“اغزو كوكب نيهاري.. و استولي انا على موارده؟” تمتم روبين

لم يفكر روبين في هذا، و لو للحظة منذ أخبره المستبصر عن مهمته، و حتى هذه اللحظة…

غزو الكوكب، و الإستيلاء على موارده ليس نفس الشيئ كغزو المنطقة الشمالية من أجل إنقاذ ريتشارد، درجة الصعوبة تتضاعف عشرات المرات ببساطة عند التفكير في غزو الكوكب ككل!

فالأن هو لم يعد يفكر في عملية عسكرية لإختراق أراضي المنطقة الشمالية حتى يصل لقبيلة عزيل – حوالي 4 قبائل شمالية ككل – ليأخذ ريتشارد، ثم يعود سريعاً نحو البوابة، بل الامر الأن تحول لتدمير شامل، و كلي لكافة أرجاء الكوكب.

لسرقة كل موارد الكوكب عليه أولاً تدمير كل القوى التي سيأخذ تلك الموارد منها، عليه تدمير المناطق الخمسة بالكامل لدرجة أن لا يتبقى أحد ليسأله ماذا تفعل، بإختصار عليه ان يحول كوكب نيهاري كله لنسخة من قارة السلف الأن!

لكن لا… محاولة استنزاف موارد كوكب أكبر بعشرات الأضعاف من كوكبه الأم، هذا أمر قد يأخذ مئات السنين، لو كان يجمع كل شيئ بتعسف، و بطريقة تدميرية، و هذا يعني أن الغزاة سيأتوا بلا شك قبل أن يتمكن من جمع كل درر الطاقة، و بقية الموارد الثمينة.

هذا يعني أنه أولاً عليه تدمير كل القوى في نيهاري لدرجة تعجيزية، ثم عليه… الدفاع عن الكوكب من الغزاة بجيشه الخاص؟

طوال الأشهر الماضية كان يفكر في مجرد طريقة لإخراج ريتشارد من قبيلة عزيل قبل بدأ الغزو!!

لوَح المستبصر عندما رآه صامتاً. “هذا شأنك أنت، إن كنت ترى أنك لا تستطيع التعامل مع السكان الأصليين هناك فدمرهم، أو أرسل جيشك الخاص لإيقاف جيش غريمي، مهمتك هى منع غريمي من الحصول على موارد الكوكب، إحرقه بالكامل قبل أن يصل لو أردت، هذا لا يهمني في شيئ، المهم أن تتابع انجاز مهمتك، ولا تتكاسل فيها.”

رفع روبين رأسه ببطئ، و حدق في أعين المستبصر بحاجبين معقودين.

الذي بدوره تكلم بحاجبين معقودين. “لماذا تنظر لي هكذا؟ إن كنت لا تريد أن تتابع المهمة فلا بأس، تجاهلها، و امكث مكانك هنا، و أحزن على نفسك كعاهرة صغيرة، سأرى طريقة أخرى لقضاء ما اريده، أتحسب أنك محور الكون؟ في اسوأ الحالات سأضطر للتفريط في بعض كواكب متوسطة العمر لغريمي حالياً، لكني سأجد طريقة لإستردادهم لاحقاً! لكن تذكر أن كل ما فعلته حتى الآن في نيهاري، و كل الخسائر التي تعرضت لها ستكون بلا فائدة، و انت ستظل مديناً لي بحياتك، و تأكد ستدفع ذلك الدين عاجلاً ام آجلاً!”

*صرررر*

نظر روبين للأسفل مجدداً، و أخذ يصر على أسنانه حتى شعر أنها بدأت تتشقق.. كل ما حدث له في كوكب نيهاري و كل ما تعرضت له عائلته خلال العقدان الأخيران سيكون بلا فائدة؟ سيكون كأنه لم يفعل شيئاً؟!

حتى لو تجاهل كل هذا، و انسحب من المهمة فعلاً، من يدري إن كان طلب المستبصر التالي سيكون أصعب أم اسهل؟ من يدري إن كان سيعرضه، و يعرض من تبقى من عائلته لمخاطر افظع؟

الأسوأ.. من يدري إن كان المستبصر سيظل بهذه المراعاة كل مرة، و سيتركه ينحسب من مهمات بهذه الأهمية، من يضمن أنه لن يأتي يوم يفقد المستبصر الأمل فيه، و يقرر *دفع الثمن* و سلبه الحياة التي أعطاها له؟ أو اسوأ…

فبعد كل شيئ، المستبصر هو شخص حرفياً أوقف قوانين العالم عندما أنقذه في الكهف في ذلك اليوم.

“هاي، لماذا تصر على اسنانك؟ ألا تريد أن ترد لي الدين الذي في رقبتك؟ بعد كل ما فعلته من أجلك اقل شيئ هو ان ترد لي جزأً من معروفي، ألا ترى أن هذا عادل؟ حتى إني قلت لك لو فشلت فسيزال الدين طالما تقوم بما في وسعك، من قد يأمل في شروط أفضل من هذه؟” تكلم المستبصر بإنزعاج.

صمت روبين، و نظر للأسفل مجدداً سانداً رأسه بكلتا يديه، مما أزعج المستبصر أكثر…

في الحقيقة لم يكن روبين يفكر في ما إن كان عليه إكمال موضوع تسديد الدين هذا ام لا، حُسم الأمر بالنسبة له بعدما برهن له المستبصر أنه لم يقم بما في وسعه بعد.

و ليس لأنه خائف من غضب المستبصر، أو شيئ كهذا، بل حتى لو كان انتحاري، حتى لو أراد أن يقتله المستبصر، كان على الأرجح سيحاول إنهاء المهمة التي قال إنه سينفذها، و إلا حتى في الموت كان سيشعر بعدم الراحة، هذه هى طبيعة روبين..
“قُل ماذا ستفعل حتى أعيد ترتيب أوراقي، وقتي هنا ليس مفتوح، كل لحظة اقضيها يمتص هذا الكوكب اللعين ثمناً من طاقتي.” تكلم المستبصر بإنزعاج.

لكن روبين لم يرد مباشرة، ظل سانداً رأسه على كلتا يديه لحوالي دقيقة أخرى…

عندما فاض الكيل بالمستبصر، و كاد يصيح عليه، سمع صوت روبين يتكلم. ” سأقضي أمرك كما تريد، لكني أحتاجك ان تعطيني شيئ واحد إضافي.”

“شيئ واحد أعطيه لك سيكون كافٍ لصد الغزو؟” عقد المستبصر حاجبيه غير مصدق لما قاله روبين. ” انس ان أعطيك شيئاً يخص قانون الحقيقة، او أي سلاح، او قانون يفوق مقدار تطور الكوكب الحالي بكثير مجدداً، لو فقدت المزيد من قوتي هنا فالحرب ستكون خاسرة، خاسرة!”

“لا تقلق بشأن هذا، سأكتشف القوانين، و أصنع الأسلحة بنفسي، ما احتاجه منك هو شيئ بسيط بالنسبة لك، لكنه سيكون كافٍ لما هو أكثر من مجرد إيقاف الغزو.” رفع روبين رأسه، و على وجهه ظهرت إبتسامة قاسية لأول مرة منذ فترة طويلة جداً.

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
11
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x