” ما كان هذا؟” إلتفت فيكتوريا ببطئ عندما سمعت إليزابيث، ملامحها، و نبرتها فيها صدمة هائلة.

و عندما وجدت إليزابيث تمد يدها نحو روبين تأكد ما شكت فيه، فصرخت بصوت عالٍ. ” إليزابيث، هل جننتي؟ أتريدين ان تكوني عبدة له؟!”

إليزابيث إلتقطت اللوح المعدني الذي ألقاه نحوها روبين، نظرت نحوه بعمق لبضع لحظات، ثم ردت. ” معاليه قال إنه سيحافظ علينا كحُكام أراضينا، و أنه سيشتري مواردنا إن اراد منها شيئ، هو تقنياً عرض علينا فوائد عظيمة مقابل تحقيق السلام الأبدي في الكوكب، ألن يكون هذا شيئ جيد بالنسبة لنا أيضاً؟ أن نتحرك بحرية في كل القارات، و لا نقلق من وقوع حروب.. هذا جيد بما يكفي بالنسبة لي..”

“معاليه..؟! هراء، أنتي تحاولين إقناع نفسك لأنك تظني أنه سيفوز بالحرب إن قامت! تعقلي يا إليزابيث، لو ساعدنا بعضنا هنالك فرصة كبيرة أن ننتصر!” اخذت فيكتوريا بضع خطوات نحو إليزابيث و صاحت.

” و هنالك فرصة أكبر أن لا ننتصر، و تُباد عائلاتنا، أنتي رئيتي جيش العفاريت في الحرب، رئيتي كم يمكن ان يكونوا مرعبين! حتى إن انتصرنا بطريقةٍ ما حالياً فسنخسر إعداد ضخمة من افراد عائلاتنا، و ستُحرق أراضينا… انا لا أريد أن تحرق أراضي الشجرة المقدسة.” تكلمت إليزابيث ببطئ، ثم أدخلت حسها الروحي في اللوح المعدني. ” أقسم على الولاء الكامل لمعاليه روبين بورتون، و عدم الاضرار بمصالحه و—-”

“إليزابيث…” رفع إمبراطور الرياح أليكساندر يده و كأنه يريد أن يقول شيئ، لكن لم يخرج أي صوت من فمه، فعاد للنظر في الارض مجدداً.

“لقد تعاهدنا على الوقوف جبهة واحدة، و الدفاع عن بعضنا، و الان قمتي ببيعنا بهذه البساطة؟ خائنة!!” أشارت إمبراطورة المياه فيكتوريا نحو إليزابيث بسبابتها، و صاحت بصوت يتخلله الهلع، هى كانت تدرك ما الذي يعينه خضوع إليزابيث الان.

“— و أن أموت إن خالفت أياً من هذه البنود.. هووه~ أشعر بشيئ في روحي، شئ كالقفل، هذا اللوح فعلاً ليس عادي، و هذه ليست مجرد كلمات، أشعر أني قد أموت فعلاً إن خالفت أي شيئ.” قلَبت إليزابيث في اللوح يميناً، و يساراً بتعجب، متجاهلة فيكتوريا بالكامل.

” أنتي..!!” شعرت فيكتوريا بإهانة شديدة من هذا التجاهل، و بدأ بعض الجليد يتجمع حول راحة يدها، نية قتل بدأت تتسرب بوضوح..

*سوووش*

فجأة ظل حال بين فيكتوريا، و إليزابيث، نظر ذلك الشخص عميقاً في عينا فيكتوريا بنظرة تبدو عادية، لكنها تحمل الكثير من القوة، و التهديد ورائها، و تكلم. “أنزلي يدك.. فوراً.”

لقد كان العجوز غو.. لم يعرف أحد متى تحرك من مكانه، و متى وقف أمام فيكتوريا، كل شيئ حدث بسرعة جداً!

حتى إليزابيث نظرت نحو فيكتوريا بإبتسامة خفيفة، لكن بعين تنضح بالتحدي.

فيكتوريا حركت عيناها بين العجوز غو و إليزابيث بغضب، لكن ببعض الخوف ايضاً.. هذا ما كانت تخشاه، هذا ما كانت تعمل حسابه، و هى تحاول إخراج ثلاثتهم من فوق التلة اكثر من مرة منذ بدأ الاجتماع.

ميزان القوة قد كُسر.

عندما وصلوا كانوا أربعة أباطرة بلا نظير، حتى لو قامت معركة أعلى التل كان بإمكان اربعتهم العيث فساداً في جيش روبين، و قتل روبين نفسه قبل الهرب بأمان.

و هذا فعلاً ما كنت تفعله منذ بدأ الاجتماع، تحاول بدأ معركة يُقتل فيها روبين، و تنتهي الحرب قبل أن تبدأ، حتى لو كان هذا سيترتب عليه مقتل الـ 1200 حكيم الذين جاؤوا معهم، او حتى مقتل إمبراطور، أو اثنين، موت روبين كان سيعوض كل هذا!

هى لم تكن تتصرف كمجرد فتاة غاضبة، بل كانت تعرف ما الذي يترتب عليه كل حركة تقوم بها!

