“إنتبهوا، موجة هجوم جديدة قادمة من الأعلى!!”

*بووم بووم بووم*

“ارغغغ!”

“هنالك مجموعة من مئتا فرد انقسموا عن التكتل الرئيسي و يتوجهون ناحية اليسار، استعدوا للإشباك!”

“حاضر!!”

*بوووم!!*

“سحقاً، جابا، إدعو أن يكون لديك تفسير جيد لقرارك هذا تقدمه لمعاليه عندما يستقيظ!!” صاح العجوز غو في فورة غضب.

—————-

قبل ثلاث ساعات أعلن جابا أنه سيأخذ الجيش، و يتجه نحو إتجاه شمال غرب، و قبل أن يتمكن أحد من معرفة السبب وراء قراره المفاجئ، أو يتمكن أحد آخر من الإعتراض، ألقى جابا بنفسه من أعلى الجرف، و إشتبك مباشرةً مع قديسي و حكماء الأعداء المُخيمين في الأسفل، لم يتمكن البقية من الوقوف، و مشاهدة قائدهم يتم محاصرته و يُقتل، فقفزوا وراءه، و بدأت معركة كبيرة أسفل الجرف.

قديسي و حكماء الأعداء المخيمين أسفل الجرف فوجئوا بالهجوم الكاسح النازل عليهم من الأعلى، هذه كانت اول مرة يتحرك فيها الكتيبة الذهبية إلى الهجوم بدلاً من التقوقع على أنفسهم والدفاع بشكل مستميت.

كان مشهد مشابه لقفز الكائنات البشرية البيضاء على الكتيبة الذهبية عندما وصلوا لعالم جرينلاند لأول مرة، لكن الفارق هذه المرة ان القافزون ليسوا مستعدين للإنتحار، بل هبطوا للنحر!

هذا و بالإضافة إلى أنه لأول مرة منذ بدأ غزو كوكب جرينلاند كانت الكفة العددية في صالح الكتيبة الذهبي، بتعداد يقترب من الأربعين ألف قديس و حكيم مقابل عشرون الفاً فقط من الجانب الآخر، هذا بالإضافة لأفضلية العتاد الإلهي الكامل، و تقنيات القوانين الأفضل… بسرعة تحولت المعركة في الاسفل لمذبحة من جانب واحد.

قديسين و حكماء الكائنات البشرية البيضاء أضاعوا أكثر من يوم كامل في تنفيذ خطة الانسحاب الصامت، و قُتل منهم أكثر من أربعمائة قديس أثناء القتالات الفردية في سبيل تنفيذ تلك الخطة، لكن مع ذلك كل شيئ ذهب أدراج الرياح، اتضح أن العدو فهم ما يجري واستغل نقصهم العددي للهجوم، ما هذا الحظ؟!

لم يكن لدي العشرون الف قديس، و حكيم إلا أنهم طاروا جميعاً في الهواء، و أمطروا الكتيبة الذهبية بالهجمات من الأعلى، مستغلين أن الكتيبة الذهبية لن يجرؤوا على الطيران، و فعلاً لم يطر خلفهم أحد… لكن هذا لم يكن المقصد من البداية.

بعد القتال لحوالي نصف ساعة و إجبار كل قديسي و حكماء الكائنات البشرية البيضاء على التراجع طيراناً، تقدم جابا بكل سرعته نحو إتجاه شمال غرب، و وراءه بقية أعضاء الكتيبة الذهبية…

ليس لأنهم يريدون ذلك، بل لأن الجرف الذي قفزوا من فوقه عالٍ و منحدر جداً، يكاد يكون زاوية قائمة، و بالتالي لم يعد بإمكانهم الطيران للصعود لمكانهم فوق التل، و لا يمكنهم تسلق الجرف بأيديهم لأنهم سيكونوا صيدة سهلة لهجمات الأعداء الطائرين!

العجوز غو بضع وأشخاص آخرين في قمة مستوى حكيم قرروا أنهم سيرافقوا جابا لبضع كيلومترات فقط ليتأكدوا من تأمينه في مهمته اياً كانت ما هى، ثم سيعودوا سيصعدوا التل من الطريق العادي كما صعدوه أول مرة، مخترقين المليونين و نصف المليون كائن بشري أبيض في طريقهم… لكن ذلك على الأقل أقل خطراً من الذهاب بإتجاه شمال غرب الذي يجتمع فيه قديسي و حكماء الكائنات البشرية البيضاء، من يدري ماذا سيجدون هناك؟ مئات آلاف منهم يجتمعون لقتلهم؟ الشخص الذي ارسل الصواعق؟ قلعة قوية تهاجمهم دفاعاتها؟

ناقوس الخطر في رؤوسهم أخبرهم أنهم قطعاً عليهم أن لا يذهبوا في هذا الإتجاه!

