بعد أسبوع واحد– كوكب نيهاري– مدينة الأمل.
*بزززززززت*
“اه! ياللهول، لقد تم تفعيل البوابة!”
“كما قال المجلس تماماً، لقد قرر المولى تدميرنا أخيراً!”
“لا أصدق أن المولى قرر فعلها حقاً.”
“سحقاً، لو تأخروا بضع شهور أخرى لكنا أتممنا عملية الانتقال لمدينة الغد، لماذا الأن؟!”
“إستعدوا الشيوخ! إستدعوا الشيوخ كلهم!!!”
“اللعنة!!”
عشرات الآلاف من الحراس من مختلف الأجناس المتمركزين حول البوابة رفعوا أسلحتهم بعدما رأوا البوابة بدأت تصدر ضجيجاً، و الفضاء بداخلها بدأ يتميع.
-لن تحتاجوا الإنتظار عشرون عاماً حتى يأتي الغزو، سأتي لكم انا بالغزو!- كان بادياً أن تهديد روبين في يومه الأخير في نيهاري لم يمر مرور الكرام..
بعد مغادرة روبين انقسم المجلس بشكل كبير، جزء منهم قرر الحفاظ على أمر -المولى- و تنفيذه بالحرف قائلين إنه لن يضرهم أبداً إن لم يستفزوه اكثر، فلا أحد قد يريد تدمير ما بناه بيده.
و جزء آخر، من بينهم قبائل العمالقة، قالوا أن روبين عاد من حيث أتى ليجهز جيشاً ليقضي عليهم، و يعيد الإستيلاء على المنطقة الشرقية، داعمين نظريتهم بأنه لم يساعدهم لسواد عيونهم بل من اجل فرض سيطرته، و طالما سُحبت منه فسيحاول إستردادها بأي ثمن!
و الشريحة الثالثة الاخيرة من المجلس لم يأخذوا جانب، بقوا صامتين يرتعشون على الجوانب، معترفين بفضل مولاهم لكن خائفين من بطشه.
في النهاية وصل الجميع لحل وسط.. تم الحفاظ على البوابة بلا خدش كما أمر روبين، لكن في المقابل تم تدمير المباني المحيطة بها و تحويلها لساحة عسكرية يخيم فيها أكثر من اربعون الف جندي ليل نهار.
كما أنه تقرر نقل العاصمة لمدينة الغد، و هى تعتبر آخر مدينة قامت العشيرة ببنائها خلال العشرون عاماً، و قد تم اختيارها لأنها أبعد مدينة عن مدينة الامل!
لكن لأن المدينة ما تزال جديدة، و البنية التحتية فيها ما تزال تحتاج لعمل كثير لم يتم الانتقال فوراً، بل تم تحويل كل موارد العشيرة نحوها ليتم تجيهزها بشكل لائق أولاً قبل بدأ النزوح نحوها.
و مع أنها ما تزال مجرد جدران خاوية قام بالفعل عدد من شيوخ العشيرة، و المقربين منهم بالإنتقال إلى هناك، ضاربين بكل شيئ عرض الحائط.
حتى رؤساء و ممثلي قبائل العمالقة غادروا مدينة الأمل عائدين لعاصمة أراضي اجدادهم، و كلاٍ بدأ في تحصين مدنه تحسبناً لغزو روبين – القادم لا محالة- في وجهة نظرهم.
لكن لم يغادر الجميع، جزء ليس صغير من الشيوخ أيضاً ظل في مدينة الأمل حتى ينتهي إعداد مدينة الغد، و يتوجهوا لها مع بنو جنسهم جميعاً.
لكن يبدو أن اليوم سيتم إثبات خطئهم…
*خطوة خطوة خطوة*
“اوووه، إذاً هذا هو العالم الذي جاء منه السيد جابا، و العفاريت؟”
*شهــــيق* “أتشعرون بنقاء الهواء، و كثافة الطاقة في الجو؟ مذهل.. من يتدرب هنا ستتضاعف سرعة تدريبه خمس مرات على الاقل! مع ذلك ترك معاليه هذا الكوكب و عاد من أجلنا”
“اعرف ما تقصده يا رجل، مدى احترامي لمعاليه وصل لعنان السماء، لا أصدق أن الدماء التي تجري في عروقنا هى نفسها التي تجري في عروقه، كيف لعائلتنا أن تنتج شخص كهذا؟ بل و هو ابن ذلك الحثالة بيتر بورتون ايضاً؟ لا اصدق!!”
