(سو شوا كالي، بامي فيت راسول!)
(بامي فيت راسول!)
(…راسول!)
صدى صوت روبين المعزز بقانون الرياح الرئيسي دوى في كل مكان، و دخل كل آذان في منطقة نطاقها عشرة كيلومترات، فوراً بدأ مخيم البشر بالإضطراب بشكل مرئي، كل من في الخيام خرجوا ينظرون نحو روبين بدهشة!
“هذه اللغة.. أنت تعلمت لغة بشر هذا الكوكب؟!” حتى جابا، و بقية الجينرالات كانوا في حالة صدمة عندما سمعوا كلمات روبين، صدمة تملأها السعادة!
الجملة التي قالها روبين كانت بالفعل تشبه كثيراً اللغة التي كان يحاول البشر التواصل معهم بها، و الأدهى أنه تكلم بها بفصاحة، و بلهجة السكان المحليين، لم يكن مجرد لصق بضع كلمات!!
“هيه~ ماذا كنتم تظنوني أفعل طوال الشهرين الماضيين؟” إبتسم روبين، و هو ما يزال يتابع مع يحدث في المخيم أمامه و تكلم. “لقد بحثت في أرواح مئات الكائنات البشرية البيضاء، مع أن هنالك الكثير من الأشياء التي ظلت غامضة بالنسبة لي، إلا أني ما زلت عرفت الكثير عن هذا الكوكب، و اللغة المحلية كانت أحد تلك المعارف، هنا بالفعل يتكلموا لغة محلية واحدة من قديم الأزل…”
“بحثت أرواح المئات من تلك الكائنات؟ أخبرنا بسرعة ماذا يكونون؟ أهم غزاة مثلنا؟ سكان محليين؟ ما سر العداء بينهم و بين البشر، و ما السبب الحقيقي وراء مهاجمتهم لنا ذلك اليوم؟!” أخذت فيكتوريا خطوتين للأمام، و تكلمت في عَجلة.
لم ينظر روبين للخلف قبل أن يتكلم بهدوء. ” تلك الكائنات البشرية البيضاء ليسوا غزاة و ليسوا سكان محليين، بل يمكن القول أنهم ليسوا أحياء بالمنطلق الذي تفهمونه به أساساً..”
“ليسو.. أحياء؟” عقد قيصر حاجبيه
” أبي، ألم تقل أنك قرأت أرواحهم؟”
بقية الجينرالات كان لديهم نفس النظرة أيضاً جنباً إلى جنب مع إرتفاع معدل نضبات قلوبهم، الكائنات الذين أتعبوهم لثلاثة أشهر، و قتلوا منهم الكثيرين، لم يكونوا أحياء حتى؟ لكنهم رؤوهم يتكلموا فيما بينهم، و رؤوهم يأكلون، و يشربون، و يلعبون حتى! بل كيف لم يكونوا أحياء و تمكن روبين من قراءة *أرواحهم*؟ أليس وجود الروح في الجسد علامة على الحياة؟!
“همم أعلم أن الموضوع غريب، استغرقت حوالي شهر حتى أفكر لغز خلق تلك الكائنات، فهم أنفسهم لا يعرفونه، و انا متأكد تماماً أن البشر المحليين لا يعرفونه أيضاً.” حك روبين رأسه بلطف، ثم رد. ” أعتقد أننا على وشك لقاء البشر المحليين قريباً، لكني سأحاول تلخيص الحديث عن أصل تلك المخلوقات البشرية البيضاء بسرعة، من لا يفهم عليه أن يسأل شخص آخر من الموجودين ليشرح له، حسناً؟”
“ أجل بالطبع، لن نطلب الشرح أكثر من مرة، تفضل!” العجوز غو رد بسرعة.
أومئ روبين بضع مرات، و كأنه يحضر الترتيب الذي سيتحدث به. ” تلك الكائنات أحياء و ليسوا احياء، يحتاجون الطعام، و الشراب، لكنهم في العادة خاملون لا يملكون قرار أنفسهم ولا روح خاصة بهم، يمكن القول أنهم أشبه بالفواكه، و الخضراوات نوعاً ما…”
“فواكه.. و خضراوات؟!” نظرة استغراب شديدة ظهرت على وجه أليكساندر. ” لكن كيف يتحركوا لو كانت هذه هى الحالة؟ كيف لا يملكون روح، و معاليك بحثت روحهم؟”
“تلك الأرواح ليست طبيعية… بل ارواح مستنسخة.” عقد روبين حاجبيه هنا قليلاً ثم أكمل غير عابئ بردود الفعل خلفه. ” بعدما قمت بعمل بضع بحثوات للروح اكتشفت أن ذكرياتهم القديمة متطابقة تقريباً! بشكل قشري كلها كانت تتمحور حول عبادة تلك الشجرة الضخمة تدعى نفسها بالأب الشجرة، و عن كيفية خلقه لهم من جسده، لكن بعد عدة محاولات تمكنت من الاختراق لمنطقة أبعد داخل أرواحهم، و رأيت ذكريات رجل بشري طبيعي يدعى أماي صوي، مجرد مزارع لديه عائلة، و أطفال و مشاكله الخاصة، رجل تم القبض عليه بواسطة أغصان تلك الشجرة الضخمة قبل زمن بعيد.. بعيد جداً..”