لكنهم سرعان ما غيروا رأيهم و تبعوا جابا أكثر فأكثر، حتى مرت ساعتين، و نصف و ما يزالوا معه يركضون بين الأشجار بإتجاه شمال غرب… السبب؟ جنون الكائنات البشرية البيضاء!

لقد اعتقدوا أن تلك الكائنات ستتنفس الصعداء بعد ابتعادهم لبضع كيلومترات، و يذهبوا لقصف المقر الشبه خالي، لكن الحقيقة أن الـ 20 الف قديس، و حكيم تبعوهم طوال الطريق، يمطرون الهجمات عليهم بهلع بادٍ على وجوههم!

– إن كنت ترى شيئاً يؤذي عدوك فإفعله – هذه إحدى قوانين الحرب، و طالما العدو لا يريدهم الذهاب في هذا الإتجاه، فعليهم أن يذهبوا!

هذا كان تفهم وصل له كل أعضاء الكتيبة الذهبية، و هم يمضون قدماً، لم يقل أحدهم لماذا لم نرجع، صمتوا و أكملوا للأمام وراء جابا فحسب.

لكن الهجوم الجوي قوي جداً… مع أن أعدادهم أقل بكثير و قوتهم أضعف إلا أن لديهم أفضلية الطيران، بين كل حين، و آخر يتوجب عليهم الوقوف لإرسال بعض الهجمات و تفكيك صفوف الأعداء، لكنهم يعودون للتجمع بسرعة، و يكملوا هجماتهم.

بعد مرور ساعتين، و نصف من الركض المتواصل، و الإشتباك مع العدو الذي يقصفهم بلا توقف، كادت قواهم أن تخور بالكامل…

الشخص الوحيد الذي ما يزال مستمتع بما يجري، و يهاجم المخلوقات البيضاء الطائرة بكل قوة و يندفع للأمام بحماسة لم يكن سوى فيكتوريا، فما يحدث الآن كان يشبه اقتراحها بعد غياب روبين عن الوعي… أما البقية ، مع أنهم ما يزالوا يتقدموا بدون شكوى، إلا أن الخوف بدأ يتسلل في قلوبهم بعض الشيئ.

هم رأوا الآن أن التحرك في هذا الإتجاه يغضب الكائنات البشرية البيضاء لذا يفعلونها، هذا مفهوم، لكن ماذا إن لم يصلوا لهدفهم قبل ان تخور قواهم بالكامل؟

و مع أن العجوز غو بدأ يفهم سبب تقدم جابا بهذا الشكل، و وافقه ضمنيا حتى هذه اللحظة، إلا انه لم يمسك نفسه إلا أن ألقى بالمسؤولية كلها عليه مجدداً…

“بالطبع سأتحمل المسؤولية أمام مُعلمي، لا تُقلق نفسك، فقط تابع التقدم!” إبتسم جابا، و رد و هو ما يزال يندفع للأمام.

ساعة أخرى مرت…

هلع قديسي، و حكماء الكائنات البشرية البيضاء أصبح بادٍ جداً، خاصة فارغي الأعين الذين بدأوا بتنفيذ هجمات انتحارية، يهبطوا و يفجروا أنفسهم في وسط تشكيلة الكتيبة الذهبية محدثين خسائر كبيرة.

هذه التكتيكات القاسية خلَفت بعض القتلى في من بين قديسي عائلة بورتون… لكن لم يتوقف أحد.

“أنا أرى النور، كدنا نخرج من الغابة، استعدوا للتوقف و تنفيذ تشكيلة الدفاع ثلاثة بعدها! !” صاح جابا بصوت عالٍ، لقد دخل إحدى الغابات قصداً قبل قليل ليخفف من حدة الهجمات من الأعلى قدر الإمكان و هذا قد نفع شيئاً ما، لكن بعد الخروج منها ستعود الهجمات الانتحارية و التنسيقية، كما أن معظمهم قد اُرهق بالفعل، لذا أفضل وسيلة ستكون أخذ تشكيلة دفاعية لفترة قصيرة، ثم يكملوا المسيرة بعدها.

“ها نحن ذا، أقيموا التشكيلة الدفاعية بعد: ثلاثة، اثنان، واحـ—؟!” رفع جابا يديه، و كاد يعطي الأمر بتنفيذ التشكيلة، لكن مباشرةً بعد الخروج من الغابة وجد شيئ غريب أفقده صوته.

على مسافة ليست بالبعيدة جداً رأى معركة ضخمة..

معركة بين الملايين من الكائنات البشرية البيضاء ضد.. بشر!

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x