بعدما وافق كل الحكماء المتبقين من إمبراطورية اللهب على الشروط لم يضيع روبين المزيد من الوقت، بتلويحة من يده بدأت الألواح تتطاير بخفة نحو الحكماء.
لكن حكماء إمبراطورية اللهب لم يكن لديهم نفس القدر من الحماسة..
الموافقة على تلو القسم من أجل انقاذ حيواتهم كان شيئ، لكن الامساك باللوح، و الإستعداد لتلوهِ حقاً شيئ آخر كلياً.
إمبراطورية اللهب تحولت خلال بضع أشهر من الجاه، و السُلطة، و القوة المطلقة لموقف عليهم فيه الاختيار بين الإذلال، و العبودية الأبدية، و بين الهلاك…
كل واحد فيهم أمسك باللوح المعدني في يده بقوة، و كأنه يود كسره، كانوا يعلمون أنه لا مهرب بين قول القسم غير الموت، لكنه لم يجرؤ واحد فيهم على قول كلمة واحدة.
في تلك اللحظة صاحت إمبراطورة المياه فيكتوريا. “جميعكم، لستم مرغمين على هذا، نحن أبناء الامبراطوريات لا يجب ان نقبل بهذه المعاملة!”
” و هل يوجد حل آخر يا صاحبة الجلالة؟” أحد الحكماء تكلم، و هو يهز رأسه.
“انتظروا حتى ننتهي من الإجتماع بعدها قرروا ما إن كنتم ستقفوا لتقاتلوا، او تقولوا تلك الكلمات المذلة، نحن ما نزال هنا، فقط اطلبوا الحماية مني، و دعوني أرى من يقترب منكم!” رفعت إمبراطورية المياه فيكتوريا رأسها، و تكلمت.
روبين رفع حاجبيه قليلاً عندما رأى هذا، و بدأ يحرك أصابع يديه اليمنى التي كان يضعها على الطاولة، بدى و كأنه يستعد لإعطاء الأوامر بالهجوم في أي لحظة، حتى جابا، و آمون، و البقية بدأوا بعمل حركات خفيفة مثل التقدم خطوة، او تمرير حسهم الروحي داخل خواتم الفراغ في أيديهم..
كان من المستحيل على روبين أن يسمح بترك حكماء إمبراطورية اللهب أن يحتموا وراء إحدى أو كل الامبراطوريات الأخرى حتى لو كان مؤقتاً!
لو حدث هذا فببساطة سيكون، و كأن كلماته بلا وزن، و أن حماية فيكتوريا لهم أكثر اهمية من حُكم روبين، لو بدأوا محادثات بهذه العقلية، فما الفائدة من المحادثات إذاً؟
لو قبِل حكماء إمبراطورية اللهب هذا العرض سيُقتلوا و أي إمبراطور يوافق على حمايتهم سيتم مهاجمته فوراً، الامر بهذه البساطة.
عيون الأباطرة الثلاثة لم تثبت لحظة واحدة، أخذة في الذهاب، و الإياب بين فريقا روبين، و إمبراطورية اللهب يحاولون تحليل الوضع، و التنبؤ بما سيحدث بعد قليل.. لم تبدأ أي محادثات بعد، لكن الكل كانوا مستعدين لمجزرة أخرى قد تبدأ في أي لحظة!
إمبراطور الرياح أليكساندر كان يريد من كل قلبه أن يلطم تلك المرأة على فمها، فما دخلهم بما حدث لإمبراطورية اللهب؟ أليسوا هم من وضعوا انفسهم، و وضعوهم في هذا الوضع؟
لكن أثناء ذلك الصمت الرهيب سُمع صوت العجوز غو. ” اقسم على أن أتبع أوامر معاليه روبين بورتون، و على أن
—- و ان—— و ان اقوم بكل جهدي لارغم كل من لديه سُلطة فعلية على مواطني إمبراطورية اللهب أن يأخذ قسم مشابه، و إن تخاذلت عن عمد في تنفيذ أي بند فأنا استحق الموت.”
