صمت..
صمت مُطلق…
اكتفى بالجميع بالنظر لبعضهم البعض.. بعضهم في ذهول، و بعضهم في استغراب، و البعض الآخر في شماتة..
حتى قيصر أخذ يحرك عينه بين روبين، و بين فيكتوريا كالمجنون عندما سمع هذا الكلام.
هو يصبح ولي أمر إمبراطورة امبراطورية المياه فيكتوريا؟!
“سيد روبين.. هذا.. ألا يعني هذا أنن امبراطورنا الجديد سيكون السيد قيصر؟” حنى إحدى العجائز من إمبراطورية المياه ظهره، و تكلم بإبتسامة مصطنعة. “؟ ألا ترى ان هذا لا يصح بعض الشيئ؟ أعني، حتى إمبراطورية اللهب لها حالياً إمبراطور لإدارة أراضيهم بدون الرجوع لأحد، نعلم ان فيكتوريا اخطئت، لكن ليس لهذه الدرجة، صحيح؟ ألا يمكننا تغيير حاكمنا، و نُعامل كبقية الامبراطوريات؟”
“أبي، لا أعتقد ان هذا….” حتى قيصر أخذ خطوتين، و حاول قول اي شيئ لإبعاد نفسه عن هذا الموقف، لكن صوت روبين قاطعه
” مشكلتي مع إمبراطورية اللهب لم تكن شخصية، أما هى فحاولت قتل إبني بالتبني، وهى تعلم أنه مقرب مني. لن أبرر أكثر، هذا حُكمي، و لن أرجع فيه، إقبلوا به كما هو أو تفضلوا بالمغادرة.” هز روبين رأسه.
“اه.. ااه..” أراد ذلك الحكيم العجوز من إمبراطورية المياه قول شيئ، لكن لم تخرج كلمة من فمه..
حتى عينا فيكتوريا بدأت تلمع قليلاً بغشاء رقيق من الدموع، و هى تنظر نحو وجه روبين البارد، هذه اول مرة في حياتها تواجه هذا النوع من الرفض، و البرود.
سواءً هى أو حكمائها يدركون جيداً أنه لم يكن لديهم اي شيئ ليستندوا عليه!
امبراطورية الرياح، و إمبراطورية الشجرة المقدسة، و إمبراطورية اللهب قد اعلنوا ولائهم الأبدي لروبين، لو غادروا الآن سيكونوا منبوذين وسط عالم يحكمه الأعداء، روبين جاد في كلامه لأنه فعلاً لا يحتاج إعلان ولائهم!
قد ينعموا بالسلام ليوم.. لسنة.. لكن سقوطهم الحتمي، و الذي سيأتي بإبادة العائلة الحاكمة لامبراطورية المياه آتٍ لا محالة.
*كررااااك*
ذلك الحكيم العجوز من إمبراطورية المياه نظر نحو فيكتوريا بغضب، وتمتم كلمة واحدة بصوت منخفض. ” …وافقي.”
حركت فيكتوريا عيناها اللامعتين اخيراً من على روبين و نحو ذلك الحكيم العجوز بدهشة، ثم نظرت حولها لترى تعابير وجه بقية الحكماء أهم راضين أم رافضين، يريدون السقوط في هذا الذل المدقع أم القتال حتى النهاية.
لكنها وجدت هامات منكسرة، و ملامح غاضبة حاقدة، كلهم أومؤوا نحوها بأن تقبل أيضاً، لكن واضح أن كلهم بدو و كأنهم يريدون افتراسها..
فيكتوريا كانت متأكدة 100% أن لو روبين أخبرهم الآن أن يقتلوها لما ترددوا لحظة.
*شهيق.. زفير..*
-لا بأس، أنها مجرد كلمات لن اعنيها، مجرد كلمات..- هدّأت فيكتوريا نفسها، مجرد كلمات تُقال لترضي غرور روبين حالياً بعدها تنساها.
بدون كلمة أخرى نظرت نحو روبين مجدداً، و رفعت يدها ببطئ، و كأنها تطلب شيئاً، بالفعل روبين قام بالتلويح فـ طار أحد الالواح المعدنية نحو فيكتوريا.
*سوووش*
“اقسم.. على الولاء.. الكامل لمعاليه.. روبين بورتون.. و عدم الاضرار.. بمصالحه و—-” إلتقطت فيكتوريا اللوح المعدني، مررت حسها الروحي فيه كما فعل سابقيها بدون أن تفهم السبب، ثم بدأت تقول أصعب كلمات تحتم عليها قولها في حياتها.“… و أن اخذ برأي.. و أسمع.. أوامر.. قيصر بورتون في كل شيئ.. أريد عمله.. و إن خرقت القسم فأنا استحق الموت.”
*فرووووم*
قبل حتى أن تسحب حسها الروحي من اللوح، و تلقيه نحو روبين، شعرت فيكتوريا فجأة بأن جزء من روحها يُسحب داخل اللوح. ” ما الذي..؟!”
“هيهي اهلاً بك معنا، كان هذا وشيكاً جداً، يجب أن تكبحي مشاعرك أكثر مستقبلاً!” وقفت إليزابيث بسرعة، و ذهبت لتحضن فيكتوريا، لكن أثناء ذلك أمسكت باللوح في يدها، و ألقته بسرعة نحو روبين.
