عندما رأى روبين أن الموقف في الخارج لم يعد بحاجة لتدخله كالأول، نظر نحو إليزابيث و تكلم. ” أنتي و أتباعك أحسنتم عملاً بحماية الأرض تحت اقدامنا، لولاكم لتدمرت التشكيلة بالفعل، يمكنكم الراحة الآن و اجعلي النصف الآخر من قوات النباتات تتولى أمر الحماية، لقد خف الضغط كثيراً، هذا سيمنح بقيتكم فرصة للتعافي.. بعد أربع ساعات قوموا بالتبديل معهم، هذه ستكون مهمة كل السريات التي تستخدم قانون النبات الرئيسي الأن، تجاهلوا بالكامل ما يحدث في الخارج.”

اومئت إليزابيث بدون قول كلمة، حتى هى التعب كان بادٍ عليها، و قطرات العرق التي تسيل على وجهها أخبر روبين الكثير عن ما واجهته..

في الحقيقة أشرس هجوم واجهه الجيش الذهبي حتى الآن لم يكن الحصار، أو الهجمات الهوائية، بل من تحت الارض!

بدى و كأنه على الاقل نصف القديسين، و الحكماء في الخارج يستخدموا قوانين مرتبطة بمسار النبات، و مسار الأرض لمهاجمة القبة!

ليس مجرد هجمات بجذور الاشجار، بل هجمات بزلزلة الارض، تحويلها لرمال متحركة، أو إخراج أشواك صخرية من تحت أقدامهم و ما إلى ذلك من الهجمات الأرضية..

بسبب تخصص قانون النباتات في ما يقبع داخل الاراضي و ما تحتوي، تأكد روبين من إعطاء قارة الشجرة المقدسة الكثير من القوانين الثانوية التابعة لمسار الارض، بما في ذلك قوانين التربة، و المعادن، و الصخور، و الإستشعار، و هم بالفعل فرحوا و استخدموها بكثافة كقوانين مُساعدة، و بالنظر لما يحدث الآن..

لولا تلك القوانين الثانوية لما كان سيتمكن الجيش من اكتساب موطئ قدم لهم أبداً!

أطلق روبين زفيراً بارداً عندما فكر في هذا، واضح أنه تجنب كارثة بدون أن يشعر.

” زارا، العجوز غو، أريدكم أن تقوموا بتوسعة قبة اللهب الابيض، تقدموا 5000 خطوة في جميع الإتجاهات.” لم يضيع روبين وقتاً قبل أن يعطي الأمر التالي.

“هذا..؟! معاليك، هل تدرك عواقب ما تقول؟” صاح العجوز غو فوراً، حتى زارا جعدت حاجبيها.. كلام روبين كان يسهل قوله لكن يصعب تنفيذه.

هذا لم يكن مجرد تقدم 5000 خطوة، بل دفع كل تلك الكائنات البشرية البيضاء للخلف لمسافة 5000 خطوة!

تلك الكائنات البشرية البيضاء في الخارج تتصرف كفاقدي العقل، حتى الحيوانات لديهم حس بالخطر أكثر منهم، مع أنهم رأوا مراراً أن كل من يلمس قبة اللهب الأبيض يحترق فوراً إلا أنهم ما يزالوا يندفعوا نحو قبة اللهب الأبيض بجنون.

بل على ما يبدو المساحة حول قبة اللهب الأبيض لم تكفيهم فقرروا القفز فوق بعضهم حتى يصل لها أسرع.. تلك المسافة التي تكلم على روبين تحتوي على مئات الاف من تلك الكائنات، كيف يمكن دفعهم كلهم؟!

ليس هذا فحسب، بل توسعة قبة اللهب الابيض تعني ايضاً أنها ستتمدد لتغطي منطقة أوسع بعدة مرات من المنطقة الحالية لكن ستحتوي نفس الطاقة الحالية، هذا يعني أنها ستُضعف بشكل كبير!

” حتى الآن نصف قوات الحياة و قوات اللهب فقط يدعموا المصفوفة، قوموا بتعيين كل القوات الباقية من قوات الحياة و قوات اللهب داخل القبة لمساعدتكم حتى نزيح كل العوائق أمامنا، و نوسع الدائرة، من يقف أمامكم حولوه لرماد! بعدما نصل للمساحة المطلوبة يمكن ان نرجع لاستراتيجية التبادل مجدداً، كما أني سأرسل لأليكساندر أن يزيد هجماته حول القبة ليقتل عدد أكبر منهم، و يخفف الضغط عليكم.. غو، زارا، افعلوها.. افعلوها مهما كلف الثمن!”

