بعد عامين من إعلان التل الأخضر الكبير…
جنون الإستكشاف الذي ضرب القارات الخمسة المأهولة لم يهدأ للحظة، كل يوم بالنسبة لسكان عالم يورا كان كصندوق هدايا مليئ بالمفاجآت!
كمية التقنيات، و الطلاسم، و تطبيقاتها غزت كل رُكن من القارات الخمس بشكل سريع جداً لدرجة أن حتى بعد عامين لم يتمكن الناس من هضم كل شيئ بعد، فبعد كل شيئ كُتب تقنيات القوانين السماوية التي انتشرت في القارات الخمسة وحدها تقدر بالمئات!
و رافق جنون الاستكشاف هذا جنون من نوع آخر.. اكتساب القوة.
منذ اُعلن أن الجميع لديهم حق الولوج لمعظم التقنيات، و القوانين الثانوية، و حتى أنه يمكنهم الوصول لقوانين، و تقنيات و عتاد افضل في المستقبل عبر عمل إنجازات عسكرية لصالح جيش إمبراطورية البداية الحقيقية، و أن موارد التدريب أصبحت متاحة للجميع، بل و الإمبراطورية تحثهم على التدريب.. لم يكن هنالك أي سبب يمنعهم من إتخاذ تدريب الطاقة بجدية!
فالعامة، و العائلات الخادمة انتهزوا الفرصة أفضل انتهاز، و عوضوا آلاف السنين من القمع، و التهميش، و العائلات النبيلة أرادوا المحافظة على افضليتهم عن طريق زيادة قوتهم أكثر!
لأول مرة في تاريخ الكوكب أصبح إنتاج الخبراء بالجملة، زمن تبجيل الفرسان، و القديسين انتهى أسرع مما كان يعتقد الجميع، فالاختراق للفروسية لم يعد شيئاً صعباً أبداً بعد إنتشار تقنيات القوانين الثانوية، بل أصبح الحد الأدنى!
اليوم لن تستطيع التقدم لزواج من تحبها إن لم تكن تدخل حتى لنطاق الفروسية، سيُقال عنك أنك ضعيف، و متخاذل!
و بالتأكيد ستكون أضحوكة إن كنت فلاح و لم تبني أعمدتك بقانون ثانوي من مسار النبات، أو الحياة، أو حداد و لم تبني اعمدتك بقانون ثانوي من مسار النار!
بجانب الفروسية، نطاق القدسية أيضاً انخفضت هيبته في أعين الناس، بعد أن كان نطاق مخصص لكبار النبلاء أصبح الهدف الحقيقي للمتدربين، و لم يكن هدفاً بتلك الصعوبة أيضاً بعد توفير أفضل التقنيات، و موارد التدريب، يومياً مئات الأشخاص حول العالم يخترقوا للقدسية!
حالياً النطاق الوحيد الذي ما يُزال يُنظر له بتبجيل هو نطاق الحكمة حيث أن التدريب لذلك المستوى يتطلب وقت طويل، و موهبة هائلة، و هذا شيئ لا يملكه الجميع.. بعد.
حالة الغضب في القارات الإمبراطوريات الاربعة – سابقاً- بعد التحول لتبعية شخص آخر، و حالة الترقب التي كانوا عليها مما سيفعله هذا الشخص المدعو روبين بورتون بهم، قد ذهبت أدراج الرياح..
الكثير من غضبهم السابق كان عدم تصديقهم لفكرة أن العالم كله قد توحد، كل قارة من الأربعة ظنت أنه يتم تضليلهم، و أنهم وحدهم تحت الإحتلال.. ومع أن تم منع خروجهم من قاراتهم خلال الآونة الاخيرة و قُطع الاتصال بين شعوب القارات الاربعة و لم بإمكانهم معرفة ما يحدث في العالم الخارجي، لم يعد مهماً بالنسبة لهم إن كان ما يقوله حكامهم أن العالم كله قد توحد تحت الإمبراطور الجديد ام لا.
بل بالعكس، سكان كل قارة الآن – بما فيهم قارة السلف – يتمنون أن الخبر ليس صحيح و أن تلك التقنيات، و الفوائد هى لهم فقط!
