قبل عشرة أيام– مباشرةً بعد سقوط روبين مغشياً عليه.

فوضى مُدمرة…

الهلع ضرب الجميع داخل القبة و خارجها.

كل من بالداخل هرعوا نحو روبين، و كل من بالخارج ركضوا إلى حيث تأخذهم أقدامهم.

لم يستوعب أحد بعد ما حصل مع روبين، إلا انهم قوبلوا بشيئ أكثر غرابة، الجيش الذي كان يحاصرهم منذ ساعات، و يبدو عليهم أنهم اقسموا على الموت اليوم، لم يعد موجود!!

لكن الأهم وقتها كان الإطمئنان على روبين، لذا وقف الجميع أماكنهم ينظرون بإتجاه روبين فقط و يأملون الأفضل… فقط بعدما اعلن قيصر ان قلب روبين ما يزال ينبض، تنفس الجميع الصعداء و جلسوا اماكنهم، و كأن ارجلهم التي يمكنها حمل جبال لم تعد تقوى على حمل أجسادهم…

فقط قوات اللهب و الحياة ظلوا واقفين بجوار القبة، يمدونها بالطاقة حتى سُدت كل الفتحات، بعدها جلسوا أماكنهم أيضاً

طالما القبة مليئة بطاقة اللهب و طاقة الحياة فهى نظرياً يمكنها العمل و حماية نفسها حتى تنفد تلك الطاقة كلياً، الآن و لأول مرة منذ صنعها لم يعد على قوات الحياة أو قوات اللهب امدادها بالطاقة، اخيراً امكنهم إلتقاط أنفاسهم و إراحة أجسادهم التي عمِلت كممر للطاقة بين الدرر و القبة لساعات طويلة… لكنهم مع ذلك جلسوا بجوار القبة التي اتعبتهم كثيراً ليمدوها بالطاقة إن عادت تلك المخلوقات مجدداً، الإرهاق الشديد، و الاستغراب مما يحدث حولهم لم ينسيهم هذه المهمة على الأقل.

بعد الإطمئنان أن روبين ما يزال حياً، قرر كل جينرالات الجيش الإجتماع معاً لتقرير ماذا سيحدث بدأً من هذه النقطة.

و كما كان يتوقع روبين تماماً… لم يتفق إثنان على رأي واحد.

فيكتوريا قالت إنه يجب انتهاز فرصة تراجع الكائنات البشرية البيضاء، و النزول من على التل، ثم السير في إتجاه واحد و تدمير أي حصن للأعداء يجدوه في طريقهم… لكن الجميع قال ان ترك دفاعاتهم و التحرك بالجيش مجدداً في مكان غير معروف قد يوقعهم في مأزق اسوأ، فهم لا يعرفوا شيئ عن هذا العالم ولا يعرفوا ما إن كان لديهم حصون أساساً.

العجوز غو طالب بإيقاف كل شيئ و البقاء أماكنهم حتى يستفيق روبين و يقرر ماذا عليهم فعله، فكان واضح من صيحته قبل سقطوه انه عرف شيئ لا يعرفونه، أو على الأقل أذى القائد الذي يتحكم بتلك الكائنات، و إلا ما كانوا تراجعوا، لذا من الحكمة الإنتظار و الإستماع لما لديه… لكن البقية قالوا أنهم لا يعلمون متى سيستفيق روبين، بل لا يعلموا ما إن كان سيستفيق مجدداً أم لا، كيف يمكن إيقاف كل شيئ و الأنتظار؟

أما إليزابيث فطالبت بالبقاء أماكنهم، و إكمال خطة حرب الاستنزاف، على أن يتم انتهاز فرصة هذا السلام، و يُكمل فيلقا الحدادين الإلهيين و أسياد النقوش عملهم في تدعيم الدفاعات… لكن البقية اعترضوا ان هذا سيكون بمثابة تحويل مواردهم الثمينة إلى نفايات فحسب، فماذا إن اُقيمت الدفاعات بعدها لم تتم مهاجمتهم مجدداً؟ ما فائدة حصن إن لم تتم مهاجمته؟

قيصر طالب بتقسيم الجيش لخمسة أقسام و الانتشار في كل الاتجاهات لرسم خريطة للمنطقة التي يتواجدوا فيها و توسيع رقعة سيطرتهم… لكن الجميع رفض، قائلين إنهم تعرضوا للضغط لهذه الدرجة و هم مع بعضهم فماذا سيحدث لو تفرقوا، و عاد الهجوم؟

إستمر هذا الإجتماع لحوالي الساعتين بعد سقوط روبين، غير العجوز غو و إليزابيث و فيكتوريا و قيصر، كان يوجد اياً حوالي عشرة أشخاص عجائز في قمة مستوى حكيم آخرين كان لهم مكانة مقاربة من مكانة العجوز غو بالنسبة لبقية الإمبراطوريات… كل واحد بكلمة، و كل شخص يريد تمشية كلامه، بعضهم حتى هدد أن يأخذ القوات التابعة له، و يبدأ بتنفيذ رؤيته الخاصة.

