بعد 3 أشهر من بداية عملية غزو كوكب جرينلاند–.
“ااااااااااااااهـــــــــ—…….”
بزخت الشمس معلنة بدأ يوم عادي آخر فوق التلة المنحدرة، بلفحة هواء باردة عادية، و زقزقة عصافير عادية، و صراخ جهنمي عادي قادم من خيمة الأسرى~.
أصوات الصراخ الذي يقطع القلوب كان عبئ ثقيل على الجميع في البداية، لكنه اصبح شيئ طبيعي بعد مرور عدة أيام… ما يزال مزعج، لكن أن إرغمت نفسك على التفكير في شيئ آخر يمكنك تجاهله، كصوت صرصور الحقل مثلاً!
هذه لم تكن صرخات فرد أو إثنان أو حتى مئة، بل عدد لا يحصى من الكائنات البشرية البيضاء دخلوا لتلك الخيمة كأسرى حرب بعدما أمرت إليزابيث بإصطيادهم من الارجاء، لكنهم لم يخرجوا من تلك الخيمة كأسرى حرب محترمين، بل كأشلاء محمولين في حقائب قمامة..
لم يعلم أحد ماذا يحدث في تلك الخيمة، و لم يهتم أحد أيضاً طالما ما يحدث سيفيد مرادهم… هكذا تكون الحرب.
*شااا*
“هاا.. هاا.. هاا..”
الشيئ الغير إعتيادي الوحيد الذي حصل اليوم أن روبين بنفسه إندفع من باب الخيمة القماشي لأول مرة منذ دخلها، و أخذ يلهث بصوتٍ عالٍ.
*سوووش*
“معاليك! ليس من العادي أن تخرج بنفسك، أتريد أي شيئ؟ هل أجلب لك دفعة أسرى أخرى؟” جائت إليزابيث سريعاً عندما سمعت خبر خروج روبين من خيمة الأسرى و سألت.
“هاا.. هووو… لا، لم يعد هنالك داعي للمزيد من الأسرى~.” أطلق روبين زفيراً طويلاً، ثم فرد ذراعيه على آخرهما، و كأنه يحاول تحريك جسده المتيبس، ثم أكمل بإبتسامة كبيرة مشرقة على وجهه، ” كيف حال زارا، أريد أن أراها، لماذا لم تأتي معك؟”
إبتسمت إليزابيث، و ردت متحمسة. “صاحبة السمو تمر على مصابي هجوم الصاعقة، ما تزال هنالك إصابات متأصلة داخل عظامهم من ذلك الهجوم الوحشي، لكن الخبر الجيد أنه قد شفيت معظم جراحهم بالفعل، و اصبحوا مجدداً في وضع يُسمح ليهم فيه بالقتال، و حتى إظهار أكثر من 80% من قوتهم الاصلية، صاحبة السمو تقول إن طاقة الحياة ستكون كفيلة بعلاج بقية الإصابات أيضاً، لكن على المدى الطويل..
“هاها صاحبة السمو زارا، لابد أن تلك المدللة تحب هذا اللقب.” ضحك روبين بصوت عالٍ. “هممم ماذا هنالك أيضاً بخصوص التلة، أكل شيئ بخير؟”
“بالطبع، منذ تقدم جابا مع معظم أفراد الجيش ذلك اليوم لم يعد يزعجنا أحد هنا، فقمنا بإستغلال هذه الفرصة لتمديد مصفوفة قبة الطاقة لتشمل كل التلة، و بعدها عاد أسياد النقوش لمساعدة صناع الأسلحة الإلهية في صنع بوابة الفضاء، لقد أكتمل 95% منها تقريباً، خلال هذه الأسبوع ستكون جاهزة للربط بإحدى بوابات عالم يورا!”
“اوه؟ جيد جداً.. بعد إقامة البوابة سيكون لدينا باب خلفي للمغادرة في حال سائت الأمور مجدداً، هذا سيعطينا مجال أكبر من الخيارات أثناء فترة وجودنا هنا.” أومئ روبين بسعادة واضحة، و هو يراقب القوس الضخم الذي يتم العمل عليه في وسط التلة.
“معاليك، هل..” ترددت إليزابيث قليلاً، ثم سألت. ” هل أنت انتهيت من ما كنت تفعله داخل الخيمة؟”
لقد كانت تعتقد، مثل الجميع، أن خلوة روبين في خيمة الأسرى ستنتهي خلال يوم، أو يومين بالكثير بعدما ينتهي من *إستجواب* الـ 16 أسيراً داخل الخيمة، لكنه خرج بعد أكثر من شهرين!!
