بعد ستة أشهر من عودة روبين مع جابا، و آمون لمدينة يورا — فوق قمة تلة خضراء في شمال قارة السلف.

“بدلاً من الجلوس قاعة عرش فخمة نتفاخر بتراث، و قوة قارة السلف أمام الغرباء، ها نحن ذا نجلس كالأرانب وسط الحشائش، و البعوض.” بيلي تكلم، و هو يضرب بعوضة كانت على جبهته.

نظر جابا جانبه نحو بيلي، وتكلم، “ضع حقل طاقة بسيط حولك، و سوف تحل المشكلة، توقف عن هذه الدراما.”

“هممم.. في الحقيقة هى ليست بقعة سيئة جداً لعقد إجتماع بهذا الحجم، لقد إكتفيت من رؤية القاعات الفخمة، و الجلوس وراء أسوار ضخمة، بعض الهدوء، و السلام في مكان كهذا أفضل بمئة مرة عندي في هذه المرحلة..” اخذ قيصر شهيق طويل، ثم تكلم. ” جابا هل أنت من أخترت هذه البقعة؟”

“كلا ليس لدي يد في هذا، عندما تواصلت مع معلمي أن الحرب انتهت، و حان وقت اللقاء أخبرني بالمجيء هنا.” هز جابا رأسه.

” اتفق مع الشاب البشري الوسيم، هذا منعش، و مختلف بعض الشيئ، بدأت أتطلع أكثر لرؤية هذا *المعاليه* روبين..” صوت أنثوي ملائكي قاطع المحادثة فجأة، لكن لم يتضايق أحد، بل كلهم، ما عدا آمون، و بقية ملوك العفاريت، نظروا نحو مصدره ببؤبؤ عينٍ كالقلوب، بدى و كأنهم يريدون احتضانها.

صاحبته كانت امرأة تبدو في منتصف الثلاثينات من عمرها، جسدها ناضج بمعنى الكلمة، و ممتلئ في الأماكن الصحيحة، ترتدي ملابس خضراء مكشوفة تُظهر صدرها بشكل قاتل، و التاج الذي يحتوي في وسطه على جوهرة تشبه ورقة شجر يزين رأسها… و في نفس الوقت صوتها، و ملامح وجهها الذي تعتليه البراءة تعطي لمن يراها، و يسمعها الرغبة في حمايتها، مع أنها بلا شك من أقوى – إن لم تكن أقوى – الموجودين.

هذا الجمع الشائك بين الإثارة، و البراءة أعطى لتلك المرأة خطورةً على خطورتها..

“ليزي، هل قَدرتي الموقف الذي نحن فيه، و تصرفتي بجدية قليلاً؟ نحن هنا لأننا تلقينا *أمر مباشر* من *معاليه* بالحضور خلال عام، و إلا سيحدث لنا كما حدث لإمبراطورية اللهب، و قد رأينا بأعيننا ما فعله بإمبراطورية اللهب! ذلك الشخص أعطانا تهديد مباشر بتدمير امبراطورياتنا!! انا ما زلت لا أدعم وجودنا هنا، ما الفارق بين هذا، و الإستسلام؟!” تكلمت امرأة أخرى، لكن هذه المرة الصوت لم يكن به ذرة سحر، أو براءة، بل نبرة عجرفة مملوءة برد جليدي يضرب الظهور عند سماعه. ” ثانياً لماذا تم حجز الكرسي الرئيسي على الطاولة لذلك الشخص؟ منذ متى نحن نُعامل كشخصيات ثانوية؟!”

فجأة تحول المزاج العام من الهدوء، و السلام النسبي للثِقل، و الكئابة مجدداً حيث نظر الجميع نحو المُتكلمة..

امرأة تبدو في أواخر العشرينات من عمرها على رأسها تاج على شكل بلورات الجليد، ممشوقة القوام، شعرها أبيض كالثلج، و ترتدي فستان بسيط ابيض، و حتى رموشها أيضاً بيضاء، و كأنها فروع شجرة يغطيها الجليد المتساقط في الشتاء، ملامحها دقيقة، و متوازنة، و كأنها مرسومة بالقلم، كل شيئ فيها يبدو مثالي.