“ أرواح مستنسخة.. فواكه و خضراوات.. شجرة ضخمة.. أتقصد أن كل أولائك المخلوقات البشرية البيضاء يحملون داخلهم نسخة من روح ذلك المُزارع كأساس لهم؟”
اومئ روبين. ” اجل، تم صقل روح ذلك الرجل لفترة طويلة جداً، و تم قمع ذكرياته حتى لم يتبقى سوى جوهر الروح الذي تحتاجه كل المخلوقات الذكية ليتحركوا، و يفكروا، و يحلموا، أنها ما تجعل الإنسان إنساناً! ثم تمكن ذلك الأب الشجرة من عمل نسخ من جوهر الروح ذاك، و قام بزرعه في *الفواكه* التي تخرج من فروعه، و التي قام بتصميمها لتكون بنفس مظهر ذلك الرجل أيضاً،
لكن أثناء الشهر انشغلت أيضاً بتشريح جثث الكائنات البشرية البيضاء الذين ماتوا من فحص الروح، معرفتي بعلم التشريح ليست الأفضل، لكني ما زلت أعرف تركيب الجسد البشري، أردت أن ارى إلى أي مدى نجح ذلك الاب الشجرة في إعادة بناء الجسد البشري، لكن ما وجدته أكد على معرفتي السابقة أكثر.. أنها بالفعل مجرد نباتات، و كل الأعضاء الداخلية مجرد تقليد موازي للجسد البشري، تقليد ثابت للأبد غير قادر على اكتساب المزيد من القوة، و تلك الدماء الخضراء التي كانت تتناثر علينا من قتلهم هى مجرد عصارة عشبية! لكن في النهاية حصل الأب الشجرة على ما سعى إليه، جيشه الفريد… سكان هذا العالم لا يعرفوا موضوع نسخ جوهر الروح، لكنهم يعرفون أن تلك الكائنات مجرد أشياء تشبه الخضراوات، لذا المحليين يدعونهم بالبراعم.”
ثم أكمل روبين قبل أن يتكلم شخص اخر. ” الأب الشجرة لم يتوقف عند ذلك، بل قام بتطوير جيشه بمرور الزمن فأصبح يمكن لتلك البراعم أن تولد بقوة شخص في أساس الطاقة، ثم تطور لإنتاج أشخاص بقوة الفروسية، ثم أعلى فأعلى، لكن إنتاج براعم عالية المستوى يحتاج فترة أطول لإعدادهم، لو يمكن للشجرة إنتاج عشرون برعم عادي في اليوم، يمكنها إنتاج برعم قديس واحد في السنة.. و لم يكتف بهذا، بل قبض على بشر لديهم معرفة بالقوانين السماوية فقام بنسخ ذكرياتهم عنها، و نسخ خبراتهم القتالية و دمجها مع أصل الروح الذي يملكه لينتج بذلك براعم محاربة عالية المستوى لديهم معرفة بالدرجات المتقدمة من القوانين السماوية منذ يوم مولدهم الأول!”
“اوه، أتذكرون أن القديسين و الحكماء من تلك الكائنات لديهم ألوان مختلفة قليلاً؟ بعضهم يميل للوردي، و يستخدم اللهب، و بعضهم للأزرق الباهت، و يستخدم المياه؟ هذه من أفعال الأب الشجرة حيث يقوم بصنع برعم قوي يتلائم مع طبيعة تلك القوانين السماوية قبل أن يضع فيها ذكريات استعمال تلك القوانين، و بالتالي يكون لديه مُنتج نهائي ممتاز سواءً من حيث الجسد، أو العقل!” ثم أكمل بعد أن رفع كتفيه قليلاً، ” العيب الوحيد أنه حتى الآن لم يستطع الاب الشجرة صنع برعم يمكنه التدريب لزيادة قوته، أو حتى يمكنهم التكاثر فيما بينهم، أنها ما تزال مجرد خضروات قوية، و ذكية بعض الشيئ، عندما يولد أحدهم بمستوى قوى معين فهو سيظل في هذا المستوى من القوة حتى يُقتل،كما أنه ما يزال الإعتماد الكامل على الاب الشجرة في موضوع التكاثر.”
“الأب الشجرة..” تمتم الجميع بصوت منخفض، و هم يقبضون أيديهم، هذه المعلومات خطيرة جداً..
لقد قتلوا حتى الان حوالي أربعة ملايين من تلك الكائنات البشرية البيضاء، لكن أتضح في النهاية أنهم مجرد براعم شجرة؟ كانوا يحاربون فواكه طوال الوقت؟
“انتظر لحظة.. نحن رأينا بأعيننا أكثر من 70 الف برعم بقوة قديس، أو اعلى! و قلت أن إنتاج برعم قديس واحد يحتاج سنة؟ ألا يعني هذا أن تلك الشجرة…” عينا جابا أخذت تتوسع ببطئ، و هو ينطق بهذه الكلمات، حتى من حوله تركوا ما يفكرون به، و بدأوا يتصببون عرقاً.
الموضوع التاليالموضوع السابق