ثبت روبين مكانه طائفاً بالقرب من جدران القبة و هو يشاهد عشرات الآلاف من جنوده يخرجوا من القبة واحداً تلك الآخر، رافعين تروسهم للأعلى بيد و يطلقون هجمات باليد الأخرى.

بعد خروج آخر جندي تم إغلاق جدار قبة اللهب الأبيض وراءه فوراً، و بعدها بثوانٍ اُغلقت كل الثقوب الأخرى في القبة…

خروج تلك القوات جذب انتباه قديسي و حكماء الكائنات البشرية البيضاء و بدأت معركة طاحنة فوراً أعلى التل، كل الهجمات التي كانت تنزل على قبة اللهب الأبيض سابقاً بدأت تنزل الآن فوق جنود الكتيبة الذهبية، مخففة بذلك معظم الضغط عن القبة مجدداً.

لكن مع أن الأعداء عددهم أكثر من إثنان و عشرون الف بقليل بينما تعداد جنود الكتيبة الذهبية الذين خرجوا من القبة وصل إلى اربعون الف، إضافة إلى ذلك جودة تقنيات القوانين والأسلحة الإلهية، إلا ان المعركة لم تكن من جانب واحد أبداً.

كما هو متوقع، صاحب الأرض العالية دائماً تكون له الأفضلية…

تفوق جنود الكتيبة الذهبية في العدد، و العتاد لم يسهم في شيئ غير أنهم تمكنوا من المحافظة على حياتهم و وازنوا المعادلة ضد جيش الأعداء الطائرين، و ربما إن لم يكن العجوز غو يقود 500 من أقوى الحكماء في الكتيبة الذهبية الآن و يتحرك بهم كالسهم مخترقاً صفوف الأعداء، لكانت الكفة قد ميلت لصالح الكائنات البشرية البيضاء بالفعل..

لكن هذا التوازن لم يبق طويلاً.

بعد ربع ساعة فقط بدأت الكفة تميل بشكل واضح لصالح الكتيبة الذهبية!

فبعد مرور الربع ساعة بدون تكرار هجوم الصواعق مجدداً بدأت افراد الكتيبة الذهبية يكتسبون الثقة للقتال بكل قوتهم مجدداً، العجوز غو و الحكماء في الأعلى بدأوا يضغطون بكل قوة، و بقية الجيش في الأسفل إنتقل تدريجياً للهجوم بدلاً من الدفاع السلبي، خاصةً قوات الرياح الذين دمجوا إحدى قوانين الفضاء الثانوية مع قانون الرياح الرئيسي، قدرتهم إلى اصطياد الأعداء من الاسفل بالأسهم كانت أعظم سلاح و هو ما خلف أكثر من 80% من إجمالي القتلى حتى الآن.

أعداد القتلى بين قديسي، و حكماء الأعداء بدأت تتزايد بشكل مستمر حتى أكثر من معركتهم ضد أليكساندر، و الستة آلاف حكيم!

“هيه~” اطلق روبين تنهيدة طويلة عندما رأى هذا، لم يكن يعرف إن كان عليه ان يفرح أم يحزن… هو الآن يشاهد بعينه الفارق بين تأديه المهمة بالغصب، و بين تأديتها عن إقتناع.

التحول الذي يشهده الكتيبة الذهبية الآن يخبره بشئ واحد، هم لم يثقوا بحُكمه قبل قليل، و الان و قد جربوا بأنفسهم ان هنالك أمل في تصفية أعداد كبير من أولائك القديسين و الحكماء قبل وصول موجة هجوم جديدة، بدأوا يقاتلوا بجدية أكبر.

حتى قديسي عائلة بورتون الذين خرجوا بنية القتل بدأوا بإظهار قدرات قتالية أعلى الآن، واضح أنه حتى هم كانوا قلقين بعض الشيئ أثناء خروجهم.

