من 207 قبيلة منتشرة حول العالم، كما أن كبار البشر آن ذاك كانوا يتقدمون معاً بخطى ثابتة نحو المستويات الأعلى من تدريب الطاقة، كل شيئ كان يسير بشكل مثالي! … حتى جاء ذلك اليوم.”
” ذلك اليوم؟” عقد روبين حاجبيه قليلاً، و نظر نحو فوغون بتركيز أكثر، كان يعرف أن إجابة اسئلته على وشك الظهور.
“…في الألفية الثالثة بعد بدأ عهد تدريب الطاقة إتدعى أحد مخلوقات الترينت العتيقة، يدعى هوفنهايم، أنه اكتشف حقيقة الروح، و أمر بقية مخلوقات الترينت بإطاعته للسيطرة على العالم، بالطبع لأنهم كائنات تعيش منفردة، و كسالى هم لم يستمعوا لنداءات ذلك المخلوق العتيق، لكنهم لم يعلموا أن هنالك عواقب.. في ذلك اليوم ظهرت أول دفعة من البراعم.” تكلم فوغون بجدية شديدة. ” جيش البراعم لم يكن بهذا الحجم الكبير آن ذاك، لكنهم كانوا شديدو القوة و عديموا الخوف، بسرعة إستخدم ذلك المخلوق براعمه ليسيطر على بقعة كبيرة من الأراضي، كل مخلوقات فيها إما هربت أو قٌتلت… هذا سار على مخلوقات الترينت، و على البشر و بقية الأجناس المستضعفة الاخرى.”
عقد روبين حاجبيه قليلاً، هوفنهايم هو إسم الاب الشجرة الذي قام بتدمير روحه، ذلك المخلوق يعيش منذ بدأ حقبة تدريب الطاقة؟ و كان يعتبر *مخلوق عتيق* في ذلك الوقت أيضاً؟
” قبائل البشر التي كانت تقع في منطقة سيطرة الترينت هوفنهايم تراجعت بسرعة بعد تلقي أضرار كبيرة، لكنهم لم يجدوا مكان يؤويهم، فمع التواصل مع بقية القبائل وجدنا أن هنالك بضع مخلوقات ترينت عتيقة أخرى بدأوا بإتتباع نهج مشابه بحيث أنهم يقوموا بقتل و طرد كل المخلوقات في حيز معين!” هز فوغون رأسه و هو يتكلم بأسى. ” تلك المخلوقات الأخرى لم تستخدم نظام البراعم كما فعل هوفنهايم، كان لكلٍ منهم سلاح لا يمكن صده، مثلاً أحدهم يستخدم النباتات التي لم تكتسب الوعي بعد، و أحدهم صنع لنفسه جذور طويلة جداً يستخدمها للهجوم شخصياً، و واحد آخر إستخدم محفذات لتحريض الوحوش ضدنا.. و الآن سمعت منك أن أحدهم يستخدم السموم؟ هذه معلومة جديدة بصراحة، لكن غير مستبعدة.”
“اهاا أجل، من يمكنه معرفة كل شيئ؟ هاها.” ضحك روبين بغرابة، ثم أشار لفوغون. ” رجاءً تابع، ماذا حدث بعدما سيطرت مخلوقات الترينت العتيقة على مناطق خاصة بها؟”
الموضوع التاليالموضوع السابق