*باام باام باام باام*

*بووووم*

“ااااااااااااااهه!!!!”

وقف روبين فاتحاً عيناه على آخرهما و هو يرى مشهد بدى و كأنه خرج من عالم الأحلام مباشرةً..

المكان الذي هبط فيه روبين، و جيشه كان عبارة عن منطقة منخفضة تحاصرها المرتفعات من ثلاث نواحٍ و مفتوحة من ناحية واحدة فقط، هذا غالباً من اختيار المستبصر لتُشكل مقر و موقع دفاعي طبيعي لروبين في هذا العالم، لكن العكس قد حصل..
هنالك أشخاص يأتون راكضين من الثلاث نواحي المرتفعة و يقفزوا فوق جيش روبين بلا ذرة تردد، بعضهم حاملين الرماح، و بعضهم الطوب، في حين أن بعضهم لم يملك شيئاً غير أنيابه ليُكشر عنها…

الارتفاع ببساطة شاهق جداً، هذا ليس مجرد قفز من أجل استغلال علو الارض المحيطة لإكتساب المزيد من الزخم، بل هذا إنتحار مبين!

معظمهم يسقطون بشكل حر فوق جنود الكتيبة الذهبية، آملين أن يقتلوا بضع جنود من سقوطهم، لكن هيهات..

الكتيبة الذهبية تتشكل من أشخاص بمستوى القدسية، أو الحكمة و مدرعين من شعورهم إلى أخمص اظافرهم بعتاد إلهي، فعلاً سقوط أشخاص من هذا الارتفاع يكسبه ذخم لقتل من يسقط فوقه، لكن لسوء حظهم هذا لم يحدث..

جميعهم يسقطوا محدثين انفجار كبير فتتطاير اشلائهم في كل مكان، لكن لا ضرر يصيب الكتيبة الذهبية سوى ان دروعهم بدأت تتلون بالأخضر بدل الذهبي…

في كل لحظة تمر أعين روبين تتفتح أكثر و كأنها تريد القفز من مقلتيه، ما الذي يجري هنا؟ لقد وصلوا للتو لكن تتم معاملتهم و كأنهم اعداء أبديين يجب القضاء عليهم بأي ثمن!

ركز روبين اكثر على *المطر* الذي لم يتوقف لوهلة… اولائك الاشخاص لديهم بنية جسدية مشابهة للبشر، تقريباً مشابهة، لكن هنالك اختلافات ظاهرة جداً يمكن تحديدها حتى أثناء سقوطهم الحر.

لونهم أبيض بالكامل كلون الحليب، و من الانفجارات الجسدية المتكررة أمامه بسبب سقوطهم المدوي أمكنه بسهولة رؤية أن دمائهم و لحومهم، و اشلائهم خضراء كأوراق الشجر، بينما ملامح وجوههم، و معالم أجسادهم متطابقة تقريباً.

يرتدون *ملابس* من اوراق الشجر، لكن كل واحد منهم يرتديها بشكل مختلف تماماً، هذه الملابس لم تبدو أنها لستر العورة، و الاجزاء التناسلية كما البشر، و بقية الكائنات الذكية، بل مجرد وسيلة لتبدو مختلفاً عن بقية زملائك.

بل الأدهى، لا يبدو أن لهم أجهزة تناسلية اصلاً، هل يمكنهم إخفائها كما الزواحف..؟!

*سووووش*

“معاليك، أخيراً وصلت، أشكر السماء أنك بخير!” جاء أليكساندر طائراً ليتأكد أن صياح الجنود قبل قليل كان صحيح، و ان روبين وصل، ثم نظر خلفه، و صاح بعلو صوته.” تراجعوا مئتا خطوة بحذر، يجب ان يكون معاليه في وسطنا تماماً، هيا تحركوا!”

“هوه!” صاح أفراد الكتيبة الذهبية و بدأوا بأخذ خطوة تلو الأخرى للوراء، لكن لم ينسوا التعامل مع مطر الجثث.

بيد تُمسك بالترس الإلهي مرفوع للأعلى، و يد أخرى تمسك بسيف، او برمح تُقطع من يهبط حياً، تراجع الخمسون ألف جنود في خلال بضع ثوانٍ بشكل منظم، جاعلين روبين في وسطهم تماماً.

