فوراً بعد الإتفاق على تولي جابا قيادة الجيش بشكل مؤقت، الجميع نظروا نحوه منتظرين قراراته، لكن يمكن رؤية محاولتهم للتأثير عليه في أعينهم جميعاً، كل واحد ما يزال يريد من جابا ان يختار اقتراحه.

تنهد جابا عن رؤية هذا و هو يفكر. * ما هذا الوضع الذي تركتني فيه يا مُعلمي..*

فهو كان يعرف أن حتى بعد اختياره كقائد لن تكون الرحلة بدون عوائق، ففكرة اختياره أساساً كانت لأنه لا يملك قوة خلفه، لذا في رؤوسهم هم بالفعل مستعدين لعصيانه لو تعارضت أفكارهم بشكل كبير.

لذا بعد تفكير عميق… بدأ بإطلاق القرارات.

اولاً: امر بإكمال العمل على السور و مصفوفة قبة الطاقة، بل و إعطائهم كامل الدعم من كل أعضاء الكتيبة الذهبية المتوفرين، بل و أمر بإكمال فيلق اسياد النقوش العمل على مصفوفة قبة الطاقة حتى تغطى التلة كلها كما أمر روبين، و ليس تغطية المنطقة التي يسيطرون عليها فقط!

مبرراً بهذا أنه حتى إن لم تتم مهاجمتهم مجدداً، فمن الضروري إقامة مقر قيادة دائم في هذا الكوكب، و ماذا سيكون مقر أفضل من المكان الذي يعرفوه و قاتلوا فوقه بالفعل؟ كما ان التلة كبيرة و يمكنه الإتساع لعدة ملايين شخص يقيموا فوقها بشكل كامل، بالطبع ليس لدرجة إقامة مدينة، لكن إقامة معسكر ضخم فوقه يساع جيش كوكب يورا بالكامل لن تكون مشكلة أبداً…

ثانياً: إستغلال الوقت الذي منحه له تضحية روبين، و البدأ في إستكشاف محيطهم عبر إرسال فِرق من فوق الرياح في إتجاهات مختلفة، بحيث أن يكون كل فرقة فيها 10 جنود فقط للحد من الخسائر.

ثالثاً: بعد الإنتهاء من السور، على فيلق الحدادين الإلهيين البدأ فوراً بالعمل على بوابة فضاء!

قرارات جابا لاقت إستحسان الحضور، و أرضت اقتراحات الجميع بطريقة، أو بأخرى، فهم لم يأخذوا وضعية الهجوم، و في نفس الوقت لم يجلسوا بدون فعل شيئ، يمكن القول إنها كانت مثالية!

الوحيدة التي لم تعجبها القرارات كانت فيكتوريا لأنها كانت تريد انتهاز الفرصة و تحريك الجيش بالكامل، و مهاجمة كوكب جرينلاند بشكل عشوائي، لكنها لم تقل شيئ طالما البقية كلهم موافقين، فلو حاولت الإعتراض الان سيتم إعتبارها متمردة.. ثانياً و الاهم، طالما قيصر موافق فلا يمكنها الإعتراض على أي حال، في الحقيقة أكثر قوتين مترابطتين في هذه الأزمة هم قديسي عائلة بورتون و قوات المياة!

و بهذا تم بدأ تنفيذ قرارات القائد الثاني بشكل فوري، عاد فيلقا الحدادين الإلهيين و أسياد النقوش للعمل، و إنضم لهم عدد كبير من أفراد الكتيبة الذهبية للمساعدة في بناء السور، و قواعد مصفوفة قبة الطاقة.. و بدأ بيون بتنظيم قديسي الرياح من عائلة بورتون لعدة فرق صغيرة للخروج، و الإستكشاف، و رسم خريطة للمنطقة حولهم.

أما البقية مِن من لم يكن لديهم عمل فإكتفوا بإكمال بناء المعسكر، و الاعتناء بالمصابين و إراحة أنفسهم من تلك المعركة القاسية.

بهذا مرت ثلاثة أيام…

خلالهم قامت فرق الرياح بعمل مسح للمنطقة المحيطة بالتلة بعمق عشرة كيلومترات في كل الإتجاهات، و رسم خريطة دقيقة لمصادر المياه، و الطعام المحتملة، و المناطق الإستراتيجية، و ما إلى ذلك.

