“ااااااااااااااااه!!!”

“اللعنة عليك يا غو! أنت من جلبتنا إلى هنا لنُذبح!! اااااااه”

“هاا.. هاا.. هاا..” العجوز غو تجاهل صرخات، و النداءات بالكامل، فقد كان يتألم بشدة، فقد السيطرة على كل مفاصل جسده، و شعر أن روحه على وشك الإنهيار في أي لحظة.

لكن هذا لم يمنعه من رفع رأسه، و النظر نحو روبين كأنه يرى وحشاً..

تلك الاسماء التي ناداها للتو، أولائك الأشخاص الذين حكم عليهم بالإعدام…

بعضهم شارك جسدياً في الغزو ضد يورا، و بعضهم ساند الحرب بأمواله، و سُلطته، و بعضهم حتى لم يكن له علاقة بحرب قارة السلف، لكنهم كانوا من المجرمين المرتشين، و الخونة المعروفين في إمبراطورية اللهب!

كل واحد فيهم يستحق عقوبة الإعدام بلا شك!!

لكن كيف.. كيف نادى عليهم روبين بالإسم؟ المعلومات عن بعض الأشخاص فيهم كانت شديدة السرية، و لم تكن معروفة إلا للإمبراطور، و مستشاريه *والديه.*

خطرت فكرة على رأس العجوز غو ضربته كالبرق، و نظر نحو يديه المرتعشتين بسرعة، ثم رفع رأسه لينظر نحو روبين، -….لحظة، أيعقل انه؟!-

ما قوبل به كان إبتسامة روبين الخفيفة، و هو يبادله النظرة، و قال، ” الأن تخلصنا مِن مَن يجب التخلص منهم، بقي خطوة واحدة أمام بقيتكم.”

“هاا.. هاا.. هوووو…” حاول العجوز غو ضبط تنفسه بسرعة، ثم وقف، و نظر نحو روبين بعينين مُنكسرتين. ” ماذا تريدنا أن نفعل؟”

*كلاانك كلاااانك*

عشرات الألواح المعدنية ظهرت بجوار روبين من العدم مما جذب أنظار كل الحكماء، و خاصةً الأباطرة الثلاثة الذي راقبوا كل شيئ بإندهاش شديد، لكنهم حاولوا كبح رغبتهم في السؤال عن ما حدث للتو حتى يُبقوا على مظهرهم القوي.

أما روبين فإنتظر حتى خرج آخر لوح، ثم تكلم. ” حسناً الجزء التالي بسيط جداً، كل واحد من السادة الأفاضل هنا سيمسك بهذه الألواح، يمرر فيها حسه الروحي، ثم يقسم على الطاعة الأبدية لي انا، روبين بورتون، و لأبنائي من بعدي بدون تفكير، او مناقشة، و يقسم على تعليم عائلته نفس الشيئ، و زرع الولاء اتجاهي في قلوبهم، و على كبح أي محاولة للتمرد قد تؤذي أي شيئ أو أي أحد له علاقة بي، و أنه لا يتنازل أحدكم على أي منصب كبير قبل ان يرغم الشخص الذي سيخلفه بأخذ نفس القسم.. طبعاً لا داعي لأذكر أن عقوبة الاخلاف بأي قسم منهم سيكون الموت.. لكن الجيد في الأمر أن بعدها ستكونوا جزءً من أتباعي المقربين، و اُعاملكم كما اعاملهم، و عائلاتكم ستكون تحت حمايتي كما هى تحت حمايتكم، بسيطة صحيح؟”

*بلع*

الناجون من حكماء امبراطورية اللهب بلعوا ريقهم بصعوبة عندما سمعوا هذا، جميعهم بلا إستثناء سمعوا عن الابتكارات، و الاشياء الغريبة التي وجدوها جيشهم في قارة السلف، و بالطبع يعرفوا ما هي ألواح القسم!

“هذا…” العجوز غو نظر مطولاً نحو الألواح المعدنية، لم يجرؤ حتى على الرد، هذا القسم كان.. مهين جداً. “.. و ماذا إن رفضنا؟”

“هيه~” ضحكة ساخرة هربت من فم روبين، ثم إعتدل في جلسته، و نظر في عينا العجوز غو بجدية. ” دعنا نوضح شيئ هنا، في البداية قررت إبادت كل واحد منكم، حتى كلابكم، و حميركم كانت ستتحول طعام للعفاريت، ثم أظهرت لكم بعض الرحمة بأني أعطيت الاوامر بتدمير جيشكم، و قتل كل خبرائكم فقط، و الإبقاء على الأبرياء، انا جئت اليوم، و انا اعتقد أن أوامر قد نُفذت بالفعل، لكن يبدو أن لصديقي بيلي هنا رأي آخر، الرحمة التي أظهرتها لم تكفي في نظره فخالف أوامري مجدداً، و ترك إمبراطورية اللهب كما دخلها تقريباً، جالباً لي المئات من الحكماء عاليّ المستوى الذي يفترض أنهم ماتوا، لكنك الان تقول ان بعضكم قد يرفض قول بضع كلمات؟”

بيلي وقف بسرعة، و تكلم عندما وجد روبين يتكلم على مخالفة أوامره. “روبين، انا لم اقصد معارضة أوامرك، لكن تدخل العجوز غو هو الذي—”

“يكفي! ما حدث قد حدث، و ربما هذا ليس سيئ جداً ايضاً…” رفع روبين يده ليسكت بيلي، ثم أكمل، و هو ما يزال ينظر في عينا العجوز غو. ” انا جئت، و انا مستعد لسماع أن أوامري قد تمت، و أن قارة إمبراطورية اللهب قد اصبحت حديقة خلفية لا يوجد فيها سوى الفانون، لكن رؤيتي لكم هنا جعلتني أفكر في بديل..