ليس لأنهم أرادوا التفرق عن قصد، أو أرادوا التمرد على إمبراطورية البداية الحقيقية، أو لأنهم أرادوا تحدي القسم الذي اقسموه لروبين… بل لأنهم بكل حواسهم مصدقين ان رؤيتهم، و أسبابهم هى الحقيقة المطلقة، و موقنين أنهم إن إتبعوا خططهم سيجلبوا النصر للكتيبة الذهبية، و يظهروا أحقيتهم لروبين بعدما يقوم!

كل واحد من الموجودين في هذه الغرفة عنده القدرة على حكم إمبراطوريات كاملة، بعضهم بالفعل حكم امبراطوريات لمئات أو آلاف السنين، إن رأى أحدهم أن شيئ ما هو الصواب، لماذا عليه أن يتنازل و يرضى برأي أحد آخر؟ لو كان التشاور يمكنه التوصل لنتيجة بهذه البساطة لما ظل عالم يورا منقسم حتى ظهر روبين…

لم يكن هنالك أي بارقة أمل في ان يسفر الإجتماع عن شيئ.

حتى فجأة قام قيصر مُغيراً الموضوع تماماً، و طالب بتعيين قائد ثاني مؤقت حتى يستفيق والده.

هدأ المجلس كله لأول مرة من إجتماعه، الجميع تنهدوا، و اومؤوا موافقين على كلام قيصر، لو استمر الحوار في هذا الإتجاه فسيتفكك الجيش، و كل واحد منهم سيأخذ رجاله و يفعل ما يراه مناسباً… هذا ليس شيئاً يريد أياً منهم أن يراه، وبالتأكيد لن يكون شيئ يعجب روبين!

على شخص واحد أخذ القرارات حتى يستفيق روبين، عندما سيكون هو الوحيد المسؤول عن النتائج سواءً إيجابية أو سلبية.

فرح قيصر عندما رأى هذا، لكنه سرعان ما عقد حاجبيه بلطف مجدداً، مستعداً لجولة طويلة أخرى من الصراع حتى يختاروا القائد الجديد

لكن لمفاجئته، لم يدم اختيار القائد الجديد أكثر من عشر دقائق، الجميع بلا إستثناء اختاروا جابا!

حتى جابا الذي كان يجلس في احد أركان الخيمة بهدوء بدون قول كلمة منذ البداية فتح عينيه على آخرهما بإندهاش.

الجميع برروا قرارهم بأن جابا لديه قوة تعادل خبير في قمة نطاق حكيم، و بالتالي لديه المؤهلات، البعض قال انه اختاره لأنه تلميذ معاليه الوحيد، و هو أكثر من يفهمه، و آخرين أعطوا أسباب مختلفة.

لكن بداخلهم، الجميع عرف السبب الحقيقي بسرعة، و هو أن جابا لا يملك قوة عسكرية خلفه..

فيكتوريا مثلاً لديها قوات المياه، و العجوز غو لديه قوات النار، و حتى قيصر يملك السيطرة على قوات عائلة بورتون بالكامل، لذا لو تحكم أحدهم في السُلطة سترتفع مكانة تلك الفرقة فوق أكتاف الآخرين و يخل التوازن… ثانياً إن اختاروا واحد منهم و أخذ قرارات سيئة لن يستطيعوا إقالته مرة أخرى و اختيار شخص آخر لأنه سيحرك جنوده لحماية شرعيته كحاكم عليهم… ثالثا و الأهم، هم يعرفون بعضهم~ لا أحد منهم يريد أن يكون تابع لغريمه السابق!

فقط جابا الذي لا يملك سوى نفسه يمكنه اخذ القرارات بشكل حيادي و بدون معارضة نابعة من حقدٍ قديم..

و مع أن جابا فهم هذا أيضاً بسرعة و أنهم اختاروا لضعفه سياسياً عوضاً عن قوته أو مكانته، إلا أنه تنهد في النهاية، و وافق من أجل العبور من هذه النقطة الحرجة.

جابا الذي كان يجلس قبل قليل في الجانب ينتظر الأوامر، فجأة أصبح بين يديه قيادة جيش قوي بما يكفي لغزو العوالم…

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
8
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x