صوت بلع الريق دوى فوق التلة أصبح شائع أكثر من أصوات الطيور التي كانت تصرخ رعباً في كل مكان، الكل بدأ ينظر حوله بهلع و هم يراقبوا جيش الأعداء الذي يقترب منهم شيئاً فشيئا.

لقد نجوا من المعركة الفائتة بشق الأنفس بعد تدخل معاليه بطريقةٍ ما مما تسبب في تشتت تلك الكائنات، لكن بعد أربعة أيام فقط هم عادوا بضعف أعدادهم السابقة بينما معاليه ما يزال راقداً؟!

لكن في تلك اللحظة حواجب جابا التي كانت معقدة بشدة، ارتاحت قليلاً، ثم بدأت ترتفع حتى تشكلت ملامح الدهشة على وجهه، ثم قال. ” انظروا إلى وجوههم.”

“همم؟” الجميع بدأوا ينظروا حولهم بهلع و بدأوا بالتركيز على وجوه الكائنات البشرية البيضاء أكثر، و سرعان ما تبدلت ملامحهم كما حصل مع جابا.

أعين تلك الكائنات لم تعد فارغة، و مليئة بالعروق كما السابق، بل هى في الحقيقة تحتوي على بؤبؤ أخضر!

و لم يعودوا يروا تلك الرغبة في القتال حتى الموت أيضاً، بل رأوا لأول مرة مشاعر بادية في أعين تلك الكائنات البشرية البيضاء… بعضهم يبدو متحمساً للمعركة، بعضهم يبدو عليه الفضول، و بعضهم يبدو خائف أن لا يعود حياً.

الآن و لأول مرة هذا العدو المخيف بدأ يبدو كجيش عادي!

لكن ليس كلهم كذلك، جابا و بقية الجينرالات تمكنوا بسرعة من رصد حوالي 500 شخص متفرقين بين جيش الكائنات البشرية البيضاء يملكون تلك العيون الفارغة و الملامح الشرسة، كان أولائك هم الموضوعين في مواقع القيادة.

“يبدو ان تأثير ما فعله المُعلم آن ذاك لم يختفي بعد..” عندما رأى جابا المشهد أمامه تحولت ملامحه أخيراً لإبتسامة.

البقية فهموه ايضاً، ما يروه الآن بالتأكيد له علاقة بصيحة روبين ذلك اليوم!

هم لا يعرفوا ما الذي يعنيه هذا أو ماذا حدث بالضبط، لكنه واضح أن روبين فعل شيئ اضر بالعدو و غير استراتيجيته، هذا كافٍ!

لا، بل أكثر من كاف، بفضل روبين إنخفض عدد فارغوا العيون الذين لا يعرفون الخوف من بضع ملايين إلى بضع مئات شخص، إن لم يتمكنوا حتى من التصدي لهذا التهديد وجهاً لوجه، فبأي وجه يمكنهم القول انهم جاؤوا من أجل غزو عالم آخر؟!

نشر الجينرالات هذه الأخبار بين الجيش الذهبي لزيادة معنوياتهم، ثم بدأوا بنشرهم و وضع خطط الدفاع.

اليوم مُقدر له أن لا يأخذ نفس مسار المعركة الأولى.

اولاً: لأن أعداد الأعداء تضاعفت، و يبدو أنهم عادوا بشراً بطريقةٍ ما..

ثانياً و الاهم.. الدفاعات التي أقامها الحدادين الإلهيين، و أسياد النقوش لم تُختبر بعد!

“سيبار هاااااي!” رفع أحد قادة الكائنات البشرية البيضاء فارغي العين سيف مصنوع بالكامل من الخشب، و أشار ببدأ الهجوم.

عقد الجميع فوق التلة حواجبهم و رفعوا اسلحتهم، مستعدين لمعركة طاحنة جديدة… قديسي عائلة بورتون كلهم تجمعوا فوق السور بناءً على أوامر جابا حتى يقوموا بقتل من يقوم بمحاولة تسلقه

الهجوم المزلزل لأكثر من خمسة مليون جندي جاء سريعاً، و بزخم هائل حرك الحصى من تحت أقدام جنود الكتيبة الذهبية، و جعل الرهبة تتسلل لقلوبهم.