أمامكم خيارين لا ثالث لهما، إما ان تحافظوا على تراثكم، و حُكمكم على أراضيكم، لكن تكونوا قوة بالكامل خاضعة لي وحدي، أو أُكمل تنفيذ أوامري القديمة، و أقوم بمسح كل ما هو مرتبط بإمبراطورية اللهب من على ظهر العالم، هذا، او ذاك، إختاروا.”
“…” نظر العجوز غو للأسفل، و قبض يديه بقوة.

” أحقاً ستقبل بكل أفراد إمبراطورية اللهب اتباعاً لك لأنهم *سيقسموا* و هم يحملون لوح معدني؟ أهذا نوع من إستعراض العضلات، أو إظهار أنك رحيم أمامنا؟ همف، يال السخافة~” تكلمت فيكتوريا بسخرية عندما سمعت هذا، فرحةً أنها وجدت أخيراً شيئ يمكنها إستخدامه للتقليل من شأن روبين قبل البدء في المفاوضات.

من الطبيعي بعد إحتلال أي منطقة ان تقتلع أنيابها، و مخالبها، كيف تطمئن على أراضيكم، و يوجد أشخاص أقوياء يمكنهم عضك من ظهرك عندنا تلتفت؟ و طالما روبين نجح في إحتلال قارة امبراطورية اللهب، فالأن هو وقت تقليم الأظافر، و كسر الأنياب!

أول شيئ يفعله المحتل هو قتل كل من هم في مستوى الفروسية، او أعلى، كما فعل روبين تماماً عندما أعطى الأوامر لمهاجمة قارة السلف، قد يكون هذا متطرف جداً بسبب عدد الأشخاص الذي تم تطبيق القرار عليهم، لكنه الطبيعي في الحرب، الممالك الثمانية أعلنت الحرب ضده، و الخاسر يجب أن يتحمل، الامر بهذه البساطة!

فهذا مثلاً ما حدث في عائلة كامدين النبيلة في الماضي حيث قُتل كل الاقوياء، و تحول البقية لعبيد..

و هذا أيضاً ما فعلته إمبراطورية اللهب مع عائلات روفوس، و برادلي، و غيرهم من العائلات التابعة لروبين، لم يبق أحد من اقويائهم حياً سوى أعضاء القوات الخاصة و أسياد النقوش، و قد تم سجنهم من أجل عمل اختبارات عليهم.

لذا فقتل كل الحكماء الذين جاؤوا من إمبراطورية اللهب، و من ضمنهم العجوز غو مقابل العفو عن سلالتهم، و تحويلهم لعبيد فقط هو الصواب، إلقائهم في السجن لبقية حياتهم يعد حكم خفيف جداً.

لكن تحويلهم لأتباع مقربين بمجرد تلو قسم على لوح معدني عادي؟!

“هيه~ هم يعرفون ما تتحدث عنه…” قهقه روبين، و هو ما يزال واضعاً عينيه على العجوز غو. “ها، ما هو قرارك أيها العجوز؟”

“وافق فحسب، أنها مجرد كلمات.” تكلمت الامبراطورة فيكتوريا مجدداً

“أصمتي إن كنتي لا تعرفين شيئاً!” تكلم العجوز غو بصعوبة، و هو يصر على أسنانه، ثم نظر وراءه نحو بقية الحكماء من إمبراطورية اللهب.

“انت!!” إنزعجت الإمبراطورة فيكتوريا من ردة فعله، و كادت تقول شيئاً، لكنها شعرت بيد إمبراطورة الشجرة المقدسة إليزابيث تلامس ذراعها، ثم أشارت لها بحاجبها نحو الوراء.

إمبراطورة المياه فيكتوريا تشتت للحظة، لكنه نظرت للوراء في النهاية، نحو المئات من حكماء إمبراطورية اللهب، و فُتحت عيناها على آخرهما، لقد فهمت مقصد إليزابيث..

هنالك شيئ غريب يحدث.

لم يكن هنالك واحد من حكماء إمبراطورية اللهب يأخذ الامر باستخفاف، لم يكن هنالك واحد منهم يبدو مرتاح أنه هرب من الموت!

كلهم يعصرون قبضاتهم، و يصرون أسنانهم، و يتعرقون، بمجرد النظر يمكنك معرفة أن أدمغتهم تعمل بكل قدرتها لإتخاذ قرار مصيري!

القسم فعلاً قاس، و مُذل، و يستحيل تحقيقه تقريباً، لكن هذا إن تم تنفيذه أساساً!

لماذا أولائك الأشخاص يتصرفون بهذا الشكل الجاد؟ أليست مجرد كلمات لإشعارهم بالخضوع؟ هل يعقل أنهم يفكرون فعلاً في الحفاظ على كل ما سيقولونه؟

اخيراً رفع العجوز غو رأسه، و تكلم، “…هيه~ يبدو ان إمبراطورية اللهب ستدخل حقبة جديدة كلياً، تريدنا أن نكون عبيد غير رسميين للأبد، أو نختفي من الوجود؟ لا بأس.. سأختار ان اكون عبداً، و اعطي الأجيال الجديدة فرصة الحياة، عبد عبد.. كل ما يمكنني قوله إني أتمنى أن لا تكون هذه الحقبة أسوأ بكثير من سابقتها… حسناً انا موافق، سأقسم على ما تريد.”

“..انا ايضاً موافق.”

” و انا ايضاً.”

” وانا.”

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
18
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x