“معاليك!”
“أبي، انت جئت؟”
“تسك~ لماذا تأخرت لهذه الدرجة يا روبين؟ و.. ما هذا المظهر بحق الجحيم؟!”
فور ما سمع الجميع عبارة *اعتذر على تأخري* نظروا جميعاً نحو مصدره، هنالك رأوا رجل ذا لحية متوسطة الطول، و شعره ينزل على كتفه، ملابسه رثة، و عليها شيئ من الدماء يبدو أنه لم يغيرها منذ شهور.
بكل المعايير بدى ذلك الشخص، و كأنه متسول عشوائي قد تجده ملقىً على الرصيف في أي شارع، مع ذلك آمون، و قيصر، و بيلي، و البقية من حزب عائلة بورتون عرفوا ذلك الشخص من أول نظرة، و وقفوا لإستقباله بسعادة.
ما عدا بيلي الذي لم يبدو سعيداً جداً…
قمة التلة هذه تجمع قادة العالم، حرفياً قادة العالم، لكن روبين أختار أن يأتي بمظهره هذا بدون أن يكلف نفسه بتغيير ملابسه حتى، هذا سيضر بسمعتهم!
أما الأباطرة الثلاثة فلم يشغلهم ما يشغل بيلي، لكنهم نظروا نحو روبين بأعين تملأها التساؤلات الحيرة، و حتى بعض.. الخوف؟
تساؤلاتهم عن هوية هذا الشخص الذي يبدو كالمتسول زالت بسرعة مع صيحات قيصر، و البقية، لكن تساؤلات أكثر أهمية ضربت رؤوسهم كالمطرقة فوراً.
كيف وصل روبين إلى الكرسي، و جلس عليه بدون أن يشعروا به!؟
كلهم أباطرة أشداء لديهم آلاف السنين من التدريب، و الخبرة، كل واحد فيهم يمكنه تسيير الكوكب كله بمفرده، كل واحد فيهم يمكنه الشعور بضربة قدم النملة على الارض على بعد عشرات الأمتار!
لكن ذكر بالغ جاء من بعيد، و جلس على بُعد مترين منهم بدون أن يشعروا به؟
بالفرض أنهم كانوا منشغلين بما سيقال في الاجتماع، و عقولهم لم تكن مستيقظة بما يكفي لإستشعار بما يحدث في محيطهم، مع أن هذا مستحيل، إذاً ماذا عن الـ 1200 حكيم الذين يطوقوا التلة؟ لماذا لم يمنعه أحدهم؟ بل لماذا لم يعلن أحد عن وصول شخص غريب؟ هل الـ 1200 حكيم الذي كُلفوا بالحراسة كلهم كانوا مشغولين بالتفكير؟ مستحيل!
لكن هذا ليس أكثر ما أثار حيرتهم… بل حقيقة أن لا أحد من اتباع روبين بدى عليه الحيرة مثلهم.
كلهم فرحوا بقدومه، و بيلي متضايق من مظهره، لكن، ولا واحد بدى عليه التساؤل، او التشكيك، و كأن هذا شيئ طبيعي بالنسبة له..
كيف لهذا ان يكون طبيعي؟ كيف لشخص أن يتمشى، و كأنه سراب بين أشخاص أقوى منه بكثير بدون أن يشعر به أحد يكون طبيعي؟ ماذا لو كان في يده خنجر الان، و قرر ان يطعن رقبة أحد الأباطرة؟
*بلع*
بلع امبراطور الرياح أليكساندر ريقه عندما فكر في هذا، لكنه بسرعة أبعد الفكرة عن رأسه بحجة أن نية القتل، و حركة الرياح حول الخنجر ستكشف مكان روبين.. لكن لو حدث فعلاً شئ كهذا، ألن يكون في موقف حرج منذ البداية؟
-هل شعرت للتو بالتهديد من مجرد قديس مستوى 30 ؟!- هز أليكساندر رأسه قليلاً محاولاً طرد هذه الفكرة الغير مريحة من عقله، لكنه لم يتمكن من كبح نفسه من أخذ نظرة أخرى على روبين…
بإبتسامة خفيفة راضية على وجهه، و عينان ناعستان لكنها تبدوان، و كأنهما تحويان العالم كله بداخلهما، و هالة خافتة واضح ان صاحبها كان يكبحها بقوة، لكن ان حاولت استشعارها غصباً ستجد دموية، و اختناق لا يوصفان…
بلا شك هو قديس مستوى 30، هذا يجعله أضعف الحضور هنا بفارق كبير، أضعف حتى من قيصر الذي يناديه بـ أبي!
لماذا كل الموجودين هنا يعتبرون شخص أضعف و أصغر عمراً منهم رئيسهم، و ينادوه بـ *معاليك*؟! أهو بسبب قدرة التخفي التي أظهرها الأن؟
مجرد قديس مستوى 30، و عمره حوالي 200 عام، بمقاييس أرض السلف الذي يعتبرون قديس في المستوى 30 شخص يمكنه قيادة دوقية فهذا فعلاً يعد إنجازاً عظيم.
لكن بمقاييس الامبراطوريات الأربعة فلا شيئ مثير حوله، هذا جيد جداً، و يجعل روبين عبقري فعلاً، لكن هنالك أشخاص وصلوا لهذا المستوى بشكل أسرع منه، أليكساندر نفسه وصل لـ قمة القدسية بعمر الـ 95 عاماً فحسب، لذلك فلا شيئ يجعله مميزاً من هذه النقطة.
ثم نظر أليكساندر بطرف عينه نحو إمبراطورة المياه فيكتوريا، المرأة الجليدية التي تنظر لكل شيئ تحت السماء بتكبر، و إستحقار، لكنه وجدها تنظر نحو روبين بعينين مفتوحتين، و تهتزان، حتى إمبراطورية الشجرة المقدسة إليزابيث التي تستخف بكل شيئ كانت تنظر نحو روبين بحاجبين معقودين قليلاً، و قطرة عرق بسيطة تنزل من على جبتها.. واضح أنهما كانتا تفكران فيما يفكر فيه.
عاد إمبراطور الرياح و وجه عيناه على روبين مجدداً…
“لا عليك يا بيلي، لا اعتقد ان السادة الأفاضل هنا يمانعون.” إبتسامة روبين زادت قليلاً رداً على انتقاد بيلي، ثم مرر عينه على الأباطرة الثلاثة. ” أليس كذلك ايها السادة؟”
“عن نفسي لا امانع إطلاقاً..” تكلمت إمبراطورية الشجرة المقدسة إليزابيث بصوتها الساحر المعتاد، ثم أومئ أليكساندر، و فيكتوريا.
لكن في منتصف الإيماءة تجمد إمبراطور الرياح أليكساندر، و إمبراطورة المياه فيكتوريا، لماذا يتجاوبان مع عدوهما المحتمل بشأن مظهره المتشرد؟!
عندها أدرك الأباطرة الثلاثة شيئ… لم يتبادل الطرفان أي كلمة مهمة بعد، لم تقال كلمة تهديد، ولا تسليم، لكن روبين أخذ المبادرة بالفعل.
الموضوع التاليالموضوع السابق