لا شك الجنود بحاجة لخبرة عملية للتعامل مع هذه المواقف الصعبة، لكن الأهم هو انهم بحاجة لأن يثقوا في قائدهم ثقة عمياء.. هم حالياً لا يملكون الأولى، و لا يعرفون روبين جيداً ليتُموا الثانية.

اكتساب الخبرة سهل بعض الشيئ، كل ما عليه فعله هو زجهم في معركة بعد الأخرى و من سيبقى منهم حياً سيكتسب خبرة هائلة… لكن الثانية اصعب، فهو عليه شخصياً أن يفوز بكل معركة يزجهم فيها حتى يكتسب ولائهم المطلق، فقط حينها سيكون لديهم اقتناع كامل بتنفيذ أي أمر من أوامر روبين لأنهم يوقنون أنها الحق، ليس لأنه عليهم تنفيذها!

* أعتقد أنها عملية لا مفر منها~.* فكر روبين، ثم نظر نحو أسفل جدران قبة اللهب الأبيض.

“واحد، اثنان!”

“ارغغغ!!!”

بعد تخفيف الضغط بشكل كبير عليهم، عادت قوات النار، و قوات الحياة للتقدم مجدداً و تعويض الخطوات التي تراجعوها غصباً قبل قليل.

في تلك الدقائق المعدودة التي تراجعوها كان هنالك بالفعل عشرات الآلاف من الكائنات البشرية البيضاء عبرت عن طريق جانبي القبة و حاصروها كما السابق، لكن الآن و قد استعادوا أنفاسهم، حان وقت تدارك هذا الخطأ..

بسرعة تم سد الطريق نحو أعلى التل مجدداً، و إحراق أعداد هائلة من جحافل الكائنات البشرية البيضاء، أما من تمكن منهم للوصول أعلى التل بالفعل، سيكون عليهم مواجهة 40 الف من جنود الكتيبة الذهبية، لذا يمكن اعتبار أنهم في عداد الموتى بالفعل~.

الضغط أيضاً خف كثيرا على قوات النباتات، بعضهم حتى تركوا أماكنهم و ذهبوا لمساعدة قوات الحياة على علاج الحكماء الساقطين.

برؤية أن كل شيئ عاد للإستقرار مجدداً، وقع نظر روبين نحو منتصف القبة، على 17 شخص أبيض راكعين على الأرض، و أيديهم مقيدة خلف ظهورهم… أنهم المساجين الذين أمسك بهم قوات الرياح بعد تفعيل القبة.

*سووووش*

بحركة سريعة ظهر روبين أمامهم، بدرعه الذهبي المهيب، و عيناه الذهبيتان اللاتي تنضحان بنية قتل واضحة.. حضوره أجبر البضع جنود من قوات الرياح الذين يحرسوا المساجين على الانحناء بدون تفكير.

حرك روبين عينيه على أولائك المساجين ببطئ، يحاول فهم شيئ من ردود فعلهم على وصوله بنية القتل هذه أمامهم، لكن لم يجد شيئاً من الخوف أو الرهبة أو حتى بعض الهلع، بل بادلوه بنية قتل أكثر كثافة!

عقد روبين حاجبيه، أخطر شيئ شهده منذ الوصول لهذا العالم لم يكن أعداد تلك المخلوقات، ولا مخططاتهم، ولا حتى هجوم الصواعق، بل نيتهم للموت من أجل النصر.

هو، حاكم عالم يورا، رأى بنفسه ماذا يحدث عندما يعطي أوامر يُظن أنها قد تؤدي للموت، لذا هو يعرف جيداً معنى وجود جنود كهؤلاء تحت إمرة أي قائد، في الحقيقة هو بدأ يشعر ببعض الحسد إتجاه الشخص الذي يحركهم..

*بااا*

تقدم روبين خطوتين أخريين نحو المسجون الاقوى بينهم، بقوة توازي المستوى 14 تقريباً، و نزل على ركبة واحدة أمامه، ثم رفع يديه و قبض على رأسه بقوة، و تمتم. “لقد حظيتم بغموضكم لفترة طويلة بما يكفي، الآن.. أخبرني بكل شيئ تعرفه.”