“صحيح، بيتر بورتون كان حثالة كبير، لكن يجب أن اعترف، لقد أحسن عملاً بإنتاج ذلك الحيوان المنوي!”
” هاي، هل لاحظتم أساور الجاذبية؟ أنها تعمل بكل طاقتها، لولالها لكنا سُحقنا منذ وطئت قدمنا الكوكب، كيف نجى معاليه عندما جاء هنا أول مرة؟!”
” ابن الاخ رو- ااه اقصد معاليه فعلاً يستحق كل الاحترام و التفاني، انه حقاً أ… ااااه ما كل هذا؟!”
عشرات البشر بدأوا بالخروج من البوابة واحداً تلو الاخر ينظرون نحو السماء تارة، و يغمضون أعينهم للشعور بهذا الكوكب الجديد تارة أخرى.
لكن صيحة أحدهم الذي نظر حوله أخيراً أعادتهم للواقع، و أجبرتهم على النظر حولهم.. عشرات الآلاف من الأشخاص يحملون رماحاً، و يوجهونها نحو رؤوسهم!
لقد نزلوا وسط جيش!!
“ألم يقل معاليه أننا هنا للتجارة؟!”
“يبدو أننا فعلنا شيئ خاطئ، و يريدون التخلص منا! اهاااا أنه خطئنا!!”
*بزززززززت*
“هممم؟” ظل آخر خرج من البوابة، لكنه لم يهتم بالتطلع نحو الأفق، و لا استشعار الطاقة مثل البقية، بل تقدم بهدوء نحو مقدمة البعثه.
نية القتل التي تسربت منه في اللحظة التي رأى فيها كل أولائك الجنود حوله بدأت ترسل قشعريرة باردة في ظهور الجميع.
“ما الذي يحدث هنا؟ لماذا يوجد هذا العدد من الجنود حول البوابة؟ من رئيسكم؟” أزاح آمون شيوخ عائلة بورتون واحداً تلو الآخر و تقدم نحو الرماح بدون أي نية للتوقف، بل و بدأ يطرح الأسئلة بلغة أهل نيهاري.
أخذ قائد الحرس بضع خطوات للخلف حتى لا يلمس الرمح صدر آمون، و تكلم بصوت مهتز.“انت.. سـ سيد آمون.. رجاءً توقف، لا تتقدم اكثر.. لا ترغمنا على إستخدام العنف!!”
مد آمون يده، و أمسك الرمح، ثم جذب قائد الحرس نحوه حتى إلتصق وجهاهما، ثم تكلم آمون بنية قتل واضحة. ” إستخدم العنف إذاً.”
“كيييه!!” مع أن رئيس الحرس كان بمستوى حكيم أيضاً إلا أنه ترك الرمح في يد آمون و تراجع بسرعة بنظرة تملؤها الرعب.
ليس لأن آمون أقوى منه بكثير، ولا بسبب مظهره المخيف، و نية القتل التي يبديها، بل بسبب من هو..
من لا يعرف آمون، التابع المقرب للمولى؟ الشخص الذي ساعد المولى عندما كان ضعيفاً، و كان سبب في التحول الذي حدث لجنس العفاريت؟ منذ نشأة العشيرة، و الجميع يريد أن يعرف المزيد حول المولى الذي إنتشلهم من الضياع، و عن الأشخاص الذين حوله، و آمون بلا شك كان أحد تلك الشخصيات الذي أهتم بها الجميع.
لكنهم الان عليهم رفع أسلحتهم على تلك الشخصية التي يحترمونها كأسلافهم؟! هذه الفكرة مرعبة بحد ذاتها!
الموضوع التاليالموضوع السابق