بعد ساعتين من إعطاء المهام لكتيبة الحدادين الإلهيين و كتيبة أسياد النقوش–
روبين فتح عينه اخيراً، بتلويحة خفيفة من يده إختفت درة الطاقة من يده، و وقف مجدداً مكانه بثبات… الآن فقط إستعاد كامل طاقته، و حيويته التي ضاعتا أثناء الرحلة.
*شهيق*
“هووو~” اطلق روبين زفيراً طويلاً ليهدئ نفسه و يضع ذهنه في حالة صفاء مجدداً، ثم بدأ ينظر حوله، يحاول تحليل الوضع بهدوء منذ أول مرة وطئ فيها قدماً في هذا العالم..
المشهد حوله تغير بالكامل عن حالته قبل ساعتين، المكان الذي كان قد استعاد الانضباط قبل قليل بعد ترتيبات روبين الدفاعية تحول إلى فوضى مجدداً.
العشرة آلاف حداد إلهي، و رسام نقوش انتشروا في كل بقاع قبة اللهب الابيض كالنمل، هذا يرص أحجار و هذا يدق أوتاد و ذاك يرش أحبار~
غير ذلك فقبة اللهب الابيض شهدت تغيرات، بعد أن انتهى الحصار، و أصبح الهجوم الأرضي كله يأتي من مكان واحد، معظم قوة القبة تركزت في تلك المنطقة، شدة اللهب الابيض هناك أصبحت كثيفة جداً لدرجة أنه لم يعد يُرى ما وراءها، وحتى أن شدة اللهب في باقي مناطق القبة أصبح شفافاُ للغاية.
المنظر أثار استغراب روبين للحظات، فحتى لو كان الهجوم الأرضي شديد، ما تزال المعركة الجوية مشتعلة في الأعلى!
بالطبع خاصية الحياة في القبة ستجعلها ترسل كمية الطاقة الاكبر للاتجاه الذي يحتاجه أكثر، لذا حتى لو تعرضت القبة لهجوم من الأعلى أو لأي مكان آخر هى ما تزال ترسل ما يكفي من الطاقة لتلك البقعة لتدافع عن نفسها لحظياً، لكن ما يزال هذا المشهد يقول الكثير عن شدة الهجوم الأرضي، غريزة البقاء لدى القبة أولت الهجوم الأرضي إهتمام اكثر بكثر من أولائك القديسين و الحكماء في الأعلى!
لكن هذا مفهوم، مع أن القبة لا تتعامل مع هجمات طاقة قوية في الأسفل إلا أن عليها تحويل الأجساد إلى رماد بمعدل سريع جداً، بالنظر لعدد الأشخاص الذين يموتوا كل ثانية و كمية الرماد في الخارج، روبين يمكنه بسهولة تحديد انه مات على الاقل مليوني كائن أبيض حتى الان.. هذا تخطى حدود إستخدام تلك الكائنات كبارود للمدفع، أنهم يلقون بأيديهم إلى التهكلة فحسب!
لكنه علم أن هذه الخطة ليست حمقاء بالكامل أيضاً.. لولا درر الطاقة التي توفر تنشيط دائم لقوات الحياة، و النار، لسقطت القبة بالفعل.
بالتفكير في الامر، روبين نظر للأعلى ليرى نتائج المعركة الجوية…
حوالي عشرون الف قديس، و حكيم من الكائنات البشرية البيضاء، ضد ستة آلاف حكيم من الكتيبة الذهبية… مع أن الكفة تبدو مقلوبة لصالح الأعداء بشكل كبير، إلا أن الأسلحة الإلهية، درر الطاقة، و تقنيات القوانين المثالية مع حكماء الكتيبة الذهبية عادلوا الكفة إلى نحو كبير بل و قلبوها لمصلحتهم!
حسب تقدير روبين المبدئي عندما أرسل أفراد الكتيبة الذهبية أنهم سيتمكنوا من صد الأعداء لأول ساعتين بعدها سيحرزوا تقدم ببطئ عبر قتل بضع آلاف منهم، وربما يجبروهم على التراجع حتى،
لكن سرعان ما عُقد حاجباه بشدة…
قبل بضع ساعات هاجمهم حوالي عشرون الف حكيم و قديس، و الآن و بعد معركة شديدة ضد حكماء الكتيبة الذهبية لحوالي اربع ساعات… عدد الأعداء أصبح حوالي إثنان و عشرون الفاً!!
