*سكرييييييش.*

*بووم بووم بووم.*

“تقدموا خطوتان عندما أقول الآن.. الآن!”

“واحد إثنان!”

“غيااااااااااااااااااااااااااااااااههه!!”

نظر روبين حوله، و هو يمضغ طعامه ببطئ، ما يزال يحاول تحليل الوضع، و إعطاء أوامر صغيرة هنا، و هناك لتخفيف الضغط عن جنوده، أو لسد ثغرات محتملة.

من ضمن أوامره كان إرشاد قوات الحياة، و اللهب بأن يتقدموا بشكل منتظم، ثم يستريحوا لبضع ثوان قبل أن يكملوا بنفس الوتيرة، و هذا لأنه لاحظ أن القبة بدأت تأخذ شكل غير منتظم، و بعض القديسين المشاركين في إقامتها بدأوا يُرهقوا بالكامل بسبب إستخدام قبة اللهب الابيض في حرق إعداد هائلة من الكائنات البشرية البيضاء.

مع أن جسده كان وصل لمرحلة سيئة من التعب حتى قبل وصوله لكوكب جرينلاند، و مع أن الضغط النفسي الذي وقع فيه منذ نزوله لكوكب جرينلاند كان قد أنهى ما تبقى له من طاقة جسدية و ذهنية، إلا أنه لم يستسلم بالكامل للإرهاق حتى بعدما حصل على فرصة للراحة.

مع أن مسافة 5000 خطوة لم تكن شيئاً يذكر بالنسبة لحكيم أو حتى لقديس، إلا أنهم استغرقوا أكثر من ساعة لإجتيازها بنجاح.

أومئ روبين راضياً عندما رأى المساحة الجديدة داخل القبة، ثم صاح، و فمه ما يزال ممتلئ بالطعام. “بيون.”

*سوووش*

“أعطني أوامرك، أبي.” بيون جاء بسرعة، و انحنى قليلاً..

مع أنه أصبح بالفعل حكيم في المستوى 32 إلا أنه لم يخرج مع الستة آلاف حكيم قبل قليل بل إنتظر في الأسفل لقيادة هجوم إبادة الكائنات البشرية البيضاء داخل القبة، ثم سيخرج لقيادة السريات مستخدمي الرياح عندما يحدث التبديل بعد حوالي ثلاث ساعات..

*بلع*

بلع روبين الطعام في فمه على عَجل، و أشار نحو المنطقة الجديدة التي يملأها رماد الكائنات البشرية البيضاء. ” نظفوا هذا القرف، و قوموا ببناء بعض الخيام مكانها، و اجعل المختصين يبدأوا بترتيب المطابخ، والمستشفيات الميدانية، و الحمامات، و غيرها من المناطق الهامة.

“…ايه؟” رفع بيون حاجبيه ،و خرج صوت لا ارادياً من فمه.

“تحرك!!” صاح روبين.

“حاضر!”

نظر روبين لظهر بيون المبتعد بعينين غير مركزتين، حتى بعدما أخذ بيون إتجاه اخر و بدأ ينسق العمل مع بقية الجيش، روبين أبقى عينه على ذلك الاتجاه بدون فعل شيئ غير أخذ قضمة من طعامه بين كل حين و آخر…

حتى بعد الجلوس مكانه لأكثر من ساعة، و محاولة التفكير في خطة يستخدمها للخروج هو و جيشه من هذا الوضع، لم يصل لشيئ..

بالطبع يمكنه ضرب كل شيئ عرض الحائط، و أخذ جيش بالكامل، و الطيران فحسب في أي اتجاه، لكن من يضمن أنه لن يُوضع في موقف أسوأ؟ ففي النهاية هو لا يعرف شيئ عن هذا الكوكب، و ظواهره الطبيعية.

ثانياً الآن بالتأكيد أخبار وصول جيشه تنتشر في العالم كالنار في الهشيم، هنالك إحتمال كبير أن المزيد من قوات الدعم قادمين من كل مكان الآن، الكمين الذي تعرضوا له قبل قليل أودى بحياة العشرات من قوات الجيش الذهبي، و لو أنهم جاؤوا بدون دروعهم الإلهية الكاملة لكان ذلك الهجوم المباغت كفيل بالقضاء على نصف الجيش على الأقل!