لكن كل شيئ عاد للهدوء مجدداً عندما وصلوا للسور!

الدفعة الأولى من الكائنات البشرية البيضاء توقفوا بالكامل عندما وصلوا للسور ذا الـ 40 متراً، فقط اكتفوا بالنظر نحو الأعلى بفمٍ مفتوح..

بعضهم حاول إلقاء بعض الأسلحة على السور بضع مرات، لكن عندما سقطت الأسلحة أرضاً بدون أحداث خدش في السور، بدى أنهم استسلموا و أخذوا يتبادلوا النظرات الحائرة فيما بينهم!

حاول القادة فارغي العيون حس الجيش على الاندفاع نحو السور أكثر من مرة، و الوقوف على أجساد بعضهم حتى يجتازه، لكن بقية الكائنات البشرية البيضاء أخذوا خطوة للوراء عوضاً عن ذلك.

بدت ملامح وجوههم و كأنهم يقولوا – نقف على أجساد؟ هل أنت مجنون؟ ماذا سيحصل للأشخاص في الاسفل؟-

هذا الموقف الغريب و الغير متوقع ربط ألسنة قديسي عائلة بورتون الذين اكتفوا بالنظر لبعضهم و خفضوا اسلحتهم، لا يعرفوا ماذا يفعلوا…

أما الموقف في الأعلى فكان مختلفاً بالكامل، كان معركة حقيقية كما كان منتظراً تماما.

الـ 60 الف قديس، و حكيم بدأوا هجوم مباشرة عندما اقتربوا لمسافة معينة من التلة بأوامر من ضع أفراد من فارغي العيون… مع أنه معظم الهجمات لم تكن بنصف قوتها السابقة، إلا أن الهجوم الموحد من الـ 60 الف قديس، و حكيم بدى و كأنه جاهز لحصد كل الارواح فوق التلة!

البضع عشرات من فارغي العيون بين القديسين، و الحكماء بدوا متحمسين لأول مرة بجانب شراستهم، أخيراً سيحققوا بعض النتائج.

هذا الهجوم سيكون كافٍ لعمل ضرر ضخم في الكتيبة الذهبية، خاصةً و أن قبة اللهب الأبيض التي أعجتزهم سابقاً لم تعد موجودة!

*فروووووم*

كل الهجمات الـ 60 الف اختفت قبل ان تهبط فوق التلة…

لم تُدمر و لم تُبدد.. بل بدى و كأنها شعلة صغيرة سقطت في بحيرة، اختفت فحسب بعد عمل بضع ذبذبات في الفضاء

فراغي العيون لم يقتنعوا بما رأوه، و أمروا بجولة أخرى من الهجمات و التي انتهت بنفس الطريقة، المختلف هذه المرة لم تختفي هجماتهم بالكامل بل إرتد بعضهم بإتجاههم مجدداً، و أصاب 6 قديسين منهم بإصابات بالغة!

ليس هذا فحسب، بل مئات السهام السوداء شديدة السرعة بدأت تُطلق عليهم من الأسفل أسقطت منهم العديد من الجرحى، و القتلى.

كان هذا تأثير مصفوفة قبة الطاقة… لديها أنماط من عدة قوانين رئيسية يمكنوها من امتصاص الأضرار إلى حد معين، و معهم قانون الحياة الذي يمكنها من إعادة توجيه الطاقة التي تمتصها بما تراه مناسباً، و الاهم انها تمنع اي هجوم من الأعلى ان يتخطاها، لكنها لا تمنع الهجمات القادمة من الاسفل نحو الأعلى.

بمعنى… هم لا يمكنهم الوصول لأرض التلة مهما حاولوا، لكن حكماء الجيش الذهبي يمكنهم إصطيادهم كما يحلوا لهم بكل أريحية من داخل المصفوفة!

الوضع الجديد، و الغير مفهوم بالنسبة لقديسي و حكماء الكائنات البشرية البيضاء إجبرهم على التراجع بسرعة، متجاهلين صرخات فارغي العيون الذين يحسونهم على متابعة القتال.

سواءً على الأرض أو في السماء… الجيش المزلزل الذي بدى على وشك تدمير الأخضر و اليابس، قد توقف بعد بضع دقائق من بدأه.

كل عام و أنتم بخير 3>

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x