هل تلقوا تعزيزات تقدر بألفي قديس و حكيم؟ مستحيل… لقد تلقوا خسائر فادحة منذ خرج أعضاء الكتيبة الذهبية، بل حتى وهذه اللحظة ما يزال يسقط منها قتيل وراء الآخر تحت انظار روبين، لو حسب روبين على معدل القتل الحالي ففي خلال الساعات القليلة الماضية قُتل من الاعداء حوالي خمسة آلاف على الاقل… هذا يعني ان التعزيزات كانت سبعة آلاف على الاقل!
هذا يعني أنه حتى الآن هاجمهم سبعة، و عشرون الف قديس و حكيم منذ لحظة وصولهم الكوكب، و ما تزال الأعداد في تزايد..
*ثمب*
قُبض قلب روبين بينما اهتزت شفته العلوية، الساعتين اللاتي قضاهما في ضبط نفسه، و تهدئة أعصابه ضاعت في لحظة.
“هووووه~” لكنه أطلق زفيراً طويلاً مجدداً، و هز رأسه بقوة، الآن ليس الوقت لهذا، الوضع في الداخل ضُبط بشكل كبير، لكنه في الخارج أصبح سيئ جداً!
عندما خرج الست ألاف حكيم مع أليكساندر كانوا غاضبين بشدة على تلك الكائنات البشرية البيضاء، فبسبب هجومهم المفاجئ قُتل بضع عشرات من رفاقهم، فهاجموا بشدة و دفعوهم للخلف بشكل كبير، حتى أنه كان يمكن لبعضهم التوقف و قتل جزء من القوات الارضية كنوع من الترفيه.
لكن هذا لم يعد متاح.. كل القوات التي خرجت تجمعوا فوق القبة كمجموعة دجاج خائف، بالكاد يحمون ظهور بعضهم البعض أمام هجمات العدو الشرسة، و الانتحارية.
*صفير*
وضع روبين إصبعين في فمه، و اطلق صفيراً عالياً، ثم صاح و هو ينظر للأعلى. ” أليكساندر، هاتِ رجالك، و ادخلوا القبة لإلتقاط انفاسكم، ستأخذ فيكتوريا و البقية اماكنكم.”
هذه الصيحة بدت كأنها موجهة لأليكساندر، لكن تحركات كبيرة بدأت تحدث في الاسفل..
قوات اللهب بدأوا بزيادة الإمداد لقبة اللهب الابيض لإحتمال الضغط حتى يتم التبديل… قوات الحياة المشاركين في القبة بدأ بعمل ثقوب في القبة من الاعلى حتى يدخل أليكساندر و جنوده.. و فيكتوريا، و الحكماء الستة آلاف تحت إمرتها وقفوا أيضاً، و بدأوا بإرتداء خوذاتهم، و ضبط أسلحتهم بسرعة إستعداداً للخروج.
قيصر و جابا أيضاً اقتربوا من فيكتوريا، مع أنهم خلال الساعات الماضية خرجوا من القبة أكثر من مرة، و عاثوا قتلاً في القوات الأرضية للكائنات البشرية البيضاء ليخففوا الضغط عن القبة، إلا أن هذا لم يشفي صدورهم.. فقط بقتل بضع حكماء يمكنهم القول أنهم شاركوا!
أطلق أليكساندر تنهيدة طويلة عندما سمع هذا، و بسرعة صاح بعدة أوامر لجنوده، و بدأوها يهبطوا ببطئ نحو الفُتحات في القبة، كل جنود الكتيبة الذهبية أظهروا قوة كبيرة مجدداً، و بدأوا بدفع قديسي، و حكماء الكائنات البشرية البيضاء للخلف بهجماتهم بعيدة المدى القوية بدون أخذ إهدار طاقتهم في الإعتبار، ففي خلال بضع ثوانٍ أخيراً سيأخذوا إستراحة من هذا الكابوس!!
لكن في تلك اللحظة.
*كاتشا*
أليكساندر و جنوده الستة آلاف بدأوا بالتساقط من الأعلى بأعين تفتقر للحياة، كدمىَ قُطعت احبالها.
الموضوع التاليالموضوع السابق