“اوه، السيد الحاكم القاري شخصياً هنا؟ لمن أدين بهذه الزيارة؟” قهقه روبين عندنا سمع صوت بيلي، و تكلم و هو ما يزال لم يلتف نحو الباب.

“أهاها.. ها! ظريف جداً! ألم تكن أنت من أرسل لإستدعائي؟” تقدم بيلي بضع خطوات حتى الشرفة فوضع الكعكة على الطاولة الصغيرة أمام روبين، و تكلم مبتسماً. “هذا أول ظهور رسمي لك منذ إعلان التل الاخضر الكبير، اين كنت طوال ذلك الوقت؟”

“تجولي في قارة السلف سابقاً جعلني أدرك ان الجلوس في وضع التأمل وراء جُدر محصنة لا يقارن برؤية العالم، و التأمل في حكاياته، و رؤية حقائقه.” قال روبين، و هو ينظر نحو الافق.

“اووه؟” جلس بيلي في كرسي فارغ كان مُعد له بجوار روبين. “أحقاً كنت تتأمل في الحكايات والحقائق فحسب؟ لا اعتقد انك متفرغ لهذه الدرجة.. هالتك تبدو أكثر عمقاً من آخر مرة رأيتك مع أنك كنت في قمة نطاق القدسية بالفعل، أنت لم تخترق لنطاق الحكمة بعد، صحيح؟”

“هاها لديك عين ثاقبة، يبدو أن منصبك الجديد أعطاك قوىً خاصة! هاها.” ضحك روبين بصوت عالٍ، ثم هز رأسه. ” لكن للأسف لا، أنا لم أحترق لنطاق الحكمة بعد، ما تزال هنالك عقبة أمامي تسد الطريق! كيف اشرحها لك.. أشعر أني أعمى في صالة واسعة جداً، و أحاول إيجاد المخرج، صحيح أتقدم للأمام، لكن لا أعرف في أي إتجاه أسير، لا أعرف ما إن كنت أسير نحو الباب ام لا… هيه~ الوصول للدرجة الرابعة من قانون الحقيقة السيادي قد يتطلب وقتاً أكثر مما توقعت.”

“هممم أعتقد أنه علي أن أشعر بالقلق بما أن آمال كوكب يورا كله يقع على عاتقك خاصةً عندما يأتي الأمر لإستكشاف التقنيات و القوانين.. لكني لست قلقاً.” حك بيلي شعره و تكلم. ” لو كان هنالك أعمى واحد يمكنه أن يسلك الطريق الصحيح، و يصل لنهايته بكل تأكيد فهو انت، هى مسألة وقت لا اكثر.”

“هيهي شكراً على الدفعة المعنوية، أعتقد أني إحتجت لهذا..” قهقه روبين مجدداً، ثم أشار نحو الكعكة. ” إذاً.. أتنوي إخباري ما هذه؟”

“…هاه؟ ألا تعرف حقاً؟ أتقول انك قمت بإستدعائي اليوم بشكل عشوائي؟” فتح بيلي عيناه على آخرهما، و قال مندهشاً.

“مجرد يوم كبقية الايام، ما به؟” رفع روبين حاجبيه، و سأل متعجباً، ثم نظر نحو ثيو. ” هل تعرف شيئاً عما يقول؟”

” اليوم هو الرابع عشر من الشهر الثامن، أنه يوم ميلاد يا أبي.” إبتسم ثيو، ورد.

“هاه؟ .. الأيام كلها أصبحت تشبه بعضها منذ تركت عائلة بورتون، و ذهبت للكهف ذاك اليوم… لحظة، كيف تعرف أنت هذا؟!” تمتم روبين قليلاً، ثم رفع رأسه، و سأل ثيو مجدداً.

“هذه أصبحت معلومة عامة في الكوكب بأسره منذ فتح بوابات الفضاء، أسئلة شعوب بقية القارات الكثيرة عن إمبراطورهم الجديد جعلت الكثيرين يبحثون عن أصولك، و ينشروا معلومات كهذه، في الحقيقة توجد إحتفالات متفرقة في أنحاء العالم الآن و تم إعلان إجازة رسمية في قارة الشجرة المقدسة بمناسبة عيد مولدك.” رد ثيو.

“هاه؟ هاها يالها من مناسبة عديمة الفائدة، أنا حتى لا أعرف كم عمري!” ضحك روبين بصوت عالٍ.

