*بووووووو*
صوت بوق الحرب صدى فجأة أمام الجيش الذي يقدر تعداده بأربعة ملايين جندي تقريباً مشعلاً الحماسة في قلوبهم.. أخيراً سيفعلوا ما لم يفعله أحد من أسلافهم.

هم الذين قضوا أعمارهم يفكرون في الدفاع عن أراضيهم ضد حروب مع ممالك، أو امبراطوريات مجاورة، بعضهم حتى له اقارب قُتلوا في حروب داخلية بين النبلاء!!

لكن اليوم.. سيذهبوا لغزو عالم آخر؟ هذا يبدو كقصص خيالية، لكنها تحدث أمام أعينهم، أنهم على بعد خطوات من نيل مرادهم!

لكن..

“كتيبة النخبة، كتيبة الحدادين الإلهيين، كتيبة رسامي النقوش.. تقدموا نحو البوابة، حركوا مؤخراتكم!!”

“تحركوا، تحركوا!”

*باام باام باام*

بدأت *الكتيبة الذهبية* بالإلتفاف و التحرك بموازاة السور، ثم تبعهم بصوت بضع آلاف فرد يرتدون دروع تبدو أثقل منهم، لكنهم مع ذلك جميعاً مشو بنفس الخطىً الثابتة، و الإبتسامات الواثقة الظاهرة بالكاد من تحت خوذاتهم.

لكن إبتساماتهم تلك كانت كسرت قلوب ملايين الجنود الآخرين!

الحماس الشديد، و التطلع للقادم أنهار فجأة في الجيش، بدأ بقية الأربع ملايين جندي بالنظر حولهم مُتحسرين، و يتسائلون بحواجب معقودة و بخوف بادٍ، *هل سيتركوننا ورائهم؟* *لماذا تم جمعنا هنا إذاً؟* * ألن نرى ذلك الكوكب الجديد؟!* و غيرها من الأسئلة الكثيرة التي ترددت بصوت منخفض، لكن ذلك الصوت المنخفض لم يكن منخفضاً جداً عندما تكلم به أربع ملايين شخص في آنٍ واحد…

“صمتاً!” أستخدم أليكساندر قانون الرياح الرئيسي لرفع صوت، و إيصاله لأذان كل الجنود. ” صاحبة الجلالة معاليه روبين بورتون قرر إرسال الكتيبة الذهبية، و كتيبة الحدادين الإلهيين، و كتيبة رسامي النقوش للكوكب الجديد أولاً من أجل إنشاء بوابة فضاء و هذا سيصنع قناة فضائية ثابتة بيننا، و بين الكوكب الجديد، هذا سيكون أكثر أمناً عليكم، و أقل تكلفة في نقلكم… أكملوا تدريباتكم، وانتظروا وقت إستدعائكم!”

“هووه!” صاح جميع الجنود في آنٍ واحد، و ضربوا أسلحتهم على دروعهم بقوة، متحمسين أن أملهم في رؤية العالم الجديد لم ينتهي بالكامل.

أما روبين فتجاهل ما يحدث أسفل السور، و تابع بنظره الكتيبة الذهبية، و هى تبتعد أكثر عن بوابة المدينة، ثم تسائل بصوت سمعه الجميع. ” كنت أعتقد أن البوابة داخل المدينة الامبراطورية..؟”

“مُعلمي، بعد الذي حصل في مدينة الأمل، إعتقدت أنك لم ترد الاحتفاظ بالبوابة داخل حدود المدينة، فقمت بنصبها على بعد بضع كيلومترات من هنا، لكني مهدت الطرق بينها و بين المدينة، و قمت بتسوية الأرض حول بوابة الفضاء فحولتها لمساحات ضخمة تصلح أسواقً وثكنات عسكرية كما أمرت، هل اخطئت في هذا؟” رد جابا بسرعة.

“همم؟ هاها، لا، لا، لم تخطئ، تفكير جيد.. هيا بنا نحو البوابة معهم إذاً، يجب ان نتحرك في أسرع وقت ممكن.” ضحك روبين، و بدأ يطفو.

كيف لم يفهم جابا؟ عمل قناة مباشرة بين بوابتين مفيد جداً، و يقلل الوقت المستخدم للتنقل، و تكلفة النقل، و درجة ثبات الممر الفضائي، لكنه هذا يعمل في الاتجاهين..

لو قبض أعداء على بوابة فضاء في مكان آخر، و عُرفت احداثيات البوابة الفضائية التي تقع داخل المدينة الإمبراطورية، فستقع كارثة!

حتى لو إحتمال حدوث شيئ كهذا ضعيف جداً، أولي الأمر داخل المدينة الإمبراطورية سيبقون دائماً متوترين من حقيقة تواجد تلك البوابة الضخمة داخل المدينة، إذاً لماذا يصنعها داخل المدينة من الأساس؟

طيران روبين بعيداً عن السور قوطع بعد سماح صيحة بصوت بيلي. “هوي، ألن يأتي آمون و بقية ملوك العفاريت؟ أعني.. كنت اشكك في سبب عدم ظهور جيش العفاريت حتى الآن، لكن الامر مفهوم قليلاً طالما تريد عدد قليل للإستكشاف اولاً، لكن على الاقل آمون و ملوك العفاريت يجب أن يأتوا، صحيح؟”

تسمر روبين في الهواء لحوالي ثانيتين قبل أن يكمل طيران للأمان، و هو يقول، ” كلا، العفاريت لن يساعدوا هذه المرة، لديهم شأنهم الخاص الآن، هيا بنا!”