حاولت أكثر من مرة الدخول مع دفعات الأسرى الجدد لتخبره أن الموقف عند جابا لم يكن جيد، و أنه عليه الخروج لإعطاء الأوامر، لكنه إستمر بالإجابة بنفس الطريقة : *أرسلي لي المزيد من الأسرى و أخبري جابا أن يفعل ما يراه مناسباً.*
“إنن.” أومئ روبين مبتسماً. “إستغرقت أكثر مما توقعت بسبب إصابة روحي، لكن أظن أن لدي فكرة جيدة عما يحصل على هذا الكوكب الآن..”
“ممتاز!!” فرحت إليزابيث عندما سمعت هذا و صاحت بصوت عالٍ، لكن ملامحها غرقت مجدداً بسرعة، و تكلمت بجدية. “جابا و البقية كانوا على وشك القيام بتحرك كبير، يجب أن تمسك بالزمام مجدداً قبل أن يبدأوا!!”
“همم، تحرك كبير؟” إبتسامة روبين الكبيرة تضائلت، و سأل. “ماذا يحدث هناك؟”
“سيطول الشرح هنا، الأفضل لو تذهب، و ترى بنفسك..” هزت إليزابيث رأسها. ” أنهم متمركزين بالقرب من هنا، لو تحركت الآن ستجد نفسك في المقرب بعد بضع دقائق.”
“بضع دقائق؟! …فهمت.” عقد روبين حاجبيه بشدة عند سماع هذا…
قبل أن يدخل هذه الخيمة أعطى روبين الأوامر بأن ينسحب جابا لمسافة 500 كيلومتر من التلة، هذه المسافة سيحتاج لبضع ساعات ليقطعها لو ذهب راكضاً على قدميه بسرعته القصوى خاصة بوجود تلك الغابات الكثيفة بينهم، كيف يعقل أنه سيذهب في بضع دقائق؟!
هذا يعني شيئ واحد، أنهم تراجعوا بشكل كبير لدرجة أنهم أصبحوا قريبين من التلة…
*بضع دقائق.* التي قالتها إليزابيث بدت كقليل، لكنها قالت الكثير.
——————————
بعد 25 دقيقة– على بُعد 75 كيلومتر من التلة المنحدرة– داخل خيمة ذهبية كبيرة.
الجو كان مشحون داخل الخيمة بشكل كبير، لو حشرة دخلت بالصدفة كانت على الأغلب لتُصعق، و تموت فوراً من ذبذبات الطاقة المضغوطة في المكان
جابا، قيصر، و فيكتوريا، العجوز غو، و العشرات من العجائز ذوي الخبرة، و أولئك في قمة مستوى حكيم، كلهم ينظرون نحو خريطة كبيرة في منتصف الخيمة بحواجب غارقة، و عرق يتدحرج على الجبين.
بدى و كأن كل واحد منهم على وشك إتخاذ قرار حياة، أو موت…
“… ماذا نفعل الآن؟” تكلم أحد الحكماء بصوت ثقيل.
“و ماذا علينا أن نفعل؟ فلنكمل ما بدأناه، و نتراجع مجدداً…”
ضرب قيصر على فخذه بقوة وصاح.” لا يمكننا الرجوع اكثر! لو رجعنا أكثر من ذلك سنعاود الصعود فوق التل، لا يمكنني تعريض معاليه للخطر!”
“لماذا علينا أن نرجع؟ التعامل مع أولئك الرعاع بشكل جيد لا يعود علينا بالنفع في شيء، فلنقتلهم جميعاً!” تكلمت فيكتوريا بنية قتل قوية.
هز العجوز غو رأسه. “البشر المحليين لديهم قوات تكافئ المخلوقات البشرية التي حاصرتنا و كادت تقضي علينا لولا قيادة معاليه الحكيمة، هل *قتلهم جميعاً.* سيكون بهذه البساطة حقاً؟”
“همف، لا أحد يستمع لي، أكملوا الإستماع لجابا إذا و فلنرى إلى أين سيجعلنا نتراجع هذه المرة!”
عندما قال فيكتوريا هذه الكلمات عاود الجميع للنظر نحو العملاق أزرق اللون الذي لم يتوقف عن تدليك جبهته.
القرار الذي سيتخذه للتو سيكون مصيري للحملة على كوكب جرينلاند، بل قد يكون الفارق بين الحياة والموت لكل أفراد البعثة…
*شااا*
“القائد الثاني، لدي خبر مهم!!”
“ماذا هنالك؟ هل بدأ البشر المحليين بالهجوم؟!” سأل جابا بسرعة عندما دخل عليهم فجأة حكيم عالي المستوى.
أكمل ذلك الحكيم متحمساً،”بل أهم! معاليه روبين، لقد شوهد يقترب منا بسرعة.”
الموضوع التاليالموضوع السابق