إبتسم روبين للحظة عندما رأى القلق في عين إليزابيث و زارا، قبل أن يكمل كلامه بصوته المنخفض مجدداً. ” … انا، روبين بورتون، لا أعتقد أن الحظ حالفني طوال حياتي، لكنه حالفني مرة قبل ولادتي… فقد وُلدت بروح قوية كانت أحد الأسباب في ما وصلت له من إنجازات، و تلك الروح إعتنيت بها جيداً، و كنت أستخدم عليها تقنية تقوية الروح في أوقات فراغي يومياً… مع إن روحي يمكن اعتبارها كتلة خام من الطاقة عديمة الهيئة، و التي لا يمكنني التلاعب بها، إلا أنها لم تكن اضعف من تلك الروح بكثير، فقوة روحي أيضاً تخطت حدود نطاق الحكمة…

لذا عندما بدأت بتفجير روحي صدرت من روحي طاقة هائلة قامت بتدمير كل تلك الأفرع التي كانت تحاصرني، و أحدثت ضرراً هائلاً في تلك الروح… عندما أدركت تلك الروح ما أفكر فيه و رأت أن الإنفجار يكفي لتدميرها أيضاً، قامت بطردي من ذلك المكان الذي كنت محبوس فيه، و قامت شخصياً بإرجاعي إلى جسدي لأموت وحدي…. عندما شعرت اني عدت لجسدي، حاولت جاهداً إبطال الإنفجار، لكني لم استطع ايقافه بالكامل، فهو كان قد بدأ بالفعل… لذا قمت بالقبض على تلك الروح داخل جسدي قبل ان تفلت بالكامل، لأنها كانت قد دخلت جسدي هذه المرة كان لدي بعض التحكم على ما يحدث… ثم قمت بفصل جزء كبير من روحي و الذي كان قد بدأ بالإنفجار بالفعل و قمت بتوجيه نحو تلك الروح و قمت بتغليفها بداخله… و في تلك اللحظة حصل الإنفجار.”

” كل هذا حصل في تلك اللحظة؟!” لم تستطع إليزابيث إلا أن تقول تلك الكلمات، في ذلك اليوم عندما صرخ روبين أول مرة، و حتى طار جسده للخلف كطيارة ورقية في الإعصار، لم يستغرق الامر أكثر من ثانيتين!

“أبي، كيف حالك الآن؟ ما هى الأضرار التي تعرضت لها بالضبط؟” زارا سألت بسرعة.

تنهد روبين، و توقف عن الكلام لبضع ثوانٍ، ثم اكمل. “…60% من قوتي الروحية قد دُمرت في ذلك الإنفجار… بقية الـ 40% من روحي فقط، و معهم كل ذكرياتي، و وعيي قد نجو… لكن هذا يعتبر افضل ناتج بالفعل… انا راضٍ بالكامل.”

“40% من قوتك الروحية قد نجت؟ هذا رائع!! أبي، قوتك الروحية هائلة، الـ 40% ما تزال تعتبر أقوى من حكيم منخفض المستوى.. أو حتى متوسط المستوى!!” صفقت زارا بسرعة، و بسعادة، أحست أن الوضع ليس بالسوء الذي كانت تتوقعه.

لكن حواجب إليزابيث لم تسترح، و سألت، ” أما تبقى من روحك ما يزال مترابط؟”

قهقه روبين بصوت منخفض عندما سمع هذا. “ملاحظة جيدة يا إيلي، انا قد-..” روبين كان على وشك إكمال كلامه، لكن ضحكته قُطعت فجأة، و أمسك رأسه بكلتا يديه لبضع ثوانٍ.

“أبي..!!” صاحت زارا بقلق بادٍ.

“تسك تسك~ أنا بخير..” أنزل روبين يداه من على رأسه، و ربت على رأس زارا، ثم نظر نحو إليزابيث بعينان نصف مفتوحتان و تكلم. “…هممم كيف أشرح لك… أعتقد أنه يمكنك تخيل حالة روحي الأن كقميص ملئ بالرقع، و الثقوب، و القطوعات.. مع أن ذلك القميص ما يزال يغطي من العنق، و حتى الخصر كما كان سابقاً… إلا انه اصبح ممزق و فقد 60% من خاماته..”

” هل أفهم أن حجم روحك الاصلي ما يزال كما هو، لكنه ملئ بالإصابات؟!” سألت إليزابيث بسرعة.

اومئ روبين مرتين بدون إضافة كلمة، الكلام مع أشخاص أذكياء يكون مريح دائماً..

” ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لك يا أبي؟” سألت زارا مجدداً.

“…يعني انا سأعيش.. أعتقد…” إبتسم روبين، و اكمل ببطئ. ” .. لكني مصاب بصداع شديد حالياً، و حتى التفكير في ما علي قوله يؤلمني… قمت بتجربة تقنية تجديد الروح لأرى إن كانت ستكون ذات نفع… قامت التقنية بالفعل بسد بضع فراغات صغيرة في روحي و قامت بإمدادي بالطاقة الكافية لأقوم مجدداً، إلا أنه هذا هو حدودها… نظرياً يمكن لتقنية تجديد الروح ملئ الفراغات في روحي… فبعد كل شيئ، روحي ما تزال محافظة على حجمها الأصلي، هى فقط ممزقة من الداخل… لكنها بطيئة جداً، لو إعتمدت عليها سأبقى في سبات لعشرات السنوات حتى اُعالج بالكامل، قد يصل الامر لمئات السنين حتى… و هذا لا يمكنني السماح به.”

“…أبي…” مُلئت عيون زارا بالدموع، من خلال شرح والدها التبني يمكنه الشعور بمدى سوء حالته، ضياع أكثر من نصف الروح ليست مسألة عادية، لو حصل هذا للجسد، و فقد 60% من حجمه فماذا سيبقى منه؟!

“هي.. هيهي.. لماذا تقلقين علي أنا؟ كان عليك رؤية الأضرار لصاحب الروح الثانية هيهي..” ضحك روبين بصعوبة شديدة، كان واضح أنه يحاول التخفيف عنها.

إبتسمت إليزابيث بصعوبة لتُجاري روبين في التخفيف عن زارا. ” صحيح، فبعد غياب معاليك عن الوعي تشتتت تلك المخلوقات البيضاء فوراً و انتهى الهجوم.”

عقد روبين حاجبيه قليلاً عندما سمع هذا، “اوه.. صاحب تلك الروح كان يتحكم في كل تلك الكائنات؟ هذا غير متوقع… كنت اعتقد أنه أرسل روحه خصيصاً ليمنعني من قراءة ذكريات ذلك المخلوقات، و ليستفيد من الفرصة، و يقتلني.. لكن يبدو إني انا من دخلت لمجاله بغير عِلم…”

ثم عاد للإبتسام قليلاً، و رفع كتفيه. ” حسناً، لا أعتقد أن هذا كان سيئ بالكامل… مع أنها لم تكن خطتي الرئيسية إلا أن إصابة روح ذلك الكائن كانت ناتج جيد….”

“هل تعرف مقدار الضرر الذي وقع على صاحب تلك الروح؟ أهو في مثل حالتك الان؟” سألت إليزابيث، لكنها لم تتوقع إجابة جيدة..

ففي حين أن روبين يتكلم الآن بصعوبة، ذلك الكائن ما يزال يسيطر على المئات من فارغي العيون!

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x