“جميعكم..!!” عينا إمبراطورة المياه فيكتوريا فُتحت على آخرها عندما رأت هذا المنظر، نست حتى كيف تتنفس للحظات!
حتى إمبراطورة الشجرة المقدسة إليزابيث و امبراطور الرياح أليكساندر كانا ينظران حولهما كأنهم رأوا أغرب شيئ في حياتهم، لم يصابوا حتى بهذه الصدمة عندما رأوا العفاريت أول مرة!
العجوز غو، إمبراطور اللهب، سقط على ركبتيه راكعاً لروبين، و كل حكماء امبراطورية اللهب سقطوا خلفه.
أي واحد من أولائك الحكماء كان يمكنه العيث فساداً في أرض السلف بالكامل بدون رقيب ولا حسيب قبل عامين فقط، زميلهم بالفعل قام بتحريك جيوش الممالك السبعة ليسيروا تحت رايته في الحرب ضد عائلة بورتون، كل واحد منهم لديه احترام للنفس، و غرور يصل لحد السماء!
لكن كلهم ركعوا؟
العجوز غو لم يأمرهم أن يفعلوا مثله، ولا يوجد أي شرط في القسم الذي أخذوه يجبرهم على فعل شيئ كهذا ايضاً، بل بالنظر في وجوههم يبدو أنه يوجد واحد منهم منزعج بركوعه، بالعكس.. وجووهم و هالاتهم تعبر عن الفرحة العارمة، حتى أن بعضهم بدأ يدمع فرحاً!!
“هل يعقل..؟” تمتم إمبراطور الرياح بصوت منخفض، لكن نفس الفكرة ضربت لأباطرة الثلاثة في نفس الوقت.
الشيئ الوحيد الذي يمكنه جذب رد فعل كهذه هو أن العجوز غو و كل حكماء امبراطورية اللهب مصدقين كل كلمة قالها روبين بدون أدنى ذرة من الشك.
-لو كان هذا صحيح…- فكر امبراطور الرياح أليكساندر، و نظر نحو العجوز غو الذي كان ما يزال راكع على الارض.
بالكاد قامت إمبراطورية اللهب بإعلان ولائها لروبين، لكنه بالفعل اعطاهم فرصة كهذه؟
منذ قليل كانت فيكتوريا تتكلم عن مدى إذلالهم، لكن خلال الف سنة إمبراطورية اللهب ستحظى بأول خبير حقيقي يفوق نطاق الحكمة!!
لا، حتى لو تجاهلوا حقيقة ظهور الشخص الذي يتخطى نطاق الحكمة، حقيقة أن كل خبراء امبراطورية اللهب سيستعملون هذا اللهب الأبيض تعني أنه خلال بضع أعوام فقط سيرجعوا من دمارهم ليقفوا على قدم المساواة مع بقية الامبراطوريات على أقل تقدير!
من الذي عليه أن يسخر مِن مَن الأن؟!
“هاها قِف أيها العجوز، أنت معي الان، عليك أن تعتاد على أشياء كهذه.” قهقه روبين، و أشار بالوقوف للعجوز، و لبقية حكماء إمبراطورية اللهب من حوله.
” شكراً لك.. شكراً لك..” وقف العجوز غو و عاد ليجلس مكانه، هذه المرة حاضناً لوحي المعدن بين ذراعيه، و كأنه يحضن رضيعه…
قبل أن يأتي لقارة السلف كان يحاول تخمين ما سيحدث له، و لإمبراطورية اللهب، هل سيُقتل كل من هم في نطاق الحكمة؟ هل سيترك البقية أحياء؟ هل سيتحول أهاليهم إلى عبيد؟ …هل سينجوا اياً منهم اساساً؟
كل شيئ كان متعلق بنزوة شخص لم يره ابداً، شخص عمره حوالي مئتي عام يدعى روبين بورتون لديه القدرة على تقرير مصير إمبراطوريته بكلمة.
روبين بورتون الذي رفع الان من شأن امبراطورية اللهب بكلمة ايضاً!
ربما ما حدث حتى الان.. ربما تلك الحرب و ذلك القسم.. لم يكن سيئ بالكامل.
*فرووووم*
مباشرةً و بدون ان تُنطق كلمة اخرى، قام روبين بتمرير طاقة خضراء اللون في كرة اللهب الأبيض التي ما تزال تشتعل في يده.
*كرااك كراااااك*
“رااور.. كح كح.. رااااور”
“هذا…؟” عقد الجميع حواجبهم تباعاً عندما رأوا ما يحدث، حتى العجوز غو نفسه كان ينظر لـ يد روبين بفضول شديد..
كرة اللهب اللبيضاء الصغيرة أخذت شكل تنين، بدأ ذلك التنين يدور حول يد روبين بسعادة، و يطلق زئير لطيف متقطع، لكن هذا ليس كان أكثر من كان جاذب للنظر بالنسبة لهم، بل عينا التنين..