“مفهوم!” أصر الاثنان على أسنانهما، و عادا لتنفيذ الأوامر.

*فرووووم*

“غيااااااااااااااااااه!!”

قوات اللهب و الحياة بدأوا بأخذ خطوات ثابتة للأمام و تعالت الصرخات حول القبة أكثر فأكثر..

القبة كانت شفافة نوعأً ما و يمكن الرؤية من خلالها، أثناء تقدم قوات اللهب، و الحياة يمكنهم رؤية وجوه الكائنات البشرية البيضاء، و هم ينظرون نحوهم بشراسة، و في الوهلة التالية يصرخون صرخة الموت و يتحولوا لرماد…

الأرض تحت البضع خطوات التي تقدمهن قوات اللهب و قوات الحياة في جميع الاتجاهات لم تكن تحتوي الأعشاب أو الدماء أو حتى الجثث، بل إكتست بالرماد الكثيف و العظام المتفحمة…

لم يشعر روبين بأي شيئ و هو يرى هذا المشهد الدموي، بل أخذ يراقب الوضع داخل قبة اللهب الأبيض بهدوء أكبر…

لم يتبقى في الداخل بدون عمل سواه هو و البضع حكماء الواقفين حوله لحمايته، و رفضوا المغادرة، و القديسين مستخدمي قوانين مسار الرياح، و كتيبتا أسياد النقوش، و الحدادين الإلهيين الذين ما يزالوا يقاتلوا الكائنات البشرية البيضاء التي اقتحمت المكان.

لقد دخل حوالي عشرة آلاف منهم!

حتى بعد مرور كل هذا الوقت لم يموتوا كلهم، مما أرغم الستة آلاف حكيم الذين ينتظروا داخل القبة على الهجوم عليهم أيضاً لمحاولة قتلهم أسرع، لكن هذا قلل أعدادهم فحسب، هذا لأن كل الكائنات التي دخلت كانت بقوة فارس على الأكثر، و لم يشكلوا خطر كبير، لذا قُرر أن يتعامل معه الجيش بلا تهور، أما السبب الرئيسي وراء هذا أنهم لا يريدون الهجوم بكل قوتهم فيصيبوا زملائهم، لأن المكان ضيق جداً ولا يمكن التحرك فيه بحرية، فبعد كل شيئ تم عمل القبة حول تشكيلة الجيش فحسب.
لكن الآن بالتوسع المستمر للقبة أعطي مساحات أكبر، و فرص أفضل لإصطيادهم، العدد الباقي من القديسين مستخدمي الرياح أوشكوا على القضاء على اخرهم.

“هوي، أمسكوا لي بحفنة منهم أحياء، لا تقتلوهم جميعاً!” نادى روبين بصوت عالٍ على أحد قادة سريات قديسي الرياح.

“حاضر!!” وقف ذلك القديس، و ادى التحية العسكرية، ثم بدأ مع سريته يحاصر بقية الكائنات البشرية البيضاء بدلاً من قتلهم..

في خلال خمس دقائق أخرى فقط هدأت كل التحركات داخل القبة كُلياً، تم قتل معظم الكائنات البشرية البيضاء و تم القبض على 17 فرد منهم.. مع أنهم استمروا بإستخدام أسنانهم لمحاولة عض ضباط الجيش الذهبي بعدما تم تكبيلهم بالأصفاد، إلا أن هذا لم يسفر عن شيئ سوى كسر أسنانهم.

روبين نظر حوله فوجد المعركة في الخارج مستقرة، جدران القبة في الداخل تتوسع بشكل ثابت، و يوجد عشرات الآلاف من القديسين، و الحكماء المتفرغين في الداخل للدعم في حالة إن وقع شيئ غير متوقع.

“هيه~” تنهد روبين عندما أطمئن أخيراً على الوضع الراهن.

ثم أمسك بطنه التي تُقرقر منذ وصل لهذا الكوكب، و جلس في مكانه فوراً، و أخرج وجبة كبيرة من خاتمه، و انقض عليها فوراً بيده اليمنى، و في يده اليسرى أمسك درة طاقة.

إستخدامه لعين الحقيقة لإكتشاف المستوى الثالث لقانون الفضاء الرئيسي أثناء السفر أرهقه بالكامل، لكن الوضع لم يترك له فرصة حتى ليتنفس بشكل لائق.

فقط الآن تذكر روبين كم هو متعب، و ضعيف جداً…

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
14
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x