“هاي! لا تدعيني بهذا الإسم أمام الغرباء!” حركت *آيزي* شفتها السفلية بإنزعاج، و تكلمت و هى عاقدةً حواجبها.

“إليزابيث، رجاءً اضبطي أسلوبك اكثر، أعرف انك لا تأخذين الموقف الحالي بجدية، لكن علينا معرفة مع من نتعامل قبل أن نُقدم في تنفيذ القرار الذي إتخذناه سلفاً.” تكلم الرجل الجالس في الوسط بين المرأتين، ناظراً نحو المرأة التي ترتدي الاخضر.

الرجل بدى في أوائل الأربعينات من عمره، لديه شعر أشقر يغطي رقبته، و تاج ذهبي مُدبب مهيب المنظر، جسده يبدو عادي لا طويل، ولا قصير، لا نحيف، ولا ملئ بالعضلات، لكن يمكن الشعور بقوة هائلة، و هادئة تصدر منه..

” هيهي انا فقط أبدي إعجابي بالطبيعة الخلابة حولنا، ما المشكلة في ذلك؟ هى قد تكون ملكاً لي قريباً على اي حال.” أعطت إليزابيث ضحكة خافته آسرة للقول، و تكلمت.

عندما وجدها أليكساندر ماتزال تتصرف هكذا إبتسم ابتسامة خفيفة، و هز رأسه، ثم نظر نحو المرأة ذات الشعر الأبيض. ” فيكتوريا، انت أكثر العالمين أننا لم نأتي مُستسلمين لأحد، بل أبعد ما يكون عن هذا، فلا تنسي هذه النقطة للحظة… و بالنسبة للمقعد الرئيسي فنحن الان ضيوف روبين بورتون، من الطبيعي أن يطالب هو بالكرسي الرئيسي، لا تركزي في أشياء جانبية كهذه، و دعي اليوم ينتهي كما هو مخطط له.”

“همف!” نفخت المرأة ذات الشعر الأبيض، ثم أغلقت عيناها، و نظرت بعيداً.

“…هذا..” المحادثة القصيرة بين الأشخاص الثلاثة أرسلت مطر من التساؤلات في قلوب، و عقول بيلي، و البقية.

منذ ظهر ثلاثتهم في يوم غزو عاصمة إمبراطورية اللهب، و لم يكن أياً من بيلي، و البقية مُرتاحين، هالة ثلاثتهم التي كانت تكافئ هالة الإمبراطور الراحل كانت كفيلة أن يقف الجميع مُستعدين لمعركة حامية أخرى، خاصةً، و أن الثلاثة أبدوا إستعدادهم للتدخل لحماية العجوز غو جثة الامبراطور السابق لإمبراطورية اللهب.

و ليسوا هم وحدهم.. كل واحد من الثلاثة كان معه حوالي 300 خبير في قمة نطاق حكيم!

لكن تدخل العجوز غو في الوقت المناسب، و إخبرهم أن يقلقوا بشأن أنفسهم فقط، ثم قام شخصياً بتسليم جثة إبنه لآمون، و ساكار، حال أن ينتهي ذلك اليوم بمعركة أخرى لا أحد يعلم من سيكون المنتصر فيها..

العجوز غو لم يكتفي بهذا، بل أجاب بصدق عن اسئلة الاشخاص الثلاثة بشأن ما يحدث في أراضيه، و أسباب كل ما يرونه، و دعاهم ان لا يتخذوا قرار متسرع، و حتى قام بما في وسعه لإقناعهم بالمجيء لقارة السلف معه للقاء روبين.طثشغ

ثم تكلم مع بيلي، و البقية و أخبرهم ان يعاملوا أولائك الثلاثة ببعض الاحترام..

لقد كانوا الأباطرة الثلاثة.

إمبراطور الرياح أليكساندر – إمبراطورة المياه فيكتوريا – امبراطورة الشجرة المقدسة إليزابيث.

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
12
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x