تعبير روبين تحول للجدية الكاملة، لقد كان ينوي عمل بحث للروح منذ اللحظة التي وصل فيها لهذا الكوكب، لكنه لم يكن لديه الطاقة الكافية أساساً لتنفيذ شيئ عالي المستوى كبحث الروح لذا كان عليه الانتظار حتى يستعيد عافيته عن طريق الطعام و درر الطاقة، لكن في لحظة استعادته عافيته نزلت الصواعق، و أجلت خطة بحث الروح مجدداً، الآن اخيراً حانت اللحظة..

الآن أخيراً يمكنه ان يعرف ماذا يجري حقاً خلف الكواليس!

*تسك~ على الاغلب لن اتمكن من الحصول على الحقيقة الكاملة من هذا الفارس ضعيف المستوى، لكن القبض على أحد القديسين و الحكماء في الخارج ليست فكرة عملية أيضاً.. القبض على شخص بقوة قديس، أو أعلى أو قتله كالفارق بين السماء و الارض، فأولاً، رفاقه حوله لن يتركوه يُقبض عليه، ثانياً هو ببساطة يمكنه ان يفجر نفسه إن تم القبض عليه، و–* فكر روبين بينما يقوم بتفعيل تقنية بحث الروح، لكن حبل أفكاره قُطع فجأة.

*هممم؟ ما الذي..؟*

“اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه!!!” في غمضة عين دوت صرخة روبين في كل انحاء القبة

“معاليك!!”

“اه! ماذا نفعل؟!”

“اااااااه!! أفلتني ايها الـــ ااااااااااااااه!!!!” اكمل روبين صرخته بصوت عالٍ، ملامحه تحولت للأسوأ. “اااااااااااااااااااااه سأسحبك معي إذاً!!!”

*بوووم*

“معاليك!!”

فوراً بعد صيحة روبين الأخيرة موجهة قوية من طاقة الروح هزت أرواح من داخل القبة ومن خارجها، قبل ان يدرك أحد ماذا يحدث ، روبين كان مُلقى على بُعد 50 متراً عن مكانه الاصلي، مغمىً عليه، و كأن بؤبؤا عينه عاداه لداخل جُمجمته…

“اااااااه! معاليه قد سقط!!”

قديسي الرياح ركضوا بإتجاه روبين، زارا و بضع حكماء من فيلق الحياة تركوا ما في أيديهم و ركضوا نحوه كالمجانين.

الدعامة التي تسند سمائهم قد سقطت… بدى كل شيئ و كأنه يتحرك بالحركة بالبطيئة لوهلة…

فقط الأشخاص الذين لا يمكنهم ترك مراكزهم ثبتوا أماكنهم، لكنهم شعروا أن قلوبهم تُخلع من صدروهم.

——-

“معاليه..” تمتم احد قوات النار المسؤولين عن تغذية قبة اللهب الابيض، و هو ينظر للأسفل، بعينان تملأهما الدموع.

ثم نظر للأعلى نحو وجوه الكائنات البشرية البيضاء بعينان تملأهما نية القتل و صاح. ” اقسم انه لو حصل لمعاليه شيئ لن أغفر لـ.. لكم..؟”

قبل ان يكمل ذلك الجندي تهديده توقف، و فتح عيناه على آخرهما..

الكائنات البشرية البيضاء الخارج توقفت أماكنها و بدأوا ينظرون لبعضهم بإستغراب، عندما سمعوا صرخة جندي اللهب ظهرت عليهم ملامح الخوف، و بدأوا بالتراجع.

ليس هم وحدهم، كل القديسين و الحكماء في الاعلى توقفوا ايضاً، بدأوا ينظروا حولهم بإستغراب، ثم انطلقوا كل واحد في إتجاه مختلف.

… المعركة قد توقفت.

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
7
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x