” أتريد ان تعرف؟” إبتسامة كبيرة ظهرت على وجه بيلي، و سأل مازحاً.

“في الحقيقة لا..” رفع روبين كتفيه.

عقد بيلي حاجبيه، و اكمل. ” سأخبرك على أي حال، و هذا ليس سر يمكن لأي أحد معرفته بالبحث قليلاً في السجلات التاريخية.. عمرك الآن هو 187 عاماً بالتمام و الكمال.”

” … 187 عام؟ هذا يبدو كثير جداً، و قليل جداً ايضاً..” أراح روبين ظهره على الكرسي، و تكلم بصوت منخفض. ” كل تلك الاحداث التي مررت بها أشعر أنه يمكنها ملئ الاف السنين، لكن عند النظر للوراء أشعر أني لم اعش إلا قليلاً.. الحياة فعلاً شيئ عميق.”

رفع بيبي حاجبيه قليلاً، لم تكن هذه رد الفعل التي توقعها عندما جلب الكعكة، و جاء ليحتفل معه، كيف تحول الاحتفال إلى تأمل في أصول الحياة؟!

“كح كح، أعتقد أن هذا الرقم غير منصف بصراحة، أنت لا شك وُلدت قبل 187 عام، لكن عمر جسدك أقل بكثير، أعتقد أنك في الخمسينات حالياً؟” أراد بيلي أن يرجع الحوار للبهجة مجدداً ففتح موضوعاً جانبياً، و هو يُقطّع الكعكة.

“هاها أعتقد انك محق، بعد تدخل المستبصر المفاجئ ذلك اليوم قام بإرجاعي لعمر الـ 12، لو حسبنا على هذا الرقم فـ… أصبح عمري الجسدي هو 53 فحسب! أجل، أجل، انشروا هذا الرقم أفضل حتى لا أبدو عجوز جداً.” ضحك روبين بصوت عالٍ، و تلقى قطعة كعك من يد بيلي، و مرر واحدة لثيو بجواره.

“بففـ تبدو عجوز؟! كل من رأيته و هو يسمع عمرك الحقيقي أول مرة كان يفتح فمه على آخره و كأن يريد ان يبتلعني! لا تنسى أباطرة العالم من قبلك، و الذي يدعوهم الجميع بالـ *شبان* و الـ *أمل* تتراوح أعمارهم بين الـ 800 و الـ 1100! بالنسبة لهم أنت رضيع!” بصق بيلي قطعة الكعك من فمه، و صاح.

” هاهاها رضيع؟ أهكذا يراني الناس؟” ضحك روبين بصوت عالٍ، و أخذ يضرب على فخذه.

وضع بيلي يده على صدره، و تكلم بثقة. “بالطبع، أتعتقد إني سأمزح في شيئ كهذا؟ هيا أنهي كعكتك بسرعة، و سأجلب لك الحليب!”

“هاها.. هاااهاهاها..”

إبتسم ثيو إبتسامة راضية، و هو يرى أباه بالتبني يضحك بهذا الشكل، حتى أنه رأى بضع دموع بدأت تنزل من جانبا عين روبين!

متى كانت آخر مرة يراه يضحك بهذا الشكل الهستيري؟ بل.. هل رآه يضحك بهذا الشكل أصلاً من قبل؟ لكن هذا طبيعي ايضاً، منذ عرفه، و هو دائماً يخطط لشيئ أو يواجه شيئ، اليوم فقط يجلس، و هو يقف على القمة المطلقة للكوكب، من ماذا قد يقلق بعد؟ لعل هذا هو والده الحقيقي عندما تتركه الهموم!

“همم؟” عندما إلتقط ثيو وجه بيلي ذهبت الابتسامة الراضية عن وجهه، فقد رأى شيئ غريب جداً.. كلما زادت ضحكة روبين علواً زادت معالم وجه بيلي سوءً! ماذا.. ألم يرد العم بيلي أن يرى أبي سعيداً؟

ثم من العدم صدر صوت بيلي مقاطعاً ضحكة روبين. “هل انت بخير؟ تبدو متوتر.. لماذا دعوتني اليوم؟”

“هاها.. هيهي.. هيه~” تضائلت ضحكة روبين تدريجياً حتى اختفت، ثم تكلم. “… أثق أنك لم تعد بحاجة للعفاريت؟”

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
65
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x