كل شيئ كان مدروس بشكل مميز، لكنها غفلت عن شيئ واحد… هى نظرت للأمر من وجهة نظرها هى، و معرفتها بالأمور و غفلت عن ما يجول في رؤوس الاخرين.

لكن الآن الفرصة ذهبت، بدلاً من أربعة اباطرة ضد روبين و جيشه، أصبحت المعادلة إثنان و 600 حكيم ضد إثنان و جيش هائل…

الان فضلاً عن روبين بورتون، و عفاريته، امبراطورية الشجرة المقدسة، و امبراطورية اللهب اصبحتا حليفين حقيقيين، يعملان بأوامر نفس الشخص، حتى بدون تدخل روبين في شيئ فهنالك خطر امبراطوريتا الشجرة المقدسة و اللهب!!

الصمت في هذه اللحظة كُسر عن طريق إليزابيث، “خيانة؟ تتكلمين و كأننا حليفتان منذ قديم الأزل يا عزيزتي، فقط قبل ثلاث أعوام مخابراتي أخبرتني بشبكة جواسيس على أرضي من إمبراطورية المياه مهمتها الاساسية هى زعزعة الاستقرار، و جعل المواطنين يكرهوني.. كيف أخون من لم يكن لي حليفاً ابداً؟”

“…. يمكنني أن اشرح.” تمتمت فيكتوريا بصوت منخفض، و هى تنزل يدها، تحاول التفكير في مبرر.

لم يكن هنالك داع للإنكار فشيئ كهذا يمكن إثباته بسهولة، هى فقط لم تكن تعلم أن شبكة الجواسيس هناك تم كشفها!

“لا داعي لشرح شيئ، لدي شبكة جواسيس في أرضك، و في أرض الرياح، و اللهب ايضاً، لماذا تمرد مقاطعة سيل الشمال وقع برأيك؟ هيهي.” رفعت إليزابيث كتفيها المغريين، و قهقهت.

لم تدري فيكتوريا ماذا تقول، واضح انه لم يطلب منها قول كلمة ايضاً، كلمات إليزابيث كانت واضحة..

هم لم يكونوا حلفاء في الاساس، لو ضعفت إحدى الامبراطوريات الأربعة كان سيتكالب عليها البقية، و هذه حقيقة لا جدال فيها، و السلام الظاهر للكل ما هو إلا حالة سكون مؤقت لأن كل الامبراطوريات توازي بعضها في القوة تقريباً.

حتى القارة المركزية سبب وجودها الحقيقي، و الذي يعلمه القِلة الذين على القمة فقط أنه ليعتاد أبنائهم على تقنيات بقية الامبراطوريات في حالة وقعت حرب، أنها ساحة حرب مصغرة، و ليست مكان للتعارف!!

“هاها جميل جميل، تعال تفضلي بالجلوس، أنتي واحدة منا الان.” صفق روبين، و ضحك بصوت عالٍ، ثم أشار لإليزابيث نحو أحد الكراسي القريبة منه.

“شكراً لك، معاليك.” اومئت إليزابيث بإبتسامة، و جلست حيث أشار روبين.

“هذه بضع هدايا ترحيبية بسيطة لك و لشعبك، و انتظري المزيد في المستقبل.” تكلم روبين, و بتلويحة من يده ظهرت بضع أغراض أمام إليزابيث: بضع ألواح معدنية، سلاح إلهي من نوع الصولجان، خاتم فضاء، خاتم صوت.
“هذه الاشياء..؟” تمتمت إليزابيث، ما تزال مأثورة بجمال الصولجان، و هالته الفريدة، واضح انه كان أقوى بكثير من سلاحها الحالي.

“التقنية المثالية لقانون النبات الرئيسي، و التقنية المثالية لقانون الحياة الرئيسي، و بضع تقنيات لقوانين ثانوية تخص اسرار النباتات، و تقنيات صغيرة أخرى مُساعدة مثل تقنية نقل الخواطر، و تقوية، و تجديد الروح.. إبنتي زارا ستقوم بتعليمك، و تعريفك بكل شيئ هنا لا تقلقي.” تكلم روبين بإبتسامة كبيرة، اليوم فعلاً كان مُرضي جداً، حتى لو غادر الإثنان الآخران سيكون سعيد.

“اه! شكراً لك!!” فتحت إليزابيث عيناها على آخرهما و أعطت صرخة صغيرة من السعادة، هيئتها، و صوتها الجميل أجبر الجميع على الابتسام قليلاً، حتى العفاريت…

*كرراااك*

صوت كسر إحدى أصابع إمبراطورة المياه فيكتوريا صدى على التلة بالكامل، هى نفسها لم تكن تعرف هل كسرته بسبب تجاهلها ام بسبب *الهدايا الترحيبية* التي أعطاها روبين لإليزابيث بهذه البساطة، ثم تكلمت بصوت يملؤه الغضب. “أليكساندر، هيا بنا.”

لكنها قوبلت بالصمت لبضع لحظات، قبل ان تسمع. “…هيه~ أعطني أحد تلك الألواح ايضاً.”

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
19
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x