من يهتم لو كان بقية سكان العالم سيضحكون عليهم لأنهم تحت الاحتلال؟ لو كان الاحتلال بهذه الروعة فليبقوا محتلين للأبد إذاً!
لكن في نهاية العام الثاني من بعد إعلان التل الاخضر الكبير، حصل شيئ آخر هز عالم يورا مجدداً..
تم الإعلان عن إنتهاء العمل على بوابات الفضاء في القارات الخمسة.
قيل في الإعلان أنه عند إستخدام تلك البوابة عليك دفع 5 أحجار طاقة فحسب، و سيتم إرسالك لأي قارة أخرى على الكوكب عدا القارة المركزية!
وقع الإعلان كان عظيم جداً على الجميع.. لم يمر الكثير منذ كانت ترسل العائلات الإمبراطورية أكثر ابنائهم موهبة، و مكانة ليقابلوا أقرانهم في القارة الوسطى
لكن هذا كان كل شيئ!
لا توجد قارة ستقبل بوجود دخلاء عندها من مكان يعتبرون خصوم أو حتى أعداء، لذلك فحتى الحكماء، و الشباب الموهوبين لا يمكنهم الذهاب لأي مكان غير القارة المركزية، و قارة السلف..
بل حتى إن كان ممكناً ان تذهب لأي مكان اخر في العالم، الإبحار في المحيطات خطير جداً بسبب وجود كل تلك الوحوش البحرية، و يتطلب وجود عدة حكماء في كل سفينة ليكون لها فرصة في الوصول لمقصدها بأمان، تكلفة تعيين العديد من الحكماء من اجل رحلة بحرية تتطلب شهور كانت مهولة، و لذلك فسفر الناس العاديين يعتبر إستحالة حتى لو تعايشت كل القارات في سلام حقيقي!
حلم السفر كان يراود أذهان الجميع، لكنه لم يتعدى أبدا كونه حلماً، حتى إعلان اليوم..
لكن الغريب انه لم يكذبه أحد!
بكل الأشياء الجنونية التي تحصل يومياً لم يعد هنالك شيئ بعيد المنال على إمبراطوريهم الجديد!
اجتمع سكان القارات الخمسة عند بواباتهم الخاصة في اليوم الذي اُعلن فيه الامتحان، و انتظروا حتى يتم تفعيل البوابة، يريدون بفارغ الصبر تجربة ذلك الابتكار العجيب، و الأهم إنهم يريدون الذهاب للقارات الأخرى، و التباهي أمام أهلها عن كل تلك الكنوز، و العجائب التي تحدث معهم.
-لابد ان سكان القارات الأخرى سيُفاجؤوا عندما يرونا- هذا ما ظنه سكان جميع القارات، و هم يقفون أمام البوابات… لولا أن قادتهم شددوا على أن زياراتهم للقارات الأخرى يجب ان تكون بأدب، و بشكل سلمي لقام العديد بالإستعداد لغزو تلك القارات و ضمهما لإمبراطورية البداية الحقيقية!!
بعضهم حتى تواصلوا في الخباء، و جهزوا الرجال، و الأسلحة حتى يسيطروا على مناطق في القارات الأخرى بعد دخولها، و يقدموها هدية لإمبراطورهم الجديد، قائلين. * يجب ان نجلب الحضارة لأولئك الأوباش* لم يعلموا أن نفس الجملة تقال عليهم في نفس الوقت..
ذلك اليوم كان خيبة أمل و لحظة إستيعاب للكثيرين..
كلما مر واحد من البوابة يرى أمامه حشد هائل من الناس ينظرون إليه من الجانب الاخر، في لحظات معدودة تبادلت القارات الخمسة آلاف الزائرين وكلهم صُدموا بواقع الامر في نفس اللحظة…
لقد صدق حُكامهم.
العالم كله يمتلك نفس التقنيات التي يمتلكونها، و يُعرفون بأنفسهم كجزء من إمبراطورية البداية الحقيقية، بعد عامين كاملين من إعلان التل الاخضر الكبير تأكد سكان كوكب يورا أنهم فعلاً واقعين تحت نفس الحكم!
الموضوع التاليالموضوع السابق