“……اقسم على أن اتبع أوامر معاليه روبين بورتون، و على ان—”
“اقسم على أن اتبع اوامر—-”
بدأ العجوز غو المباشرة في تلو القسم أخذ الجميع على حين غرة، خاصةً حكماء امبراطورية اللهب الذين نظروا للإمبراطور الذي حكمهم لآلاف السنين، و يقول هذه الكلمات المهينة، و كأنها لا شيئ.
لكنها ايضاً ارجعتهم لوعيهم، إن كان إمبراطور اللهب يمكنه تحمل هذه الإهانة، فما الذي يمنعهم؟ فقبضوا على أيديهم، مرروا حسهم الروحي في الألواح المعدنية، ثم بدأوا بالقسم على ولائهم ايضاً.
“جيد، جيد جداً.” إبتسامة روبين الخفيفة زادت قليلاً، و صفق مرتين، ثم أشار نحو أحد الكراسي الفارغة على الطاولة بالقرب منه، و هو ينظر للعجوز غو. “انت واحد منا الأن، تعال اجلس.”
“شكراً لك معاليك.” أومئ العجوز غو، ثم ذهب ليجلس حيث أشار روبين.
“همف.” نفخت إمبراطورة المياه فيكتوريا، و تكلمت بقرف. ” حتى بعدما عرضت عليكم الأمان ما زلت أخترت إذلال نفسك، يبدو أنك كنت تبحث عن وسيلة لتكون عبداً، ربما كان عليك تكون عبداً لي أنا أولى.”
“…هيه~ انتي تذكريني بإبني كثيراً، لكن جميعنا نعرف أين هو الأن..” تكلم العجوز غو، و هز رأسه هو يجلس على كُرسيه.
“بل انت من الخرف أكل رأسك..!!” ضربت إمبراطورة المياه فيكتوريا على الطاولة. ” أتظن أن ترديد بضع كلمات سيجعل هذا الشخص يثق بك؟ أتعتقد أنك أنت و بقية الحكماء لن يتم اغتيالكم في الخفاء واحداً وراء الآخر بعد الخروج من هنا؟ ياللمزحة! أنه فقط يريد إرضاء غروره بإذلالكم أمامه.”
“هيهي أن كنتي لا تعرفين ما هي هذه الألواح فرجاءً توقفي عن الكلام حتى لا تحرجي نفسك اكثر.” أطلق العجوز غو ضحكة ساخرة، و تكلم.
“انت..!” صاحت امبراطورية المياة فيكتوريا، و كادت تقول شيئاً، لكنه شعرت بيد تنكزها من الجانب.
عندما نظرت بجوارها رأت إمبراطورة الشجرة المقدسة إليزابيث تنظر نحو العجوز غو تتكلم بصوتها الموسيقي. ” لما لا توسع آفاقنا، و تخبرنا ما هي تلك الألواح إذاً يا عم غو؟ انت لا ترضى أن نبقى جالهين صحيح؟”
“لو أراد صاحب الشأن أن يخبركم فليخبركم هو، و لو ارادني ان أخبركم فليعطني الإذن، كلموه، لو دارت المحادثة بشكل جيد ربما ستعرفون مصلحتكم، و تمسكوا بأحد تلك الألواح أيضاً.” رد العجوز غو بشكل مقتطب، ثم أشار نحو روبين.
مجدداً إنصبت كل الأنظار على روبين، بعضها نظرات مضطربة، و بعضها كراهية، و بعضها تساؤلات، و بعضها تبجيل، لكن المشترك بينهم جميعاً هو الاحترام…
إمبراطور الرياح أليكساندر وضع كلتا يديه على الطاولة، و تكلم، و هو ينظر لوربين. “اجل، العم غو أصاب، أعتقد أنه الوقت قد حان لنأخذ رأي صاحب الدعوة في بضع أمور..”
“كلي آذن صاغية~” روبين إبتسم، و رد.
الموضوع التاليالموضوع السابق