“أليكساندر، ما الذي يجري؟ كيف وصلتم لهذه الحالة؟ هل تأخرت في الوصول لأسابيع أو شيئ كهذا؟ ماذا فعلتم أثناء غيابي أيها الاوغاد؟ ألم نتفق على تجرب الحل السلمي اولاً؟!” صاح روبين فجأة، هذا هو التفسير الوحيد الذي أمكنه الإتيان به.
ما الذي قد يجعل هذه الكائنات تهاجمهم بهذا الشكل الإنتحاري؟ لو أخبره أليكساندر الآن أنهم ذبحوا أطفالهم، و اطعموهم للكلاب أمام أعينهم لقال أنه كاذب، حتى هذا لا يمكنه إيصال أولائك السكان المحليين لهذه الدرجة من الغضب!!

“معاليك، أقسم لك أننا لم نفعل شيئ، معاليك تأخرت علينا ساعة واحدة فقط، يمكنني أن أجلب لك قيصر ليؤكد لك هذا!” رد أليكساندر بسرعة.

” ساعة؟ ساعة كانت كفيلة بإغضاب المحليين لدرجة الانتحار من أجل قتلنا؟ أتمزح معي بحق الجحيم؟!” صرخ روبين مجدداً.

“هذا ما حدث!! بعد وصل أول فوج منا بعشر دقائق فقط بدأت تلك المخلوقات تقفز فوقنا بلا سابق انذار، لم نتبادل حتى كلمتين معهم! في البداية كان واحد، ثم عشرة قفزوا معاً، ثم عشرون، و بمرور كل دقيقة إزدادت أعدادهم حتى وصلت إلى ما ترى الآن، و لم نرد التحرك من مكاننا قبل أن تصل معاليك سالماً أولاً و نقوم بحمايتك.. أرجوك أعطنا أوامرك، هل نتراجع؟ هل نحاول التواصل؟ هل نهاجمهم؟ هل نطير مبتعدين؟ ماذا نفعل؟ لا يمكننا البقاء هكذا للأبد!” تكلم أليكساندر بسرعة.

طاقة الجنود ليست لامحدودة، و تلك الهجمات الانتحارية ليست ضعيفة، قد لا تضر بشكل مباشر الآن لكن بكل ثانية تمر من استخدام طاقتهم، و أسلحتهم الإلهية في الدفاع عن أنفسهم يُرهقوا أكثر..

لو في حرب عادية مباشرة لتم التبديل بين الجنود و الدفع بالجنود الإحتياط لإعطاء فرصة للجنود الآخرين للإستراحة، و إعادة ملئ طاقاتهم، لكن الآن هم محاصرين، و كلهم يتعرضون للهجوم، أين و متى سيستريحوا؟!

و الشيئ الأهم أن تلك المخلوقات التي تقفز فوقهم لا يبدو أنهم جنود، بل لا يبدو أنهم اقوياء بالمرة، بعضهم حتى لا يصدر منه اي طاقة، انهم غالباً مجرد فلاحين!

يمكنه بالطبع إتخاذ تدابير للدفاع ضدهم، لكن قتل هذا المستوى من الاعداء لن يفيدهم بشيئ، بل بالعكس سيضعفهم أكثر بمرور الوقت.. إلى متى يمكن لتلك التدابير الصمود أمام هذا الشلال من الاجساد؟ أنهم مجرد فلاحين، و لو تمت مقارنة هذا الكوكب بكوكب يورا، و بالاخذ في الإعتبار السرعة التي تجمعت بها تلك المخلوقات و بدأت الهجوم عليهم، فبالتأكيد يوجد مليارات منهم على الكوكب، هل سيبقى مكانه حتى يأتوا جميعهم و يقفزوا فوقه؟!

“سحقاً!!” ركل روبين فخذ أحد المحليين تحت قدمه. ” هذه ثاني مرة يفعلها بي، الأولى يرسلني لكوكب لديه جاذبية ساحقة و الآن يرسلني لكوكب كله مجانين، تباً له!!”

“معاليك..؟!” صاح أليكساندر مجدداً ليذكر روبين بالموقف.

“تباً! تباً!! تباً!!!” أستمر روبين في ركل أشلاء المحليين البيضاء حوله بجنون لبضع ثوان، مُدخلاً الهلع في قلب أليكساندر، و بقية الجنود بمستوى حكيم الذين يحاصروه لحمايته.

ثم نظر للأعلى نحو أليكساندر، و هو يلهث. ” نتراجع لأين و نتواصل مع من؟ هؤلاء لا ينفع معهم العقل، سنهاجم! إن كانوا سيعاملونا بجنون سأريهم الجنون الحقيقي! تقدموا!!!”

 

 

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
6
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x