لكن الآن قوة الدروع الذهبية أصبحت معروفة، الشخص الذي يحرك هذا الجيش بالتأكيد سيضع هذا في الحسبان المرة القادمة.. ماذا سيحدث لو تعرضوا لكمين آخر أكثر قوة بينما هم في منتصف الهواء؟

ثالثاً و الاهم، أين يمكنه أن يختبئ هو، و خمسون الف جندي حتى لو طاروا بعيداً الان؟ هو بالتأكيد يمكنه كسر الحصار الخروج من هنا، لكن الاختباء؟ هو معه جيش كامل!

هم من لم يتمكنوا من الاختباء داخل وادي يحاصره ثلاث جبال، سيتمكنوا من الاختباء الآن بعدما عرف الجميع بوجودهم؟ حتى لو هربوا من الحصار الحالي فسيظل مكانهم مكشوف للعالم كله بالتأكيد، و هذا خطير جداً، لذا حتى لو تمكن من الهرب، و ايجاد مكان آخر، سيقوم أيضاً بعمل نفس قبة الحماية، و عمل نفس التدابير التي يقوم بها الآن للحرص على سلامته و سلامة الجيش.

مهما فكر روبين، البقاء مكانه و إتخاذ الوضع الدفاعي طويل الأمد هو الأنسب.

و أيضاً.. الشعور الذي يخال روبين حول الطيران وصل لمرحلة تعجيزية. كلما فكر في الأمر شعر بجسده يبرد كقطعة ثلج، و يبدأ تلقائياً في التفكير في أسباب منطقية تمنعه من فعلها.. فإن سأله أحدهم لماذا لا نطير مبتعدين ماذا سيقول له؟ انا أشعر بالبرد؟!

ربما عندما يُقتل عدد كافٍ من تلك الكائنات سيدركوا انه لا فائدة، و يغربوا بعيداً، أو ربما سيأتي زعيمهم و يحاول التواصل اخيراً، من يعرف ماذا سيحدث غداً؟ المهم ان يبقى حي حتى يرى ماذا سيحدث.

ثم وقع نظره على بضع آلاف شخص متقوقعين في منتصف القبة، لم يتحرك منهم أحد خطوة مهما إنقلبت الدنيا حولهم.. لقد كانوا فيلق الحدادين الإلهيين و فيلق أسياد النقوش.

و صاح نحوهم. ” اين رؤسائكم؟ تعالوا.”

بعد ثانيتين فقط طار شخصين منهم، و هبطوا أمام روبين، أعطوا انحناءة عميقة و تكلموا في نفس واحد، ” رجاءً امرنا، معاليك.”

نظر روبين للشخصين آمامه، حتى من تحت الدروع الذهبية، و لكنة أهل يورا السليمة، إلا ان روبين أمكنه بسهولة تحديد انهم ليسوا من سكان كوكب يورا، بل من نيهاري..

عندما أراد روبين بناء سفن لغزو إمبراطورية اللهب قام بإستدعاء حوالي اربعة الاف شخص منقسمين بين حدادين إلهين و أسياد نقوش من نيهاري.. و حتى بعد إتمام مهامهم ظلوا برفقته، هم أيضاً كانوا السبب الرئيسي وراء انتشار مهنة الحدادة الإلهية، و رسم النقوش بسهولة، و سرعة في كوكب يورا بعدما أمرهم روبين بتأسيس الأكاديميات، و تدريب الشباب.

و الآن حتى بعدما انتشرت مهنة الحدادية الإلهية ورسم النقوش على مدى واسع في كوكب يورا، ما يزالوا هم العمود الفقري لهذين التخصصين في جيش روبين، فبعد كل شيئ هم الأقدم و أصحاب أكبر خبرة.

كلهم تقريباً جاؤوا مع روبين إلى كوكب جرينلاند، و فوقهم 6 الاف محلي من كوكب يورا، ليصل مجموع فيلق الحدادين الإلهيين و فيلق اسياد النقوش إلى عشرة آلاف.

نظر روبين بحواجب معقودة قليلاً إلى الرجلين أمامه، ثم سأل. ” أما زلتم تذكروا المصفوفات التي تم إستعمالها في تأسيس المدينة الإمبراطورية؟”

 

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
15
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x