“اه! ما كان هذا الصوت؟”
“هل سمعته ايضاً؟ ظننت أني اهذي.”
” لا، لا، هذا بالتأكيد صوت حقيقي، يقول إنه روبين بورتون؟ .. روبين بورتون نفسه؟!”
“اجل، فقط ذلك المجرم يمكنه إسماعنا صوته، و نحن في جنوب القارة بينما هو على التل الاخضر الشمالي..”
” هل أنا مخطئ أم أنه قال انه ليس آسف على كل ما فعله بنا؟ اللعنة عليه.. اللعنة عليه!! لقد فقدت عائلتي بسبب انتقامه الشخصي!!”
“فليسقط روبين بورتون!”
“فليسقط روبين بورتون!”
محادثات كهذه إندلعت فجأة في كل أنحاء القارة بعدما صدى صوت روبين، لم يخلو لسان قادر على النطق من قول شيئ يخص كلمات روبين، سواءً تعجب عن كيفية سماعه، أو تعليق على عدم أسفه، أو حتى شتم، و كراهية.
———–
فوق التل الاخضر الشمالي– بعد بضع ثوانٍ…
“هذا.. أعتقد أنه عليك تغيير لهجتك بعض الشيئ؟!” جابا اُصيب بالهلع عندما سمع آخر جملة قالها روبين، بل كل أتباع روبين على التل، أو الذين ما يزالوا يطيرون فوق الدراكو ذُهلوا من كلامه، هل قام بتوزيع كل تلك الطلاسم ليزيد الكراهية ضده؟!
لكن روبين بدى و كأنه لم يسمع أي شيئ، حيث أكمل، و هو يُمسك الطلسم. “مع إني لا اسمعكم، لكن يمكنني تخيل ردود افعالكم، لابد أنكم غاضبين الآن، لابد أنكم تلعنونني في الشوارع، لكني أتفهم.. ففي النهاية أنا الرجل الذي دمرت حياتكم، و ربما تسببت في مقتل اقربائكم، كيف تسامحوني؟ لابد أنكم تريدون انتزاع لحمي عن عظمي الان، لابد أنكم تريدون تحويل جِلدي إلى كيس تتبولون فيه! أخبروني.. هل كنتم لتقبلون آسفي مهما قلت الآن؟ هل كان سيغير هذا رغبتكم في قتلي لو كان لديكم القوة لفعلها؟”
———-
“سأقتلك يا ابن البورتون!”
“مهما قلت اليوم فيوم موتِك أتٍ لا محالة!”
“لن نقبل آسف، ولا تعويض، أنت ميت!!”
حالة الشوارع في كل أنحاء القارة تحولت من التعجب، و التساؤل إلى غضب كامل بعد سماع إعتراف روبين، حتى من كانوا ما يزالوا جالسين في منازلهم خرجوا، و بدأوا بالشتم، والصراخ على روبين أيضاً.
لكن الطريف أنه بعد كل شتيمة، او تهديد بالقتل كان ينظر الجميع حولهم لرؤية ما إن كان العفاريت قادمين ليهربوا..
———
” مجدداً، لا يمكنني سماع أصواتكم، لكن دعوني احزر.. جميعكم رفضتم، صحيح؟ جميعكم تريدون قتلي مهما اعتذرت، و مهما حاولت التعويض، صحيح؟ جيد.” أدخل روبين حسه الروحي في الطلسم مجدداً و تكلم، ثم توقف لثانيتين و أكمل. ” هذه كانت حالتي ايضاً عندما وجدت مدينة يورا مُدمره.”
————————–
“……..”