*سوووش*

*سوووش سوووووش*

“….ايه؟!” وقف بيلي في الخلف يشاهد روبين، و البقية يتحركون بعيداً بإستغراب شديد.

———–

على بعد عشرة كيلو مترات شمال المدينة الإمبراطورية

*بززززززت*

رفع روبين يده عن لوحة التحكم في بوابة الفضاء، و نظر وراءه، ثم صاح في الجميع مستخدماً قانون الرياح الرئيسي، “لقد أدخلت الاحداثيات و قمت بتفعيل البوابة، كل شيئ مُعد للمغادرة، لكن دعوني أعطيكم تحذير صغير، أعرف أن معظمكم إستخدم إحدى البوابات الفضاء مرة على الاقل، جميعكم معتادين على التنقل الآمن والوصول الفوري، لكن دخول هذه البوابة ليس كأي شيئ اختبرتموه من قبل!

إليكم ما سيحدث… بعد دخولكم للبوابة ستتجمد أجسادكم بالكامل، هذا يعني كل العمليات الحيوية في أجسادكم ستتوقف لأيام، أو حتى لأسابيع حتى نصل للهدف، فقط أذهانكم ستبقى حاضرة ، لكن لا تقلقوا، ستصلوا للناحية الأخرى أحياء و بنفس الوضعية التي دخلتم البوابة بها، و لهذا أريدكم جميعاً أن تتخذوا وضعية دفاعية قبل دخول البوابة، و إن وصل بعضكم قبل بعض، ابقوا في الوضعية الدفاعية مهما حصل و انتظروا حتى يصل الجميع، مفهوم؟”

“مفهوم!” ردد الجميع في أنٍ واحد، ما يزالوا متحمسين، لكن رهبة دخول البوابة زادت أضعافاً بعد كلمات روبين.

أومئ روبين مرة، ثم صاح مجدداً. ” جيد، أليكساندر، تقدم أنت التشكيلة!”

“حاضر!” رد أليكساندر بسرعة، لكن قبل أن يتوجه نحو الجيش لقيادته، بدى و كأنه تذكر شيء فعاد، و تقدم بضع خطوات نحو روبين، ثم اخرج صندوق من خاتمه الفضائي، و مرره لروبين. ” اعتذر لمعاليك، رؤياك بعد السنين، و كلامنا عن الغزو تقنيات تدريب الطاقة، و غيرها جعلني أنسى أن اقدم لك هذا الصندوق.”

“همم؟ ما هذا؟” قَبل روبين الصندوق، و سأل.

” طقم دروع كامل بالطبع! من حيث القوة فقد صُنع الطقم من مواد أفضل من تدريع الجيش، و من حيث المظهر، مع أنها ذهبية أيضاً إلا أنها لا تشبه الزي الموحد للجيش، فقد شارك في تصميم شكله أشهر مُصممي كوكب يورا كما أنه مُبطن بمواد لينة لتجعل إرتداءه مريح كأنه ملابس عادية، نحن متأكدون انه سيعجب معاليك! نعلم أن معاليك غير معتاد على إرتداء الدروع، خاصة بهذا الحجم، لكن نرجو منك عمل إستثناء قصير هذه المرة فقط، بعدما نتأكد من أمان الكوكب الجديد يمكنك خلعه مجدداً إن أردت.”

“اوه؟ لم تنسوني إذاً هيه~.” أطلق روبين ضحكة قصيرة. ” حسناً، هيا تحركوا.”

أومئ أليكساندر، ثم طار ليقف أمام البوابة مباشرةً وصاح. “السرية الأولى، اتبعوني!”

*بام بام بام*

تقدم أليكساندر أولاً، و دخل البوابة رافعاً درعه، ثم دخل ورائه الف جندي ذهبي.

بعدها أليزابيث، و فيكتوريا، و قيصر دخلوا، و تبعهم عشرة آلاف جندي ذهبي، ثم أخيراً بيون، و زارا، و جابا، و تبعهم بقية الجنود، ثم أخيراً تقدمت كتيبتا الحدادين الإلهيين، و رسامي النقوش.

*شهيق*

وقف روبين بمفرده بعد مغادرة الجميع، قلبه يدق كالمطرقة، و هو ينظر للبوابة.

عيونه لم تكون تملأها الرهبة من المجهول، أو الحماسة الناتجة من التفكير في ما قد يواجهه كبقية جنرالاته و جنوده.

عيناه كانتا مليئتين بالشعور بالذنب، و الرعب!

وقف مكانه لبضع دقائق بلا حول ولا قوة، ثم أصر بقوة على أسنانه حتى بدأ ينزف دماً..

بعدها أخرج طقم الدروع من الصندوق، و ارتداه بسرعة غير عابئاً بمظهره، أو المواد فيه، بل من توتره إرتدي بضع قِطع في غير أماكنهم، و تحتم عليه تبديلهم، و هو يصيح مُتعرقاً. ” سحقاً! سحقاً!! سحقاً!!!”

“هااا… هووووف.. هاااا.. هوووووف… تشجع، أنه شيئ عليك فعله.. شيئ عليك فعله..”

بعد بضع دقائق أخرى أخيراً أخذ خطوة إضافية، و اختفى داخل الفضاء الهلامي…

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
10
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x