إبتسم روبين عندما رأى هذا، فهو كان يعرف أن إليزابيث تحاول حماية فيكتوريا، فلو قامت بتدمير اللوح الآن بعد أن علمت أن هنالك شيئ يقيد روحها، و انها بالفعل قد تموت لو خرقت القسم، قد تدمر اللوح، و تختار القتال.
لكنه لم يضع اللوح بعيداً او يخبئه في خاتمه كما كانت تريد إليزابيث، بل إلتقطه، و وضعه أمامه على الطاولة، ثم تكلم. ” اليوم انتهى بدون سفك قطرة واحدة، هذا افضل بكثير مما تصورت هاها تفضلوا بالجلوس.”
“تعالي لنجلس، و دعي التفكير للاحقاً، نحن في العصر الجديد الأن فتقبليه.” وشوشت إليزابيث في أُذن فيكتوريا شاردة الذهن بصوت منخفض، و بدأت تسحبها من يدها نحو الكرسي بجوارها.
حتى بكل الخلافات القديمة بينهم، و حتى مع أن فيكتوريا كادت تهاجمها قبل قليل، و هى تتلو القسم، هم الآن في جانب واحد شاؤوا أو أبو، الآن فعلاً هن أخوات بكل ما تحمله الكلمة من معنى، زمن الابتسام في الوجه، و الطعن في الظهر قد ولى.
اومئت فيكتوريا ببطئ، ما تزال تبدو شاردة الذهن بالكامل، تحاول التفكير كيف ستقضي بقية حياتها بأوامر شخص آخر، و كادت أن تأخذ أول خطوة بدون أن تدرك إلا أن سمعت صيحة. ” توقفي إن اردتي البقاء حية!”
“ماذا تريد يا أليكساندر؟ إنس الماضي، و دعها تجلس معنا، أنها واحدة منا الان.” إليزابيث وضعت كلتا يداها في جانبها، و نظرت بغضب مصطنع نحو إمبراطور الرياح أليكساندر الذي صاح للتو.
“… لا بأس، لقد فهمت.” ربتت فيكتوريا على كتف إليزابيث، ثم نظرت نحو قيصر، “….هل يمكنني الجلوس معهم؟”
“اممم.. أجل.. اعتقد…” هرش قيصر في رأسه، و أجاب بغرابة.
“شكراً لك.” اومئت فيكتوريا، ثم تابعت مع إليزابيث نحو كرسيها القديم وسط دهشة من الجميع، حتى إليزابيث نفسها.. القسم يشمل حتى طلب شيئ سخيف كهذا؟!
قهقه روبين عندما رأى هذا، و أخرج بضع ألواح من خاتمه الفراغي ايضاً وقعوا أمام فيكتوريا. ” و لو أني كنت أخطط لترك إمبراطورية المياه بدون أي فوائد، إلا أنكم أصبحتم تابعين لي الان، بقائكم ضعفاء هو ضعف لي أنا أيضاً، لذا امسكي.. هذه تقنية قانون المياه الرئيسية المثالية حتى الدرجة الثالثة، و تقنية تعديل الاساس، و تقنية قانون التكثيف الثانوي الذي سيُمكنكم من تحويل المياه لحالتها الثلاث بدون مجهود يذكر بعد أن كنتم تستهلكون معظم طاقتك لتحويل بخار المياه لجليد، و هذه تقنية—.”
الحق يقال، حتى فيكتوريا نفسها لم تكن تعتقد أنها ستتسلم أي شيئ من روبين، هى اكتفت بفتح عيناها على آخرهما و التقنيات تُلقى أمامها واحدة تلو الأخرى، حتى بقية الحكماء من إمبراطورية المياه لم يكونوا يصدقوا ما يحدث، خاصةً عندما ذكر روبين قانون التكثيف الثانوي، هذا القانون وحده لو اُستخدم بشكل جانبي سيضاعف قوة جيشهم عدة أضعاف!!
ضحك روبين بصوت عالٍ برؤية ردود الفعل هذه، و أعلن. “هاهاها حسناً، حسناً، جميعنا أصبحنا في نفس الجانب الان. آمون، جابا، اصطادوا لنا بعض الوحوش، و أقيموا وليمة مناسبة على طريقة آهل نيهاري!”
“حاضر.” انحنى آمون، و تراجع، و تراجع معه بقية ملوك العفاريت، وليمة بهذا الحجم تحتاج لكل مساعدة ممكنة!
“اوووه وليمة من عالم آخر؟ هذا يبدو ممتع! .. لكن معاليك، أيمكنني ان اسألك شيئاً؟” تكلمت إليزابيث بصوتها الملائكي المعتاد.
“اليوم يوم جميل، اسألي ما تريدين!” وضع روبين يده وراء رأسه، و رد مبتسماً، اليوم سهَل الكثير عليه فعلاً.
“ أعلم أن اربعتنا أصبحنا تابعين لك، لكن حسب علمي لم يكن لدى معاليك كيان معين تنتمي له غير عائلة بورتون، لذا اسمح لي أن أعرف بماذا سيسمى الكيان الجديد الذي توحدنا تحته؟”
الموضوع التاليالموضوع السابق