لكن الغريب في التقارير أن عدة فرق رياح قدموا في تقاريرهم أنهم رأوا بعض تلك الكائنات البشرية البيضاء، في و هم يقوموا بحرث أراضي و زرع أشجار، و رَيها، حتى أنهم شاهدوهم يتكلموا مع بعضهم في هدوء كـ بشر عاديين – هذا شئ غريب جداً بالنسبة لهم بعدما رأوا الرغبة الانتحارية، و الاسلوب الغير منطقي لتلك الكائنات سابقاً –.

لكن ما أثار دهشة و غرابة جابا و بقية الجينرالات حقاً أنه في كل مرة كانت إحدى فرق الرياح تشهد على شيئ كهذا، أو يقوموا برصد أي مجموعة كائنات بشرية بيضاء في القرب.. تلك الكائنات كانت تنقض عليهم فوراً بعد بضع ثوان!

ليس و كأن احدهم رأى فريق الرياح بعدها أخبر رفاقه، و هاجموهم، كلا، بل بدون سابق إنذار يبدأ جميعهم بالركض، أو الطيران نحو فريق الرياح المختبئ بشكل مثالي، و سريعاً يجد ذلك الفريق عدة مجموعات أخرى من الكائنات البشرية البيضاء قادمة نحوهم من كل الاتجاهات لمحاصرتهم!

هذا كان أحد الاسباب الذي منع فرق الرياح من الاستكشاف حول التلة بشكل كامل، مع أن جيش المخلوقات البشرية البيضاء يبدو أنه تفكك أو اختفى، إلا أنه بعد نقطة العشرة كيلومترات التوغل يعتبر مستحيل بسبب كثافة أعداد تلك الكائنات، و إستحالة المرور بجانبهم بدون ان يتم رصدهم بطريقةٍ ما..

لكن أيضاً في هذه الفترة جاء الخبر الجيد الأول الذي يسمعه الكتيبة الذهبية منذ أيام.. السور المُدعم بمصفوفات التقوية قد إكتمل!

في البداية تم تقدير فيلق الحدادين الإلهيين سيستغرق أسبوع تقريباً لإنهاءه، لكن هذا كان بالأخذ في الاعتبار الظروف القاسية وقتها.

لكن الآن مع فترة السلام هذا و مع مساعدة الكتيبة بالكامل لفيلق الحدادين الإلهيين، سور بإرتفاع 40 متراً وقف قاطعاً الطريق عند عنق التل خلال يومين و نصف فقط!

و في نفس لحظة انتهائهم منها، توجه خمسة آلاف حداد إلهي تقريباً للعمل على الهيكل المعدني لبوابة الفضاء.

أما فيلق اسياد النقوش فقد إنتهى ايضاً من الجزء الاول و الثاني من مصفوفة قبة الطاقة، الان منطقة بضعف المنطقة التي كانت تحت حماية قبة اللهب الابيض اصبحت تحت حماية مصفوفة قبة الطاقة، و بدأوا بإكمال المزيد من أجزاء المصفوفة المصفوفة نحو أعلى التلة، متابعين خطة تغطية التلة بالكامل!

لكن فترة السلام هذه لم تدم طويلاً..

في اليوم الرابع جاء جنود من قوات الرياح يركضون نحو التلة من كل الإتجاه بذعر، و بعضهم مُدرج بالإصابات الشديدة، و كلما وصل أحدهم للقبة صاح قائلاً إن الأعداء قادمون.

و بسرعة، إقترب جيش الكائنات البشرية البيضاء مجدداً.

القوات الأرضية كانوا حوالي ضعف الأعداد الذين هربوا، حوالي 5 ملايين، أعدادهم الهائلة و انتشارهم غطى الأرض على مرمى البصر!

إلا أن حتى هذا المشهد المهيب لم يجذب أنظار الجميع أكثر من بضع ثوانٍ، فالمشهد في السماء كان أسوأ بكثير…. الكائنات البشرية البيضاء الطائرين إزدادت أعدادهم من 25 الفاً إلى 60 الف.

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
8
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x