عيناه تبدوان مليئتان بشقاوة الاطفال، و حب الإستكشاف، تبدوا مليئتان بالـ.. حياة؟
“كيف يعقل هذا؟!” تقدمت إمبراطورة الشجرة المقدسة إليزابيث خطوتين، و اخذت تتفحص التنين بعناية اكبر، هذا التنين يشبه…
” ماذا؟ أما ترون الآن يذكركم بشيئٍ ما؟ شئ معين تتفاخرون بأنه إقترب من النطاق فوق الحكمة؟” سأل روبين بإبتسامة ساخرة.
“… هذا بلا شك هو تجسيد الفرمان الإلهي!! لا.. انه مختلف بعض الشيئ..” صاحت إمبراطورة الشجرة المقدسة فجأة، لكن مجدداً تمتمت بصوت منخفض.
” همف، أنه أضعف بكثير، لعله شاهد تقنية تجسيد الفرمان الإلهي في ذكريات العجوز غو، و حاول تقليدها بهذه النسخة المثيرة للشفقة.” تكلمت فيكتوريا بنبرة حادة، لكن الفضول كان بادٍ في عيناها.
“تقليد تقنية تجسيد الفرمان الإلهي بمجرد رؤية ذكريات أحدهم؟ هذا ما يزال صعب التخيل..” عقد أليكساندر حاجبيه، هو كان أدرى الجميع بمدى صعوبة هذه التقنية، و مدى السنوات التي تحتم عليه التدريب حتى يتقنها.
“كلا، جائتنا الكثير من التقارير عن وحوش من النار، و الريح، و الظلام تتخللها بالحياه، و أنها أصعب عدو واجهته قواتنا طوال فترة وجودهم في ارض السلف، و نفس التقرير جاء من الحكيم الذي هرب من معركة القارة المركزية ايضاً.” تمتم العجوز غو وهو يشاهد التنين يتحرك.
هذه كانت أول مرة يرى فيها العجوز غو هذه التقنية، فهى لم يتم استخدامها خلال الحرب على قارة إمبراطورية اللهب، ربما لأنه لم يكن هنالك حاجة لذلك…
“هيه~” أعطى روبين ضحكة مكتومة، ثم تابع. “ما هذه إلا كرة لهب عادية أمرر فيها طاقة مدعمة بقانون الحياة الرئيسي، مجرد شيئ فكرت فيه قبل بضع سنوات لصنع جنود يمكن الإستغناء عنهم بدون خسارة أرواح، بالتفكير في الأمر انا لم أعطها اسماً حتى الأن.. تجسيد الفرمان الإلهي، هاه.. هذا مبالغ فيه، لكنه يبدو إسم جيد هيهي.
..على أي حال، الفارق بين التجسيد الذي إبتكرته، و الذي توصل له أسلافكم هو أولاً أن الخاص بي يكون محدود بكمية طاقة معينة، مثلاً هذه الكرة ستزال تحتفظ بكمية الطاقة التي قمت بتشكيلها منها، بل و ستضعف بمرور الوقت إن لم أحقن المزيد فيها. ثانياً طاقة الحياة التي تقوم بعملية التجسيد هى طاقة ضعيفة نسبياً، و محدودة، يمكن القول إنها تعطي، وعياً مؤقتاً قائم على ردود الفعل، و الطاعة المُطلقة لمن قام بتشكيلها فقط، ثالثاً في عملية التجسيد الخاص بي ما يأتي للحياة ليس القانون بل كرة اللهب نفسها، و بالتالي هى تهاجم، او تدافع، و غيره حسب إرادة من قام بتشكيلها، و بالإعتماد على كمية الطاقة المتوفرة لها، كما قلت.. انها مجرد طريقة لتشكيل جنود اضافيين.
أما خاصتكم فكمية الطاقة المتاحة للإستخدام مفتوحة تقريباً، فالتجسيد سيسحب طاقتك بلا إذن طالما هو مُفعل.. ثانياً الطاقة الحياة المُستخدمة هى حياتكم نفسها، و لذا تكون قوية جداً، و مركزة جداً، و بالتالي فـ صفة الحياة تكون أكثر ظهوراً في التجسيد الخاص بكم.. ثالثاً من يأتي للحياة هو القانون – أو القوانين – التي قضيتم حياتك في دراستها، و بالتالي هو أكثر قوة، بل مرعب نوعاً ما في الحقيقة.
بالطبع كل هذا ما كان يريد أسلافكم الذين جاؤوا بهذه الطريقة الوصول له، و أعترف أنها تقنية أقوى من التي فكرت فيها بأضعاف، لكن… تقنيات قوانينكم المليئة بالثغرات، و طاقتكم الداخلية التي تنفد بسرعة، و طاقة حياتكم التي تحترق، و كأنها شمعة مسكوب عليها بنزين افشلوا الهيئة الحقيقية لتلك التقنية، و أخرجها بالشكل الذي تمارسوه الأن.
انا، روبين بورتون، قررت تبني هذه التقنية، يمكنني الوصول لحلول لهذه المشكلات الثلاث، و تعليمها لكم، انا وحدي يمكنني إيصال تقنية تجسيد الفرمان الإلهي لقوتها الحقيقية!”
الموضوع التاليالموضوع السابق