————————–
“عائلة بورتون كان لديها بعض الشهرة قبل ما حدث، أعتقد أن معظمكم سمع بنا مرة على الاقل قبل غزو مدينة يورا، انا، روبين بورتون، انتجت الكثير من التقنيات، و الطلاسم، و التطبيقات المفيدة كخواتم الصوت، و سهلت صنع الاسلحة عالية المستوى التي أفادتكم في كل شئ في حياتكم اليومية، و جعلت أشياء كحفر المناجم أسهل بكثير، و عدد الضحايا فيه قل.. أنا روبين بورتون الذي عندما أعلنت الحرب على دوليفار، و أخذت منهم قطعة أرض حولت سكانها من الفقر للغنى، و وزعت عليهم تقنيات تدريب.. انا روبين بورتون الذي صرفت نقودي للقضاء على ظاهرة الجوع في كل أراضي التابعة لدوقية بورتون.. انا روبين بورتون، الذي كان يسعى لتغيير هذا العالم!
لكني ذات يوم عدت من مكان بعيد جداً فوجدت مدينة يورا التي تربيت فيها مُدمرة، وجدت أهلي مقتولين، و مسجونين، و مُطاردين، عرفت أن زوجتي قُتلت، و إبني يُعذب منذ عشر سنوات.. و من فعل كل هذا؟ أبناء قارتي الذين كنت أعمل ليل نهار من أجلهم!”
—————
“……..”
“……..”
“……..”
————
“…كان لدي قوات تابعة لي، و إستخدمتهم لأخذ انتقامي، أعلنت الحرب على الممالك الثمانية، و فُزت، و بعد فوزي قمت بتطبيق الحد المعروف بقتل الخبراء، لكني لم اتخذ ضعفائكم كعبيد كما كان ينبغي، و تركتكم أحرار، هذا كل شيئ.. و لو كان لدى أحدكم القوة الان سيأتي لقتلي، و قتل العفاريت، و عائلة بورتون كلها، أؤكد أنه لن يترك لأقربائي من بعيد فرصة للعيش، أليس هذا صحيح؟
….لهذا أنا لست آسف، لقد تصرفت بطبيعتي البشرية، انا لست ملاك لأعفو عن الممالك التي دمرت عائلتي، ولا أنا غبي لأترك الفرصة لخبرائهم ليحاولوا الانتقام مني بينما أنا في حرب ضد الامبراطوريات الاربعة، لقد فعلت ما تحتم علي فعله، و لو عاد بي الزمن سأفعله مجدداً
لا تفهموني بشكل خاطئ، انا لا أريد إستعطافكم، ولا اخبركم أن تحبوني بشكل سحري الآن، أنا فقط أريد تفهمكم، و وضع أنفسكم في مكاني، إكرهوني لكن إفهموا موقفي، على الاقل لتتأكدوا من السبب الذي تكرهوني من اجله.”
“مُعلمي…” جابا لم يبعد عينه عن ظهر روبين للحظة، لقد شعر بإضطراب تنفسه، و سرعة دقات قلبه في كل كلمة، لم يكن يعرف ما إن كان هذا غضب او خوف، لكنه عرف شيئ واحد، كل شيئ قاله روبين كان يخرج من أعماق قلبه.
—————
*كراااااك*
شاب صغير يجلس فوق إحدى المباني قبض قبضته لدرجة أنها بدأت تصدر أصوات تكسر، لكنه لم ينطق كلمة.
أجل.. الأشخاص الذين قتلوا عائلته ذهب و قتلهم عندما أصبح أقوى، لم يكن هنالك اعتذار، أو رحمة، أو أي شيئ، هو بالتأكيد يفهم ما يقوله روبين.
المشكلة هى أن روبين كان اكبر عامل في قتل عائلته!
لكن.. كان هو أيضاً من انقذ حياته..
رفع الفتى بيرس مورغان كلتا يديه، و وضعهما حول رأسه، لم يعد يعرف كيف يرى ذلك الشخص الذي أنقذه رغماً عنه في تلك الحانة الصغيرة
شيطان بارد القلب؟ أم رجل فعل ما تحتم عليه فعله..
الموضوع التاليالموضوع السابق